جريمة تبوير الأرض الزراعية في أحكام القانون والقضاء المصري
الطعن 2988 لسنة 60 ق جلسة 8 / 9 / 1992 مكتب فني 43 ق 107 ص 707 جلسة 8 من سبتمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل ومحمد شعبان.
——————
(107)
الطعن رقم 2988 لسنة 60 القضائية
(1)تبوير أرض زراعية. جريمة “أركانها”. قانون. “تفسيره”.
مناط التأثيم في جريمة ترك الأرض الزراعية بغير زراعة لمدة سنة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 151 من القانون 53 لسنة 1966. هو أن يثبت توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها على الوجه والكيفية التي حددها قرار وزير الزراعة رقم 289 لسنة 1985. مفاد ذلك؟
جريمة ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر اختلافها عن الجريمة الأولى. ليس لها شروط معينة لعدم استنادها إلى تفويض تشريعي يبين أركانها. أساس ذلك؟
(2) حكم “بيانات التسبيب” “تسبيبه. تسبيب معيب”.
قضاء الحكم بالبراءة في جريمة التبوير دون استظهار ما إذا كانت هي الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 151 من القانون رقم 53 أم هي الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة السالفة. اضطراب وغموض يصمه بالقصور.
—————
1 – إن مناط التأثيم في جريمة ترك الأرض الزراعية غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة لها – وهي جريمة التبوير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 151 من القانون رقم 53 سنة 1966 – هو أن يثبت توافر صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها على الوجه وبالكيفية التي حددها قرار وزير الزراعة رقم 289 سنة 1985 – ذلك أن هذا القرار بما فوض فيه تشريعياً وعهد به بدوره إلى الإدارات الزراعية المختصة من حصر مساحة الأرض المتروكة وتاريخ آخر زراعة لها واسم الحائز المسئول عنها لإخطاره بصورة محضر إثبات الحالة وتكليفه بما يلزم لزراعة الأرض فوراً وتحديده احتساب سنة الترك من تاريخ الإخطار بمحضر إثبات الحالة يكون ناط بتلك الجهة الفنية التابعة لوزير الزراعة تقدير مدى توافر مقومات الصلاحية ومستلزمات الإنتاج أي تقدير توافر بعض أركان هذه الجريمة ويضحى ما أوجبه القرار بعد ذلك من إحالة المحضر المحرر عن الواقعة إلى النيابة العامة المختصة مرفقاً به محضر إثبات الحالة والإخطار المرسل للحائز قد حدد أيضاً وسيلة إثباتها بما يكشف عن أن ما تضمنه القرار الوزاري رقم 289 سنة 1985 يتعدى – بالنسبة لجريمة ترك الأرض الزراعية بغير زراعة لمدة سنة والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون الزراعة رقم 53 سنة 1966 – مرحلة تنظيم ضبط الجريمة إلى الفصل في توافر شروط التأثيم عليها – ولا كذلك القرار بالنسبة لما نص عليه في شأن جريمة ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 151 سالف الذكر، لأن ما نص عليه القرار الوزاري في شأن هذه الجريمة الأخيرة لا يستند إلى تفويض تشريعي في بيان بعض أركانها كالشأن في الجريمة الأولى.
2 – لما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في ثبوت الاتهام إلا أن حد ذلك أن تكون قد أحاطت بظروف الدعوى عن بصر وبصيرة، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف النيابة للتهمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 151 من القانون رقم 53 سنة 1966 قد قضى بالبراءة عنها لأسباب تتصل بجريمة ترك الأرض بغير زراعة والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المشار إليها – بما يكشف عن اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة وعدم الإحاطة بها وبحقيقة الفعل الذي ارتكبه المطعون ضده لاستظهار مدى توافر أركان إحدى صورتي الجريمة على السياق المتقدم – مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وأن تبدي رأيها فيما تثيره الطاعنة، وهو ما يعيب الحكم بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون – مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه وهو حائز لأرض زراعية ارتكب فعلاً من شأنه تبويرها، وطلبت عقابه بالمادتين 151، 155 من القانون 116 سنة 1983 ومحكمة جنح منوف قضت حضورياً ببراءة المتهم استأنفت النيابة العامة ومحكمة شبين الكوم الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض…… إلخ.
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة ارتكاب فعل من شأنه تبوير أرض زراعية استناداً إلى تخلف شرطي المدة والإنذار المنصوص عليهما في قرار وزير الزراعة 289 سنة 1985 قد أخطأ في تطبيق القانون، وذلك بأن المادة 151 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966. المعدلة بالقانون رقم 2 لسنة 1985 لم يشترط مضي سنة على وقوع الفعل الذي من شأنه تبوير الأرض الزراعية، كما وأن الإجراءات التي نص عليها قرار وزير الزراعة رقم 289 لسنة 1985 لا تعد عنصراً من عناصر الركن المادي لتلك الجريمة وإنما مجرد إجراءات لأحكام ضبطها. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه: وهو حائز لأرض زراعية ارتكب فعلاً من شأنه تبويرها وطلبت عقابه بالمادتين 151، 155 من القانون رقم 116 لسنة 1983 فقضى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بالبراءة استناداً إلى قوله “وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما أبلغ به وأثبته المشرف المختص من أن……. قام بتبوير قطعة أرض مساحتها 53 م2 والمبينة المعالم والحدود بمحضر المخالفة وذلك بدون ترخيص، وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدة التي نص عليها القانون 2 سنة 1985 المعدل لأحكام القانون 116 لسنة 1983 وهي مدة السنة التي يسبقها إنذار للمخالف بإزالة المخالفة طبقاً لقرار وزير الزراعة فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهم مما أسند إليه. عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية. لما كان ذلك، وكانت المادة 151 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 والتي استبدلها القانون رقم 2 لسنة 1985 قد نصت على أنه: “يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها ومستلزمات إنتاجها التي تحدد بقرار من وزير الزراعة. كما يحظر عليهم ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها”. كما نصت المادة 155 من القانون ذاته على أنه: “يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع المخالفة، وإذا كان المخالف هو المالك أو نائبه، وجب أن يتضمن الحكم الصادر بالإدانة تكليف الإدارة الزراعية المختصة بتأجير الأرض المتروكة لمن يتولى زراعتها……. وإذا كان المخالف هو المستأجر أو الحائز دون المالك وجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة إنهاء عقد الإيجار فيما يتعلق بالأرض المتروكة وردها للمالك لزراعتها وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبة. وإذ صدر قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 289 سنة 1985 بشأن التفويض الذي خولته له الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون الزراعة فنص على: –
مادة 1: – تتولى الإدارات الزراعية كل فيما يخصه حصر الأراضي المتروكة بوراً بغير زراعة وتثبت في محاضر إثبات حالة يبين بها اسم المالك والحائز أو النائب وحدود المساحة والحوض والناحية للأراضي موضوع المخالفة وتاريخ آخر زراعة لهذه الأرض ويخطر الحائز أياً كانت صفته بصورة من محضر إثبات الحالة مع تكليفه باتخاذ اللازم لزراعة الأرض فوراً. كما تتولى الإدارات المذكورة حصر الأراضي المرتكب عليها أية أفعال أو امتناع عن أداء أعمال من شأنها تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها وإخطار الحائزين لإزالة أسبابها خلال الأجل المناسب الذي يحدده مدير الإدارة الزراعية المختصة بما لا يجاوز خمسة عشر يوماً.
وفي هذه الحالة الأخيرة تتخذ إجراءات تحرير محضر المخالفة إذا لم يقم بإزالة أسبابها.
مادة 2: – إذا انقضت مدة سنة من تاريخ ترك الأرض بدون زراعة المبين في محضر إثبات المخالفة المنصوص عليه في المادة السابقة تعين على الإدارة الزراعية المختصة تحرير مخالفة طبقاً للمادتين 151، 155 من قانون الزراعة المشار إليه، ويحال المحضر إلى النيابة العامة المختصة وبه محضر إثبات الحالة والإخطار المرسل للحائز وفقاً لما تقدم، وتعد مديريات الزراعة المختصة بيانات بالمحاضر المحررة وفقاً للمادتين السابقتين تخطر به الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي في نهاية كل ثلاثة أشهر.
لما كان ذلك، فإن مناط التأثيم في جريمة ترك الأرض الزراعية غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة لها – وهي جريمة التبوير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 151 من القانون رقم 53 سنة 1966 – هو أن يثبت توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها على الوجه وبالكيفية التي حددها قرار وزير الزراعة رقم 289 سنة 1985 – ذلك أن هذا القرار فوض فيه تشريعياً وعهد به بدوره إلى الإدارات الزراعية المختصة من حصر مساحة الأرض المتروكة وتاريخ آخر زراعة لها واسم الحائز المسئول عنها لإخطاره بصورة محضر إثبات الحالة وتكليفه بما يلزم لزراعة الأرض فوراً وتحديده احتساب سنة الترك من تاريخ الإخطار بمحضر إثبات الحالة يكون قد ناط بتلك الجهة الفنية التابعة لوزير الزراعة تقدير مدى توافر مقومات الصلاحية ومستلزمات الإنتاج أي تقدير توافر بعض أركان هذه الجريمة ويضحى ما أوجبه القرار بعد ذلك من إحالة المحضر المحرر عن الواقعة إلى النيابة العامة المختصة مرفقاً به محضر إثبات الحالة والإخطار المرسل للحائز قد حدد أيضاً وسيلة إثباتها بما يكشف عن أن ما تضمنه القرار الوزاري رقم 289 سنة 1985 يتعدى – بالنسبة لجريمة ترك الأرض الزراعية بغير زراعة لمدة سنة والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون الزراعة رقم 53 سنة 1966 – مرحلة تنظيم ضبط الجريمة إلى الفصل في توافر شروط التأثيم عليها – ولا كذلك القرار بالنسبة لما نص عليه في شأن جريمة ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 151 سالف الذكر، لأن ما نص عليه القرار الوزاري في شأن هذه الجريمة الأخيرة لا يستند إلى تفويض تشريعي في بيان بعض أركانها كالشأن في الجريمة الأولى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في ثبوت الاتهام إلا أن حد ذلك أن تكون قد أحاطت بظروف الدعوى عن بصر وبصيرة، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف النيابة للتهمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 151 من القانون رقم 53 سنة 1966 قد قضى بالبراءة عنها لأسباب تتصل بجريمة ترك الأرض بغير زراعة والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المشار إليها – بما يكشف عن اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة وعدم الإحاطة بها وبحقيقة الفعل الذي ارتكبه المطعون ضده لاستظهار مدى توافر أركان إحدى صورتي الجريمة على السياق المتقدم – مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وأن تبدي رأيها فيما تثيره الطاعنة، وهو ما يعيب الحكم بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون – مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً