جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي – القانون المصري
الطعن 20622 لسنة 60 ق جلسة 5 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 69 ص 469 جلسة 5 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة فريد عوض وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر.
—————-
(69)
الطعن رقم 20622 لسنة 60 القضائية
(1) تزوير “أوراق رسمية”. جريمة “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
إيراد الحكم قيام الطاعن بتغيير بيانات وأرقام قاعدة ومحرك السيارة المستهلكة بأرقام السيارة المسروقة وتقدمه بها إلى المهندس الفني بطلب فحص فني واعتمده له بناء على الأرقام المغايرة ثم إفراغه تلك البيانات في الرخصة. كفايته في بيان طريقة ارتكاب التزوير.
(2)تزوير “أوراق رسمية”. اشتراك. إثبات “بوجه عام”.
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام سائغاً.
(3)إثبات “خبرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي. عدم جواز مجادلة المحكمة في ذلك أو مصادرة عقيدتها فيه أمام النقض.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب إعادة المأمورية للخبير. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(4)حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
خطأ الحكم في التحصيل. لا يقدح في سلامته. ما دام لم يكن له أثر في عقيدة المحكمة.
العبرة في الحكم بالمعاني. لا بالألفاظ والمباني.
مثال:
(5)إثبات “شهود”. حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم. متى حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه. عدم إيراده لهذه التفصيلات. مفاده: إطراحها.
(6) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل” نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير الأدلة. موضوعي.
حق المحكمة تجزئة أقوال الشاهد والمواءمة بين ما أخذته عنه وبين باقي الأدلة.
إسقاط الحكم بعض أقوال الشاهد. مفاده: إطراحه لها.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز إثارته أمام النقض.
(7)إجراءات “إجراءات التحقيق” “إجراءات المحاكمة”. نقض “أسباب الطعن.. ما لا يقبل منها”.
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
(8)نقض “أسباب الطعن. تحديدها”.
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(9)إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. “أركانها”. قصد جنائي. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تحدث الحكم صراحة عن ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة. غير لازم. شرط ذلك؟
(10)تزوير “أوراق رسمية”. اشتراك. إخفاء أشياء مسروقة. عقوبة “العقوبة المبررة”. نقض “المصلحة في الطعن”.
انتفاء مصلحة الطاعن في المنازعة في قيام ركن العلم في جريمة إخفاء المسروقات في جانبه. ما دامت المحكمة قد عاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي عملاً بالمادة 32 عقوبات.
—————–
1 – لما كان ما أورده الحكم من أن الطاعن قام بتغيير بيانات وأرقام قاعدة ومحرك السيارة المستهلكة التي كان لها أوراقها ومستنداتها الخاصة بها بأرقام السيارة المسروقة موضوع هذا الطعن بأن تقدم للمهندس الفني المختص بطلب فحص فني فاعتمد الطلب بناء على الأرقام المغايرة وعليه تم إفراغ تلك الأرقام بالرخصة، كافياً في بيان الطريقة التي اتبعت في ارتكاب التزوير.
2 – من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
3 – من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير مصلحة الأدلة الجنائية واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعن قام بتغيير أرقام قاعدة ومحرك السيارة المسروقة بأرقام مغايرة لسيارة قديمة اشتراها لهذا الغرض، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب إعادة فحص السيارة بمعرفة مصلحة الأدلة الجنائية ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن.
4 – لا يقدح في سلامة الحكم ما سطره في مقام بيان ذات الفعل الذي ارتكبه المتهم إذ أن استبدال أرقام قاعدة ومحرك السيارة يتلازم وعبارة تغيير أرقامهما إذ أن عبارة الاستبدال أو التغيير تنصرف إلى الأرقام المثبتة على الشاسية والموتور لا إلى استبدال أو تغيير ذات الأجزاء برمتها بما تنحصر معه عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل ومن ثم لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة التي تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمباني طالما كان المعنى المقصود منها هو الاستبدال أو التغيير لذات الأرقام، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
5 – لا يعيب الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة ما دام قد حصل أقوالهم بما لا خلاف فيه ولم يورد هذه التفصيلات ولم يستند إليها في تكوين عقيدته، إذ عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات يفيد إطراحها.
6 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين باقي الأدلة فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهد ما يفيد إطراحها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
7 – لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إثبات مضمون المحرر المزور لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة الجنائية أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها، ومن ثم يضحى منعى الطاعن بهذا الخصوص غير مقبول.
8 – من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
9 – لا يشترط أن يتحدث الحكم عن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره في حق الطاعن.
10 – لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن عدم قيام ركن العلم في جريمة إخفاء المسروقات ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في تزوير محررين رسميين التي أثبتها الحكم في حقه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسني النية هما (……. المهندس الفني المختص بفحص السيارات بإدارة مرور….. و…… المختص بتحرير رخص السيارات النقل بذات الجهة سالفة الذكر) في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما استمارة طلب الفحص الفني ورخصة تسيير السيارة رقم….. نقل…… وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن مثل أمام الموظف الأول حسن النية وقدم له الطلب سالف البيان والسيارة المراد فحصها بعد أن استبدل الموتور والشاسية اللذان يحملان الأرقام الأصلية بآخرين يحملان أرقام مغايرة مخالفاً بذلك الحقيقة الثابتة بالملف الأصلي للسيارة فأثبت الموظف العمومي ذلك بالطلب بعد فحصها فنياً ثم قدم الطلب للموظف العمومي الثاني حسن النية الذي أفرغ بيانات الطلب برخصة السيارة فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. ثانياً: استعمل الرخصة المزورة موضوع التهمة الأولى مع علمه بتزويرها بأن قدمها ل…….. عند ابتياع الأخير للسيارة على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: – قام بإخفاء السيارة رقم…… نقل القاهرة والمتحصلة من جنحة السرقة المحرر عنها المحضر رقم….. لسنة……. جنح الساحل مع علمه بذلك. رابعاً: تعمد إثبات بيانات غير صحيحة في أحد الطلبات المنصوص عليها بقانون المرور (طلب الفحص الفني للسيارات) بأن أثبت رقمي موتور وشاسيه السيارة رقم…… نقل القليوبية على وجه مخالف للحقيقة، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه (مالك السيارة) مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً……. عملاً بالمواد 40/ 3، 41/ 1، 44 مكرراً (1)، 213، 214 من قانون العقوبات والمادتين 10، 75/ 6 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل والمواد، 223، 229، 241، 242 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض……. إلخ.
المحكمة
إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الاشتراك مع موظفين عموميين حسني النية في تزوير محررين رسميين واستعمالهما وإخفائه سيارة متحصلة من جريمة سرقة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أنه لم يستظهر الأركان القانونية لجريمة التزوير، إذ لم يبين الطريقة التي اتبعت في تزوير بيانات المحرك والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن، وأطرح طلبه بندب خبير أخر لإعادة فحص قاعدة ومحرك السيارة على ضوء ما قرر به المهندس الفني من أنه لم يقم بتغيير بياناتهم وأن السيارة موضوع الجريمة ليست هي سيارة المدعي بالحقوق المدنية، وحصل الحكم الواقعة على أن الطاعن قام باستبدال قاعدة ومحرك السيارة بينما حصل أقوال الطاعن على أنه قام بتغيير بياناتهما بما يشوبه بالتناقض رغم أن أقواله تنصرف إلى القاعدة دون المحرك، كما اجتزأ الحكم أقوال المهندس الفني بما يحيدها عن مدلولها ولم يورد ما قاله بشأن سلامة أرقام القاعدة والمحرك ومطابقتها لما قدم له من أوراق وعدم ملاحظته للحامات أو معالجة كيماوية وخلت تحقيقات النيابة وكذا الحكم من إثبات فحوى المحرر المزور وعناصر تزويره، كما لم يستظهر ركن العلم بأن السيارة متحصلة من جريمة سرقة برغم أن دفاعه انبنى على انتفاء علمه، وهذا جميعه يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة بما مجمله أن الطاعن اشترى السيارة موضوع الطعن من قائدها الذي كان يعمل لدى مالكها فلما طرده من خدمته سرقها وباعها للطاعن دون أي مستندات وقام الطاعن بشراء سيارة أخرى مستهلكة وقام بتغيير رقم القاعدة والمحرك الخاصين بالسيارة الأصلية بما يتفق وأوراق السيارة المستهلكة ثم اشترك مع موظفين عموميين حسني النية يعملان بإدارة مرور القليوبية في تزوير بيانات استمارة طلب الفحص الفني ورخصة تسيير السيارة بأن قدم طلب الفحص للمهندس الفني بعد استبدال أرقام القاعدة والمحرك الخاصين بالسيارة المستهلكة اللذين يحملان أرقام السيارة المسروقة فقام المهندس المختص بإجراء الفحص وقدمه الطاعن للمختص بتحرير الرخص فأفرغ بيانات الطلب بالنموذج المعد للرخصة التي صدرت له بناء على هذه الإجراءات ثم قام الطاعن ببيع السيارة لأخر بموجب رخصة التسيير السالفة حيث تمكن مالكها من العثور عليها بعد ذلك. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه والموظف المختص بتحرير الرخص بمرور…… والمهندس الفني بتلك الإدارة ومشتري السيارة بعد تزوير رخصة تسييرها – ومن تقرير إدارة المعمل الجنائي واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن قام بتغيير بيانات وأرقام قاعدة ومحرك السيارة المستهلكة التي كان لها أوراقها ومستنداتها الخاصة بها بأرقام السيارة المسروقة موضوع هذا الطعن بأن تقدم للمهندس الفني المختص بطلب فحص فني فاعتمد الطلب بناء على الأرقام المغايرة وعليه تم إفراغ تلك الأرقام بالرخصة، كافياً في بيان الطريقة التي اتبعت في ارتكاب التزوير، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعن في تزوير بيانات طلب الفحص الفني ورخصة تسيير السيارة فإن منازعة الطاعن في استبدال القاعدة والمحرك أو في تغيير بياناتهما وأوراقهما لا يكون له محل طالما أنه لا يماري في أن ما أثبت بطلب الفحص الفني والرخصة هي بيانات وأرقام مغايرة لأرقام السيارة المسروقة وأنها بيانات غير حقيقية، وكان ما أورده الحكم – فيما سلف بيانه – سائغاً في التدليل على اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد فحوى تقرير إدارة المعمل الجنائي من وجود آثار إزالة ميكانيكية بموضع الترقيم الأصلي بالشاسية وما تكشف من وجود معالجة كيماوية للأرقام ووجود آثار احتكاكات على المسامير المثبتة للوحة دلالة على سابق رفعها، كما تبين أن مفردات الأرقام المدونة على الموتور غير منتظمة وبأرقام محلية. عرض لطلب ندب مصلحة الأدلة الجنائية لإعادة فحص شاسية السيارة وأطرحه بقوله: “وحيث إنه ما أثاره مدافع المتهم القصد منه تشكيك المحكمة فيما اقتنعت به من أدلة الثبوت فقد اعترف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بأنه أجرى تغيير أرقام الشاسية والموتور واستبدلها بأرقام أخرى لسيارة قديمة وتقدم بأوراق الفحص وتم فحصها واستخراج رخصة تسيير السيارة حاصلة تلك الأرقام ولا محل لندب مصلحة الأدلة الجنائية إزاء التقرير الفني المقدم في الدعوى والتي اطمأنت إليه المحكمة”، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد أطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير مصلحة الأدلة الجنائية واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعن قام بتغيير أرقام قاعدة ومحرك السيارة المسروقة بأرقام مغايرة لسيارة قديمة اشتراها لهذا الغرض، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب إعادة فحص السيارة بمعرفة مصلحة الأدلة الجنائية ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم ما سطره في مقام بيان ذات الفعل الذي ارتكبه المتهم إذ أن استبدال أرقام قاعدة ومحرك السيارة يتلازم وعبارة تغيير أرقامهما، إذ أن عبارة الاستبدال أو التغيير تنصرف إلى الأرقام المثبتة على الشاسية والموتور لا إلى استبدال أو تغيير ذات الأجزاء برمتها بما تنحصر معه عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل ومن ثم لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة التي تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمباني طالما كان المعنى المقصود منها هو الاستبدال أو التغيير لذات الأرقام، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة ما دام قد حصل أقوالهم بما لا خلاف فيه ولم يورد هذه التفصيلات ولم يستند إليها في تكوين عقيدته، إذ عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات يفيد إطراحها، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين باقي الأدلة فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهد ما يفيد إطراحها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إثبات مضمون المحرر المزور لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة الجنائية أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها، ومن ثم يضحى منعى الطاعن بهذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين المحرر الذي عاب على الحكم عدم التعرض له وإثبات مضمونه – وهل هو طلب الفحص الفني أو رخصة التيسير – وماهيته البيانات التي كان يتعين إثباتها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة. وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن السيارة التي أخفاها الطاعن متحصلة من جريمة سرقة، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة الجنائية أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عن انتفاء علم الطاعن بسرقة السيارة، وكان لا يشترط أن يتحدث الحكم عن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره في حق الطاعن. كما أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن عدم قيام ركن العلم في جريمة إخفاء المسروقات ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في تزوير محررين رسميين التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً