المقصد القانوني لمفهومي الإضرار والخطأ في القانون الأردني

المقصد القانوني لمفهومي الإضرار والخطأ في القانون الأردني

راي أحمدالبدوي

رغم وضوح القانون المدني الاردني والمذكرات الايضاحية للقانون على التفريق بين فكرة الخطا وفكرة الاضرار بشكل شاسع الا ان القضاء احياناً يخلط ما بين فكرة الخطا وفكرة الاضرار على اساس انهما متردافات.

اولاً : موقف محكمة التمييز :
قد خالف موقف محكمة التمييز كل التوقعات وجاء مخالفاً بشكل غير مقبول لنص القانون حيث اشترطت بعض قرارت محكمة التمييز وجود خطأ في الفعل حتى تقوم المسؤولية عن الفعل الضار ويرى جانب من الفقه أن موقف محكمة التمييز هذا غير سليم ويعبر عن خطأ في فهم المادة ( 256 ) التي أقامت المسؤولية دون أي شروط ، والمشكلة تظهر في بعض قرارت محكمة التمييز هنا مثلاً لمحكمة التمييز قرار

من قانون الضمان الاجتماعي ان التعويضات التي يجوز للمستحقين أو لورثة العامل المتوفى المطالبة بها فيما إذا أثبت أن هذه الوفاة قد نشأت عن خطأ جسيم من صاحب العمل وبالتالي فإن مصدر التزام صاحب العمل اتجاه المستحقين هو قانون الضمان الاجتماعي إذا كان العامل مشمولاً بأحكام قانون الضمان في حال الخطأ الجسيم. 2. ان مصدر التزام رب العمل في المادة (89) من قانون العمل فهو في حال ثبوت الخطأ العادي من قبله ….( تمييز حقوق 3300/2006) أي أن من حق العامل تأسيس مطالبته على أساس المسؤولية التقصيرية أي خطأ صاحب العمل وفق أحكام المواد (256و257و266و267) من القانون المدني، وبالتالي وإن كانت إصابة العمل هي سبب في المطالبة فإن ذلك لا يعني المطالبة بحقوق عمالية ولا يحول دون المطالبة بحقوق مصدرها قانون آخر. وحيث أن الثابت في أوراق الدعوى أن المدعي كان يعمل لدى المدعى عليها شركة عمون للصيانة والتعهدات في المشروع العائد للقصور الملكية الهاشمية العامرة برقش ويدعي أنه بتاريخ 6/12/2004 وأثناء صعوده على السلم المثبت على أحد المباني وبسبب تماس كهربائي بالسلم سقط على الأرض وأصيب في أنحاء مختلفة من جسمه واحتصل على تقرير طبي بذلك وتقرير عن اللجنة الطبية اللوائية حدد نسبة العجز المتخلفة لديه وطبيعة الإصابات. وأن المدعي تقدم بهذه الدعوى للمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه أي أنه أسس مطالبته على أحكام المسؤولية التقصيرية وفق أحكام المواد (256و266و267) من القانون المدني وليس على أحكام المادة (90) من قانون العمل ومما يجعل الاختصاص في نظر هذه الدعوى ينعقد لمحكمة بداية الحقوق في إربد وليس لمحكمة صلح حقوق الكورة.

ثانياً التعليق على قرار محكمة التمييز المؤقرة :

أ) : نلاحظ من خلال القرار ان المحكم خلطت ما بين فكرة الاضرار وفكرة الخطأ على اساس انهما مترادفات في الفقرة مثلاً “….) أي أن من حق العامل تأسيس مطالبته على أساس المسؤولية التقصيرية أي خطأ صاحب العمل وفق أحكام المواد (256و257و266و267) من القانون المدني،….”

وهنا ايضاً “… وأن المدعي تقدم بهذه الدعوى للمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه أي أنه أسس مطالبته على أحكام المسؤولية التقصيرية وفق أحكام المواد (256و266و267) من القانون المدني ..”

والصحيح ان هذا الاستخدام غير موفق من قبل المحكمة المؤقرة لان فكرة الاضرار تختلف اختلاف كلياً عن فكرة الخطأ ..كأساس لبناء المسؤولية ، فان القانون المدني الاردني كان واضح وصريح باخذه بفكرة الاضرار وليس خطأ كم هو مبين في متن المادة 256 الذي تستشهد بها المحكمة بالنص على المواد في تكييف القرار .

ب ): يظهر قرار المحكمة متأثراً بالقانون المصري والقانون الفرنسي عندما اخذ بفكرة الخطأ ولا يظهر ان القرار يستند الى القانون المدني الاردني .

ج):المشكلة تظهر بان القضاء يتجه الى اقامة المسؤولية على الخطأ في عدد من القرارات القضائية على اساس انه استقرار وهذا غير محبذ والاجدر ان يكون القرار القضائي مستند الى القانون الوطني الا وهو القانون المدني الاردني فمثلاً انظر في هذه القرارات قرار محكمة التمييز الاردنية (حقوق) رقم 2601/2008 (هيئة خماسية) تاريخ 16/4/2009 و قرار محكمة التمييز (حقوق)(الاردن) رقم 2119/2008 (هيئة خماسية) تاريخ 14/5/2009 و قرار محكمة التمييز (حقوق)(الاردن) رقم 2119/2008 (هيئة خماسية) تاريخ 14/5/2009.

ثانياً : عدم استقرار محكمة التمييز بالاخذ بفكرة الخطأ ام الاضرار ام الضرر:

فقد عادت محكمة التمييز عن فكرة الخطا وهذا شي منطقي منها الا انها عادت واخذت بفكرة الضرر وليس الاضرار هنا في هذا القرار:

.يستفاد من المادتين [256] و [257] من القانون المدني الأردني أن الفعل الذي ينتج عنه ضرر يلزم فاعله بالتعويض لأنه يلزم فقط بإثبات توافر الضرر دون الخطأ المفترض والمتمثل بعدم أخذ الاحتياطات اللازمة عند تركيبهم لفلتر فيه عيب مصنعي يسهل كشفه من المختص بت ركيبه. وبذلك فإن ما توصلت إليه المحكمة بقرارها المستأنف بعدم توافر المسؤولية التقصيرية القائمة على ثبوت وقوع الخطأ والضرر والعلاقة السبيبة بينهما وبالنتيجة رد الدعوى ، فإن ذلك مخالف لأحكام القانون المدني الأردني الذي أخذ بالنظرية الموضوعية للفعل الضار التي تقوم على افتراض الخطأ ويلزم لإثباتها توافر الضرر دون الخطأ. وذلك لأن إلحاق الضرر بالغير بطريق المباشرة يعد فعلاً محظوراً لذاته تقوم به وحدة مسؤولية الفاعل لأنه يمثل اعتداء على حق الغير وماله. مما يترتب على ذلك أحقية الجهة المدعية بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها بمواجهة .

وبالنتتجة وبناءاً على ما سبق؛ فإن أي قرار قضائي أو رأي اجتهادي يقيم المسؤولية على أساس الخطأ او حتى النتيجة وهي الضرر يودي الى انحراف في أحكام القانون المدني الأردني المتزنة القائمة على اساس الاضرار .

تجدر الاشارة الى ان بعض الفقه الفرنسي اتجه الى تسمية الفعل الضار مع عدم الانكار منه بتراجع فكرة الخطأ بشكل عام بموضوع المسؤولية نتيجة تطور الحياة المدنية وبشكل خاص في المسؤولية الطبية .

#أحمدالبدوي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.