دستورية نص البند (7) من المادة (32) من قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000 باعتماد النظام الأساسي للائحة الاتحادات الرياضية
المحكمة الدستورية العليا المصرية
قضية رقم 284 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا “دستورية”
مبادئ الحكم: لوائح تنفيذية – دستور – مبدأ المساواة – هيئات عامة في ميدان الشباب والرياضة – دعوى دستورية – مصلحة نطاق الدعوى – مبدأ المساواة – مراكز مختلفة
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 فبراير سنة 2004 م، الموافق 17 من ذي القعدة سنة 1424 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 284 لسنة 23 قضائية “دستورية”.
المقامة من
السيد/ …
ضد
1- السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2- السيد/ وزير الشباب
الإجراءات
بتاريخ التاسع من أكتوبر سنة 2001 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبا الحكم بعدم دستورية نص البند (7) من المادة (32) من قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000 باعتماد النظام الأساسي للائحة الاتحادات الرياضية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 31/8/2000 تقدم المدعي بطلب ترشيح لرئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم، إلا أن الاتحاد المذكور اعترض على هذا الترشيح لسابقة انتخابه لذات المنصب لدورتين متتاليتين، وعدم انقضاء دورة انتخابية تالية لهذا الانتخاب وذلك إعمالا لحكم البند (7) من المادة (32) من قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000، فتظلم المدعي من هذا الاعتراض أمام الجهة الإدارية المختصة، فاعتصمت بالصمت،
ثم أصدرت القائمة النهائية للمرشحين خالية من اسمه، الأمر الذي ارتأى معه المدعي أن ثمة قرارا ضمنيا برفض ترشيحه فقام بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 14324 لسنة 54 “قضائية” طالبا وقف تنفيذه وإلغاءه. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص البند (7) من المادة (32) من قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن لائحة الاتحادات الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000 تنص في المادة (32) على أن:
“شروط الترشيح لمجلس الإدارة:
يتقدم المرشح بطلب باسم سكرتير عام الاتحاد مرفقا به استمارات بيانات مستوفاة يتم سحبها من الاتحاد ويسلم الطلب والاستمارة لسكرتارية الاتحاد بإيصال استلام، على أن يسدد مبلغا وقدره خمسمائة جنيه للمساهمة في مصروفات العملية الانتخابية (لا يرد في جميع الحالات) ويجب أن يتوافر في المرشح الشروط الآتية:
1-…
7- ألا يكون قد سبق انتخابه في مجلس إدارة الاتحاد أو أي اتحاد رياضي آخر أو اللجنة الأوليمبية لدورتين متتاليتين ما لم تنقض دورة انتخابية واحدة على الأقل.
ولا يخل باعتبار الدورة كاملة إدماج اتحادين أو حل مجلس الإدارة أو زوال أو إسقاط أو إيقاف العضوية خلال الدورتين المتتاليتين لأي فترة كانت ولأي سبب من الأسباب”.
وحيث إن من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكانت حقيقة طلبات المدعي في الدعوى الموضوعية تدور حول طلبه وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية المختصة السلبى بالامتناع عن قيد اسمه في قائمة المرشحين لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، وكانت إجابة المدعي إلى طلبه هذا تتوقف على إبطال النص التشريعي الذي يحول دون ذلك؛ فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة يتحدد بما نص عليه البند (7) من المادة (32) من لائحة الاتحادات الرياضية من أنه يشترط فيمن يرشح لمجلس إدارة الاتحاد ألا يكون قد سبق انتخابه في مجلس إدارة الاتحاد لدورتين متتاليتين ما لم تنقض دورة انتخابية واحدة على الأقل، دون أن يمتد إلى غير ذلك من أحكام تضمنها النص الطعين.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين – محددا نطاقا على النحو المتقدم – أنه فرض مدة بينية بنص لائحي، في حين أنها باعتبارها قيدا على حق الترشيح لمجالس إدارة الهيئات الرياضية، التي تعد من قبيل الجمعيات الخاصة فإنه لا يجوز تنظيمها إلا بقانون طبقا للمادة (55) من الدستور، كما أن قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000 الذي حوى النص الطعين ما هو إلا لائحة تنفيذية وهي بوصفها كذلك لا تملك إضافة أحكام جديدة لنصوص القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة معدلا بالقانون رقم 51 لسنة 1978 ينص في المادة (1) منه على أن: “يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة.
ولا تسري في شأن هذه الهيئات أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة…”.
كما تنص المادة (1) من قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة المشار إليه على أن “تعتبر هيئة أهلية عاملة في ميدان رعاية الشباب والرياضة في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين لا تستهدف الكسب المادي ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم، وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويحية في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذي يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة.
كما تقضي المادة (15) منه بأن “تعتبر الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة من الهيئات الخاصة ذات النفع العام…”.
ومفاد ما تقدم من نصوص أن الهيئات العاملة في ميدان الشباب والرياضة تتوخى تنمية الشباب، وإتاحة الأوضاع المناسبة لتطوير ملكاتهم عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية في إطار السياسة العامة للدولة، وعلى ضوء التخطيط الذي يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وقد اعتبر القانون رقم 77 لسنة 1975 المشار إليه هذه الهيئات من “الهيئات الخاصة ذات النفع العام”، كما قرر بصريح عبارة المادة (1) منه عدم سريان أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة عليها، بما مؤداه أن هذه الهيئات لا تعد من قبيل الجمعيات التي عنتها المادة (55) من الدستور، ولا تخضع من ثم لحكمها.
وحيث إن المادة (8) من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة تنص على أن “يصدر الوزير المختص القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون وتحديد الجهة الإدارية المختصة”. كما تقضي المادة (4) من قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة بأنه “للجهة الإدارية المركزية المختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون تعتمد بقرار من الوزير المختص وتشتمل على البيانات الآتية:
(أ) اسم الهيئة ومقرها والغرض من إنشائها.
(ب) شروط العضوية وأنواعها وإجراءات قبولها وإسقاطها وحقوق الأعضاء وواجباتهم…
(ج)…
(د) طريق تشكيل مجلس الإدارة الانتخاب أو بالتعيين في بعض الهيئات ذات الطبيعة الخاصة والشروط الواجب توافرها في أعضائها…
ومؤدى ما تقدم، أن قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة ناط بوزير الشباب سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ نصوصه، وتحديد الجهة الإدارية المختصة بتطبيقها، كما عهد إليه أيضا اعتماد النظم الأساسية النموذجية التي تضعها الجهة الإدارية المركزية للهيئات الخاضعة لأحكامه، كما حدد البيانات الجوهرية التي تلتزم تلك النظم أن تضمنها أحكامها ومنها الشروط اللازم توافرها في أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الرياضي وطريقة تشكيل هذا المجلس، ونفاذا لذلك أصدر وزير الشباب قراره رقم 835 لسنة 2000 بتحديد جهاز الرياضة كجهة إدارية مختصة، واعتماد النظام الأساسي المرفق للائحة الاتحادات الرياضية والتي نظمت المادة (32) منه شروط وإجراءات الترشيح لمجلس إدارة الاتحاد الرياضي ومنها نص البند (7) – النص الطعين – الذي يشترط ألا يكون المرشح سبق انتخابه في مجلس إدارة الاتحاد الرياضي لدورتين متتاليتين ما لم تنقض دورة انتخابية واحدة على الأقل، أي أن قرار وزير الشباب رقم 835 لسنة 2000 قد حوى بين دفتيه بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة المشار إليه، بالإضافة إلى إصداره اللوائح النموذجية للاتحادات الرياضية، وهو بذلك يكون قد التزم الضوابط التي وضعتها المادة 144 من الدستور في إصدار اللوائح التنفيذية، والتي أجازت أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل أو إعفاء أحد من تنفيذ أحكامه.
وحيث إن المدعي ينعى كذلك على النص المطعون عليه مخالفته مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، قولا إن القيد الوارد به يسري على أعضاء مجلس إدارة لاتحاد المنتخبين دون المعينين بالرغم من تماثل المركز القانوني لكلتا الطائفتين.
وحيث إن هذا النعي بدوره مردود، ذلك أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم – على تباين مراكزهم القانونية – معاملة قانونية متكافئة، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التي تبناها المشرع لتنظيم موضوع معين، والنتائج التي رتبها عليها، ليكون التمييز بالتالي موافقا لأحكام الدستور التي يناقضها أن تنفصل النصوص التشريعية عن أهدافها، أو أن تتوخى تحقيق مصالح ضيقة لا تجوز حمايتها. متى كان ذلك، وكان ما قرره النص الطعين من قيد المدة البينية فيمن يرشح لشغل عضوية مجلس إدارة الاتحاد الرياضي بالانتخاب والمتمثل في ألا يكون قد سبق انتخابه في مجلس إدارة الاتحاد لدورتين متتاليتين، ما لم تنقض دورة انتخابية واحدة على الأقل، قد رد المخاطبين بأحكامه – وهم الأعضاء المرشحون لشغل عضوية مجالس إدارة الاتحادات الرياضية بطريق الانتخاب – إلى قاعدة موحدة لا تقيم في مجال سريانها تمييزا بينهم، بل تنتظمهم جميعا أحكامها التي ربطها المشرع بمصلحة عامة تتمثل في كسر احتكار أشخاص بذواتهم لمواقع قيادية لفترات طويلة تؤدي إلى ترهلهم وضعف قدرتهم على العطاء، في حين أن تداول هذه المواقع بين أكبر عدد ممكن من القيادات يؤدي إلى إتاحة الفرصة أمام أفضل العناصر التي تلاحق التطور في الحياة الاجتماعية والرياضية، والتي تأخذ بالتخطيط العلمي السليم،
ومن أجل ابتكار أفضل الوسائل التي تكفل رعاية الشباب ومساعدتهم كأفراد وجماعات لتكوين شخصيتهم وتنمية ملكاتهم وقدرتهم على تحمل المسئولية لضمان مشاركتهم الفعالة في بناء مجتمعهم، هذا بالإضافة إلى أن قصر هذا الحكم على الأعضاء المنتخبين دون المعينين مرده إلى أن وزير الشباب والرياضة يلجأ إلى أسلوب التعيين للاستفادة من بعض الكفاءات الفنية والإدارية من ذوي الخبرة الخاصة والذي يعزفون عن خوض الانتخابات لسبب أو آخر، أو لتعيين عنصر نسائي إذا لم تسفر الانتخابات عن فوز إحداهن، وذلك كل من أجل الارتقاء بمستوى اللعبة التي يشرف عليها الاتحاد، ومن ثم فإن قالة تنكب النص الطعين لقاعدة المساواة المنصوص عليها في المادة (40) من الدستور تكون فاقدة لأساسها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
اترك تعليقاً