شرح توضيحي لقانون العقوبات المصري
1.تعريف قانون العقوبات-القسم الخاص :
ينقسم القانون الجنائي بمعناه الضيق إلي قسمين أساسين:
قانون العقوبات -القسم العام وقانون العقوبات -القسم الخاص.
القسم العام من قانون العقوبات يعبر عن مجموعة الأحكام العامة التي تنظم سريان وتطبيق النصوص الجزائية الخاصة. القانون رقم 74 لسنة 1936 يشتمل على هذه الأحكام في الباب الأول من المادة 1 إلى المادة 48. القسم العام من قانون العقوبات يحتوي علي مجموعة الأحكام العامة التي تحدد تطبيق النصوص الجزائية (قانون عقوبات/قسم خاص) من حيث الزمان والمكان و تعاريف بعض المصطلحات التي تشير إليها هذه النصوص و قواعد اللامشروعية الجنائية و المسؤولية الجنائية وأشكال ظهور الجريمة (الشروع والاشتراك و التعدد) والقواعد التي تتعلق بالعقوبة (معنى العقوبة وأنواعها، تخفيفها وتشديدها وتعددها الخ) وموانع العقاب.
أما بالنسبة لقانون العقوبات/القسم الخاص فيعبر عن مجموعة النصوص الجزائية التي تبين لنا الأركان المكونة لكل جريمة علي حدة والآثار العقابية القانونية التي تترتب علي تحقيق هذه الأركان (العقوبة).
الظاهرة الجنائية تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية تتمثل بالمصلحة القانونية والجريمة والعقوبة. مواد قانون العقوبات/القسم الخاص تشتمل على هذه العناصر الثلاثة التي تشكل بنية وجوهر كل مادة أو نص من النصوص الجزائية الخاصة. رغم اختلاف موضوع البحث والدراسة لكل من قانون العقوبات العام وقانون العقوبات القسم الخاص إلا أن كل منهما لا يمكن أن يتجاهل أو يستقل بدراسة موضوعه بعزلة عن الآخر فقانون العقوبات القسم العام يلجأ حتماً وباستمرار إلى النصوص الجزائية الخاصة كي يرصد الأخطاء في تركيبتها، أما بالنسبة لوصف الجريمة فهي موضوع يرجع من اختصاص القسم الخاص من قانون العقوبات. النجاح في تحليل أركان الجرائم كل على حدة يعتمد علي مدى قدرتنا على تحليل المادة الجزائية و إرجاعها إلى عناصرها الثلاثة الرئيسية المكونة لها. نقطة البداية لهذه العملية التحليلية تنطلق من تحديد ماهية المصلحة القانونية التي نهدف إلى حمايتها، لأنه بدون تحديد هذه المصلحة لن تستطيع إخضاع الوقائع وتكييفها بشكل قانوني صحيح. كذلك تحديد المصلحة القانونية يساهم في إخضاع مجموعة جرائم معينة إلى فئة واحدة تحمي مصلحة قانونية أساسية ومركزية.
مثـــال :
المصلحة القانونية التي تتعلق بالحفاظ علي الحرية الشخصية. تحديد هذه المصلحة يؤدي إلى إخضاع جميع الجرائم التي ترتكب ضد الحرية الشخصية إلى فئة واحدة من الجرائم. (المواد من 252 إلى 262 من قانون العقوبات 1973).
القسم الخاص من قانون العقوبات يعمل على دراسة تحليلية تفصيلية لأركان الجريمة، والسؤال الذي نطرحه ما هي الفائدة من دراسة أركان كل جريمة على حدة ؟
بالطبع لا يمكن أن نشكك بأن الأركان العامة لكل جريمة هي واحدة و بالتالي كل جريمة تتكون من الركن المادي والركن المعنوي والركن الشرعي( في بعض التشريعات التي تشترطه لأن التشريعات الأوروبية تعتبر الركن الشرعي بديهي منذ اللحظة التي يجرم فيها الفعل و يدون في القسم الخاص من قانون العقوبات أو قوانين العقوبات الخاصة)، لكن الاختلاف يتضح عند الشروع في تحليل وتفصيل الأركان لكل جريمة على حدة.
على سبيل المثال المصطلحات التي نستعملها لوصف جريمة السرقة تختلف عن تلك التي تتعلق بجريمة القتل أو الخطف أو الرشوة الخ.
نقاط الاختلاف تصبح أكثر وضوحا عندما ندقق في عناصر الركن المادي لجريمة ما وعناصر الركن المعنوي. انتزاع ملكية الغير كفعل إجرامي يعبر عن الركن المادي لجريمة السرقة ويختلف عن إزهاق الروح الذي يعبر عن الركن المادي لجريمة القتل.
كذلك نية التملك في جريمة السرقة التي تعبر عن الركن المعنوي تختلف عن نية إزهاق الروح في جريمة القتل والفعل (أو الامتناع) الذي يدل على تحقيق الركن المعنوي يختلف في كلتا الجريمتين.
وفقا لما سبق تتضح أهمية وضرورة تحليل وتفصيل الجرائم كل على حدة في أركانها المادية والمعنوية. التحليل التفصيلي لكل جريمة على حدة يشكل أحد أهم الميزات التي يتصف بها القسم الخاص من قانون العقوبات وهذا ما يميزه عن القسم العام الذي لا ينشغل بمثل هذه الدراسات التحليلية. أيضا في القسم الخاص من قانون العقوبات نقوم بدراسة النتائج المترتبة على الجرائم وتحقيق أركانها المادية والمعنوية بشكل نهائي.
نستنتج مما سبق أن القسم العام والقسم الخاص من قانون العقوبات يعبران عن وحدة متلازمة ولا يمكن التسليم أو القبول باستقلاليتهما عن بعضهما البعض. القسم العام يحدد القواعد العامة التي تنظم نصوص القسم الخاص وكيفية تطبيقها من ناحية عملية ،أما القسم الخاص بدوره فيعمل على الالتزام بتنظيم أركان الجرائم التي يشتمل عليها وفقا لأحكام القسم العام من قانون العقوبات.
2. القسم الخاص ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات :
تعمل جميع التشريعات الجنائية المعاصرة على تبني مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في قسم الأحكام العامة (القسم العام من قانون العقوبات) وذلك من خلال النص عليه وتدوينه بصورة صريحة ومكتوبة ضماناً لشرعية عمل القضاء وملاحقة الأفعال التي يجرمها القانون.
القانون وبشكل صريح و مكتوب يفرض فقط تلك العقوبة التي ينص عليها كرد على اقتراف جريمة معينة يعمل على تدوينها مسبقا في القسم الخاص. بذلك نرى مدى أهمية هذا المبدأ بالنسبة للقسم الخاص من قانون العقوبات الذي يعتبر بمثابة الأساس الذي يقوم عليه.
3.مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات :
القسم الخاص من قانون العقوبات يشتمل علي الجرائم التي تحدد الأفعال التي يجرمها القانون وينهى أو يأمر بفعلها. كذلك الأمر هذه النصوص من القسم الخاص هي التي تحدد العقوبات التي يفرضها القضاء رداً علي اقتراف الجرائم المنصوص عليها وبالتالي مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يعتبر بمثابة ضمان رئيسي لحرية المواطن والحفاظ علي حقوقه ويشكل سداً منيعاً أمام مجال نشاط السلطة القضائية أثناء ملاحقة الجرائم القانونية وفرضها العقوبات الشرعية ويضمن رسم إطار قانوني لأجهزة الدولة المختصة أثناء تطبيقها النصوص الجزائية الخاصة ارتكازا إلى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
القسم الخاص من قانون العقوبات يتميز بصفة التغيير وفقا لقاعدة نسبية عناصر الظاهر الجنائية التي نتحدث عنها في القسم العام من قانون العقوبات حيث أن المصلحة القانونية تتطور وهذا يؤدي إلى تطور الجريمة مما يلزم المشرع الجنائي بإدخال تعديلات علي النصوص الجزائية الخاصة كي يتمكن من حماية المصلحة القانونية التي تتطور والرد عليها بعقوبة تتماشى مع هذا التطور. بالطبع يشتمل القسم الخاص من قانون العقوبات أيضا على فئة من جرائم محددة تهدف إلى حماية مصالح قانونية هي بطبيعتها ثابتة وغير قابلة للتغيير أو التطور مثل حماية سلامة جسد الإنسان والحفاظ علي حياته.
اترك تعليقاً