حق المدعي بالحق المدني في ترك الدعوى أمام المحاكم الجنائية .
الطعن 1425 لسنة 49 ق جلسة 17 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 20 ص 105 جلسة 17 من يناير سنة 1980
برياسة السيد المستشار/ عثمان الزيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار، وحسن جمعة، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس.
—————-
(20)
الطعن رقم 1425 لسنة 49 ق
1 – حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
كشف مدونات الحكم الصادر في المعارضة الابتدائية عن أخذه بأسباب الحكم الغيابي. تأييد الحكم الاستئنافي له. مؤداه: أخذه بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة.
2 – خطأ. رابطة السببية. مسئولية جنائية. قتل خطأ. إصابة خطأ.
تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير قيام رابطة السببية بينه وبين النتيجة الضارة. موضوعي. مثال. تجربة ماكينة – أشرف الطاعن على تصنيعها – دون اتخاذ الحيطة الكافية لعدم وقوع حادث.
3 – دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره” حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.
4 – دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. إثبات. “خبرة”.
استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى. مفاده إطراح التقرير الاستشاري المقدم فيها. دون إلزام عليها بالرد عليه استقلالاً.
5 – مسئولية جنائية. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
نعى المتهم بعدم إقامة الدعوى الجنائية على آخر. عدم جدواه. طالما لم يكن ليحول دون مساءلته عنها.
6 – نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
نعى المتهم بانتفاء إحدى صور الخطأ. عدم جدواه. طالما كان لا ينازع في ثبوت غيرها من صور الخطأ المنسوبة إليه.
7 – نقض “الصفة في الطعن”.
الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم. عدم قبوله. ممن لا شأن له بهذا البطلان.
8 – دعوى مدنية “ترك الخصومة” نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون”.
حق المدعي المدني في ترك دعواه أمام المحكمة الجنائية. في أية حالة كانت عليها. المادة 260 إجراءات. قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية على الرغم من ترك المدعي لها. خطأ في القانون. وجوب تصحيحه بإثبات تركه لدعواه.
—————–
(1) لم يرسم القانون شكلاً خاصاً تصاغ به الأحكام فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – دالاً في مبناه ومعناه على أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي الذي أورد واقعة الدعوى بأركانها وظروفها فإنه بذلك يكون حكم المعارضة الجزئية قد اعتمد في قضائه على أسباب الحكم الغيابي واعتنقها. فإذا ما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييده فإنه بذلك يكون قد أخذ بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة.
(2)لما كان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة خلص في منطق سليم إلى أن ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه الحادث يتمثل في أنه قام بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه المواصفات الفنية لتصنيعها، وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم فإن الحكم يكون قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن كما أثبت أن قتل وإصابة المجني عليهم كان نتيجة هذا الخطأ ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه.
(3)من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمة في طلباته الختامية.
(4)من المقرر أن استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها للتقرير الاستشاري المقدم فيها، وليس بلازم أن ترد على هذا التقرير استقلالاً.
(5)لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية على شخص آخر – بفرض مساهمته في الجريمة – ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومعقولاً.
(6) من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها تكفي لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه.
(7)الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان.
(8)لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 30/ 10/ 1975 أن المدعي بالحق المدني……. عن نفسه وبصفته قرر بتنازله عن دعواه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من طلبات في الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون أخطأ في القانون – بمخالفته نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية التي تبيح للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى – خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه وإلزامه بمصاريفها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 مايو سنة 1974 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة (أولاً) تسبب خطأ في موت كل من….. و….. بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته القوانين واللوائح ولإدارته ورشة بدون ترخيص علاوة على عدم مراعاته الأصول المواصفات الفنية القياسية في تركيب الماكينات فانفجرت الماكينة وأحدثت بالمجني عليهم الإصابات التي أودت بحياتهم. (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة…… وآخرين وكان ذلك على النحو المبين بالتهمة الأولى وطلبت عقابه بالمادتين 338 و244 من قانون العقوبات. وادعى ورثة المرحوم…… مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الدرب الأحمر قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وبإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا إلى ورثة المرحوم…… مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فعارض المحكوم عليه وأثناء نظر المعارضة ادعى…… مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ثم قضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم المستأنف الصادر في المعارضة الجزئية الذي لم يفصح عن أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي ولم ينشئ لنفسه أسباباً مستقلة مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد صدر خالياً من الأسباب، هذا وقد أثار الطاعن بالمذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الثانية بجلسة 26/ 10/ 1977 – دفاعاً مؤداه عدم توافر رابطة السببية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاعه واكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وليس ذلك فحسب بل تضمنت المذكرة سالفة الذكر طلب الطاعن من المحكمة الاستئنافية حضور الخبير لمناقشته وسماع شهود الواقعة إلا أن المحكمة أعرضت عن طلبه هذا كما أن الطاعن قدم تقريراً استشارياً خلص في نتيجته إلى أن وقوع الحادث يرجع إلى خطأ المجني عليه، وأن صاحب الورشة التي وقع بها الحادث شقيقه……. هو المسئول أيضاً عن الحادث دونه واتخذ الطاعن من ذلك دفاعاً له، وطلب إدخال شقيقه المذكور متهماً معه في الدعوى، إلا أن المحكمة أعرضت عن ذلك، وعولت على التقرير الفني المقدم من النيابة دون مناقشة التقرير الاستشاري حتى يستبين وجه المفاضلة بين التقرير الفني والاستشاري، يضاف إلى ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اتخذ من مخالفة الطاعن لإدارته الورشة بدون ترخيص – بفرض صحة أنه مالك للورشة – أساساً للخطأ المنسوب إليه، بيد أن هذه المخالفة لا شأن لها في وقوع الحادث. هذا وأن الحكم المطعون فيه لم يحط بالثابت بالأوراق إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى المدنية لورثة……. بالرغم من تنازلهم عن دعواهم أمام محكمة المعارضة الجزئية كما أن هؤلاء الورثة لم يعلنوا للحضور أمام محكمة ثاني درجة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الغيابي الابتدائي أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى من واقع الشهود وما أدلى به الطاعن وما ثبت من التقرير الفني خلص إلى ثبوت النتيجة قبل الطاعن بقوله “وحيث إنه في مقام إثبات الاتهام قبل المتهم فإن الثابت من أقوال المجني عليهم وشهود الحادث أن المتهم كان يشرف على تصميم ماكينة للعمل بها في مصنعه وحال تجربتها حدث الانفجار الذي أدى إلى وقوع الحادث، وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال المجني عليهم سالفي الذكر. ولما كان المتهم إنما أشرف على صناعة الماكينة وقام بتجربتها وكان الثابت من التقرير الفني أن ثمة أخطاء في تصميم الماكينة وكان مثل الماكينة المصنوعة إنما يجب أن يخضع في تصنيعها لذوي الخبرة والدراية في ذلك والمؤهلين لصناعتها خاضعين لإشراف الجهات الصناعية من ناحية مواصفاتها القياسية وأصولها الفنية أما ولم يفعل المتهم ذلك وصنع الماكينة بنفسه وتحت إشرافه جاهلاً أصولها الفنية وقام بتجربتها دون أن يتخذ الحيطة الكافية في مثل هذه الأحوال فإنه بذلك يكون غير مقدر لما يفعله جاهلاً أن ما يعمله قد يترتب عليه النتيجة التي أسفر عنها الحادث غير ملتفت بفكره إلى عامل اتخاذ احتياط يوجبه الحذر والتبصر في العواقب مما أدى إلى وقوع الحادث الذي ترتب عليه وفاة وإصابة المجني عليهم سالفي الذكر نتيجة هذا الخطأ. وأنه متى كان ذلك فقد توافرت أركان المسئولية الجنائية قبل المتهم وإذ اطمأنت المحكمة لنسبة الاتهام إليه ومن ثم يتعين عقابه عملاً بمواد الاتهام وبالمادة 32 عقوبات للارتباط بين التهمتين”، لما كان ذلك وكان حكم المعارضة الجزئية قد أيد منطوقة الحكم الغيابي سالف البيان وجاء بأسبابه “وحيث إن الحكم الغيابي المعارض فيه أورد وقائع الدعوى وكان من شأن ما أورده أن يؤدي إلى ما رتب عليه من إدانة المتهم”. وعرض الحكم للدفاع الذي أبداه الطاعن أمام محكمة المعارضة وانتهى إلى رفضه، ثم استطرد قائلاً. “ومن ثم يتعين رفض معارضته موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه” لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصاغ به الأحكام فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – دالاً في مبناه ومعناه على أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي الذي أورد واقعة الدعوى بأركانها وظروفها فإنه بذلك يكون حكم المعارضة الجزئية قد اعتمد في قضائه على أسباب الحكم الغيابي واعتنقها. فإذا ما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييده فإنه بذلك يكون قد أخاب بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة، ومن ثم ينتفي عن الحكم المطعون فيه قالة البطلان ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة خلص في منطق سليم إلى أن ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه الحادث يتمثل في أنه قام بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه المواصفات الفنية لتصنيعها، وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم، فإن الحكم يكون قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن كما أثبت أن قتل وإصابة المجني عليهم كان نتيجة هذا الخطأ ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، ومن ثم فإن ما ساقه الحكم يدل على إلمام بوقائع الدعوى وتفطن لمجريات الأمور فيها ولفحوى دفاع الطاعن بما تندفع به قالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، فإنه بفرض صحة ما يدعيه الطاعن من أنه طلب بالمذكرة المقدمة منه بجلسة 26/ 10/ 1977 حضور الخبير لمناقشته وسماع الشهود، إلا أنه يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة في 21/ 12/ 1977 أن المدافع عنه لم يتمسك بهذا الطلب في طلباته الختامية فليس له أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها للتقرير الاستشاري المقدم فيها، وليس بلازم أن ترد على هذا التقرير استقلالاً، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله مناقشته التقرير الاستشاري لا يكون له محل. هذا وإن ما يثيره الطاعن من أن خطأ المجني عليه كان السبب في وقوع الحادث فإنه لا جدوى له منه لأنه – بفرض قيامه – لا ينفي مسئوليته الجنائية عن جريمة القتل الخطأ التي أثبت الحكم قيامها في حقه، ذلك بأن الخطأ المشترك – في نطاق المسئولية الجنائية – لا يخلي المتهم من المسئولية، وما دام الحكم – في صورة الدعوى – قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان بها الطاعن من ثبوت نسبة الخطأ إليه ومن نتيجة مادية وهي وقوع الضرر بوفاة المجني عليهما ومن رابطة سببية بين الخطأ المرتكب والضرر الواقع فإن منعاه يضحى ولا محل له. كما وأن النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم مسئوليته عن وقوع الجريمة وأن المسئول عن وقوعها هو شقيقه……. الذي طلب إدخاله في الدعوى مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية على شخص آخر – بفرض مساهمته في الجريمة – ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومعقولاً. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تحديد الخطأ في حق الطاعن في صورة واحدة تتمثل في قيام الطاعن بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه الموصفات الفنية لتصنيعها وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم ودلل الحكم على ثبوت هذه الصورة بأقوال الشهود والتقرير الفني، ومن ثم فإنه غير صحيح منعى الطاعن بأن الحكم اتخذ من إدارته للورشة بدون ترخيص صورة ثانية للخطأ المنسوب إليه مع أن هذه المخالفة لا تصلح بذاتها سبباً للحادث ومع ذلك – وبفرض أن الحكم أورد هذه الصورة من الخطأ – فإنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم في هذا الشأن ذلك لأنه من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها يكفي لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلان المدعين بالحق المدني……. للحضور أمام المحكمة الاستئنافية مردوداً بأنه ما دام هذا الإجراء يتعلق بغيره وكان لا يمارى في صحة إجراءات محاكمته هو، فإنه لا يجوز له الطعن ببطلان ذلك الإجراء إذ أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 30/ 10/ 1975 أن المدعي بالحق المدني…… عن نفسه وبصفته قرر بتنازله عن دعواه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من طلبات في الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون – بمخالفته نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية التي تبيح للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى – خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه وإلزامه بمصاريفها.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً