مقال عن أثر القانون في ازدهار الأمم
القانون وأثره في ازدهار الأمم منذ أنحطت أقدام بني البشر على الأرض وارتكاب أول جناية على ثراها حينما سفحقابيل دم أخيه هابيل واحتار حينها كيف يواري سوءته فجاء الغرابان اللذان قتل أحدهما الآخر فقام القاتل بحفر التراب ودفن جثة قتيله فتعلم القاتل الأنسي كيف يدفن جثة قتيله ويواريها الثرى والأنسان يحث الخطى ويجتهد في صياغة القوانين العقابية التي تحد من تكرار مثل هذه الجريمة الأزلية وتنزل أشد العقاب بمرتكبيها ذلك العقاب الذي قد يصل الى الحد الذي يجعل الجاني يفقد حياته جزاءاً بما فعلت يداه وتحققياً للعداله الالهية التي جعلت لحياة الانسان ودمه حرمة وأي حرمة ( من قتل نفساً بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناسجميعاً ومن أحياها فكأنما احيا الناس جميعاً ) ان المغزى الحقيقي من فرض العقاب على الجاني هو الحفاظ على أرواح الناس من بطش المجرمين وشرورهم وجعلهم عبرة لغيره من الذين قد تسول لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم التي تودي بحياة الناس أو ممتلكاتهم ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) الا ان مايؤسف له هو ان هذه الجريمة وغيرها ماتزال ترتكب كل يوم ومازال قابيل يسفح دم اخيه هابيل ويتركه مرمياً على قارعة الطريق دون ان يواري سوءته بل الأكثر من ذلك تنوعت وتعددت انواع الجرائم التي تفنن المجرمون من بني البشر في ارتكابها وهي جرائم لاتعد ولاتحصى ويندى لها جبين الانسانية لفرط مايسلكه مرتكبيها من اسلوب دنيء في ارتكابها وتجرد كامل من كل الصفات الانسانية التي اودعها الله في الانسان وكأنهم نسوا الله ونسوا ان في الآخرة حساب لا محالة في انه سوف يطالهم بل ان هنالك جرائم دنيئة ارتكبت عندما نطلع على تفاصيلها المروعة فان اول مايتبادر الى اذهاننا ان من ارتكبها لاينتمي ابداً الى الجنس البشري بل اقل مايقال في حقه انه خليط مابين الشيطان والحيوانات الضارية التي لاتعرف الرحمة عند سحقها لفريستها لفرط ماسلكه الجاني من وحشية ودناءة في ارتكابها فمابين القتل والسرقة والتعذيب والاغتصاب وهتك العرض والزنا وقطع الطريق والتزوير والاحتيال وخيانة الامانة والغصب ونهب المال العام والرشوة والتجاوز على حقوق الناس وحرمانهم من حرياتهم والكذب في المعاملات والغش و.. و …والقائمة تطول من انواع الجرائم ضاعت حقوق الناس وسلبت ارواحهم ونهبت ممتلكاتهم وانتهكت اعراضهم وحبست حرياتهم وظلمو واستضعفو فانطفأت جذوة الأمل في نفوسهم وتلاشت ثقتهم بمحيطهم الذي يعيشون فيه فتردت اوضاعهم المادية والفكرية وتراجع مستوى اداءهم في الحياة وفي العمل فما كان والحال كذلك الا ان ينعكس سلباً على المجتمع والقرية والمدينة بل على الدولة برمتها لأن الدولة لايمكن ان تحيا وتتقدم وتزدهر بدون البشر ولايمكن للبشر ان يجعل الأمة تزدهر دون ان يكون اهلاً لذلك ولايمكن للبشر ان يكون اهلاً لذلك دون ان يكون في وضع آمن ومستقر في ظل بيئة صحية يشعر من خلالها انه قادر على العطاء لأن استقراره النفسي يجعله كذلك ، ولكن من يحقق كل ذلك وكيف نجعل الناس يأمنون على ارواحهم واعراضهم وممتلكاتهم لكي يكون مستوى ادائهم على مستوى عالي من الرقي ان الجواب بالتأكيد هو ضرورة وجود حارس امين وعادل وحازم في حسابه وعقابه بحق من اجرم وجاوز حدود الله واعتدى على هذه الارواح والاعراض والممتلكات ولايمكن ان تتوفر هذه الصفات الحميدة كلها الا في شيء واحد هو (القانون) فهو الذي يضع الامور في نصابها الصحيح وهو الذي يفرق بين الظالم والمظلوم بين الحق والباطل بين الفضيلة والرذيلة بين من يخاف الله ومن لايحسب لوجود الله حساباً ويحد من السلوك المشين للمجرمين والحق يقال ان القانون سيف مسلط على رقاب هؤلاء المجرمين , ايضاً فان مسؤولية الدولة في مجال تهيئة الفرد بالشكل الذي يجعل منه مواطناً صالحاً يسعى في سبيل خير بلاده ورقيها هي مسؤولية كبيرة اذ يجب عليها ان تهيء المناخ المناسب الذي يعيش فيه بدءاً من طفولته مروراً بمراحل عمره المختلفة وتدريبه على العمل الشريف واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم وعدم الاعتداء عليهم او على ممتلكاتهم والسبب في قولنا هذا هو التقليل من اعداد الذين يقعون تحت طائلة القانون الذي لايرحم من لايرحم الناس ويراعي حرماتهم فلابد ان يسير المجتمع في خطه العام ضمن مفاهيم الحق والخير والعدالة وان يكون للقانون صولة وجولة في الاقتصاص من المجرمين وفي ذات الوقت يكون خير عون للمواطنين في الحصول على حقوقهم المدنية من خلال وجود حزمة من القوانين في مختلف فروع الحياة تكون منسجمة مع بعضعها البعض في تلبية حاجة الناس فلايكفي ان يكون القانون العقابي صارماً في التطبيق فحسب بل يجب ان يكون تطبيق القوانين التي تخدم مصلحة الناس بنفس القدر من القوة والاهتمام لكي فلو كانت القوانين العقابية اكثر قوة في التطبيق من القوانين الأخرى لساهم ذلك في تردي الوضع اكثر من المساهمة في ترقيته الى الأفضل ولأصبح لهذه الحال دوراً سلبياً لايقل خطورة عن انعدام القانون او تعطيله اذ لابد من ازدهار مبدأ الثواب والعقاب لتحقيق قدر مناسب من التوازن في كلا التصرفين اللذان يفضي احدهما الى فعل الخير ويفضي الآخر الى عكس ذلك , فلابد اذن للسلطة التي تعتبر الوسيلة المناسبة لتطبيق القانون في الدولة من ان تكون عادلة في تطبيقها ان تفعل القوانين كلها ولاترجح قانوناً على آخر بما يحقق مصلحتها بالدرجة الأساس رغبة في السلطة بحد ذاتها وليس مراعاة لحقوق الناس فالقانون بطبيعته رغم سهر الانسانية على مدى عصور طويلة من اجل تطويره وتشذيبه من الشوائب فانه يبقى شيئاً جامداً ومجرد حبر على ورق فالحال تتطلب دائماً ان تكون هنالك جهة جديرة ونزيهة تشرف على تطبيق القوانين وتشد من ازرها بعدل وانصاف وان هذه الجهة هي السلطة سواء كانت السلطة التتنفيذية او السلطة التشريعية فمزيج يجمع بين سلطة بهذه المواصفات وبين قوانين قوية وعادلة ونافعة يؤدي بالتأكيد الى الأطمئنان على حق الناس وبالتالي فانهم سوف يردون بعطاء ايجابي ازاء هذا الاطمئنان مثمثلاً باندفاعهم في اداء واجباتهم على قدر عال من المسؤولية والقناعة من خلال وضائفهم واعمالهم اليومية بل حتى على مستوى الشعور الوطني بان دولتهم يجب ان تكون على مستوى عالي من الرقي والمدنية وبالتالي فان هذه الدولة سوف تكون بحالة مستمرة من التطور والازدهار بفضل القانون وحسن تطبيقه . ( ان من يساعد القانون على الاقتصاص من المجرمين يؤدي رسالة يوصي بها الله تعالى ورسوله الكريم )
اترك تعليقاً