مقال عن المبادئ القانونية التي تحكم الأسناد التجارية في القانون السوري
1- مبدأ الشكلية
الأسناد التجارية صكوك محررة وفقاً لأوضاع شكلية فرضها القانون حيث يحدد القانون شكل السند التجاري والبيانات التي يجب أن يتضمنها وتسمى هذه البيانات بالبيانات الالزامية فإذا تخلف أحد تلك البيانات يفقد المحرر صفته كسند تجاري ويعتبر عندئذ سنداً عادياً يخضع للقواعد العامة في القانون المدني وهذه الشكلية تشكل خروجاً عن القواعد العامة التي تعول على الإدارة الحقيقية للأطراف الملتزمة بالسند , مثال : بائع مكره على البيع يستطيع أن يحتج بعيب إرادته .
بينما لا ينطبق هذا في الأسناد التجارية حيث اعتد المشرع بالإرادة الظاهرة مادام السند التجاري مستوف للشكل القانوني لأن الاعتداد بالإرادة الحقيقية هنا سوف يؤدي إلى الإخلال بالثقة.
2- مبدأ الكفاية الذاتية ( مبدأ الحرفية ) :
ويعني أن مضمون الحق الذي يجسده السند يجب أن يكون مبيناً في ذات السند .
مثال : عندما يطلب من المسحوب عليه أن يدفع مبلغ من النقود وهو عبارة عن قيمة البضاعة التي باعها الساحب للمسحوب عليه ( ادفعوا للمستفيد فلان مبلغ ثمن البضاعة التي شراؤها) كيف سنحدد قيمة البضاعة التي تم شراؤها ؟ سوف نرجع إلى العقود المبرمة بين الساحب والمسحوب عليه لنعرف قيمة البضاعة وهذا يؤدي إلى عرقلة تداول السند .
إذاً : مبدأ الكفاية الذاتية يقتضي أن يعلم حامل السند بمجرد أن يطلع عليه من هو هو الدائن والمدين وما هو تاريخ الاستحقاق ومكانه والمبلغ الذي ينبغي أن يطالب به دون أن يكون هناك إحالة إلى عنصر خارج السند ويترتب على ذلك بطلان سند السحب كورقة تجارية .
3- مبدأ استقلال التواقيع وتطهير الدفوع :
أي أن كل موقع على السند التجاري ينشا في ذمته التزاماً صرفياً بالوفاء بقيمته إذا تخلف المدين الأصلي عن ذلك والتزام كل موقع على السند يعتبر مستقلاً عن التزامات غيره من الموقعين ويترتب على ذلك أن بطلان التزام أحد الموقعين بسبب انعدام أو نقص أهليته أو لعيب في رضائه لا يؤثر على صحة التزامات الموقعين الآخرين , فكل توقيع له كيانه الذاتي لا يتأثر بما سبقه أو تبعه من توقيعات .
مثال : لنفترض أن سند دين عادي حرر من قبل عديم الأهلية , فإن العقد هنا باطل ( بطلان مطلق ) ويترتب على ذلك وفقاً للقواعد العامة في القانون المدني أن أي موقع على السند يمكن أن يحتج ببطلان هذا السند ( المدين – الكفيل – محيل هذا الحق ) الآن , سند سحب حرر من قبل عديم الأهلية وسلم للمستفيد الذي ظهره لآخر وجاء الحامل ليطالب بقيمته في تاريخ الاستحقاق إذا طبقنا القواعد العامة واعتبرنا أن كل من وقع على هذا السند يمكن أن يحتج ببطلانه سيؤدي ذلك إلى الإخلال بالثقة التي تؤديها الأسناد التجارية .
ويتصل بمبدأ استقلال التواقيع قاعدة تطهير الدفوع ومضمونها أنه لا يجوز لمن تم الرجوع عليه من الملتزمين بالوفاء بقيمة السند التجاري من قبل الحامل أن يحتج بمواجهة الحامل بالدفوع المبنية على علاقته الشخصية بمحرر السند أوبحملته السابقين أي أن السند التجاري ينتقل للحامل مطهراً من الدفوع التي كانت تشوبه .
مثال : الساحب دائن للمسحوب عليه بدين قمار لا يستطيع المسحوب عليه أن يحتج بمواجهة الستفيد أن سبب دين الساحب في ذمته مخالف للنظام العام لأن السند قد تطهر من هذا العيب بعد تحريره للمستفيد من قبل الساحب .
4- التشدد في معاملة المدين :
لقد تشدد المشرع في معاملة المدين بالأسناد التجارية كي يشجع على تداول هذه الأسناد ومن هذه القواعد :
– المدين في السند التجاري يلزم بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ومنع المشرع القاضي أن يمنح المدين نظرة الميسرة ( أجلاً للوفاء ) كما في القانون المدني .
– اعتبر القانون جميع الموقعين على السند متضامنين في وفاء قيمته بتاريخ الاستحقاق في حال الامتناع عن وفائه بينما لا يفترض التضامن افتراضاً في القانون المدني .
– تسري الفوائد القانونية في مواجهة المدين الصرفي في تاريخ الاستحقاق وليس من تاريخ المطالبة القضائية كما تقضي به القواعد العامة .
– يجوز للحامل أن يلقي الحجز الاحتياطي على أموال المدين الموقع على السند بقوة القانون بمقتضى السند التجاري ولا حاجة لكفالة بينما لا يمكن له ذلك إلا بكفالة وفق أحكام القانون المدني .
ويرى أن هذه الشدة في معاملة المدين قد تؤدي إلى عرقلة تداول السند التجاري لأن المستفيد من السند يعتبر دائن أي أنه يستفيد من الضمانات التي منحه إياها المشرع من خلال الالتزامات المفروضة على المدين ولكن هذا المستفيد إذا قام بتظهير السند فإنه سوف يتحول إلى مدين أي أنه سيأخذ بالشدة التي فرضها المشرع على المدين الصرفي فيحاول بالتالي أن يبقى في مركز الدائن ولا يتحول إلى مدين مما يؤدي إلى عرقلة تداول السند .
5- إيجاد توازن بين مصالح أطراف السند التجاري :
في مقابل الشدة التي تميزت بها قواعد القانون الصرفي تجاه الملتزمين بالسند التجاري حماية لحقوق حامل السند فقد ألقى المشرع على عاتق الحامل بعض الواجبات خلافاً للقاوعد العامة بحيث إذا أخل الحامل بهذه الواجبات سقط حقه بالرجوع على المدينين الفرعيين ( وهذا من آثار التمييز بين المدين الرئيسي والمدين الفرعي بسند السحب ) لإيجاد توازن بين مصالح أطراف السند .
ومن هذه الواجبات التي فرضها المشرع على الحامل :
– أن يقدم السند في تاريخ الاستحقاق وإلا سقط حقه بالرجوع على الضمان ( المدينين الفرعيين ) فهو حق للحامل وواجب عليه لأن المظهر في تاريخ الاستحقاق سوف تبرأ ذمته من الضمان بينما المظهر لا يعتبر وفقاً للقواعد العامة ضامناً أصلاً .
– المشرع فرض على الحامل إثبات امتناع المسحوب عليه بوثيقة رسمية وفي ميعاد ضيق ( يومي عمل ) وإلا سقط حقه بالرجوع على الضمان ( الدائنين الفرعيين ) بحيث لا يبقى له إلا الرجوع على المدين الأصلي في السند التجاري .
– المشرع قصر مدة تقادم الدعوى الناشئة عن السند التجاري إلى ثلاث سنوات كحد أقصى .
– المشرع ألزم حامل السند بقبول الوفاء الجزئي وذلك خروجاً عن القواعد العامة التي لا تجبر الدائن على قبول مثل هذا الوفاء .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً