قراءة في أسباب دفع مسؤولية الناقل الجوي الدولي كما حددها القانون .
الاعفاءات من المسؤولية الخاصة بالناقل الجوي
نصت المادة 20 (الفقرة 1) من اتفاقية وارسو على أنه : “لا يكون الناقل مسؤولا إذا أثبت أنه وتابعيه اتخذوا كل التدابير الضرورية لتفادي الضرر أو أنه كان يستحيل عليهم اتخاذها “
وإضافت الفقرة 2 من نفس المادة أن “الناقل لا يكون مسؤولا في حالة نقل البضائع والأمتعة إذا أثبت أن الضرر تولد عن خطأ في القيادة أو تسيير الطائرة أو في الملاحة، وأنه هو وتابعيه قد اتخذوا من كافة الوجوه الأخرى كل التدابير الضرورية لتفادي الضرر” كما نصت المادة 21 من الاتفاقية أيضا أنه :
” إذا ثبت الناقل أن خطأ الشخص المضرور تسبب في الضرر, أو ساهم في وقوعه جاز للمحكمة طبقا لقانونها أن تستبعد مسؤولية الناقل أو تخفف منها “
أذن وفقا لنصوص المواد أعلاه من الاتفاقية ، فإن الناقل الجوي بإمكانه دفع مسؤوليته عن الأضرار التي أصابت البضاعة بإثباته بأنه لم يخطأ, ويتحقق ذلك في حالتين هما : اتخاذ الناقل وتابعيه التدابير الضرورية كافة لتلافي وقوع الضرر أو استحالة اتخاذها ، أو أن الضرر يعود لخطأ المضرور. ولكن يجدر الإشارة هنا أن العبارة التي جاءت بها المادة 20 (فقرة 1) من اتفاقية وارسو بأنه كان :
“يستحيل على الناقل وتابعيه اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي الضرر” تشمل القوة القاهرة, العيب الذاتي للبضاعة وفعل الغير.
وتفريعا لما تقدم ، تكون أسباب دفع المسؤولية للناقل الجوي الدولي هي :
1- اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي الخطر
2- خطأ المضرور
3- القوة القاهرة
4- العيب الذاتي
5- فعل الغير (الخطأ الملاحي)
1.- اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي الضرر
لم تبين الاتفاقية المقصود من عبارة التدابير الضرورية واختلفت وجهات النظر في تفسير هذه العبارة ولكن الرأي الراجح في الفقه والقضاء اتجه إلى تفسير واسع لتلك العبارة وتطلب من الناقل لغرض إعفاءه من المسؤولية أن يثبت فقط أنه وتابعيه قد اتخذوا التدابير المعقولة التي يتخدها الناقل الجوي الحريص لتفادي الضرر, لاسيما وأن التزام الناقل الجوي بسلامة البضائع هو التزام بعناية وليس التزام بنتيجة كان يثبت الناقل :
1- أن الطاهرة كانت صالحة تماما للطيران ورعي في شأن تحميلها القواعد الخاصة بأمنها .
2- أن الطائرة كانت موضع عناية وتخضع لصيانة دورية دقيقة ومزودة بالقدر الكافي من الوقود لاتمام الرحلة .
3- أن الأحوال الجوية كانت تسمح بإقلاع الطائرة ، والطائرة مزودة بالأجهزة الضرورية والخرائط .
4- أن أفراد الطاقم حائزون على الشهادات التي يستلزمها القانون .
5- أنه وتابعيه بقوا على اتصال دائم بالطائرة طوال الرحلة واستمروا باتخاذ تدابير السلامة إلى وقت وقوع الحادث .
وأن تقدير كفاية هذه العناية التي يبذلها الناقل الحريص أو عدم كفايتها هو من شأن القاضي الموضوع . ويدخل في عناصر هذا التقدير نوع الطائرة والظروف الجغرافية للرحلة الجوية ومدى كفاءة أجهزة الإنقاذ وطبيعة البضاعة المنقولة وحالتها .
2.خطأ المضرور
أن الطرف المضرور في عقد النقل تجاه الناقل قد يكون المرسل او المرسل إليه . فقد نصت المادة 21 من اتفاقية وارسو “إذا أثبت الناقل أن خطأ الشخص المضرور هو الذي تسبب في الضرر أو ساهم في وقوعه ، فللمحكمة طبقا لقانونها أن تستبعد مسؤولية الناقل أو تخفف منها ” ومقتضى ذلك أن الاتفاقية قد تركت لقاضي الموضوع أن يقدر ، ووفقا لقانون بلده ، ماهية خطأ المضرور وأثره في مسؤولية الناقل . فإذا كان القاضي يعد خطأ المضرور سببا في الإعفاء من المسؤولية ، فإن الناقل يعفي منها, وإذا كان خطأ المضرور قد ساهم في وقوع الضرر فإن المحكمة تقضي بتخفيف المسؤولية, أي أن الناقل يعفى جزئيا من المسؤولية بنسبة مساهمته في حدوث الضرر . ومثال خطأ المضرور أن يثبت الناقل إهمال المرسل الشاحن تغليف البضاعة تغليفا يتناسب وطبيعتها فتصاب بتلف من جراء ذلك ، أو أن يرسل الشاحن بضاعة قابلة للاشتعال دون أن يعدها الإعداد الكافي لوقايتها من الاحتراق .
أما خطأ المرسل اليه فيتمثل بتأخره عن تسلم البضاعة القابلة للتلف السريع مثل الفواكه واللحوم وتعفنها بالتإلى ، او تقاعس المرسل إليه عن تسلم الطرود المرسلة إليه فترة طويلة الأمر الذي أدى إلى نقلها إلى مخزن المهملات وبالتإلى إلى ضياعها .
3- القوة القاهرة :
أن القوة القاهرة تعد في جميع التشريعات العالمية سببا من أسباب دفع المسؤولية . والقوة القاهرة في النقل الجوي التي تعفي الناقل من مسؤولية هي تلك الحوادث المباغتة التي تخرج عن دائرة نشاطه ولا يمكنه توقعها أو تلافي مخاطرها. كأن تسقط طائرة فجأة في مطب هوائي فيختل توازنها وتهوي وتتحطم ، أو أن تتعرض لعاصفة ثلجية أو لصاعقة رغم حسن توقع الأرصاد الجوية ، أو أن يصاب قائدها بنوبة قلبية تؤدي لجباته ، أو يصاب بانهيار او إجهاد مفاجئ ليست له أي إمارات سابقة ، أو أن تتعرض الطائرة لهجوم من طائرة حربية على الرغم من عدم ارتكاب قائدها عملا يسمح أو يقضي بذلك .
هذا ولا يكلف الناقل بإثبات أن الحادث كان نتيجة قوة قاهرة ، وإنما يكتفي منه أن يثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا التدابير الضرورية كافة والمناسبة لتوقي الضرر طبقا لمعيار الناقل الحريص العاقل .
4- العيب الذاتي :
العيب الذاتي قد يكون في الطائرة وقد يكون في البضاعة المنقولة على الطائرة . أن الناقل لا يكون مسؤولا عن العيب الخفي بالطائرة الذي يجهله تماما ويتعذر عليه كشفه ولم تكن له أي إمارات سابقة . ويمكن للناقل في سبيل الإعفاء من المسؤولية أن يعتمد على شهادة قيامه بواجبه . فلو حدث عارض أثناء الرحلة كانفجار محرك الطائرة أو تلف اطاراتها, أوتسرب الزيت أو عطب أجهزة الاتصال المفاجئ أو غير ذلك فإن الناقل لا يتحمل المسؤولية . وقد يرجع العيب إلى الطبيعة الذاتية للبضاعة كالزهور التي لا تتحمل النقل لفترة طويلة فتذبل ، وكذلك الفواكة قد تتعفن ، واللحوم والسوائل التي تحدث فيها تفاعلات كيميائية فتتلف .
ولكن يشترط في العيب الذاتي لغرض إعفاء الناقل من المسؤولية أن تتوافر فيه شروط القوة القاهرة ، أي أن لا يكون بمقدور الناقل أو تابعيه توقعه أو دفعه . فإذا أمكن توقع العيب ولم يتخذ الناقل حياله التدابير اللازمة لتفادي ما قد ينشأ عنه من ضرر, فإنه يكون مقصرا في تنفيذ التزامه بالمحافظة على الشيء ويسأل بالتالي عن الضرر الحاصل له ، مثال ذلك ، نقل حيوان عدة أيام دون إطعامه مما يؤدي إلى هلاكه .
5- فعل الغير (الخطا الملاحي) :
لقد نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من اتفاقية وارسو أن “الناقل لا يكون مسؤولا في حالة نقل البضائع والأمتعة إذا أثبت أن الضرر تولد عن خطأ في القيادة أو تسيير الطائرة أو في الملاحة ، وأنه هو وتابعيه قد اتخذوا من كافة الوجوه الأخرى ، كل التدابير الضرورية لتفادي الضرر”
أي إذا أثبت الناقل أن الضرر قد تولد عن خطأ في الطيران أو في قيادة الطائرة أو في الملاحة الجوية من قبل أفراد هيئة الطاقم الخاصيين بعمليات التسيير الفني للطائرة .
ويتحقق فعل الغير مثلا : بخطأ طيار طائرة أخرى يصطدم بطيارة الناقل, أو خطأ ضابط برج المراقبة بالمطار بالسماح لطائرتين بالهبوط في الوقت نفسه على ممر واحد.
ويشترط في الغير لكي يؤدي فعله أو تصرفه إلى إعفاء الناقل من المسؤولية أن يكون أجنبيا أي أن لا يكون من الأشخاص اللذين يرتبطون معه بعلاقة تبعية أو إشراف لتنفيذ عملية النقل . كقائد الطائرة والمضيفين ومن في حكمهم من مستخدمي وعمال الناقل .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً