مقال عن الأحكام والموضوعات التي يقرها القانون الدولي الخاص
بما أن موضع القانون الدولي الخاص هو دراسة العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي , لذلك فهذا يقتضي منا تتبع كافة المراحل التي تمر بها هذه العلاقات لمعرفة الموضوعات التي تدخل في نطاقه .
وأولى تلك المراحل هي مرحلة دولية العلاقة , بمعنى التحقق من أن هناك علاقة ذات طابع دولي , وهذا يوجب في معظم الأحوال معرفة انتماء الأشخاص أطراف العلاقة , فإذا ما تبين أن أحد أو بعض هؤلاء الأطراف أجنبي الانتماء الأشخاص أطراف علاقة ذات طابع دولي , وإذا كان انتماء الأشخاص لدولة ما يتحدد على أساس الجنسية , فمن الممكن أيضاً أن يتجدد عن طريق الموطن أو التوطن في الدولة .
كذلك فإذا ما تحققنا في هذه المرحلة من اتسام العلاقة بالطابع الدولي تعين بعدها الانتقال إلى المرحلة التالية وهي المتعلقة بمركز الأجانب لمعرفة مدى أحقية الأجانب للدخول في العلاقة , فإذا ما ثبت لهم الحق في التعامل تعين الانتقال إلى أدق وأهم مرحلة من مراحل العلاقة وهي تلك المتعلقة بالتنظيم القانوني للعلاقة للوصول إلى القواعد القانونية التي تحكمها , ويطلق على هذه المرحلة اصطلاح ” تنازع القوانين “.
قد يقتضي الأمر بعد ذلك الانتقال لمرحلة أخرى تتعلق بتحديد القاء المختص بنظر المنازعات ذات الطابع الدولي لمعرفة محاكم الدولة التي يمكن الالتجاء إليها بهذا الشأن , ويطلق على هذه المرحلة (( الاختصاص القضائي الدولي ))
إضافة لذلك فقد يحتاج الأمر للمرور بمرحلة أخيرة تتعلق ببيان إمكانية تنفيذ الحكم الذي صدر في نزاع يتعلق بعلاقة ذات طابع دولي في دولة أخرى غير تلك التي صدر فيها الحكم, وهذه المرحلة يطلق عليها (( تنفيذ الأحكام الأجنبية أو الآثار الدولية للأحكام ))
يتضح من كل ذلك بان القانون الدولي الخاص يشتمل على عدة موضوعات وهي :
1- الجنسية والمواطن .
2.- المركز القانوني للأجانب .
3- تنازع القوانين .
4- تحديد الاختصاص القضائي وأثر الأحكام الأجنبية ( تنفيذ الأحكام الأجنبية ) . ويمكن أن يكون الموطن بالإضافة إلى الجنسية .
وهذا الأمر ليس محل اتفاق الفقه في مختلف دول العالم , فإذا كان الفقه قد اتفق بمجموعة على اعتبار قواعد (( تنازع القوانين )) هي المبحث الأصل للقانون الدولي الخاص , إلا أنه اختلف بعد ذلك بالنسبة لمدى دخول النظم الأخرى ضمن الإطار الموضوعي للقانون الدولي الخاص .
ففي ألمانيا اتجه الشراح لاعتبار ( تنازع القوانين )) هو الموضوع الوحيد لهذا الفرع من فروع القانون , بينما أضاف الفقه الانكلوسكسوني إلى ذلك موضوعاً آخر هو (( تنازع الاختصاص القضائي الدولي )) . وهو ما أيده فريق من الفقه المصري .
وقد ساد اتجاه فقهي ثالث في إيطاليا ودول أمريكا اللاتينية مقتضاه أن القانون الدولي الخاص يشمل دراسة مركز الأجانب إضافة لتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي. ملاحظة الدول الانكلوسكسونية تطبق قانون الوطن وليس قانون الجنسية .
بينما يتجه الفقه الفرنسي والمصري الغالب نحو التوسع في الإطار الموضوعي للقانون الدولي الخاص يشمل كلاً من تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي والجنسية ومركز الأجانب , بل أن البعض من أنصار هذا الاتجاه أضافوا دراسة الموطن كموضوع من موضوعات هذا الفرع من فروع القانون ,مثل الدول الانكلوسكسونية, في حين فصل البعض الآخر الاستغناء عن دراسة الموطن اكتفاء بما سبق دراسته في مباحث بعض فروع القانون الأخرى , كالقانون المدني . أي أن فرنسا ومصر ومعظم الدول العربية وسعت من الموضوعات التي يشملها القانون الدولي الخاص وهي الموضوعات الخمسة التي ذكرناها سابقاً.
ملاحظة: تنازع القوانين باتفاق الجميع هو أحد مواضيع القانون الدولي الخاص . و قواعد تنازع القوانين تتميز عن بقية قواعد موضوعات القانون الدولي الخاص بهذه الصفة.
ويشير البعض إلى أن (( الخلاف النظري الذي ثار في هذا الشأن لا خطر له لأن المسالة لم تتأثر بالأسانيد العلمية بقدر ما تأثرت بما تتضمنه مناهج الدراسة الجامعية)).
ويخلص البعض إلى أنه (( مهما كان الأمر فإن الملاحظ أن المباحث السابقة جميعها ورغم تباين موضوعات الدراسة التي تتناولها إلا أنها تلتقي عند حقيقة من العسير تجاهلها , وهي أنها تهدف في النهاية إلى تنظيم ما يسمى الحياة الخاصة الدولية التي تعد محوراً أساسياً تدور حوله قواعد القانون الدولي الخاص بمعناه الواسع ))
ولعل إحساساً خفياً بصحة ما يقول به هؤلاء هو الذي دفع البعض من القفه المصري للقول بأنه (( ليس ثمة ما يدعو لأن تتطلب تجانساً بين موضوعات القانون الدولي الخاص , طالما ارتبطت هذه الموضوعات فيما بينها برباط وثيق يبرر بما فيه الكفاية الجمع بينها في دراسة واحدة))
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً