الجرائم الموجهة ضد النظام العام الدولي
- إن الخطوة الهامة في هذا المجال هي انعقاد محكمة نورومبرج وطوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب من الألمان واليابانيين، ولقد نص نظام المحكمة على مسئولية مرتكبي هذه الجرائم سواء أكانوا قد ارتكبوها تنفيذاً لأوامر صادرة إليهم من حكوماتهم أو انصياعاً لأوامر قياداتهم العليا فقد كان مصدر المسئولية الجنائية هو ارتكاب هذه الجرائم الوحشية باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وتنقسم الجرائم ضد النظام العام الدولة إلى ثلاث طوائف سندرس كل منها في فصل مستقل.
الفصل الأول: جرائم الحرب
جرائم الحرب هي الجرائم التي ترتكب ضد قوانين وعادات الحرب وأهمها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وهي:
1- اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان.
2- اتفاقية جنيف بشأن تحسين حالة الجرحى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار.
3- اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب.
4- اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب.
ولقد أجازت الاتفاقية الرابعة… حماية المدنيين “تسليم الأشخاص الذين يرتكبون أياً من الأفعال الخطرة المذكورة فيها لدولة أو دول متعاقدة أخرى متن ذوي الشأن لمحاكمتهم بشرط أن يكون لديهم أدلة اتهامات كافية ضد هؤلاء الأشخاص وفي عام 1977 تم التوقيع على لحقين إضافيين بمعاهدات جنيف تضمن الأول تصنيفاً للأفعال التي تعد جرائم خطيرة أو انتهاكات جسيمة تضاف إلى ما ورد في اتفاقيات جنيف وذلك إذا ارتكبت عن عمد وسببت وفاة أو أذى بالغاً بالجسد أو بالصحة ومنها:
1- جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين هدفاً للهجوم.
2- شن هجوم عشوائي يصيب السكان المدنيين أو الأعيان المدنية.
3- اتخاذ شخص ما هدفاً للهجوم عن معرفة بأنه عاجز عن القتال.
4- ممارسة التفرقة العنصرية.
5- قيام دولة الاحتلال بترحيل أو نقل السكان المدنيين.
6- شن الهجمات على المنشآت التاريخية أو الدينية أو الثقافية.
- أما البروتوكول الثاني فقد اعتنى بالنزاعات المسلحة غير الدولية وخاصة الحروب الأهلية والنزاع غير الدولي هو كل نزاع لا تنطبق علي شروط النزاع الدولي وتدور رحاه على إقليم أحد الأطراف المتعاقدة بين قواته وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى، وتمارس تحت قيادة مسئولية على جزء من إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة وتستطيع تنفيذ البروتوكول الثاني وعلى ذلك تستبعد الأعمال الفردية تماماً عن الخضوع لهذا البروتوكول ولكن لا يسري البروتوكول “اللحق” الثاني على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية مثل الشغب وأعمال العنف العرضية والمشننة وغيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة.
الفصل الثاني: الجرائم ضد الإنسانية
الجرائم ضد الإنسانية هي تلك الأفعال التي تنطوي على انتهاج سلوك عدواني صارخ ضد أحد الأفراد أو في مواجهة جماعة إنسانية معينة.
وفي إطار مكافحة الجرائم ضد الإنسانية تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة ثلاث اتفاقيات سندرسها تباعاً:
أولاً: اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري والعقاب عليها لعام 1948
اتفقت الأطراف المتعاقدة في مؤتمر مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري سنة 1948 وأكدت على أن الأفعال التي ترمي إلى إبادة الجنس البشري سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب تعد جريمة في نظر القانون الدولي وتعهدت جميع الأطراف باتخاذ التدابير لمنع ارتكابها والعقاب عليها.
وقد عرضت جريمة إبادة الجنس بأنها أي فعل من الأفعال التي يرتكب بقصد القضاء جزئياً أو كلياً على جماعة بشرية بالنظر إلى صفاتها الوطنية أو العنصرية أو الجنسية أو الدينية.
وكما نصت الاتفاقية على معاقبة جريمة الإبادة الجماعية فقد جرمت أيضاً:
1- الاتفاق على ارتكابها.
2- التحريض العلني والمباشر على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
3- الشروع في ارتكابها.
4- الاشتراك في جريمة الإبادة الجماعية.
- ومن أهم ما نصت عليه الاتفاقية هو معاقبة كل من يرتكب هذه الجريمة أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها سواء كان الجاني من الحكام أو من الموظفين المسئولين في الدولة أو من الأفراد، وبالتالي أصبحت الجريمة ليست فقط محل اهتمام وتدخل في اختصاص التشريعات الوطنية فحسب، وإنما ذات صبغة دولية، فإذا ارتكبتها أي حكومة من الحكومات داخل حدودها ضد مواطنيها فلن يعد هذا أمراً داخلياً يخضع لسلطان الدولة ذاتها وتشريعاتها الوطنية ولكنه أمر دولي يدخل في اختصاص القانون الدولي وتشمله الحماية الدولية.
وتتمثل الحماية الدولية لضمان تنفيذ نصوص الاتفاقية في لجوء الأطراف إلى الهيئات التابعة للأمم المتحدة لكي تتخذ التدابير الملائمة، وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة للوقاية من الأعمال التي تحرمها الاتفاقية أو العقاب عليها.
ثانياً: الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله لعام 1965
عرفت الاتفاقية التمييز العنصري بأنه: كل تمييز أو استثناء أو تغيير أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الجنس بهدف إلى تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
وتختلف هذه الاتفاقية عن سابقاتها بأنها أكثر شمولاً فهي لم تحدد نفسها بأي مجال معين ولكنها تحرم التفرقة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في جميع مجالات الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- وتعد نصوصها بعيدة المدى حيث أعلنت بموجبها الدول الأطراف شجبها للتمييز العنصري وتعهدت بأن تنتهج كل الوسائل اللازمة للقضاء على التمييز العنصري، كما تعهدت كل الدول بمراعاة اتخاذ التدابير الفعالة اللازمة لإعادة النظر في السياسات الحكومية القومية والمحلية.
- وقد اعتبرت الاتفاقية كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية وكل مساعدة للنشاطات العنصرية بما في ذلك تمويلها جريمة يعاقب عليها القانون.
- وينظر إلى نصوص هذه الاتفاقية في بعض الأحيان إلى أنها تشكل صعوبات دستورية لبعض الدول لما تتضمنه من تحديد لبعض الحقوق مثل حرية التعبير عن الرأي وحرية التعبير والتي كفلتها دساتير هذه الدول.
- وبموجب هذه الاتفاقية فقد أنشئت لجنة القضاء على التمييز العنصري تتكون من 18 خبير من مواطني الدول الأطراف ويتم اختيارهم عن طرق الانتخاب وعضويتهم في اللجنة تكون بصفتهم الشخصية لا كممثلين لدولهم، واختصاصاتهم مماثلة لاختصاصات لجنة حقوق الإنسان المشكلة طبقاً للاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، ومجرد الانضمام لهذه الاتفاقية يجيز لكل دولة طرف لفت نظر اللجنة إلى أي انتهاك تراه من أي دولة أخرى من الدولة الأطراف في إعمال أحكام هذه الاتفاقية.
- وتتضمن الاتفاقية أيضاً تعيين لجنة توفيق اختصاصاتها مماثلة للجنة حقوق الإنسان وعند نشوء أي نزاع بين دولتين أو أكثر من الأطراف بشأن تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها وتتعذر سبل تسوية هذا النزاع عن طريق المفاوضة أو الإجراءات التي حددتها هذه الاتفاقية فقد نصت الاتفاقية على إحالة هذا النزاع بناءً على رغبة أي طرف من أطرافه إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيه، ما لم تتفق الأطراف المتنازعة على طرق أخرى لتسوية نزاعهم.
- كما يجوز لأية دولة طرف في الاتفاقية أن تعلن في أي وقت من الأوقات موافقتها على اختصاص اللجنة في تلقي ونظر الوسائل والتبليغات المقدمة من الأفراد أو من جماعات الأفراد الداخلين في ولاية هذه الدولة الطرف والذين يدعو أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المقررة في هذه الاتفاقية وذلك بشرط خاصة حددتها الاتفاقية.
ثالثاً: الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لعام 1973
عرفت الاتفاقية جريمة الفل العنصري بأنها تشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الإفريقي، والأفعال اللا إنسانية المرتكبة بغرض إقامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على أية فئة عنصرية أخرى من البشر واضطهادهم إياها بصورة منهجية وهذه الأفعال هي:
1- حرمان عضو أو أعضاء في فئة أو فئات عنصرية من الحق في الحياة والحرية الشخصية.
2- إخضاع فئة أو فئات عنصرية عمداً لظروف معيشية يقصد منها أم تفضى بها إلى الهلاك الجسدي كلياً أو جزئياً.
3- استغلا عمل أعضاء فئة أو فئات عنصرية لاسيما بإخضاعهم للعمل القسري.
4- اضطهاد المنظمات والأشخاص بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية لمعارضتهم للفصل العنصري.
- وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدول أطراف الاتفاقية قد أعلنت تجريم المنظمات والمؤسسات والأشخاص الذين يرتكبون جريمة الفصل العنصري وتقع المسئولية الجنائية الدولية، أياً كان الدافع، على الأفراد وأعضاء المنظمات والمؤسسات وممثلي الدول، سواء كانوا مقيمين في إقليم الدولة التي ترتكب فيها الأعمال أو في إقليم دولة أخرى.
أ- إذا قاموا بارتكاب أي من الأفعال الواردة في الاتفاقية أو بالاشتراك فيها أو بالتحريض مباشرة عليه. أو بالتواطؤ عليه.
ب- إذا قاموا بصورة مباشرة بالتحريض أو التشجيع على ارتكاب جريمة الفصل العنصري أو آزروا مباشرة في ارتكابها. - وقد تعهدت الدول الأطراف في الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير التشريعية وغير التشريعية اللازمة لقمع أو ردع أي تشجيع على ارتكاب جريمة الفصل العنصري وسياسات الدول الأخرى المماثلة أو مظاهرها، كما تمهدت باتخاذ تدابير تشريعية وقضائية وإدارية للقيام وفقاً لولايتها القضائية بملاحقة ومحاكمة ومعاقبة الأشخاص المسئولين عن ارتكاب الأفعال التي تشكل جريمة الفصل العنصري وفقاً لنصوص الاتفاقية أو المهتمين بارتكابها سواء كان هؤلاء من رعايا هذه الدولة أو من رعايا دولة أخرى أو كانوا بلا جنسية، ويجوز أن يحاكم المتهمون بارتكاب الأفعال الواردة في الاتفاقية أمام المحاكم المختصة لأية دولة ظرف في اتفاقية ويمكن أن تكون لها ولاية على هؤلاء المتهمين، أو من قبل محكمة جنائية دولية يكون لها اختصاص قضائي في مواجهة الدول الأعضاء التي قبلت ولايتها.
- ولا يجوز لأية دولة أن تطلب إلى أية هيئة مختصة من هيئات الأمم المتحدة وفقاً لأحكام الميثاق اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لمنع ارتكاب جريمة الفصل العنصري وقمعها، كما خولت الاتفاقية لجنة حقوق الإنسان سلطة القيام ببعض الوظائف ومنها إعداد قائمة بأسماء الأشخاص والمنظمات والمؤسسات وممثلي الدول المتهمين بكونهم مسئولين عن ارتكاب الأفعال التي تشكل جريمة الفصل العنصري.
والتي تشكل جريمة الفصل العنصري لا تعتبر من قبيل الجرائم السياسية وقد تعهدت الدول الأطراف بتسليم المجرمين طبقاً لتشريعاتها والمعاهدات السارية المفعول.
الفصل الثالث: الجرائم ضد سلم وأمن البشرية
قدمت لجنة القانون الدولي مشروعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يتضمنان الجرائم ضد سلم وأمن البشرية ولكن لم يعتمد أياً منهما لعدم الاتفاق على تعريف موحد لجريمة العدوان ولكن الأمر الجدير بالذكر أن هذا المشروع قد أمر مبدأ المسئولية الجنائية الدولية الفردية حيث يسأل الفرد عن ارتكاب الجرائم الدولية حتى إن تم ذلك بتكليف من دولتهم.
- وتشمل الجرائم ضد سلم البشرية وأمنها جريمة الحرب العدوانية والقرصنة وتجنيد المرتزقة واستخدامهم وسنتناول كل منها بإيجاز:
أولاً: جريمة الحرب العدوانية
الحرب العدوانية هي أخطر الجرائم الموجهة ضد السلم طبقاً للمفهوم التقليدي، وقد تناول القانون الدولي العام جريمة الحرب العدوانية بالتحديد والتآصيل، ورغم فشل المجهودات التي بذلت لتعرف العدوان إلا أنها أوضحت كثيراً من الجوانب الهامة التي تنطوي عليها فكرة تعريف العدوان.
- وعلى الرغم من فشل عصيبة الأمم في وضع تعريف محدد للعدوان فلقد نجحت الجمعية العامة بعد جهود جبارة في وضع تعريف للعدوان عام 1974 حيث عرفته بأنه “استخدم القوة المسلحة من جانب دولة ضد سيادة ووحدة الأراضي الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأي طريقة لا تتمشى مع ميثاق الأمم المتحدة.
- نقد هذا التعريف:
أ- لا تكتمل عناصر جريمة العدوان إلا في حالة الاستخدام الفعلي للقوة المسلحة من جانب دولة ضد أخرى، وبالتالي فإن التهديد باستخدام القوة لا تعتبر عدوان.
ب- وفقاً لهذا التعريف فإن كافة الضغوط والتدخلات السياسية والاقتصادية والثقافية والمذهبية والتي لا تستخدم فيها القوة المسلحة لا ترقى إلى درجة العمل الفدائي. - وقد تم إعداد مذكرة تفسيرية تفسيرية توضح معنى الدولة الوارد في تعريف العدوان حيث يشمل مفهوم الدولة:
1- الدولة المعترف بها وغير المعترف بها ما دامت اختلفت عناصرها وفقاً للقانون الدولي، ويشمل الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأمم المتحدة ويستبعد من التعريف للجمعيات السياسية التي لا تشكل دولاً بالمعنى القانوني.
2- أن لفظ الدولة ينصرف إلى دولة واحدة أو مجموعة من الدول في الحالات التي يكون فيها العدوان جماعياً أو اشتركت فيه أكثر من دولة.
ويستنتج مما تقدم جريمة العدوان أخطر من جريمة الإرهاب حيث خصص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع حالات العدوان، وعند وقوع أي عمل منها فقط يمكن لمجلس الأمن أن يتخذ التدابير العسكرية وغير العسكرية على المستوى الدولي، لقمع العدوان وإعادة السلم إلى نصابه.
ثانياً: القرصنة
لما كانت البحار العالية لا تدخل في سلطان أية دولة من الدول فقد جرى العرف الدولي على أن تقوم كل دولة من جانبها بالسهر على صيانة الأمن فيها وذلك عن طريق تخويلها الاختصاص بضبط المجرمين، ومحاكمتهم وإنزال العقاب عليهم.
وعلى الرغم من أن هناك اختلافاً على تعريف القرصنة إلا أن هناك إجماعاً في الفقه الدولي على أن العمل يعد “قرصنة” إذا توافرت فيه العناصر التالية:
1- أن يكون من الأعمال الإجرامية.
2- أن ينطوي على استعمال العنف ضد الأشخاص أو ضد الأموال.
3- أن يتم بقصد تحقيق غنم شخصي أو أغراض خاصة.
4- أن يتم في البحار العالية.
- ولم تتضمن اتفاقية جنيف للبحار العالية تعريفاً محدداً للقرصنة، بل أوردت بعض الأفعال التي تعد من أعمال القرصنة ومنها:
1- أي عمل غير قانوني ينطوي على العنف أو النهب لتحقيق أغراض خاصة يقوم به طاقم السفينة الخاصة أو ركابها أو طاقم الطائرة أو ركابها ويكون موجهاً:
أ- ضد سفينة أو طائرة أخرى في البحار العالية.
ب- ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو أموال في مكان يقع خارج دائرة اختصاص أية دولة.
2- أي عمل يعد اشتراكاً اختيارياً في إدارة سفينة أو طائرة مع العلم بأن السفينة أو الطائرة تمارس القرصنة.
3- ما يتم عن عمد من أعمال التحريض أو التيسير للقيام بالأعمال المبينة في الحالتين السابقتين.
4- أعمال القرصنة والتي تكون بواسطة سفينة حربية أو سفينة حكومية أو طائرة حكومية تمرد طاقمها وتحكم في السيطرة عليها، ففي هذه الحالة تعد هذه الأعمال كأنها صادرة من سفينة خاصة.
5- تعد السفينة أو الطائرة ممارسة للقرصنة إذا كان الأشخاص الذين يسيطرون عليها فعلاً يهدفون إلى استعمالها بقصد ارتكاب عمل من أعمال القرصنة. - وفيما يتعلق بالقضاء على القرصنة تنص الاتفاقية على التزام جميع الدول بأن تتعاون إلى أقصى حد ممكن في قمع القرصنة في أعالي البحار أو أي مكان آخر خارج نطاق ولاية أي دولة ويمكن القول أن تعهد الدول بالتعاون إلى أقصى حد ممكن في قمع القرصنة هو التزام قد يعادل في بعض الحالات واجباً بالقبض على قرصان من القراصنة ومع ذلك ربما تتردد المحاكم الدولية من الناحية العملية في اعتبار دولة مسئولة عن انتهاك هذا الواجب لأن الحكم الوارد في الاتفاقية بما فيه من إبهام يمكن الدولة من أن تقدم أسباباً مقبولة لعدم قيامها بالقبض على قرصان في حالة فعلية.
وعلى الرغم من أن اتفاقية جنيف للبحار لم تعتبر القرصنة جريمة دولية إلا أن الاتفاقية جعلت من القرصنة عملاً محظوراً على المستوى الدولي، ولكن القانون الدولي لم يقرر المسئولية الجنائية للأفراد عن ارتكاب أفعال القرصنة، ومن ثم لا يجوز محاكمتهم أمام المحاكم الدولية وإنما أمام المحاكم الجنائية المحلية للدولة التي قامت بالقبض على القراصنة، فللدول في حالات القرصنة قضائية استثنائية في عرض البحر فيما لا يتعلق بالأشخاص الذين ليسوا من رعاياها.
ثالثاً: تجنيد المرتزقة
توصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد الاتفاقية الدولية لمناهضة المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم.
1- نطاق تطبيق الاتفاقية:
عرفت المادة الأولى من الاتفاقية المرتزق بأنه أي شخص:
أ- يجند خصيصاً محلياً أو في الخارج للقتال في نزاع مسلح.
ب- يكون دافعه في ذلك تحقيق مغنم شخصي.
ج- لا يكون من رعايا طرف في النزاع ولا من المقيمين في إقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع.
د- ليس من أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع.
هـ- لم تولد الدولة ليست طرفاً في النزاع في مهمة رسمية بصفته من أفراد قواتها المسلحة.
وكل شخص يجلد المرتزقة أو يستخدمهم أو يمولهم أو يدربهم يرتكب جريمة وفقاً لهذه الاتفاقية وكذلك إذا كان شريكاً لشخص يرتكب بأنه يشرع في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، ويشمل هذا الحظر الدول أيضاً وتتعاون الدول الأطراف في هذه الاتفاقية على منع هذه الجرائم واتخاذ جميع التدابير الممكنة في إقليمها لمنع التحضير لارتكاب هذه الجرائم داخل أقاليمها أو خارجها بما في ذلك الأنشطة غير المشروعة التي يمارسها الأشخاص والجماعات والمنظمات للتشجيع على ارتكاب هذه الجرائم أو التحريض عليها أو تنظيمها أو الاشتراك في ارتكابها.
2- الاختصاص القضائي:
ألزمت الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإقامة ولايتها القضائية على أي من الجرائم المذكورة والتي ارتكبت الجريمة في إقليمها أو على متن إحدى سفنها أو طائراتها المسجلة فيها وإذا ارتكبت الجريمة من أحد رعاياها أو من قبل الأشخاص عديمي الجنسية إذا اتخذوا محل إقامتهم المعتاد في إقليمها وأن تقوم بحبسه وفقاً لقوانينها أو تتخذ التدابير اللازمة لضمان وجوده الفترة اللازمة لإتاحة اتخاذ أية إجراءات جنائية أو إجراءات تسليمه وأن تجري تحقيقاً أولياً في الوقائع المتصلة بالجريمة، وتكفل الدولة التي جرت الجريمة في إقليمها المعاملة العادلة في جميع تلك المراحل والإجراءات وأن ترعى جميع الحقوق والضمانات المنصوص عليها في القانون الوطني للدولة وأن تراعي قواعد القانون الدولي في هذا المجال.
هذا، وقد ألزمت الاتفاقية الدولة الطرف التي يحاكم فيها الشخص المتهم بارتكاب الجريمة إبلاغ النتيجة النهائية لإجراءات المحاكمة وفقاً للقوانين المطبقة في إقليمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
3- التسليم:
اعتبرت الاتفاقية الجرائم الواردة فيها من الجرائم التي تستدعي تسليم المجرمين، وتتعهد الدول الأطراف بإدراج تلك الجرائم بوصفها جرائم تستدعي تسليم المجرمين في كل معاهدة لتسليم المجرمين تعقد بينها أما في حالة عدم وجود اتفاقية في هذا المجال بين الدول المعنية فإنه يجوز لها إذا شاءت أن تعتبر هذه الاتفاقية الأساس القانوني للتسليم فيما يتعلق بهذه الجرائم.
وعلى الدول الأطراف التي لا تجعل تسليم المجرمين رهناً بوجود معاهدة أن تعتبر هذه الجرائم من الجرائم التي تستدعي تسليم المجرمين فيما بينها مع مراعاة الشروط التي يقضي بها قانون الدولة التي يقدم إليها الطلب وتعامل الجرائم لغرض تسليم المجرمين بين الدول الأطراف وكأنها قد ارتكبت لا في المكان الذي وقعت فيه فحسب، بل أيضاً في أقاليم الدول المطلوب منها إقامة ولايتها القضائية.
اترك تعليقاً