الجرائم التي يعاقب على الشروع فيها والجرائم المستبعدة من نطاق الشروع – مقال قانوني .
خطة الشارع في تحديد الجرائم التي يعاقب على الشروع فيها:
يرسم الشارع خطته على أساس تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات:
فالجنايات يعاقب على الشروع فيها ما لم يقض القانون استثناء بغير ذلك؛ والجنح لا يعاقب على الشروع فيها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وقد عبر الشارع عن هذه القاعدة بالمادة 47 من قانون العقوبات (المصري) بقوله: “تعين قانوناً الجنح التي يعاقب على الشروع فيها”؛ أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها.
ويفسر هذه الخطة أنه إذا كانت الجريمة جسيمة فالشروع فيها جسيم بدوره ويستأهل العقاب، فإن قلت جسامة الجريمة قلت خطورة الشروع بدوره، وقد يبلغ ذلك الحد الذي تزول فيه جدارته بالعقاب. وتطبيقاً لذلك فالجنايات بصفة عامة جرائم جسيمة، ولذلك كانت القاعدة العامة أن يعاقب على الشروع فيها؛ أما الجنح فهي أقل جسامة، ولذلك كان الأصل في الشروع فيها أنه غير جدير بالعقاب ما لم ير الشارع أن بعضها على قدر واضح من الخطورة بحيث يمثل الشروع فيه القدر من الجسامة الذي يجعله جديراً بالعقاب. والمخالفات في النهاية قليلة الخطر، ولذلك لم يكن محل للعقاب على الشروع فيها.
الجرائم المُستبعدة من نطاق الشروع:
هذه الجرائم قسمان:
قسم يتصور الشروع فيه، أي تتوافر للشروع أركانه، ومع ذلك يقرر الشارع عدم العقاب عليه؛ وقسم لا يتصور في شأنه الشروع، إذ تنقصه دائماً بعض أركانه. وجرائم القسم الأول لا تحكمها قاعدة عامة، وإنما المرجع في تحديدها إلى نصوص القانون؛ ومن أمثلتها جنايات الإجهاض، إذ تتوافر بالنسبة للشروع فيها جميع أركانه، ومع ذلك يقرر الشارع ألا عقاب عليها (المادة 264 من قانون العقوبات المصري). وبعض الجنح والمخالفات جرائم عمدية كجنح الضرب أو الجرح (المواد 241 و 242 و 243 من قانون العقوبات المصري) ومخالفة التعدي أو الإيذاء الخفيف (المادة 377 من قانون العقوبات المصري) والشروع فيها متصور ولكن الشارع أخرجه من نطاق العقاب.
أما جرائم القسم الثاني، وهي التي لا يتصور الشروع فيها فقد سبق أن أشرنا إلى طائفتين منها، الجرائم غير العمدية والجرائم ذات النتائج التي تجاوز قصد الجاني، ونشير فيما يلي إلى طائفتين أخريين: الجرائم السلبية البسيطة، والجرائم التي تأبى طبيعة ركنها المادي الخضوع لأحكام الشروع.
الجرائم السلبية البسيطة:
إذا كانت الجريمة سلبية بسيطة فالشروع فيها غير متصور، إذ لا يعاقب القانون على إحداث نتيجة بحيث يمكن القول بفشل الجاني في تحقيقها على الرغم من محاولته ذلك، وإنما يعاقب على سلوك سلبي في ذاته، فإن نسب إلى الجاني هذا السلوك فجريمته تامة وأن لم ينسب إليه فلا جريمة على الإطلاق. وليس بين الوضعين وسط. فجريمة امتناع القاضي عن الحكم (المادة 122 من قانون العقوبات المصري) تقع تامة إذا لم يتخذ القاضي الإجراءات اللازمة لإصدار الحكم في الوقت الذي يتعين عليه فيه ذلك، فإن لم يمض هذا الوقت، إذ ما زال في وسعه اتخاذ هذه الإجراءات، فلا تنسب إليه جريمة على الإطلاق.
أما إذا كانت الجريمة سلبية ذات نتيجة كامتناع الأم عن إرضاع طفلها بنية إحداث وفاته فالشروع فيها متصور، كما إذا اكتشف امتناع الأم قبل وفاة الطفل وأمكن إنقاذه: فالفرض أن للجريمة نتيجة، وأن الجاني يحاول بمسلكه السلبي تحقيقها، فمن المتصور أن يفشل في ذلك على الرغم من مسلكه.
الجرائم التي تأبى طبيعة ركنها المادي الخضوع لأحكام الشروع:
هذه الجرائم متعددة، واستظهار طبيعة ركنها المادي ومدى تقبلها الخضوع لأحكام الشروع هو من موضوعات القسم الخاص. وأظهر مثال لها جريمة شهادة الزور (المادة 294 وما بعدها من قانون العقوبات المصري): فللشاهد العدول عن شهادته حتى إقفال باب المرافعة، فإن عدل فهو لم يرتكب جريمة على الإطلاق، وإن لم يعدل فقد ارتكب جريمته كاملة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً