مدى جواز التعاقد على شيء مستقبلي في أحكام القانون المدني المصري
الطعن 516 لسنة 69 ق جلسة 16 / 11/ 2011 مكتب فني 62 ق 155 ص 953
برئاسة السيد القاضي / فتحــي محمـد حنضــل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أشــرف دغيــــم د/ محسـن إبراهيم ، إبراهيـم المرصفـاوي نواب رئيس المحكمة وأسامـة أبـو العـز .
———–
(1) محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود : في تفسير العقد ” .
لمحكمة الموضوع سلطة تفسير المحررات والعقود . لا رقابة عليها من محكمـة النقض . شرطه . حمل عبارة المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها . وجوب بيان الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول والعبارات التي أدت إليه .
(2) بيع ” أركان عقد البيع وشروطه : المحل : التعاقد على شيء مستقبل” .
صحة عقد البيع . شرطه . وجود المبيع وقت التعاقد أو أن يكون ممكن الوجود . جواز أن يكون محل التعاقد شيئاً مستقبلاً . م 131مدنى .
(3) حكم ” عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال : ما يعد كذلك ” .
فساد الحكم في الاستدلال . ماهيته . استناد المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبتته .
(4) بيع ” أركان عقد البيع وشروطه : المحل ” .
صدور عقد بيع ابتدائي على وحدة سكنية تحت الإنشاء وغير موجودة فعلاً وقـت التعاقد . م 131/1 مدنى . مؤداه . عدم انصراف قصد المتعاقدين إلى إبرام العقد عن شقة موجودة فعلاً وقت التعاقد . قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان عقد البيع ورفض دعوى الطاعنة بطلب صحة ونفاذ عقد البيع وتسليم المبيع استناداً إلى قصد المتعاقدين . وقوع البيع على شيء موجود فعلاً بما يترتب عليه بطلان البيع متجاوزاً المدلول الظاهر لعبارات العقد . فساد وقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف علـى مقصود المتعاقدين إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها ، وأنه على القاضي إذا ما أراد حمل عبارات المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول الظاهر إلى خلافه ، وكيف أفادت تلك العبارات المعنى الذى أخذ به ، ورجح أنه مقصود المتعاقدين بحيث يتضح لمحكمة النقض من هذا البيان أن محكمة الموضوع قد اعتمدت في تأويلها لها على اعتبارات معقولة يصح عقلا استخلاص ما استخلصتـه منها .
2 – مفاد النص في المادة 131/1 من القانون المدني يدل على أنه يشترط لصحة عقد البيع وجود المبيع وقت التعاقد ، أو أن يكون ممكن الوجود ، فيجوز أن يكون محل التعاقد شيئاً مستقبلاً .
3 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه مناقض لما أثبته .
4 – إذ كان الثابت من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/11/1982 أن البيع قد انصب على الوحدة السكنية محل البيع المبينة الحدود والمعالم بالعقد وهى شقة سكنية تحت الإنشاء في المستقبل ، ولم تكن موجودة فعلاً وقت التعاقد وهو أمر جائز وفقاً للمادة 131/1 من القانون المدني ، وقد تعينت الوحدة تعييناً يميزها عن غيرها ، والبين من المدلول الظاهر لعبارات العقد أن قصد المتعاقدين لم ينصرف إلى إبرام العقد عن شقة موجودة فعلاً وقت التعاقد إذ الثابت من العقد أن البناء كان تحت الإنشاء واتفاق الطاعنة والمطعون ضدها على نوعية التشطيبات الخاصة بتلك الشقة ومعاينة الطاعنة للرسومات الهندسية الخاصة بالعقار الكائنة به وتحديد موعد لاستلامها خلال ثلاثين شهراً من تاريخ التعاقد ، بما مؤداه أنهما لم يقصدا التعاقد على شقة موجودة فعلاً ، وإذ خالف الحكم هذا المعنى الظاهر لعبارات العقد وعلى خلاف عباراته الواضحة وانتهى الى أن المتعاقدين قصدا أن يقع البيع على شيء موجود فعلاً لا على شيء ممكن الوجود وأن المبيع في حقيقة الأمر كان غير موجود فعلاً بما يترتب عليه بطلان البيع متجاوزاً بذلك المدلول الظاهر لعبارات العقد وما تحتمله نصوصه ، دون أن يبين الأسباب المقبولة للانحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد فانه يكون معيباً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم … لسنة 1995 مدنى محكمة شمال الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/11/1982 والتسليم ، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب ذلك العقد اشترت من المطعون ضدها الشقة المبينة بالصحيفة لقاء ثمن مدفوع مقداره خمسة عشر ألف جنيه ، وإذ تراخـى البائع في نقل ملكية المبيع فقـد أقامت الدعوى . حكمت المحكمة بالطلبات . استأنفت المطعون ضدها الحكم بالاستئناف رقـم … لسنة 113 ق القاهرة ، ندبت المحكمة خبيراً وبعـد أن أودع تقريـره قضت بتاريخ14/12/1998 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى . طعنت الطاعنة في هذا الحكـم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه ، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إن الحكم رفض الدعوى على ما ذهب إليه من أن عبارات عقد البيع تدل على أن المتعاقدين انصرفت إرادتهما وقصدا التعاقد على وحدة سكنية موجودة فعلاً لا على شيء ممكن الوجود مما يكون معه عقد البيع باطلاً ، في حين أن الثابت من عبارات العقد أنها واضحة الدلالة على أن التعاقد إنما تم على وحدة سكنية تحت الإنشاء وهو أمر جائز التعامل عليه وفقاً للمادة 131/1 من القانون المدني ، وإذ لم يبين الحكم الاعتبارات المقبولة التي أدت به إلى الانحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة -أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف علـى مقصود المتعاقدين إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها ، وأنه على القاضي إذا ما أراد حمل عبارات المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول الظاهر إلى خلافه ، وكيف أفادت تلك العبارات المعنى الذى أخذ به ، ورجح أنه مقصود المتعاقدين بحيث يتضح لمحكمة النقض من هذا البيان أن محكمة الموضوع قد اعتمدت في تأويلها لها على اعتبارات معقولة يصح عقلا استخلاص ما استخلصتـه ، والنص في المادة 131/1 من القانون المدني على أنه ” يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً ” يدل على أنه يشترط لصحة عقد البيع وجود المبيع وقت التعاقد ، أو أن يكون ممكن الوجود ، فيجوز أن يكون محل التعاقد شيئاً مستقبلاً ، وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعيـــة للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها أو استخلاص هــذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه مناقض لما أثبته . لما كان ذلك ، وكان الثابت من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/11/1982 أن البيع قد انصب على الوحدة السكنية محل البيع المبينة الحدود والمعالم بالعقد وهى شقة سكنية تحت الإنشاء في المستقبل ، ولم تكن موجودة فعلاً وقت التعاقد وهو أمر جائز وفقاً للمادة 131/1 من القانون المدني ، وقد تعينت الوحدة تعييناً يميزها عن غيرها ، والبين من المدلول الظاهر لعبارات العقد أن قصد المتعاقدين لم ينصرف إلى إبرام العقد عن شقة موجودة فعلاً وقت التعاقد إذ الثابت من العقد أن البناء كان تحت الإنشاء واتفاق الطاعنة والمطعون ضدها على نوعية التشطيبات الخاصة بتلك الشقة ومعاينة الطاعنة للرسومات الهندسية الخاصة بالعقار الكائنة به وتحديد موعد لاستلامها خلال ثلاثين شهراً من تاريخ التعاقد ، بما مؤداه أنهما لم يقصدا التعاقد على شقة موجودة فعلاً ، وإذ خالف الحكم هذا المعنى الظاهر لعبارات العقد وعلى خلاف عباراته الواضحة وانتهى الى أن المتعاقدين قصدا أن يقع البيع على شيء موجود فعلاً لا على شيء ممكن الوجود وأن المبيع في حقيقة الأمر كان غير موجود فعلاً بما يترتب عليه بطلان البيع متجاوزاً بذلك المدلول الظاهر لعبارات العقد وما تحتمله نصوصه ، دون أن يبين الأسباب المقبولة للانحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد فانه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً