تفاصيل حول جـريمة المخدرات وقفا للقانون الجزائري
جـريمة المخدرات
مدخل: إن الأساس القانوني لهذه الجريمة يستمد من نصين هما:
1- المعاهدات الدولية.
2-قانون رقم 04-18 مؤرخ في 13 ذي القعدة عام 1425 الموافق 25 ديسمبر سنة 2004، يتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بها.
مقدمة:
آفة المخدرات هي من أخطر المشاكل التي يتعرض لها المجتمع الجزائري في أهم طاقاته، ألا و هي الطاقة الشابة و قد تزايدت هذه الظاهرةو بشكل خطير في الآونة الأخيرة و مما ساعدها على ذلك غياب السلطة المختصة لانشغالها بأمور أخرى.
. و الإدمان على المخدرات من المشاكل العضال التي تهدد البشرية ليس في الجزائر حسب، بل في مختلف دول العالم، و هذا ما جعل مشرعي مختلف القوانين المقارنة يبادرون إلى التطرق إلى هذه الآفة و معالجتها في بادئ الأمر بنصوص تشريعية لينة في أحكامها، ثم تشددت تدريجيا.
. هذا و لقد كان و مازال للجزائر النصيب الأكبر في مجال المخدرات بحكم موقعها الجغرافي، و نتيجة للتحولات العميقة التي تمر بها سواء من الجانب الاقتصادى أو الاجتماعى. و قد بينت الإحصائيات أن الخطر الحقيقي القادم إلى بلادنا حاليا هو القنب الهندي، و الكيف (الشيرة) و الهروين و الأقراص الطبية و هذه الأصناف من المخدرات لم يقتصر إدمانها على فئة معينة بذاتها، بل شمل كل الفئات ذكورا، إناث، متعلمين أو غير متعلمين، شبابا و شيوخا و قد تزايد في السنوات الأخيرة عدد المدمنين مما جعل سموم المخدرات تغرو البيوت و المحلات و الجامعات و حتى المدارس.
. بناءا ما تقدم، و لأهمية هذا الموضوع القديم المتجدد،و الخطير و الحساس سنتعرض له في جانبه القانوني و المتعلق بالتجريم و العقاب، و قبل ذلك سنتعرض لتعريف المخدرات و علة تجريمها، و ذلك بتقسيمه إلى ثلاثة (03) فروع، نتناول في الأول تعريف
المخدرات و عله تحريمها، و في الثاني التجريم، و في الثالث العقاب.
تعريف المخدرات و علة تجريمها :
. أولا : تعريف المخدرات :
نظرا لتنوع المخدرات في شكل نباتات و مواد كيماوية سامة و غير سامة جعل أمر وضع تعريف شامل جامع لها صعبا للغاية لذلك انقسم تعريفها بحسب الجانب الذي ينظر منه إليها و نكتفي بالتعريفين العلمي و القانوني و التعاريف التي جاءت بها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات و المؤثرات العقلية.
. أ- التعريف العلمي: ” المخدرات مادة كيميائية تسبب النعاس و النوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم “.
و تعرف أيضا بأن ” المخدر مادة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي و تسبب تعاطيها حدوث تغيرات في وظائف المخ، و تشمل هذه التغيرات تنشيطا أو اضطرابا في مراكز المخ المختلفة تؤثر على مراكز الذاكرة و التفكير و التركيز و اللمس و الشم و البصر و التذوق و السمع و الإدراك و النطق.
. ب- التعريف القانوني:
لم يتعرض المشرع الجزائري لتعريف المخدرات كما فعلت بعض القوانين المقارنة وترك أمر التعريف للفقه و الفقه أعطى عدة تعريفات منها أن:
. – المادة المخدرة هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوى على عناصر منبهة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية و الصناعية أن تؤدي إلى حالة التعود أو الإدمان عليها مما يضر بالفرد و المجتمع جسميا و نفسيا و اجتماعيا.
. – و قيل في تعرف أخر ” المخدرات مجموعة من المواد تسبب الإدمان و تسمم الجهاز العصبي، و يخطر تناولها أو زراعتها أو صنعها لأغراض يحددها القانون، و لا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك “.
. – و نظرا لصعوبة وضع تعريف شامل جامع للمخدرات، فإن المشرع الجزائري لم يضع تعريفا للمواد المخدرة إلا أنه نص على تحريم نوعين من المواد المخدرة، هي المخدر و المؤثرات العقلية فنص عليها في المادة 2 من القانون 04 – 18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بها.
. ج- تعريف المخدرات في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات و المؤثرات العقلية:
.إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات و المؤثرات العقلية الموافق عليها في فيينا بتاريخ 20/12/1988 و المصادق عليها من طرف الجزائر بمرسوم رئاسي رقم 95/41 المؤرخ في 28 يناير 1996
تعرفها كما يلي:
. – يقصد بتعبير ” المخدرات ” أية مادة طبيعية كانت أو اصطناعية من المواد المدرجة في الجدول الأول و الثاني من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 و من تلك الاتفاقية بصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972.
. – و يقصد بتعبير ” المؤثرات العقلية ” أية مادة طبيعية كانت أو اصطناعية أو أية منتوجات طبيعية مدرجة في الجداول الأول والثاني و الثالث و الرابع من اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971.
. – و يقصد بتعبير الجدول الأول و الجدول الثاني قائمتي المواد اللتين تحملان هذين الرقمين و المرفقة بهذه الاتفاقية بصيغتها التي تعدل من حين لأخر.
. ثانيا : علة التجريم للمخدرات :
إن المخدرات نوع من أنواع السموم، إن كان قليلها يفيد في شفاء الناس، فإن كثيرها يؤدي إلى الإدمان عليها و الإدمان عليها يترتب عليه ضررا ليس فقط لمتعاطيها و إنما لأسرته و للمجتمع ككل.
. و الإدمان يسبب للإنسان عدة ظواهر، منها ضعف الجسم ظاهريا، و ضعف القوة العقلية داخليا، و شيئا فشيئا قد يتسبب عنه الجنون، كما يؤثر في المستوى الخلقي مما يجعله يرتكب أبشع الجرائم دون وعي منه.
إن ضعف قوة المدمن العقلية يصاحبها هبوط مستواه الخلقي، و هذا الضعف الجسماني يؤدي إلى فقد مورد رزقه، و ليس هذا فحسب بل يتعدى هذه الظواهر بإرتكاب الجرائم الخاصة، و خاصة جرائم الأموال للحصول على المخدر بأية طريقة، كما يمكن أن يستغل المدمن من قبل الغير يتحريضه على إرتكاب بعض الجرائم مقابل مبالغ مالية هو في حاجة إليها.
الأشخاص المؤهلون للتحري و البحث في جرائم المخدرات:
نصت المادة 36 من القانون 04 – 18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 على أن البحث و التحري في جرائم المخدرات هو من إختصاص الأشخاص التالية:
ضباط الشرطة القضائية.
المهندسون الزراعيون.
مفتشو الصيادلة.
ملاحظة:
هاذان الأخيران يعملان تحت سلطة ضباط الشرطة القضائية.
المخدرات و تصنيفاتها : للمخدرات تصنيفات عديدة تتضح فيما يلي:
أ- حسب مصدر المواد: مواد طبيعية، مواد شبه مركبة، مواد مركبة
ب- حسب مفعولها و تأثيرها على السلوك البشري: مهبطات، منشطات، مواد مهلوسة.
ج- و قفا للنظام القانوني الذي تنتمي إليه بتطبيق الإتفاقيات الدولية و التشريعات الوطنية: يميز قانون الصحة العمومية ما بين المواد الضارة:
تلك التي تنتمي للجدول
. أ- و المعرفة بالمواد السامة و تلك المصنفة ضمن الجدول .
. ب- المعروفة بالمواد المخدرة ثم الصنف الذي يعود للجدول.
. ج- المعبر عنه بالمواد الخطرة.
. د- حسب الأرتباط و الخضوع التي تسببه: ارتباط و خضوع مادي (جسماني)، ارتباط و خضوع نفساني، ارتباط و خضوع مختلط.
المهبطات:
هي تلك المواد التي تمهل و توهن من عزيمة حركة الجهاز العصبي المركزي، و تندرج في هذه الفئة و مشتقاته و المورفين و الهيروين و كذا أنواع شتى من الأدوية كالمنومات الباربيتورية.
المنشطات:
هي مواد ذات مفعول عكسي بالنسبة لسابقتها بحيث أنها ترفع و تنشط حركة
الجهاز العصبي المركزي و تحدث أحيانا أحاسيس القوة القاهرة و تخلف حالات
التهييج مزيلة في نفس الوقت إحساس الجوع و التعب.
و يوجد ضمن هذه الفئة الأصناف التالية: الأدوية المنبهة و مفقدات شهوة الأطعمة وورق الكوك و الكوكايين و القنب.
المواد المهلوسة:
و هي مواد ينجم عنها إخلال و اضطراب في نشاط الجهاز العصبي المركزي و تسبب
الإتلاف في الإدراك الحسي البصري لمتعاطي هذه المهلوسات. وينظم في هذه
الفئة القنب الهندي و 25 LSD و هو اختصار للاسم الكيميائي ذي إتيل أميد
لحمض ليس جيك 25 لأنه الجسم 25 الذي عزل من بين 27 جسم و الفينسيكلدين PCP و
الميكسالين التي هي مادة فعالة تستخلص من صبار البايون ثم البسيلوسبين
الذي يستخلص من بعض أنواع الفطريات.
و على هامش هذا التصنيف التقليدي
توجد فئة جديدة من مواد مستحضرة شتى كاغراء و المحللات و الرذيذة و التي
برزت للوجود حديثا كأنها موجه للإدمان خاصة عند القصر و تعرف هذه
المستحضرات بإسم المستنشقات بسبب نوعية إستعمالها.
المهبطات: الأفيون وأشكاله:
إن الأفيونات تستخلص من الخشخاش المنوم وكذلك من الخشخاش الشرقي و تبلغ
هذه النباتات علوا يتراوح بين 80 و 150 سم وتكون بعد الزهرة كبسولة بقدر
حجم جوزه، عندما تشرط الكبسولة غير الناضجة تفرز عصيرا حليبيا يتخثر بسرعة و
يتحول لونه إلى البني عندما يجف و هذا هو ما يكون الأفيون الخام. و كثير
ما تكتب عصارة هذه النبتة في قوالب ذات وزن كيلو غرام واحد من الافيون
الخام.
الإستهلاك: يمكن للأفيون أن يؤكل أو يشرب أو يدخن أو يحقن سائلا.
المفعول
و المخاطر: للأفيون سمات و أثار يتركها في كتعاطي المخدر كالشعور بالنعيم و
نشوة السعادة الخيالية مسهلا بذلك الحلم و الاوهام كما يقلل الميل من
الحركة البدنية و النشاط وإضافة هي من مشتقات الأفيون.
الهيروين:
يجري استخراج الهيروين من الأفيون بعمليات كيميائية وتظهر في شكل مسحوق
أبيض اللون أو أصفر أو رمادي أو مائل للسواد طبقا لدرجة صفاته و نمط تحويله
و منطقة الإستراد.
الهيروين البيضاء: هي الأكثر صفاوة وتوجد في القارة الأسيوية (آسيا الجنوبية الشرقية).
الهيروين بني فاتح: قريبة من الشرق الوسط.
الهيرويين الرمادية أو السمراء: توجد بباكستان وإيران وأفغانستان و الهند و لبنان و تركيا و الجنوب الغربي من آسيا.
الهيرويين رقم 3:
و هي في شكل حبيبات سمراء أو رمادية اللون و توجد بالقارة الأيوية، يتم
التفاوض عنها على مستوى الإتجار الوطني عادة و هي في حالتها الصافية، ثم
تقتسم في كل مرحلة من مراحل إعادة البيع بتذويبها بمختلف المذوبات
كالغليكوز اللاكتوز، المانيتول و الكافيين.
الإستهلاك: يمكن للهيروين أن تمتص بواسطة أخذ كمية عن طريق الأنف و كذلك تدخينها أو إستنشاقها.
هذه
طريقة تستعمل كثيرا في الجنوب الغربي من أ سيا، إل ى أن وسيلة تعاطيها
تبقى شائعة أكثر في الحقنة سواء كانت عضلية أو تحت الجلد أ بر ة في الوريد و
ذلك قصد الحصول على قوة تحذيرية أنجح.
مفعولها و خطورتها:
إن مفعول الهيروين مهدئ من ناحية ومسكن الألام من ناحية آخرى و هو مع ذلك
باعث للإسترخاء، وفي نفس الوقت يمكنه أن يبرز شعورا بالسعادة و يجر في وقت
قصير إلى تبعية و خضوع فيزيائي و نفساني، أما إذا فقد الجسم الكمية
المعتادة من الهيرويين تظهر أعراض النقص، و عليه فإن الإستهلاك الدائم
للهيروييهن تكون نتيجة الإتلاف الجسماني.
أركان جريمة المخدرات:
أولا : الركن الشرعي:
و يتمثل في كل النصوص القانونية التي نص عليها قانون 04 – 18 المؤرخ في 25
ديسمبر 2004 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع
الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بها و المتمثلة في المواد الآتية:
المادة 17 ”
يعاقب بالحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة، و بغرامة مالية تتراوح ما بين
5.000.000 إلى 50.000.000دج كل من قام بطريقة غير مشروعة بإنتاج أو صنح أو
حيازة أو عرض أو بيع أو وضع للبيع أو حصول و شراء قصد البيع أو التخزين أو
إستخراج أو تحضير أو توزيع أو تسليم بأي صفة كانت أو سمسرة أو شحن أو نقل
عن طريق العبور أو نقل المواد المخدرات أو المؤثرات العقلية.
و يعاقب على الشروع في هذه الجرائم بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة المرتكبة.
و يعاقب على الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه بالسجن المؤبد عندما ترتكبها جماعة إجرامية منظمة.
المادة 15 ” يعاقب بالحبس من خمس(05) سنوات إلى خمس عشرة (15) سنة ، و بغرامة مالية ما بين 500.000 دج إلى 1 . 000.000 دج كل من:
1)-
سهل للغير الإستعمال غير المشروع للمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية
بمقابل أو مجانا، سواء بتوفير المحل لهذا الغرض أو بأية وسيلة أخرى، و كذلك
الأمر بالنسبة لكل من الملاك و المسيرين و المديرين و المستغلين بأية صفة
كانت لفندق أو منزل مفروش أو نزل أو حانة أو مطعم أو ناد أو مكان عرض أو أي
مكان مخصص للجمهور أو مستعمل من الجمهور، الذين يسمحون بإستعمال المخدرات
داخل هذه المؤسسات أو ملحقاتها أو في الأماكن المذكورة.
2)- وضع مخدرات أو مؤثرات عقلية في مواد غذائية أو في مشروبات دون علم المستهلكين.
المادة 16 : يعاقب بالحبس من خمس (5) سنوات إلى خمس عشرة (15) سنة و بغرامة من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج، كل من:
– قدم عن قصد وصفة طبية صورية أو على سبيل المحاباة تحتوي على مؤثرات عقلية.
– سلم مؤثرات عقلية بدون وصفة أو كان على علم بالطابع الصوري أو المحاباة للوصفات الطبية.
– حاول الحصول على المؤثرات العقلية قصد البيع أو تحصل عليها بواسطة وصفات طبية صورية بناء على ما عرض عليه.
المادة 12 ”
يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة مالية من 5000 إلى 50.000 دج أو
بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يستهلك أو يحوز من أجل الإستهلاك الشخصي
مخدرات أو مؤثرات عقلية بصفة غير مشروعة”.
ثانيا : الركن المادي:
يقصد بالركن المادي الفعل أو الامتناع الذي بواسطته تكتشف الجريمة و يكتمل
جسمها، ولا توجد جريمة بدون ركن مادي، إذ بغير مادياتها لا تصاب حقوق
الأفراد أو الجماعة بدون اعتداء.
و سندرس الركن المادي لجريمة
المخدرات في الأفعال المادية المنصبة على المخدرات و المادة المخدرة و ذالك
بتقسيم هذا الركن بحسب ما يلي:
. أ )- الأفعال المادية. ب ) – المادة المخدرة.
. أ) – الأفعال المادية:
الأفعال المادية في جرائم المخدرات تأخذ صورا وأشكالا مختلفة، فقد تكون في
صورة البيع، الإنتاج، الاستهلاك، الزراعة، الصناعة أو الاستيراد أو
التنازل …… و أن ينصب هذا الفعل على نباتات أو مواد مخدرة ممنوعة الاستعمال
و التداول، و أن يكون بقصد جنائي.
و قد تضمنت نصوص القانون 18.04
المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 جملة من الأفعال المادية و أخضعتها للعقاب متى
اتصلت بمخدر من المخدرات السابق شرحها و من صور هذه الأفعال المادية ما
يلي:
– تنص المادة 17 من قانون 18.04 على ما يلي: ”
يعاقب … . الذين يصنعون بصفة غير شرعية مخدرات أو يحضرونها أو يحولونها أو
يستوردونها أو يتولون عبورها أو يصدرونها أو يستودعونها أو يقومون
بالسمسرة فيها أو يبيعونها أو يرسلونها أو ينقلونها أو يعرضونها لتجارة بأي
شكل كان …… “.
و فيما يلي نشرح كل فعل مادي على حدة:
. 1-1 فعل الصناعة: صناعة المخدرات تعنى إنتاجها و قد نص قانون 18.04 في المادة 17
صراحة على تجريم الصناعة غير المشروعة للنباتات المخدرة إلا أن المشرع
الجزائري لم يرفق جدول بأسماء النباتات المخدرة ليبقى مجال الكشف عن
المخدرا ت و تقديم أصحابها للعدالة أمرا سهلا، و في حالة المنازعة بشأن
المخدر يقدم النبات المتنازع من أجله للمركز العلمي لإجراء الخبرة عليه و
تحديد ما إذا كان مخدرا من عدمه.
. – أما بخصوص المواد الطبية
كلارطان و الفاليوم و القاردينال، و الديزيبام ترانكسان فهي تختلف اختلافا
كليا عن النباتات المخدرة، لأنها مصنوعة بدقة و محددة بمقادير معينة، و
تستعمل لمعالجة أمراض معينة و هي متوفرة في قنواتها الشرعية و لدى
الصيدليات، إضافة إلى أنها منشورة في قوائم وزارة الصحة و يسعى المدمن إلى
اقتناءها و تحريف استعمالها الحقيقي بممارسة الحقن و التخدير بها كبديل
للنباتات المخدرة.
. – و يعود سبب انتشارها إلى عدم وجود تنظيم
صارم في السلك الطبي الجزائري، بدءا من استخراج الوصفة الطبية مرورا
بالصيدلية للتزويد بالأدوية وصولا إلى المراقبة الفعلية لمحتويات الوصفة،
إضافة إلى عامل رخص هذه الأدوية لدى الصيدليات.
. لذا يجب على الدولة ممثلة في وزارة الصحة أن تتدخل و بسرعة لوضع حد لمثل هذه الظواهر اللا أخلاقية و بصفة نهائية.
. 1-2 – الاستيراد و التصدير: نصت المادة 19 من قانون 18.04
على الاستيراد، فقد نصت على الاستيراد و التصدير للنباتات السامة المخدرة،
و يقصد باستيراد المخدرات إدخالها إلى التراب الجزائري بأية وسيلة كانت،
عن طريق البر أو البحر أو الجو، أما التصدير فهو إخراج المخدرات من أراضي
الجمهورية بأية كيفية كانت.
. و يعتبر مرتكبا لفعل الاستيراد أو
التصدير كل من صدر منه فعل تنفيدي لهذه العملية و كل من ساهم فيها بالنقل،
أو من يتم النقل لحسابه أو لمصلحته أو بتحريض منه حتى و لو لم يصدر منه شخصيا فعل النقل أو المساهمة فيه عملا بأحكام المواد 40 و 42 من قانون العقوبات.
. 1-3 – التعامل في المخدرات: يتضح في المادة 17 من قانون 04- 18
أن التعامل في المخدرات ممنوع أيا كانت صورته، سواء كان بمقابل أو بغير
مقابل و سواءا أكان المقابل مبلغا من المال أو عينا أم مجرد منفعة و
سواء كان التعامل في المخدرات قد صدر من شخص غير مرخص له أو من شخص مرخص ( و
يقصد به هنا الصيدلي)، إذا وقع خارج نطاق الترخيص الممنوح له من قبل وزارة
الصحة و الصورة المألوفة في التعامل في المخدرات هي البيع المنصوص عليه في
المادة 17.
. 1-4 – السمسرة في المخدرات:
نصت على فعل السمسرة في المخدرات المادة 17 من قانون 04- 18 و السمسرة هي
الوساطة أو التوسط بين طرفي التعامل بتعريف بعضها بالبعض الأخر أو التقريب
في وجهات نظر الطرفين أو للتقرب بينهما في السعر المقترح أو في شروط الصفقة
بوجه عام. و سواء كانت السمسرة بأجر أو مجانا.
. 1-5- الاتجار في المخدرات:
نصت على فعل الاتجار في المخدرات المادة 17، و يعتبر الاتجار في المخدرات
صورة من صور التعامل فيه ولا يتحقق إلا إذا احترف المتهم التعامل في
المخدرات حسب الفقهاء، أي يتخذه نشاط معتادا له. لأنه ليس من العدل أن يخضع
من يبيع كمية من المخدر و لأول مرة و بصفة عرضية أو لإحتياجه لمبلغ مالي
لعقوبة مقررة لتاجر محترف في بيع المخدرات.
. 1-6- حيازة المخدرات:
نصت على فعل الحيازة المادة 17 من قانون 18.04 و يقصد بالحيازة هنا وضع
اليد على المخدر على سبيل التملك و الاختصاص و للحيازة في مجال المخدرات
ثلاثة صور = تامة، مؤقتة، و مادية.
الحيازة التامة: تعنى حيازة المالك أو من يعتقد أنه مالك للمنقول دون غيره.
الحيازة المؤقتة: هي حيازة غير المالك، و مثلنا من يحتفظ بالمخدر بصفة ودية لحساب صاحبه أو بصفة وكيلا عنه لبيعه له.
أما الحيازة المادية:
فهي تعني مجرد وضع اليد على المنقول بطريقة عابرة، دون أن يباشر واضعها
أية سلطة قانونية عليه، لا لحسابه ولا لحساب غيره حيث يكون المنقول دائما
تحت إشراف مالكه المباشر.
– و تكفي إحدى هذه الصور الثلاثة في جرائم المخدرات للوقوع في نطاق التجريم و بالتالي الوقوع تحت طائلة العقاب.
. 1-7 – التسهيل: تنص المادة 15 و 16 من قانون 04- 18 على ما يلي ” يعاقب ………… .
1-
من يسهلون لغيرهم استعمال المواد المذكورة أو النباتات المبينة في المادة
02 أعلاه، بمقابل مالي أو مجانا، سواء بتسخير محل لهذا الغرض أو بأية وسيلة
أخرى ( المادة 15 من قانون 04 – 18 ).
2- كل من يحصلون على المواد و النباتات المذكورة، أو يحاولون الحصول عليها بواسطة وصفات وهمية أو وصفات تواطئية ( المادة 16 ).
3- كل الذين يسهلون المواد و النباتات المذكورة بناءا على تقديم وصفة إليهم، مع علمهم بطابعها الوهمي أو التواطئي … ” ( المادة 16).
و
التسهيل حسب نص المادة أعلاه له صورتين إما التسهيل للاستهلاك بمقابل
و يقصد به هنا الاتجار في المخدرات مقابل منفعة أو التسهيل للاستهلاك بدون
مقابل كتخصيص محل لهذا الغرض.
. 1-8- الإستهلاك: تنص المادة 12 من قانون 18.04 أنه ” يعاقب … . كل من يستهلك بصفة غير شرعية إحدى المواد أو النباتات المصنفة على أنها مخدرات”.
و تقصد هذه المادة مستهلكي المخدرات بأنفسهم، حيث وصفهم
المشرع بالمستعمل و الاستعمال يكون إما عن طريق التدخين أو الشم أو الحقن …
إلخ من الطرق المستعملة لاستهلاك المخدرات.
ب – المادة المخدرة:
الركن الثاني من أركان جريمة المخدرات هو المادة المخدرة، أي أن ينصب
الفعل على مادة مخدرة سواء كانت نباتات مخدرة أو مستحضرات طبية كما نصت على
ذالك المادة 02 من قانون 04- 18 مثال ذالك:
النباتات المخدرة : كالقنب الهندي، الكيف و الشيرة.
المستحضرات الطبية : كلارطان، الترونكسان، القاردينال، الديبرايبام.
المواد الطيارة: إستنشاق الغراء، البنزين، المبيدات، الأصباغ ………
ثالثا : الركن المعنوي:
إذا توافر علم المتهم بأن المادة التي في حيازته أو محل تصرفه هي من
المواد المخدرة الممنوعة قانونا، و اتجهت إرادته إلى ارتكاب الفعل المادي
المعاقب عليه وجب ردعه بتوقيع العقوبة و ذالك مهما كان الباعث على الفعل
المعاقب عليه سواء كان الاتجار أو الاستهلاك أو انقاد شخص أخر من العقاب أو
أحد أصول المتهم أو فروعه فلا يعتد المشرع بالباعث على ارتكاب هذا الفعل
مهما كان سببه و ذالك لسد الطريق أمام مروجيها.
العقوبات: نتعرض في هذا الفرع لأنواع العقوبات، ثم للتدابير، و ذالك وفق ما يلي:
أولا : أنواع العقوبات:
نظم المشرع الجزائري من المواد 12 إلى 31 من القانون 04- 18 المؤرخ في 25
ديسمبر 2004 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع
الإستعمال و الإتجار غير المشروعين بها على أنواع العقوبات الواجب تطبيقها
على من تثبت إدانته في جريمة من جرائم المخدرات و قسمها إلى عقوبات
أصلية و عقوبات تكميلية:
1 – العقوبات الأصلية:
1-1 – عقوبة الفاعل الأصلي:
تناولت المادة 17 من قانون 04 – 18 عقاب بالحبس من عشر سنوات إلى عشرين
سنة، و بغرامة مالية تتراوح من 5 . 000.000 إلى 50.000.000 دج الذين يصنعون
بصفة غير شرعية مخدرات أو يحضرونها أو يحولونها أو يستوردونها أو ينقلونها
أو يعرضونها للتجارة، بأي شكل كان أو يصدرونها.
و يعاقب القانون في
المادة 15 من قانون 04- 18 بالحبس من خمس (05) سنوات إلى خمس عشرة (15)
سنة، و بغرامة مالية بين 500.000 إلى 1000.000 دج الأشخاص اللذين يسهلون
للغير بمقابل أو مجانا الحصول على المخدرات. و تكون عقوبة السجن من أربع
(04) سنوات إلى عشرون (20) سنة في حالة تسهيل حصولها للقصر ( المادة 13
فقرة 02).
1-2 – عقوبة الاستهلاك:
تنص المادة 12 من قانون 04- 18 على أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين ،
و بغرامة مالية من 5000 و 50.000 دج أو إحداها كل من يستعمل بصفة غير
شرعية إحدى المواد أو النباتات المصنفة مخدرات.
– و حسب أغلبية
الفقه في أغلب التشريعات المقارنة يذهب إلى عدم معاقبة المدمن على
المخدرات، و إعتباره من المرضى، و بالتالي يجب وضعه في مؤسسة علاجية قصد
معالجته، و حسب أنصار هذا المذهب فإن المدمن أو مستهلك المخدرات، هو إنسان
مريض و مكانه المستشفى و ليس مجرما و مكانه الحبس.
. 1-3 – عقوبة العود: تنص
المادة 27 من قانون 04- 18 على أن تضاعف العقوبات المنصوص عليها في المواد
من 12 إلى 17 المذكورة أعلاه في حالة عود المتهم إلى ارتكاب هذه الجرائم،
بعد أن سبق الحكم عليه في أية جريمة.
. 1-4 – عقوبة الشروع:
نصت المادة 17 فقرة 2 أنه يعاقب على محاولة ارتكاب إحدى هذه المخالفات
التي تقمعها أحكام الفقرة السابقة للمادة 17 و التي تعاقب اللذين يصنعون
يحضرون، يحولون يستوردون، يتولون العبور أو يصدرون أو يستودعون أو يسمسرون
أو يبيعون أو يرسلون أو ينقلون أو يعرضون لتجارة المخدرات.
. 1-5 – عقوبة المحرض: التحريض
هو دفع الجاني إلى ارتكاب جريمة و ذالك بالتأثير على إرادته و توجيهها
الوجهة التي يريدها المحرض بوسائل مادية و قد عاقب المشرع الجزائري في
المادة 22 من قانون 04- 18 بالعقوبات المقررة للجريمة أو الجرائم المرتكبة،
كل من حرض بأية وسيلة كانت على ارتكاب الجنح المنصوص عليها و على عقابها
في المواد من 12 إلى 17 من هذا القانون، و لو لم ينتج عن هذا التحريض أي
أثر.
. 1-6 – المبادرة بالتقديم للعلاج كعذر معفى من العقاب:
تنص المادة 06 من قانون 18.04 على أن ” لا ترفع الدعوى العمومية على
الأشخاص الذين امتثلوا للعلاج الطبي الذي وصف لهم و تابعوه حتى النهاية،
كما لا ترفع الدعوى العمومية على الأشخاص الذين استعملوا المخدرات استعمالا
غير شرعي إذا ثبت أنهم تابعوا علاجا مزيلا للتسمم، أو كانوا تحت المتابعة
الطبية مند حدوث الوقائع المنسوبة إليهم … “.
– وهذا العذر ليس من
موانع المسؤولية الجزائية ولا من أسباب الإباحة المنصوص عليهما في قانون
العقوبات، فهو عذر شخصي لا يتعدى أثره إلى غير صاحبه، و هو ملزم لسلطة
الاتهام الممثلة في وكيل الجمهورية و بهذا النص يكون المشرع الجزائري قد
أخذ بتوصيات الأمم المتحدة و ما هو متبع في الدول المتقدمة و عطفا على مرضى
الإدمان على المخدرات و العمل على علاجهم من هذا الداء. و بالتالي يشجع
هذا النص المدمنين على الإقبال على مؤسسات العلاج.
2- العقوبات التبعية:
هي تلك الجزاءات التي قررها المشرع لتلحق بالمتهم حتما و بقوة كنتيجة
للحكم بالعقوبة الأصلية، حتى ولو لم ينص عليها القاضي في حكمة و المشرع
الجزائري حصر العقوبات التبعية في المادة 06 من قانون العقوبات و التي تنص
على أن ” العقوبات هي الحجز القانوني و الحرمان من الحقوق الوطنية، و هي لا
تتعلق بالعقوبة الجنائية “.
و المشرع الجزائري في قانون 04- 18 نص في المادة 29
على ما يلي: ” يجوز الحكم في حالة ارتكاب المخالفات المنصوص عليها في
المواد من 12 إلى 17 من هذا القانون أن تصدر ما يلي: ” إمكانية الحكم
بالحرمان من الحقوق المدنية مدة تتراوح بين خمس سنوات و عشر سنوات “.
و
لكن المشرع الجزائري لما اعتبر جرائم المخدرات تأخذ طابع الجنح خرج عن
القواعد العامة المقررة في قانون العقوبات، و نص على العقوبات التبعيية
لجرائم المخدرات بنص خاص هو المادة 29.
و تجدر الإشارة هنا إلى أن
المشرع الجزائري جعل العقوبات التبعية جوازية، و من ثم ترك السلطة
التقديرية للقاضي في تطبيقها من عدمها و ذالك بحسب نوع الجريمة و خطورة
الواقعة المطروحة عليه.
هذا و إن صور العقوبات التبعية التي أوردتها المادة أعلاه هي كما يلي:
–
إمكانية الحكم بالحرمان من الحقوق السياسية و المدنية العائلية لمدة
تتراوح ما بين خمس سنوات إلى عشر سنوات، و الحقوق المدنية هي التي ورد
ذكرها في نص المادة 06 من قانون العقوبات بما يلي: ” الحرمان من الحقوق
الوطنية تنحصر في “.
1- عزل المحكوم عليه و طرده من جميع الوظائف و المناصب السامية في الحزب أو الدولة، و كذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة.
2- الحرمان من الانتخابات و الترشيح، و على العموم، من الحقوق الوطنية و السياسية و من حمل أي وسام.
3- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقد أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال.
4- عدم الأهيلة لأن يكون وصيا أو ناظرا ما لم تكن الوصاية على أولاده.
5-
الحرمان من الحق في حمل الأسلحة، و في التدريس، و في إدارة مدرسة أو
الاستخدام في مؤسسة التعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.
2 – العقوبات التكميلية: تنص المادة 29 من قانون 04- 18 على أن ” …
– في حالة الإدانة لمخالفة الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، للجهة
القضائية المختصة أن أن تقضي بعقوبة الحرمان من الحقوق السياسية و المدنية و
العائلية من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات.
و يجوز لها، زيادة على ذلك، الحكم بما يأتي:
– المنع من ممارسة المهنة التي إرتكبت الجريمة بمناسبتها لمدة لا تقل عن خمس (5) سنوات.
– المنع من الإقامة وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات.
– سحب جواز السفر و كذا سحب رخصة السياقة لمدة لا تقل عن خمس (5) سنوات.
– المنع من حيازة أو حمل سلاح خاضع للترخيص لمدة لا تقل عن خمس (5) سنوات.
– مصادرة الأشياء التي إستعملت أو كانت موجهة لإرتكاب الجريمة أو الأشياء الناجمة عنها.
–
الغلق لمدة لا تزيد عن عشر (10) سنوات بالنسبة للفنادق و المنازل المفروشة
و مراكز الإيواء و الحانات و المطاعم و النوادي و أماكن العروض أو أي
مكان مفتوح للجمهور أو مستعمل من قبل الجمهور، حيث إرتكب المستغل أو شارك
في إرتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادتين 15 و 16 من هذا القانون.
يتضح
من هذه الفقرات مجتمعة أن العقوبات التكميلية هي الحرمان من مزاولة المهنة
و المنع من الإقامة و سحب جواز السفر و سحب رخصة السياقة، إضافة إلى
المصادرة للأملاك.
و نتعرض لكل عقوبة من هذه العقوبات على النحو التالي:
. 2-1 – الحرمان من مزاولة المهنة:
هذه الفقرة خاصة بالأشخاص الذين تحتم وظائفهم اتصالهم بالمخدرات، كما هو
الحال بالنسبة للأطباء عند وصف بعض الأدوية المخدرة، و الصيادلة عند بيع
المواد الطبية المخدرة لطالبها. فكل تواطؤ يتم من هؤلاء الأشخاص يعرضهم
للتوقيف عن أداء عملهم لمدة قد تصل إلى خمس سنوات على الأكثر حسب نص المادة
29 فقرة 02.
. 2-2 – المنع من الإقامة:
نصت على هذا الإجراء المادة 29 فقرة 3 بالقول: ” … وجوب الحكم بمنع من
الإقامة حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 12 من قانون العقوبات … “.
.
و تنص المادة 12 من قانون العقوبات على أنه ” المنع من
الإقامة هو الحظر على المحكوم عليه أن يوجد في بعض الأماكن، ولا يجوز أن
تتجاوز مدتها خمس سنوات في الجنح، و عشر سنوات في مواد الجنايات ما لم ينص
القانون على خلاف ذالك “.
. و أثار هذا المنع من الإقامة و
مدته لا تبدأن إلا من اليوم الذي يفرج فيه على المحكوم عليه بعد أن يكون
قرار منع الإقامة قد بلغ إليه.
و يعاقب الشخص الممنوع من الإقامة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، إذا خالف أحد تدابير منع الإقامة أو تملص منه.
. 2-3 – سحب جواز السفر و رخصة السياقة:
نصت المادة 29 فقرة 4 على هذه الصور بقولها: ” … وجوب الحكم بسحب جواز
السفر، و سحب رخصة السياقة لمدة خمس (05) سنوات على الأكثر … ” و هذه
الفقرة خاصة بفئتين:
. فئة المستوردين للمخدرات
اللذين ينقلونها من بلد إلى أخر أو يوردونها إلى بلدان خارج الجزائر أو
يتولون عبورها من منطقة جمركية إلى منطقة أخرى الأشخاص و من في حكمهم و عند
إدانتهم في قضايا المخدرات يكون وجوبا على قاض الموضوع أن يحكم بسحب جواز
السفر التي تم بها تنقل الشخص، و ذلك لاعتبار أن جريمة المخدرات جريمة
عالمية، بحيث أنها مجرمة في كافة التشريعات القانونية المقارنة، و من ثم
فإن الجاني لا يفلت من العقاب مهما كانت الدولة التي رسا و انتهى فيها به
المقام.
. – أما الفئة الثانية: و هي خاصة بالأشخاص الذين
يستعملون سيارتهم أو شاحنتهم أو تابعة للغير لنقل المواد المخدرة،
فهولاء عند إدانتهم بجرائم المخدرات ينبغى وجوبا على قاضي الموضوع أن يحكم
بسحب رخصة السياقة للشخص المدان في جريمة نقل المخدرات و لمدة خمس (5 )
سنوات.
. 2-4 – المصادرة: نصت المواد 29، 32، 33، 34 من قانون 04- 18 على ما يلي:” … وجوب أمر الجهات القضائية بمصادرة المواد و النباتات المحجوزة … “.
.
– وجب الأمر بمصادرة الأثاث و المنشآت و الأواني و التجهيزات و
الأملاك المنقولة و العقارية و الوسائل الأخرى التي استعملت في صنع المواد
أو النباتات و نقلها، مع مراعاة حقوق الغير.
. – مصادرة الأموال النقدية المستعملة في إرتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
. و تنص المادة 15 من قانون العقوبات على أن ” المصادرة هي الأيلولة النهائية إلى الدولة أو لمجموعة أموال معينة … “.
. يتضح من هذه الفقرات مجتمعة أن المصادرة تشمل النباتات
المخدرة و المواد المخدرة، و التي كانت محل حجز أثناء القبض على
المتهم،سواء كانت هذه المخدرات ملك للمتهم أو للغير، و سواء أكانت مخصصة
للاستهلاك الشخصي أو للبيع، إلى جانب مصادرة لوسائل و الأدوات التي تكون قد
استخدمت في ارتكاب الجريمة كالسيارة أو الشاحنة التي تنقل المخدرات، أو
الأدوات التي تستعمل لإنتاج المخدرات أو أدوات الكيل و الميزان … و غيرها
بحيث يتم مصادرتها في حالة ما إذا كانت مملوكة للمتهم أو لأحد شركائه أو
للمحرض على ارتكاب الجريمة، أما إذا كانت هذه الوسائل مملوكة لشخص أخر حسن
النية، و ليست له أية علاقة بالجريمة فلا محل للحكم بالمصادرة، و ذلك
تطبيقا لقاعدة شخصية العقوبة التي مفادها أن العقوبة لا تقع إلا على من
ثبتت مسؤوليته في ارتكاب الجريمة.
. – إن مصادرة المخدرات
واجبة دائما سواء حكم بالإدانة أو بالبراءة أم بسقوط الدعوى الجنائية لوفاة
المتهم، و هذا ما نصت عليه المادة 25 من قانون العقوبات بالقول ” يجوز أن
يؤمر بمصادرة الأشياء المضبوطة كتدبير من تدابير الأمن إذا كانت صناعتها أو
استعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها يعتبر جريمة … “.
2-5 – الإغلاق:
تنص المادة 29 من قانون 04- 18 على أنه ” يجوز لقاضي التحقيق أو الجهة
القضائية التي تصدر الحكم، في حالة رفع الدعوى بسبب ارتكاب الجرائم المنصوص
عليها في المواد من 12 الى 17 أعلاه، الأمر بإغلاق أي مكان مخصص للجمهور،
أو ارتكب فيه مستغله تلك الجرائم أو تواطأ مع غيره على ارتكابها، غلق لمدة
لا تزيد على عشر (10) سنوات سواء كان فندقا أو بيتا مفروشا، أو محل إيواء
أو إطعام أو محل مشروبات أو مطعما أو ناديا، أو محلا لعروض التسلية أو
ملحقا لما سبق ذكره، و يمكن تجديد هذا الغلق حسب ا”لأشكال المنصوص عليها في
الفقرة السابقة “.
يتضح من هذه المادة أن المشرع أو جب غلق كل محل أو
بيت أو محل “إيواء أو محل مشروبات … إذا اقترفت فيه الجرائم المنصوص عليها
في المادتين 15 و 16 من هذا القانون.
– و لا يشترط المشرع عند الإغلاق
أن يكون المحل مملوكا للمتهم بل جاء النص بصيغة عامة على النحو التالي ” …
ارتكب فيه مستغله تلك الجرائم أو تواطأ مع غيره على ارتكابها … ” بمعنى أن
عقوبة الإغلاق قد تمس كل شخص مهما كانت طبيعته، يثبت تورطه في قضايا
المخدرات.
إن المشرع الجزائري أعطى لكل من قاضي التحقيق وجهة الحكم
الأمر بالإغلاق حسب تطورات القضية، فإذا كانت القضية في طور التحقيق عن هذا
الأمر فيوكل لجهة الحكم الناظرة في الدعوى أن تتدارك هذا السهو و تأمر
بالغلق مع الإشارة إلى أن قضايا المخدرات غالبا ما تكون في شكل تلبس و تحال
مباشرة للمحاكمة و هنا في مثل هذه الحالة يكون لجهة الحكم الأمر بالإغلاق.
ثانيا
: التدابير الاحترازية: تنص المادة 07 من قانون 04- 18 على أن : ” يمكن أن
يأمر قاضي التحقيق، أو قاضي الأحداث بإخضاع الأشخاص المتهمين بارتكاب
الجنحة المنصوص عليها في المادة 12 أعلاه لعل ا ج مزيل للتسمم تصاحبها جميع
تدابير المراقبة الطبية، و إعادة التكييف الملائمة لحالتهم إذا ثبت بواسطة
خبرة طبية متخصصة أن حالتهم تستوجب علاجا طبيا.
يبقى الأمر الذي يوجب هذا العلاج نافذا. عند الإقتضاء بعد انتهاء التحقيق و حتى تقرر الجه ة القضائية المختصة خلاف ذلك ” .
و
تنص المادة 12 يعاقب من إلى سنتين و بغرامة من 5.000 إلى 50.000 د ج أو
بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يستهلك أو يحوز من أجل الإستهلاك الشخصي
مخدرات أو مؤثرات عقلية بصفة غير مشروعة.
يتضح من المادة 07 أن المشرع
أعطى لجهة التحقيق ممثلة في كل من قاضي التحقيق العادي إذا كان المتهم
بالغا، أو لقاضي الأحداث إذا كان المتهم حدثا أن يصدر أمرا بوضع المتهم
المدمن في مؤسسة علاجية لإزالة أثار الإدمان و التسمم، مع الملاحظة أن
الأمر بالوضع لا يجب أن يصدر إلا بعد الانتهاء من التحقيق، و يظل هذا الأمر
ساري المفعول إلى غاية صدور أمر مخالف.
و إذا طبقت الأحكام المنصوص
عليها في الفقرة الأولى من المادة 07 المذكورة أعلاه أمكن الجهة القضائية
التي تحال عليها القضية أن لا تحكم بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 12
أعلاه.
يتضح من هذه المادة أنها أعطت لجهة الحكم في حالة القضية المتلبس
بها أن تلزم الشخص المدمن بالخضوع للعلاج، فهنا يكون لجهة الحكم، إما
تأكيد أمر التحقيق أو تمديد أثاره، مع ملاحظة أن أمر الجهة القضائية يظل
ساري المفعول حتى و لو إستؤنف الحكم.
هذا و للجهة القضائية التي تحال
عليها القضية أن تحكم بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 12 من قانون 04- 18
و هذا الأمر جوازي و متروك للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
و يتم
تنفيذ أمر وضع المدمن بمؤسسة علاجية طبقا لأحكام المادة 22 من قانون
العقوبات التي نصت على أن ” الوضع القضائي في مؤسسة علاجية هو وضع شخص مصاب
بإدمان عاد ناتج عن تعاطي مواد كحولية، أو مخدرات تحت الملاحظة في مؤسسة
مهيأة لهذا الغرض”.
أما عن كيفية معالجة إزالة التسمم، فيتم في مؤسسة
علاجية، و تحت إشراف طبيب مختص حسب أحكام المادة 10 من قانون 04- 18 على أن
يعلم الطبيب المعالج السلطة القضائية عن مراحل سير العلاج و نتائجه.
و
في حالة عدم إمتثال المتهمين للعلاج تطبق عليهم أحكام المادة 09 من قانون
04- 18 التي تنص ” تسلط العقوبات المنصوص عليها في المادة 12 على الذين
يمتنعون عن تنفيذ قرار يأمر بالعلاج المزيل للتسمم دون المساس عند الاقتضاء
بتجديد الأمر بتطبيق المادة 07 أعلاه “.
يتضح من هذه المادة أنها أخضعت
للعقاب كل شخص يحكم عليه بعلاج إزالة التسمم و يرفض الإمتثال لعقوبة الحبس
من شهرين إلى سنتين، و بغرامة مالية تتراوح بين 5 . 000 و 50.000 دج أو
باحداهما، كما يلاحظ أنها تركت الباب مفتوحا لإعادة تجديد الأمر بالوضع في
مؤسسة علاجية عند الضرورة.
اجتهاد المحكمة العليا في جريمة المخدرات :
كل ما طرح على المحكمة العليا، و تم النظر فيه بحسب ما توافر لدينا من
قرارات هو التطرق لجريمة المخدرات من زاوية واحدة فقط، مختصرة في السؤال
التالي:
هل المخدرات بضاعة ؟
أجابت المحكمة العليا
على هذا السؤال في عدة قرارات معتبرة المخدرات بضاعة و ذالك بقولها” إن
المخدرات تدخل ضمن التعريف الوارد في المادة الخامسة من قانون الجمارك “.
و
اعتبار المخدرات بضاعة بحسب مفهوم المادة 05 من قانون الجمارك استتبع
بالضرورة إعطاء إدارة الجمارك الحق في التنصيب كطرف مدني، و هذا ما أكدته
المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 28/01/1986 تحت رقم 37383 عن
الغرفة الجنائية بقبول تنصيب إدارة الجمارك كطرف مدني في مادة المخدرات.
و ذهبت في قرار أخر إلى القول ”
إن المخدرات تعتبر من البضائع المحظورة مطلقا و حيازتها تشكل جريمة تعطي
الحق في التعويض المالي لصالح إدارة الجمارك، و يتم حسابها حسب السوق
الداخلي، و هذا وفقا لمقتضيات المادة 338 من قانون الجمارك ( أنظر القرار
رقم 44703 الصادر بتاريخ 07/07/1987 عن الغرفة الجنائية الثانية ).
إن اعتبار المخدرات بضاعة وقابلة للتقويم حسب السوق الداخلي جعل جريمة المخدرات في مفهوم اجتهاد المحكمة العليا تتميز:
– بأنها جريمة مختلطة، جريمة عادية، و جريمة جمركية.
– و أنها جريمة تخضع لقانون 18.04 و قانون الجمارك.
و
تم تأكيد هذا الإجتهاد في القرار الصادر بتاريخ 09/01/1994 تحت رقم 110904
عن الغرفة الجنائية الثانية بالقول ” إن جنحة الحيازة و الإتجار في
المخدرات هي جنحة مختلطة تخضع في نفس الوقت للمادتين 12 و 29 من قانون
18.04 ، و للمادتين 324 و 329 من قانون الجمارك.
. الخلاصة:
إن المشرع الجزائري بإستصدار لهذا القانون الخاص بالمخدرات بعيدا عن قانون
الصحة قد تدخل لوضع حد أو التقليل من إستفصال ظاهرة المخدرات في المجتمع
الجزائري بحيث تعرض بصفة واضحة للتجريم، و العقاب المتابعة سواء من الجانب
القانوني أو القضائي، كما خصص عقوبات رادعة تتماشى و حجم الخطر الذي يمس
المجتمع في أعظم طاقاته ألا و هي الطاقة الشبابة و في أشرف شيء يملكه ألا و
هو العقل.
اترك تعليقاً