حكم قضائي هام في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع والتقادم المكسب للملكية – القانون المصري
حكم في دعوى صحة ونفاذ عقد بيع وتدخل هجومي بطلب تثبيت ملكية
إثبات – عبء الإثبات – التقادم المكسب للملكية – شرط التمسك به
الموضوع:
حكم صادر في دعوى صحة ونفاذ عقد بيع قطعة أرض بالقاهرة، وتدخل في الدعوى هجومياً خصم ثالث (غير البائع والمشتري) ولكن يستمد حقه من ذات البائع (لكون البائع في الدعوى باع الأرض مرتين لشخصين مختلفين) طالباً الحكم برفض دعوى صحة التعاقد والقضاء له بتثبيت ملكيته على أرض التداعي. مع ملاحظة أن المشتري الأول (المدعي أصلياً في دعوى صحة التعاقد) استند في دعواه بصحة التعاقد إلى عقد البيع، بينما المشتري الثاني (المتدخل هجومياً في الدعوى) استند في طلبه تثبيت ملكيته لذات الأرض إلى التقادم الطويل المكسب للملكية بضم مدة حيازة سلفه (البائع) لمدة وضع يده على تلك الأرض.
حيثيات الحكم الموضوعية:
“… وحيث إنه عن شكل التدخل، فلما كان قد أقيم وفقاً للإجراءات القانونية السليمة واستوفى شرائطه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ولما كان من المقرر طبقاً لنص المادة 37/ 1 و 7 من قانون المرافعات، أنه يراعى في تقدير قيمة الدعوى ما يلي: الدعاوى التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار … فإذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة، قدرت المحكمة قيمتها.
ولما كان ذلك، وكان بمطالعة المحكمة لشهادة الضرائب العقارية المرفقة بأوراق الدعوى، فتيقن بها للمحكمة بعدم وجود ربط ضريبي على العين، ومن ثم تقدر المحكمة قيمة الدعوى. ولما كان الثابت بمطالعة المحكمة لعقد البيع سند الدعوى، ومن حيث موقع الأرض ومساحتها الواردة بالعقد، وهو ما تقدر المحكمة قيمة الأرض بما يدخل في اختصاصها قيمياً.
وحيث إنه عن موضوع الدعوى، وكان من المقرر أن الإثبات هو تكوين اقتناع القاضي بشأن وجود أو عدم وجود واقعة قانونية متعلقة بالدعوى، ولذلك فإن للإثبات أهمية خاصة، إذ إن الحق – وهو موضوع التقاضي – يتجرد من كل قيمة إذا لم يقم الدليل على الحادث الذي يستند إليه، فالدليل هو قوام حياة الحق ومعقد النفع فيه. فالحق مجرداً من دليله يصبح عند المنازعة فيه هو والعدم سواء”. (مجموعة الأعمال التحضيرية، 3 ، صـ 349).
ومن ثم، فإنه إذا كان القضاء هو تطبيق القانون على وقائع معينة، فإن هذا التطبيق لكي يكون مؤدياً إلى تحقيق إرادة القانون يجب أن ينصب على وقائع حقيقية، أي وقائع ثابتة، ولهذا لا يكفي الخصم ادعاء واقعة ما، بل يجب عليه إثباتها. (الوسيط في شرح القانون المدني – للدكتور/ عبد الرزاق أحم السنهوري – الجزء الثاني – الطبعة الثانية – صـ 90 وما بعدها).
لذلك، فقد عني الشارع بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات، مستهدياً في ذلك بالمبدأ العام في الشريعة الإسلامية والذي يقضي بأن “البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر”. فنص في المادة الأولى من قانون الإثبات على إنه: “على الدائن إثبات الالتزام، وعلى المدين إثبات التخلص منه”، ومؤدى ذلك أن المدعي هو الملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه، سواء كان مدعياً عليه أصلاً في الدعوى أم مدعياً فيها”. (نقض مدني في الطعون أرقام 1799 و 2097 و 2243 لسنة 62 قضائية – جلسة 17/6/1993).
“فالبينة على من يدعي خلاف الوضع الثابت أصلاً أو فرضاً أو ظاهراً”. (نقض مدني في الطعنين رقمي 252 و 128 لسنة 34 قضائية – جلسة 24/2/1967).
ووفقاً لذلك، فإن حياد القاضي يمنعه من تكليف الخصم بإثبات دعواه، ولا عليه إن هو تركه وشأنه في هذا الصدد. (التعليق على نصوص قانون الإثبات – للدكتور/ أبو الوفا – الطبعة الثالثة – صـ 26).
ومن ثم، فالمحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه، أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضائها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها، إذ الأمر كله موكول إليها. (نقض مدني في الطعن رقم 421 لسنة 49 قضائية – جلسة 9/5/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 44 لسنة 33 قضائية – جلسة 8/3/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 25. ونقض مدني جلسة 6/1/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 14).
كما إن المحكمة غير ملزمة بتوجيه المدعي أو تكليفه بإثبات دعواه وتقديم المستندات الدالة عليها، إذ الأمر في ذلك كله موكل إليه. (نقض مدني جلسة 16/10/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 797).
ولما كان من المستقر عليه طبقاً لأحكام محكمة النقض أن “المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذياً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فإن المشتري لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكناً”. (نقض مدني جلسة 8/4/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – العدد الثاني – صـ 571).
لما كان ذلك، وهدياً بما تقدم، وكان المدعي قد أقام دعواه بغية الحكم له بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/9/1999 المبرم بينه وبين مورث المدعى عليهم، وأن عين التداعي قد آلت ملكيتها لمورث المدعى عليهم (البائع) بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1980 لسنة 1988 مدني كلي جنوب القاهرة، والمؤيد استئنافياً بالحكم الاستئنافي رقم 8117 لسنة 113 قضائية “استئناف القاهرة”، والقاضي بتثبيت ملكيته على العين محل النزاع، ولم يقدم المدعي ذلك الحكم واستئنافه، للوقوف على ما إذا كانت ملكية العين قد آلت إلى البائع من عدمه، سيما وأن الخصم المدخل قد نازع في هذه الملكية، ومن ثم يكون الغرض من دعوى صحة ونفاذ العقد لم يتحقق، ويتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى على نحو ما سيرد بالمنطوق.
وحيث إنه عن المصاريف شاملة أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المدعي عملاً بنص المادة84/1 من قانون المرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة المعدل.
وحيث أنه وعن موضوع التدخل، فلما كان من المقرر قانوناً طبقاً لنص المادة 968 من القانون المدني أنه “من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له، كان له أن يكسب ملكية الشيء إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة”.
ولما كانت أحكام محكمة النقض قد استقرت على أن “قاعدة ضم حيازة السلف إلى حيازة الخلف لا تسري إلا إذا أراد المتمسك بها أن يحتج بها قِبل غير من باع له أو غير من تلقى الحق ممن باع له، مما مؤداه عدم استفادة الحائز المتمسك بالتقادم المكسب من حيازة سلفه قِبل من تلقى الحق من هذا السلف”. (نقض مدني في الطعن رقم 1672 لسنة 62 قضائية – جلسة 26/10/2000).
ولما كان ذلك، وهدياً بما تقدم، وكان الثابت للمحكمة أن الخصم المتدخل هجومياً طلب تثبيت ملكيته على العين لوضع يده المدة الطويلة المكسبة للملكية امتداداً لحيازة مدة سلفه في ذلك لعقد البيع المؤرخ في 30/9/1999 والصادر عن مورث المدعى عليهم، ولما كان سند ملكية المدعي هو عقد البيع المؤرخ 1/9/1999 الصادر عن مورث المدعى عليهم أيضاً، الأمر الذي لا يسري معه قاعدة ضم حيازة السلف إلى حيازة الخلف لعدم استفادة الخصم المتدخل هجومياً منها لكون المدعي الأصلي هو الآخر قد تلقى الحق من ذات السلف، الأمر الذي يكون طلب المتدخل هجومياً قد جاء على سند غير صحيح من الواقع والقانون وتقضي معه المحكمة برفض الطلب على نحو ما سيرد بالمنطوق.
وحيث إنه عن مصاريف التدخل شاملة أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها الخصم المتدخل عملاً بنص المادة 84/1 من قانون المرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة المعدل.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً- بقبول التدخل شكلاً. وفي الموضوع: برفضه، وألزمت الخصم المتدخل بالمصاريف وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً- وفي موضوع الدعوى الأصلية: بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي بالمصاريف وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة
(هذا الحكم صادر في الدعوى رقم 3537 لسنة 2010 مدني كلي جنوب القاهرة، بجلسة 29/12/2010، من الدائرة 7 مدني بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، برئاسة السيد الأستاذ/ حسام الوكيل “رئيس المحكمة” وعضوية الأستاذ/ إسماعيل زيتون “رئيس المحكمة” والأستاذ/ وائل خشبة “القاضي” وبحضور السيد/ محمد عبد اللطيف “أمين السر”).
وبارك الله في قضاة مصر الأكفاء الأمناء، وأكثر الله من أمثالهم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً