تساند الأدلة في المواد الجنائية وفقاً للقانون المصري
الطعن 15766 لسنة 60 ق جلسة 7 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 71 ص 485 جلسة 7 من مايو 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
————–
(71)
الطعن رقم 15766 لسنة 60 القضائية
(1) نقض “أسباب الطعن. إيداعها”. محكمة النقض “حقها في الرجوع عن أحكامها”.
حق محكمة النقض الرجوع عن حكمها بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم تقديم أسباب له. متى تبين لها أن الأسباب قدمت ولم تعرض عليها.
(2)دفوع “الدفع ببطلان التفتيش”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(3)دستور “تفسيره”. تفتيش “تفتيش المساكن” “التفتيش بإذن”. إجراءات “إجراءات التحقيق”. قانون. “تفسيره”. إثبات “بوجه عام”. نقض “حالات الطعن. الخطأ في القانون”.
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون. أساس ذلك ومؤداه؟
دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم، لا يعد تفتيشاً. هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد.
التفتيش. إجراء من إجراءات التحقيق. مقصوده: البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها. ضرورة صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه.
تعويل الحكم على الدليل المستمد من تفتيش مسكن الطاعن رغم عدم صدور إذن من الجهة المختصة بذلك. خطأ في القانون يجوز التمسك به لأول مرة أمام النقض. متى كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته.
(4) إثبات “بوجه عام”.
تساند الأدلة في المواد الجنائية مؤداه؟
——————
1 – لما كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة…… بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم أسباباً لطعنه غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة الزقازيق الكلية ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن – على ما هو ثابت من مذكرة رئيس القلم الجنائي المرفقة – لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة…… بالنسبة للطاعن.
2 – لما كان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان.
3 – لما كان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن “للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون” وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب. وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مدوناته على السياق المتقدم – أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن – من بين ما عول عليه – على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى ومن ثم فإنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته – على السياق المتقدم – ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون الذي يبطله ويوجب نقضه.
4 – الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن. أولاً: قلد – وآخر سبق محاكمته – عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر هي الأوراق المالية المضبوطة المقلدة من فئة العشرين جنيهاً مصرياً بأن اصطنعها على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بقصد ترويجها. – ثانياً: شرع وآخر سبق محاكمته في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر وهي الأوراق المالية المضبوطة المقلدة من فئة العشرين جنيهاً مصرياً بأن اصطنعها على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بقصد ترويجها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه قبل إتمام عملية التقليد. ثالثاً: حاز – وآخر سبق محاكمته – بقصد الترويج الأوراق المالية المضبوطة المقلدة، المبينة بالتهمة الأولى مع علمه بأمر تقليدها. رابعاً: حاز بغير مسوغ أدوات مما تستعمل في تقليد الأوراق المالية المضبوطة سالفة الذكر وذلك على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 5 من يونيه سنة 1990 عملاً بالمواد 202، 203، 204 مكرراً ب من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه ومصادرة الماكينة والأوراق المقلدة والمزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في…… وهذه المحكمة قضت بعدم قبول الطعن شكلاً وفي 16 من نوفمبر سنة 1991 وردت أسباب الطعن من محكمة الزقازيق الكلية موقعة من المحامي…… وكانت قد أودعت بتاريخ……. وتحدد لنظر الطعن جلسة اليوم.
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة…. 1991 بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم أسباباً لطعنه غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة الزقازيق الكلية ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن – على ما هو ثابت من مذكرة رئيس القلم الجنائي المرفقة – لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة…… بالنسبة للطاعن.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي تقليد عملات ورقية محلية وحيازة أدوات مما تستعمل في التقليد بغير مسوغ، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك لأنه دفع ببطلان تفتيش مسكنه لعدم صدور إذن به من النيابة العامة وأن أمرها انصب فقط على ضبطه وإحضاره وأن هذا الأمر لا يبرر تفتيش مسكنه إلا أن المحكمة سوغت التفتيش. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أسس دفعه ببطلان تفتيش مسكنه لكونه يقع بمدينة أخرى، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله: “دلت التحريات السرية التي قام بها النقيب…… رئيس وحدة مباحث قسم أول المنصورة على أن…….. الذي صدر أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله لانقضائها بوفاته يقوم بتقليد وتزييف الورقة المالية فئة العشرين جنيهاً ويقوم بترويجها بمدينة الزقازيق مستخدماً السيارة رقم……. – ملاكي القاهرة فاتصل بالمقدم……. رئيس قسم الأموال العامة بالزقازيق وأفضى إليه بما أسفرت عنه تحرياته وبناء على هذه التحريات قام باستصدار إذن من النيابة العامة بضبط المتهم سالف الذكر وتفتيش السيارة.
وبناء على هذا الإذن قام بالاشتراك مع المقدم……. لضبطه وضبط السيارة أثناء تواجده بمدينة الزقازيق وبجوار المتهم…… وعثر مع المتهم…… على ورقة في حجم الفلوسكاب مصور عليها أربعة ورقات مالية من فئة العشرين جنيهاً وقسائم بيع ماكينة تصوير مستندات وأدوات وأوراق كتابية وبتفتيش السيارة عثر على خمسة عشر ورقة في حجم الفلوسكاب مصور على كل منها أربعة ورقات مالية من فئة العشرين جنيهاً المصرية ذات الطبعة الصغيرة، وبسؤال المتهم……. اعترف بالتهمة المسندة إليه وقرر بأنه اتفق مع المتهم……. على تقليد الأوراق – المضبوطة بالاتفاق مع المتهم…….. – الطاعن – من القنطرة غرب الذي قام بشراء ماكينة التصوير وأدوات وآلات التصوير وتم لهم تصوير بعض الأوراق المالية فئة العشرين جنيهاً الطبعة الصغيرة وبناء على هذه الوقائع أصدرت النيابة العامة قرارها بضبط المتهم…… وما يحوزه من أدوات مستخدمة في تصوير العملات الورقية وتنفيذاً لهذا الأمر قام الرائد…….. وكيل قسم مكافحة الأموال العامة وبرفقته النقيب……. ضباط مباحث قسم أول الزقازيق بالانتقال إلى مسكن المتهم…… بإرشاد المتهم….. و….. بناحية القنطرة غرب وتم ضبط المتهم وضبط بحجرة بمسكنه على ماكينة تصوير مستندات وأدوات للتصوير والتلوين وأوراق مصور عليها صورة ضوئية للورقة المالية فئة العشرين جنيهاً وعدد 38 ثمانية وثلاثون ورقة مالية مزورة فئة العشرين جنيهاً ذات الطبعة الصغيرة وكاملة التقليد ومعدة للترويج وتبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وجود تشابه بين هذه الأوراق والأوراق مثيلتها الصحيحة بحيث يمكن أن ينخدع بها بعض الناس”. ثم أورد الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة في حق الطاعن – على السياق المتقدم – أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ومن ضبط الأوراق المزيفة والآلات والأدوات التي تستعمل في التزييف لديه. لما كان ذلك، وكان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن “للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون” وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مدوناته على السياق المتقدم – أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن – من بين ما عول عليه – على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى ومن ثم فإنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته – على السياق المتقدم – ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون الذي يبطله ويوجب نقضه ولا يمنع من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى. إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم. فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة للتعرض لباقي أوجه الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً