عقوبة الضرب المفضي الى الموت في ضوء أحكام القانون والقضاء المصري .
الطعن 120 لسنة 46 ق جلسة 15 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 126 ص 596 جلسة 15 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد فاروق راتب.
—————–
(126)
الطعن رقم 120 لسنة 46 القضائية
(1)دفوع. “الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه”. اعتراف. بطلان. “بطلان الاعتراف”. نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. إثبات. “اعتراف”.
الدفع بحصول الاعتراف. نتيجة إكراه أو تهديد. لا يقبل لأول مرة أمام النقض. قول الدفاع بأن ما أدلى به المتهم كان بإيعاز من الضابط. لا يعد دفعاً ببطلان الاعتراف للإكراه.
(2) إثبات. “شهادة ” حكم. “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شاهد. ولو خالفت قولاً آخر له. دون بيان العلة.
(3) ضرب. “ضرب أفضى إلى الموت”. جريمة. “أركانها”. رابطة السببية. محكمة الموضوع. “سلطتها في تقدير رابطة السببية”.
تقدير توافر أو انتفاء رابطة السببية. بين الإصابات والوفاة. في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. موضوعي. مادام سائغاً.
(4)نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. أسباب الإباحة وموانع العقاب. “استعمال حق مقرر بمقتضى القانون”. حق التأديب. ضرب. “ضرب أفضى إلى الموت”.
دفاع المتهم بأنه متولي أمر المجني عليهما. موضوعي. لا يقبل لأول مرة أمام النقض.
[(1)] مدى حق التأديب المباح.
————–
1 – لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث وإذ كانت كلمة “الإيعاز” هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعى بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول الشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر.
3 – من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة.
4 – إن ما يدعيه الطاعن من توليه أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب…… بقدمه في رقبتها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد عن ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب أفضى إلى الموت، قد أنطوى على إخلال بحق الدفاع وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن المحكمة لم تسمع شهوداً، وعولت في حكمها على اعتراف الطاعن وأقوال والدة المجني عليها في التحقيق رغم انتزاع ذلك الاعتراف بطرق الإكراه وصدور هذه الأقوال تحت وطأه التهديد من جانب ضابط المباحث، ورغم ما يستفاد من أقوال والدة المجني عليها – إثر الواقعة – من أن الوفاة حدثت نتيجة سقوط المجني عليها على الأرض. هذا إلى أن الحكم بعد ما جزم بأن اعتداء الطاعن على المجني عليها هو الذي أدى إلى وفاتها، عاد فنقل عن تقرير الصفة التشريحية أن هذه الحالة نادرة، وهوشك يتعارض مع ذلك الحزم ويفسر لمصلحة الطاعن. ومتى انتفت علاقة السببية بين فعل الاعتداء الواقع على المجني عليها ووفاتها، فإن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على هذا الفعل لأن الطاعن إنما ارتكبه – وفقاً لما نصت عليه المادة 60 من ذلك القانون – بنية سليمة عملاً بحقه في تأديب أخته المجني عليها باعتباره المتولي أمرها بعد وفاة والدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها استقاها من أقوال والدة المجني عليها واعتراف الطاعن في التحقيق ومن أقوال أخيه وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع الشهود متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه بعد سماع شهادة والدة المجني عليها اكتفى المدافع عن الطاعن بتلاوة أقوال باقي الشهود كما هي مبينة بالتحقيقات فتليت، فليس للطاعن – من بعد – أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم. لما كان ذلك، وكان البين من ذلك المحضر أيضاً أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث. وإذ كانت كلمة “الإيعاز” هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعي بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري فيما نقله الحكم عن رواية والدة المجني عليها التي أدلت بها في التحقيق، فإنه – بفرض صحة ما يدعيه من إبداء هذه الشاهدة قولاً آخر إثر وقوع الواقعة – لا يحق له أن ينعي على المحكمة تعويلها على تلك الرواية دون هذا القول، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول للشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر، لما كان ذلك، وكان لا أثر في الحكم للتناقض الذي يعيبه الطاعن، ذلك بأن الحكم إذ حصل وقوع الاعتداء من الطاعن وحده على المجني عليها وأنه صفعها على وجهها وركلها برجله في رقبتها أثناء جلوسها على الأرض وانتهى إلى حدوث الوفاة نتيجة ذلك الاعتداء، قد أورد – نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية – أن بالجسم أماكن حساسة كمقدم العنق ومنطقة الحنجرة ومنطقة الصدغ والأذن قد يتسبب عن الإصابة الطفيفة فيها الحدث الفجائي وفى هذه الحالة – وهى حالة نادرة – قد يتوقف القلب تماماً دون أن يتمكن من الاستمرار في عمله والخروج من تأثير العصب الحائر عليه وبذلك يموت المصاب عقب حصول الإصابة كما هي الحال في وفاة المجني عليها التي نشأت عن الصدمة العصبية بالفعل المنعكس والنهى البار اسمباتى للقلب نتيجة الإصابات الراضة التي وقعت على العنق والصدغ ومقدم الصدر، وهذا الذي أورده الحكم يتفق ولا يتعارض مع الجزم بأن الاعتداء الواقع من الطاعن – دون سواه – على المجني عليها هو الذي أدى بالفعل إلى وفاتها وإن كانت هذه الحالة نادرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة – كما هي الحال في الدعوى الماثلة – وكان ما يدعيه الطاعن من تولية أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه، لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
[(1)] قارب السنة 26 ص 622
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً