عرض قانوني لحقوق الإنسان في مصر
المواثيق الدولية
انضمت مصر إلى اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان وهي: “العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية, والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” (1982), و “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (1967)، و”اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة” (1981), و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” (1986)، و”اتفاقية حقوق الطفل” (1990)، و”اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم” (1993). انضمت مصر إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة (2007)، كما انضمت إلى “البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل” بشأن بيع الأطفال، واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية (2002).
انضمت مصر أيضاً إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني المعنية بحقوق الإنسان وهي: “الاتفاقيتان (29، 105) الخاصتان بالسخرة والعمل الإجباري” (1955، 1958 على التوالي)، و”الاتفاقيتان (57، 98) الخاصتان بحرية التجمع والمفاوضة الجماعية” (1957، 1954 على التوالي), و”الاتفاقيتان (100، 111) الخاصتان بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف” (1960)، و”الاتفاقيتان (138، 182) الخاصتان بمنع استخدام الأطفال القاصرين” (1999، 2002 على التوالي).
تحفظت مصر على أحكام بعض الاتفاقيات التي انضمت إليها على النحو التالي:
– “العهدان الدوليان”: أصدرت مصر عند انضمامها للعهدين بياناً ينص على الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها. * “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”: المادة (22), والتي تقضي بإحالة أي نزاع ينشأ بشأن تطبيق أو تفسير الاتفاقية إلى محكمة العدل الدولية.
– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”: تحفظ عام على المادة (2), بشأن عدم تعارض أحكامها مع الشريعة الإسلامية. والمادة (9 ف/2), بشأن منح المرأة حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها. والمادة (16), الخاصة بتساوي المرأة بالرجل في كافة الأمور المتعلقة بالزواج وعلاقات الأسرة أثناء الزواج وعند فسخه, بأن يكون ذلك دون إخلال بما تكفله الشريعة الإسلامية للزوجة من حقوق مقابلة لحـق الزوج. والمـادة (29 ف/2), بشأن عرض ما قد ينشأ من خلاف حول تفسير أو تطبيق الاتفاقية على هيئة تحكيم.
– “اتفاقية حقوق الطفل”: سحبت مصر في يوليو/تموز 2003 تحفظاتها السابقة على الأحكام الخاصة بالتبني في المواد (20، 21).
– “اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم”: المادة (4), والتي تُفسر (أفراد الأسرة) باعتبارهم الأشخاص المتزوجين أو الذين تربطهم علاقات معادلة للزواج. المادة (18 ف/6), التي تنص على تعويض أي عامل مهاجر أو فرد من أفراد أسرته يتعرض لإساءة في تطبيق أحكام العدالة.
المواثيق الإقليمية
أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية, فقد وافقت مصر على “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام”, الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990, وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق. كما وقعت على “الميثاق العربي لحقوق الإنسان/المُعدًل” الذي اعتمدته القمة العربية في تونس مايو/ أيار عام 2004, ولكن لم تصادق عليه بعد, شأن معظم الدول العربية. كما انضمت إلى “الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب” (1983).
مؤسسات حقوق الإنسان
تتوافر في مصر كل أنماط المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان بدءاً من الهياكل الحكومية, إلى المؤسسات الوطنية, واللجان البرلمانية, والمنظمات غير الحكومية.
فعلى المستوى الحكومي, تتوافر عدة إدارات هي: “الإدارة العامة لحقوق الإنسان” بوزارة العدل (2001), ومهمتها العمل على المواءمة بين التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية المنضمة إليها مصر بالتعاون مع أجهزة الدولة. و”مكتب مساعد وزير الخارجية لشئون حماية حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية الاجتماعية الدولية” (بداية التسعينيات), ومهمته المتابعة المتخصصة للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي, وإجراء حوار مستمر مع المنظمات غير الحكومية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، وإعداد الردود على الشكاوى التي ترد إلى وزارة الخارجية أو بعثاتها في الخارج المتعلقة بحقوق الإنسان. و”مكتب شكاوى حقوق الإنسان” التابع لمكتب النائب العام, ويختص بتلقي وفحص الشكاوى المرفوعة إلى النائب العام في مجال حقوق الإنسان. و”إدارة حقوق الإنسان” بوزارة الداخلية (2005).
وإلى جانب هذه الهياكل الحكومية تأسست “لجنة دائمة لحقوق الإنسان” بمجلس الشعب في يناير/ كانون ثان عام 2005, ويشمل اختصاصها دراسة التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان, والقانون الدولي الإنساني, وتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان, والشكاوى التي تُقدم من المواطنين والهيئات بشأن حقوق الإنسان, كذلك أضيف اختصاص حقوق الإنسان لإحدى لجان مجلس الشورى عام 2005.
وتتوافر في مصر ثلاث مؤسسات وطنية، إحداها ذات اختصاص عام وواسع وهي: “المجلس القومي لحقوق الإنسان”، واثنتان متخصصتان, وهما: “المجلس القومي للأمومة والطفولة”, و”المجلس القومي للمرأة”.
وقد تأسس “المجلس القومي لحقوق الإنسان” بقرار من رئيس الجمهورية عام 2003 على نحو يتسق مع “مبادئ باريس”, ويتبع مجلس الشورى, ويختص بتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان بوجه عام, ونشر الوعي بحقوق الإنسان، وإبداء الرأي والمقترحات والتوصيات اللازمة فيما يحال إليه من الجهات الحكومية المختصة، وتلقي الشكاوى. كما يُتابع تطبيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان, وإصدار تقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ورفع تقرير عن جهوده ونشاطه ومقترحاته الخاصة بحالة حقوق الإنسان إلى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي الشعب والشورى.
وتأسس “المجلس القومي للمرأة” بالقرار الجمهوري رقم (90) لعام 2000 ليكون رافعة أساسية لقضايا المرأة من منطلق الترويج لمفهوم التنمية بالمشاركة.
وتأسس “المجلس القومي للأمومة والطفولة” عام 1988 بقرار من رئيس الجمهورية وبدأ عمله عام 1989, باعتباره الجهة الوطنية العليا التي تقع عليها مسئولية صنع السياسات والتوجهات التنموية للخطة القومية المتعلقة بالطفولة والأمومة، وكذلك متابعة وتطبيق السياسات العامة للخطة القومية في كل القطاعات.
أما الجمعيات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان فيزيد عددها على (40) جمعية يعمل بعضها باختصاص عام في مجالي التعزيز والحماية, مثل: “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” (1983), و”المنظمة المصرية لحقوق الإنسان” (1985). كما يتخصص بعضها في فرع التعزيز فقط مثل: “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” (1993), و”جمعية أنصار حقوق الإنسان” (1994). وبعضها في مجال المساعـدة القانونيـة, مثل: “جمعيـة المساعدة القانونيـة لحقـوق الإنسـان” (1999). ويتخصص بعضها في حقوق فئات معينة, مثل: “جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء” (1997), وجمعية “شموع لرعاية الحقوق الإنسانية”, وتختص بحقوق المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة (2000), و”مركز حقوق الطفل المصري”, و”البرنامج العربي لنشطاء حقـوق الإنسان” (1997), و”مركز النديم للتأهيل والعلاج النفسـي لضحايا التعذيب” (1993).
إنجازات على طريق الحكم الرشيد
جاءت أبرز الإنجازات في مجال تعزيز حقوق الإنسان, على النحو التالي:
1. اقترح رئيس الجمهورية برنامج إصلاح دستوري تضمن الآتي: إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بطريقة تخلق علاقة أكثر توازنا بينهما؛ تقوية الدور الرقابي للبرلمان؛ وزيادة مشاركة الحكومة لرئيس الجمهورية في أعمال السلطة التنفيذية، ووضع ضوابط على ممارسة رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية عند مواجهته للأخطار التي تهدد سلامة البلاد؛ واعتماد أفضل نظام انتخابي يضمن فرص الأحزاب السياسية في أن تمثل في البرلمان؛ ضمان حد أدنى من المقاعد البرلمانية للنساء؛ تحسين الإدارة المحلية ودعم اللامركزية؛ وضع قانون لمكافحة الإرهاب يحل محل قانون الطوارئ؛ تعزيز استقلالية القضاء؛ تحقيق التساوق بين أحكام الدستور والأوضاع الاقتصادية الراهنة؛ والطلب من مجلس الشعب ومجلس الشورى تعديل 34 مادة من الدستور لتحقيق الأهداف الإصلاحية المذكورة أعلاه.
2- واصلت الدولة إجراء إصلاحات قانونية خلال العام 2006 شملت ما يلي:
أ- تعديل قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 145 لسنة 2006، والذي أصبح نافذاً منذ 28 يوليو2006، لإصلاح نظام الحبس الاحتياطي، بعد أن كان قد تحول إلى عقوبة في ذاته من جراء ما أسماه المجلس القومي لحقوق الإنسان “ظاهرة سوء استخدام الحبس الاحتياطي”. وقد وضع التعديل حداً أقصى لمدة الحبس الاحتياطي سواء أثناء التحقيقات، أو أثناء مختلف مراحل الدعوى، كما حدد حالاته ونظامه، وأجاز تدابير قد تغني عنه.
ب- تعديل قانون العقوبات في جرائم التعبير عن الرأي، وقد شملت التعديلات ثلاثة مجالات، أولها: إلغاء عقوبة الحبس في بعض الجرائم واستبدالها بعقوبة الغرامة، وثانيها: ضبط صياغة عدد من المواد لتحقيق الانضباط والدقة في معايير التجريم، وثالثها: التخفيف من عبء الغرامة التي قد يحكم بها على الصحفي. كما شملت التعديلات إلغاء التجريم في بعض النصوص المعطلة. لكن يؤخذ على القانون أنه أبقى على العقوبات السالبة للحرية التي تقع بواسطة الصحف وغيرها، وأهمها إهانة رئيس الجمهورية، والعيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية، وإن أصبح الحبس فيها جوازياً، والإبقاء على العقوبات السالبة للحرية في عدد من جرائم التعبير الخاصة بالجرائم الماسة بأمن الحكومة، كما أنه استحدث جرائم وعقوبات لم تكن موجودة، وأفرط في الغرامات في الجرائم التي ألغيت فيها عقوبة الحبس. أصدرت محكمة مصرية في 14 أيلول/سبتمبر 2007 أحكاما قضائية بحبس 7 صحافيين من بينهم 5 رؤساء تحرير لمدة عام واحد. وأدانت المحكمة 5 رؤساء تحرير بإهانة كبار المسؤولين ونشر أنباء كاذبة عن الحالة الصحية للرئيس مبارك. وأعرب شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي عن دعمه للحكومة عبر إصدار فتويين تدينا الصحافيين الذين ينتقدون المسؤولين الحكوميين.
ج- وجنباً إلى جنب مع هذه التعديلات القانونية، أصدرت الحكومة قانوناً بإنشاء الهيئة القومية لجودة التعليم، وقانوناً آخر لحماية المستهلك.
3- اتجاه الدولة لتأكيد حقوق المواطنة بعد تزايد وتيرة وقوع أحداث عنف طائفية داخل المجتمع، عكست تفاقم حالة الاحتقان الطائفي.
4- في تفاعلها مع آليات الأمم المتحدة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، قدمت الحكومة المصرية تقريرها الأول إلى اللجنة الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ومن المقرر مناقشته في شهر أبريل/نيسان 2007.
5- حققت المرأة المصرية إنجازاً جديداً في شهر مارس/أذار 2007 بتجاوز التمييز الذي كان قائماً تجاهها في شغل مناصب القضاة، حيث تم تعيين عدد من السيدات من أعضاء هيئة النيابة الإدارية في السلك القضائي، في خطوة تتجاوز الطابع الرمزي الذي سبق بتعيين قاضية في المحكمة الدستورية العليا، حيث تم تعيين 33 قاضية، وتم توزيعهن على محاكم القاهرة والجيزة والإسكندرية. وكان قد سبق للمرأة شغل مناصب في هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة اللتين اعتبرتهما المحكمة الدستورية من الهيئات القضائية.
6 – واحتجاجا على هذه الأحكام قررت 22 صحيفة حزبية ومستقلة الاحتجاب عن الصدور يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2007. كما احتجبت في اليوم نفسه 3 مواقع إلكترونية هي “إخوان أون لاين” (موقع الإخوان المسلمين) و “المصريون” و “بلادي”. ومن أبرز الصحف المحتجبة صحيفة “الوفد” التي يصدرها حزب (“الوفد” الليبرالي المعارض) و “العربي” التي تصدر عن “الحزب العربي الناصري” و “الأهالي” (حزب التجمع اليساري)، و “الكرامة” (تصدر عن حزب “الكرامة” تحت التأسيس)، إضافة إلى عدة صحف مستقلة سياسية واقتصادية ورياضية. وقال رؤساء تحرير الصحف المحتجبة أن هذه الأحكام بالسجن جزء من حملة هدفها إسكات الأصوات التي تنتقد الحكومة.
اترك تعليقاً