بداية ونهاية شخصية المواطن وأحكام الشخصية في القانون السوري
الأصل أن تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً, ومع ذلك فإن القانون يعترف للحمل أو الجنين قبل ولادته ببعض الحقوق .
ـ شروط ثبوت الشخصية للإنسان:
يشترط لكي تبدأ شخصية الإنسان شرطان :
Aـ تمام الولادة ,
Bـ وتحقق الحياة عند تمام الولادة .
أ ـ تمام الولادة:
ويقصد بذلك خروج المولود كله وانفصاله عن جسم أمه انفصالاً تاماً , فإذا خرج بعض أعضائه أو معظمها , ولكنه مات قبل أن يخرج الباقي , لا تثبت له الشخصية القانونية .
وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة مالك وأحمد والشافعي .
وهو يخالف المذهب الحنفي الذي يكتفي لثبوت الشخصية للإنسان بخروج أكثر أو معظم المولود حياً دون اشتراط خروجه كل.
ب ـ تحقق الحياة عند تمام الولادة :
لا يكفي لثبوت الشخصية للمولود خروجه كله أو انفصاله عن أمه انفصالاً تاماً , بل يجب فوق ذلك أن يكون حياً عند تمام الانفصال , حتى ولو مات بعد ذلك مباشرةً .
فإذا انفصل الجنين عن أمه ميتاً فلا تثبت له الشخصية .
وعلى ذلك فالعبرة في ابتداء الشخصية تكون لتوافر الحياة في المولود لحظة انفصاله عن أمه . ويستدل على حياة المولود في هذه اللحظة بأعراض ظاهرة للحياة , كالبكاء والصراخ والشهيق والحركة .
فإذا لم يثبت شيء من هذه الأعراض كان للقاضي الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء .
ولم يشترط القانون السوري لثبوت الشخصية للمولود أن يكون قابلاً للحياة , بل يعترف بالشخصية لكل من ولد حياً ولو لم يكن قابلاً للحياة .
وهذا بخلاف القانون المدني الفرنسي الذي يشترط ثبوت الشخصية ليس فقط أن يولد المولود حياً , ولكن أيضاً أن يكون قابلاً لاستمرار الحياة .
وتثبت واقعة الميلاد بالقيد في سجلات الأحوال المدنية , ولكن إذا تعذر الحصول على دليل من هذه السجلات أو تبين عدم صحة ما أدرج فيها , فيجوز إثبات واقعة الميلاد باعتبارها واقعة مادية بكافة الطرق .
وقد نصت المادة 33 من القانون المدني السوري على أن : “سجلات الأحوال المدنية والإجراءات المتعلقة بها تخضع لقانون خاص”. والقانون الذي ينظم هذا الموضوع حالياً هو المرسوم التشريعي رقم 26 الصادر بتاريخ 12/4/2007 الخاص بالأحوال المدنية .
وطبقاً للمادة الثانية من هذا المرسوم التشريعي تختص أمانة السجل المدني بتسجيل واقعة الميلاد وغيرها من واقعات الأحوال المدنية , سواء حدثت داخل القطر أو خارجه .
ويمنح المواطن بمجرد تسجيله في السجل المني رقماً وطنياً خاصاً به , ويتميز هذا الرقم بأنه فريد وثابت ودائم .
وتلتزم جميع الجهات الرسمية باستخدام هذا الرقم وتثبيته في سائر المعاملات والسجلات لديها في الوثائق الخاصة بهذا المواطن .
ويتم تسجيل واقعة الميلاد بناء على تبليغ من يفرض عليهم القانون واجب التبليغ عن واقعات الولادة .
وقد ذكرت المادة 23 من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة وفق ترتيب معين , بحيث لا يقع واجب التبليغ على أحدهم إلا في حالة عدم وجود أحد من الفئات السابقة في الترتيب , وهؤلاء الأشخاص هم على الترتيب الآتي:
أ- الوالد , وفي حال غيابه يعود هذا الواجب على الوالدة أو أقرباء المولود البالغين .
ب- مدير المؤسسات الرسمية , كالمستشفيات أو السجون أو المحاجر والمشافي الخاصة , وتلزم هذه المؤسسات بمسك سجلات خاصة لتدوين واقعات الولادة .
ج- الطبيب أو القابلة عن كل ولادة يقوم أحدهما بإجرائها .
ويتم التبليغ عن واقعة الولادة بتقديم الشهادة المثبتة لحدوثها مع وثائقها إلى أمانة السجل المدني المختصة .
وقد أوجب المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 في المادة 14 التبليغ عن الولادات خلال ثلاثين يوماً من حدوثها إذا وقعت داخل القطر , وستين يوماً إذا وقعت خارج القطر .
ويتوجب على أمانة السجل المدني المختصة تدقيق شهادة واقعة الولادة و وثائقها فور ورودها إليها , وتسجيلها في السجل المدني طبقاً للإجراءات الواردة بشأنها في التعليمات التنفيذية وإعطاء صاحبها بياناً عن تسجيلها مباشرة .
ونظراً لأهمية التاريخ الذي تمت فيه واقعة الولادة , فقد حرص المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 على ضرورة تدوين تاريخ حدوث واقعة الميلاد بالسنة والشهر واليوم والساعة والدقيقة , بالتاريخين الهجري والميلادي , بالأرقام والحروف .
ومع ذلك , وفقاً للمادة 20 من المرسوم التشريعيرقم 26 لعام 2007 , يتم تسجيل شهادات الولادة إذا قدمت بعد انقضاء المدة القانونية وقبل مرور سنة على حدوثها ويكلف المخالف بدفع غرامة مالية مقدارها 500 ليرة سورية .
كما يتم تسجيل الولادات بعد انقضاء سنة على حدوثها وقبل بلوغ أصحابها تمام الرابعة عشرة من عمرهم من قبل أمين السجل المدني المختص في مكان قيد الأسرة , بناء على تحقيق إداري , ويكلف المخالف بدفع غرامة مالية مقدارها 2000 ليرة سورية .
ولا يتم تسجيل الولادات بعد بلوغ أصحابها تمام الرابعة عشرة من عمرهم إلا بناء على قرار يصدر عن لجنة تؤلف بقرار من المحافظ في مركز كل محافظة , وتختص كل لجنة بالبت بالواقعات ضمن نطاق عملها , ويكلف المخالف بدفع غرامة مالية مقدارها 4000 ليرة سورية.
كما منع هذا المرسوم التشريعي إجراء أي تصحيح أو تعديل في تاريخ الولادة أو مكان حدوثها المسجلة ضمن المدة القانونية أو خارجها .
ـ مركز الجنين أو الحمل المستكن :
رأينا أن المادة 31 من القانون المدني السوري بعد أن قررت في فقرتها الأولىأن شخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً , أضافت في فقرتها الثانية قولها: “ومع ذلك فحقوق الحمل المستكن يعينها القانون” .
فالأصل أن الجنين لا يعتبر شخصاً قبل أن يولد , ولكن القانون خرج على هذا الأصل واعترف للجنين أو الحمل قبل ولادته ببعض الحقوق الضرورية التي يقتضيها وضعه . وهذه الحقوق هي:
A ـ الحق في النسب ,
B ـ والحق في الوصية ,
C ـ والحق في الإرث .
وعلى هذا يثبت النسب للجنين من أبيه , كما يستحق ما أوصي له به وهو في بطن أمه , فإذا أوصى له أحد بمبلغ من المال , فإنه يستحقه إذا ولد حياً .
كذلك يثبت له الميراث ممن يموت من أقربائه وهو في بطن أمه , فإذا توفي أبوه مثلاً وقف له حقه في إرثه . ولكن هل يوقف للحمل في هذه الحال حصة ذكر أم حصة أنثى , وهل يوقف له حصة واحد فقط أم حصة توأمين ؟
من حيث الذكورة والأنوثة , يوقف للجنين من تركة المورث أوفر النصيبين أو الحظيين باعتباره ذكراً أو أنثى , أي يفرض مرة ذكراً ومرة أنثى , ثم يوقف له أكبر النصيبين .
أما من حيث العدد , فيوقف للحمل حصة واحد فقط .
فإذا ولد الحمل موافقاً لما وقف له من حيث الجنس والعدد , أعطي له ما وقف له . وإذا نقص الموقوف للحمل عما يستحقه , أخذ ما وقف له و رجع بالباقي على من دخلت الزيادة في نصيبه من الورثة .
وإذا زاد الموقوف للحمل عما يستحقه أخذ حصته مما وقف له , و رد الزائد إلى من يستحقه من الورثة .
ولما كانت هذه الحقوق التي تثبت للجميع لا يتوقف اكتسابها على القبول , فقد انتهى بعض الفقهاء إلى القول بأنه ليس للجنين صلاحية لاكتساب الحقوق التي تحتاج إلى قبول , ولذلك ذهبوا إلى عدم جواز الهبة للجنين , لأن الهبة عقد يتم بإيجاب وقبول .
وهذا الرأي مؤسس على القول بأنه لا يوجد من يقبل عن الجنين , لأن الولاية تبدأ عند الولادة , فليس للحمل ولي يقبل عنه .
لكن هذا القول لم يعد ينسجم مع قانون الأحوال الشخصية السوري الذي نص على جواز تعيين وصي للحمل أو الجنين . وهذا الوصي له صلاحيات الأوصياء , ومنها قبول ما يكون نافعاً للحمل نفعاً محضاً . وبذلك تصح الهبة للحمل وإن كانت تحتاج إلى قبول, إذ يملك هذا الوصي حينئذ القبول نيابة عنه .
وفي القانون اللبناني , أجاز المشرع صراحة الهبة للجنين على أن يقبلها من يمثله.
والحقوق التي يقررها القانون للجنين لا تثبت له بصفة نهائية , بل تكون معلقة على شرط ولادته حياً واكتسابه الشخصية القانونية:
فإذا ولد حياً اعتبر صاحباً لهذه الحقوق منذ ثبوتها له وقت الحمل.
أما إذا ولد ميتاً – وبالتالي لا يكتسب الشخصية القانونية – فإن هذه الحقوق تعتبر كأن لم تكن ولم تتقرر له أصلاً , فيرد ما كان موقوفاً له من الإرث أو الوصية إلى ورثة المورث أو الموصي .
نهاية الشخصية
نصت الفقرة الأولى من المادة 31 من القانون المدني السوري على أن شخصية الإنسان تنتهي بموته .
والموت قد يكون طبيعياً , أي حقيقياً , وقد يكون حكمياً , حيث يصدر حكم باعتبار المفقود ميتاً .
ملاحظة :لقد عرفت بعض الأنظمة والشرائع القانونية السابقة أسباباً أخرى لزوال الشخصية غير الوفاة الطبيعية , فبالإضافة إلى الرق , كانت هناك عقوبة الموت المدني , حيث كان يعتبر المحكوم عليه بهذه العقوبة بمثابة الميت وهو لا يزال على قيد الحياة , فتسلخ عنه شخصيته القانونية ويحرم من حقوقه وأمواله . إلا أن هذه الأسباب لم تعد قائمة في عصرنا الحاضر.
وسندرس نهاية الشخصية بالموت الحقيقي ونهايتها بالموت الحكمي .
أولاً : نهاية الشخصية بالموت الحقيقي :
الموت هو النهاية الطبيعية لكل إنسان . ويترتب على الموت من الناحية القانونية زوال الشخصية القانونية .
والوفاة كالولادة تثبت بسجلات الأحوال المدنية , ولكن إذا تعذر الحصول على دليل من هذه السجلات أو تبين عدم صحة ما أدرج فيها جاز الإثبات بأية طريقة أخرى .
وبموجب المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الخاص بالأحوال المدنية تختص أمانة السجل المدني بتسجيل واقعة الوفاة , سواء حدثت داخل القطر أو خارجه.
ويتم تسجيل واقعة الوفاة بناء على تبليغ من يفرض عليهم القانون واجب التبليغ عن الوفيات .
ويقع واجب التبليغ عن واقعة الوفاة ومتابعة إجراءات تسجيلها على أصول المتوفى أو فروعه أو الزوج أو أقربائه البالغين الذين حضروا الوفاة أو الطبيب الذي شاهدها أو المختار .
وتكون المسؤولية بنفس هذا الترتيب , بحيث لا يقوم واجب التبليغ على أحد الأشخاص إلا في حالة عدم وجود شخص آخر يسبقه في الترتيب .
ويتم التبليغ عن واقعة الوفاة بتقديم الشهادة المثبتة لحدوثها مع وثائقها إلى أمانة السجل المدني المختصة .
وقد اوجب المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 التبليغ عن الوفيات خلال ثلاثين يوماً من حدوثها إذا وقعت داخل القطر وستين يوماً إذا وقعت خارج القطر .
إلا انه وبموجب المادة 20 من هذا المرسوم التشريعي يتم تسجيل شهادات الوفاة إذا قدمت بعد انقضاء المدة القانونية وقبل مرور سنة على حدوثها , ويكلف المخالف بدفع غرامة مالية مقدارها 500 ليرة سورية .
ولا تسجل الوفيات بعد انقضاء سنة على حدوثها إلا بناء على قرار يصدر عن لجنة تؤلف بقرار من المحافظ في مركز كل محافظة , وتختص كل لجنة بالبت بالواقعات ضمن نطاق عملها , ويكلف المخالف بدفع غرامة مالية قدرها 4000 ليرة سورية.
ويتم تسجيل واقعة الوفاة في السجل المدني بموجب شهادة من المختار مرفقة بتقرير طبي يثبت أن الوفاة طبيعية , وفي الأمكنة التي لا يوجد فيها أطباء يكتفى بشهادة المختار بأن الوفاة طبيعية .
أما الوفيات التي تحدث في السجون أو المحاجر أو المستشفيات فيتم تسجيلها استناداً إلى شهادات يقدمها مديرو هذه المؤسسات أو من ينوب عنهم إلى أمين السجل المدني المختص .
وعند تنفيذ حكم الإعدام بحق أحد الأشخاص , يتوجب على المحامي العام أو نائبه تنظيم محضر بواقعة الوفاة وإرساله خلال المدة القانونية للتبليغ إلى أمين السجل المدني لتسجيل الوفاة في السجل المدني .
وبموجب المرسـوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 لا يمكن دفن أي متوفى بدون شهادة طبية , وإذا حدثت الوفاة في أماكن لا يوجد فيها أطباء فتعطى هذه الشهادة من قبل المختار بعد
أن يتحقق من أن الوفاة طبيعية .
كما لا يمكن أن يجري الدفن قبل مرور ثماني ساعات في الصيف وعشر ساعات في الشتاء , وتستطيع السلطة المختصة في الحالات الحرجة أن ترخص بالدفن دون مراعاة هذه المهلة .
ويذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن الإنسان بعد موته يعتبر حياً حكماً , أي بحكم القانون لا حقيقة , إلى أن تتم تصفية التركة وسداد الديون , وذلك تطبيقاً للقاعدة الشرعية المعروفة أن “لا تركة إلا يعد سداد الديون” . فلا تنتقل الأموال التي يتركها المتوفى إلى الورثة فور موته , بل تبقى هذه الأموال على حكم ملك المتوفى نفسه إلى أن تسدد ديونه .
غير أن هذا الرأي فيه مخالفة ظاهرة لصريح نص المشرع على أن شخصية الإنسان تنتهي بموته . وعلى هذا فإن التركة تنتقل إلى الورثة فور موت المورث مثقلة بالديون التي عليها , وكل ما تعنيه قاعدة ألا تركة إلا بعد سداد الديون هو أن لا ملكية خالصة للورثة إلا بعد سداد الديون , أي لا تخلص ملكية التركة إلى الورثة خلوصاً نهائياً إلا بعد تخليصها مما يثقلها من ديون .
ثانياً : نهاية الشخصية بالموت الحكمي (حالة المفقود) :
الأصل أن الشخصية تنتهي بالموت الحقيقي , إلا أن المشرع يعتبر في حكم الموت الحقيقي الموت الذي يحكم القاضي بوقوعه , ويكون ذلك في حالة المفقود.
– تعريف المفقود:
المفقود في اصطلاح الفقهاء هو الغائب الذي انقطعت أخباره , فلا يدرى مكانه ولا تعلم حياته ولا وفاته .
وعلى ذلك فالمفقود يختلف عن الغائب , حيث أن الغائب هو الشخص الذي يغيب عن موطنه أو محل إقامته ,ولكن حياته تكون معلومة , سواء عرف مكانه أم لا .
فالمفقود لا تعلم حياته ولا وفاته .
أما الغائب فحياته تكون معلومة .
فكل مفقود يعتبر غائباً , بينما لا يعتبر الغائب مفقوداً إلا إذا قام الشك حول حياته أو موته, أي إذا كنا لا نعلم أحي هو أم ميت .
– أحكام المفقود:
نصت المادة 34 من القانون المدني السوري على أنه: “يسري في شأن المفقود والغائب الأحكام المقررة في قوانين خاصة , فإن لم توجد فأحكام الشريعة الإسلامية ” .
وبالرجوع إلى قانون الأحوال الشخصية السوري الذي ينظم أحكام المفقود نجد أنه نص في المادة 205 على أن الفقدان ينتهي بعودة المفقود أو بموته أو بحكم باعتباره ميتاً عند بلوغه الثمانين من العمر , هذا إذا لم يكن فقده بسبب عمليات حربية .
فإذا كان فقده بسبب عمليات حربية أو حالات مماثلة لها مما يغلب معه الهلاك , فانه يجوز الحكم في موته بعد مرور أربع سنوات من تاريخ فقده .
وعلى هذا تظل شخصية المفقود قائمة قبل صدور الحكم باعتباره ميتاً , فتبقى أمواله على ملكه , ويبقى زواجه قائماً , ويوقف له نصيبه من الميراث ممن يموت من أقربائه الذين يستحق الإرث منهم حتى يتبين مصيره .
ومتى حكمالقاضي باعتبار المفقود ميتاً عند بلوغه الثمانين من العمر , أو بعد مرور أربع سنوات على فقده , بحسب التفصيل المتقدم , تنتهي شخصيته من تاريخ صدور هذا الحكم ويعامل من هذا التاريخ معاملة الميت موتاً حقيقياً :
فتعتد زوجته عدة الوفاة , ويجوز لها الزواج من غيره بعد انقضاء هذه العدة .
غير أن الزوجة غير مضطرة إلى انتظار صدور الحكم بوفاة زوجها المفقود حتى تتحلل من رابطتها الزوجية معه, بل تستطيع التحلل من هذه الرابطة عن طريق طلب التفريق لعلة الغياب , فقد أجاز قانون الأحوال الشخصية السوري للزوجة التي غاب عنها زوجها بدون عذر مقبول أن تطلب إلى القاضي , بعد سنة من غياب الزوج , الحكم بالتفريق بينها وبينه ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
كما توزع أمواله على ورثته الموجودين وقت الحكم باعتباره ميتاً .
أما ورثته الذين ماتوا بعد فقده أي أثناء غيابه وقبل صدور هذا الحكم فلا يرثونه, لأن الحكم باعتباره ميتاً حكم منشئ لهذا الموت ليس كاشفاً له .
ولا يدخل في تركة المفقود الأموال التي آلت إليه عن طريق الإرث من أقربائه الذين توفوا أثناء فقده , والتي كانت قد أوقفت له حتى يعرف مصيره , بل ترد هذه الأموال إلى من كان يستحقها من الورثة وقت وفاة مورثه , وذلك لعدم تيقن حياة المفقود وقت موت هذا المورث, وهو شرط لاستحقاق الإرث3.
وعلى هذا :
A ـ يعتبر المفقود من حين فقده إلى حين الحكم بموته حياً في حق تركته , أي في شأن الحقوق التي تضره و تنفع غيره كإرث الغير منه .
B ـ و يعتبر ميتاً في حق تركة مورثيه , أي في شأن الحقوق التي تنفعه وتضر غيره كإرثه من الغير .
فإذا ظهر المفقود حياً بعد صدور الحكم باعتباره ميتاً وتوزيع تركته , فإنه يسترد ما كان له من أموال وما استحق من إرث من أقاربه المتوفين من أيدي الورثة , أما ما استهلكه هؤلاء أو تصرفوا به فلا يسترد منه شيئاً , لأنهم ملكوا التصرف في هذه الأموال بناء على حكم قضائي فلا ضمان عليهم .
هذا بالنسبة لمصير أمواله , أما بالنسبة لمصير زوجته :
فإذا كانت لم تتزوج بغيره بعد الحكم بوفاته فتبقى زوجته ويعود لها من غير حاجة إلى عقد جديد.
أما إذا كانت قد تزوجت من غيره بعد الحكم بوفاته فلا يمكن أن يعود لها إلا في حالتين:
A ـ إذا كان الزواج الثاني لم يتم بالدخول .
B ـ أو إذا كان الزواج الثاني باطلاً , كما لو تزوجها الزوج الثاني وهو يعلم أن زوجها الأول على قيد الحياة , أو تزوجها وهي في العدة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً