أثر تأخر الشاهد في الادلاء بشهادته أو قرابته للمجني عليه – القانون المصري .
الطعن 3888 لسنة 58 ق جلسة 11/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 197 ص 1289 جلسة 11 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي.
—————–
(197)
الطعن رقم 3888 لسنة 58 القضائية
(1)محكمة الجنايات “الإجراءات أمامها”. بطلان. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
النعي في المادة 378 إجراءات على وجوب أن يكون تأجيل نظر القضية ليوم معين سواء في ذات الدور أو دور مقبل من قبيل الأحكام التنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
الدفع ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
(2)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة. إنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة.
(3)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “شهود”.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “شهود”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته أو قرابته للمجني عليه. لا يمنع المحكمة من الأخذ بها. ما دامت قد اطمأنت إليها. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي. لا على المحكمة إن هي التفتت عنه. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(5)إثبات “شهود” “خبرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
تطابق الدليل القولي مع الدليل الفني ليس بلازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(6)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “بوجه عام”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
عدم التزام المحكمة بتتبع مناحي دفاع المتهم والرد عليها استقلالاً. طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها.
(7)إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
حق المحكمة في الأخذ بالشهادة السماعية. حد ذلك؟
(8)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “بوجه عام” “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(9)سلاح. محكمة الموضوع. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
خلوص الحكم إلى ثبوت تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة في حق الطاعنين استنتاجاً من ثبوت ارتكابهما واقعة قتل المجني عليهما عمداً مع سبق الإصرار بإطلاق مقذوفات نارية عليهما أحدثت إصاباتهما التي أودت بحياتها. استنتاج لازم في منطق العقل. النعي على الحكم بالقصور في الاستدلال لإغفاله التحدث عن تقرير فحص السلاح المضبوط الذي أثبت عدم صلاحيته في غير محله.
(10)ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير سبق الإصرار”.
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي.
(11)قتل عمد. جريمة “أركانها”. سبق إصرار. عقوبة “العقوبة المبررة”. نقض “المصلحة في الطعن”.
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار. النعي على الحكم في شأن الظرف المشدد. غير مقبول.
(12)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستأهل رداً.
(13)حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. إثبات “بوجه عام”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم قبول النعي على الحكم خطأه في الإسناد. متى أقيم على ما له أصل في الأوراق.
——————-
1 – لما كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذلك الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
2 – من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.
3 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 – من المقرر أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
5 – من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
6 – من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7 – من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها.
8 – من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول.
9 – لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليهما حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدث تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنها حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
10 – من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون.
11 – لما كان الحكم قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
12 – من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
13 – لما كان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين – وآخر – أولاً: قتلوا….. و…… عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وانتظروهما في الطريق الذي أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى أطلق عليهما المتهمان الأول والثاني عدة أعيرة نارية قاصدين قتلهما بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها – وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل….. عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهمان الأول والثاني عدة أعير نارية قاصدين قتله بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما كما تلت تلك الجناية جناية أخرى أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل…… عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وتوجهوا إلى مكان تواجده أمام مسكنه وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله وقد خاب أثر الجريمتين لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فرار المجني عليهما. ثانياً: أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً “بندقية” بدون ترخيص من الجهة المختصة. ثالثاً: أحرز كل منهم ذخائر “طلقات” مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من….. والد المجني عليهما……. و……. مديناً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 1، 32، 231، 232، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون المذكور مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما ومصادرة المضبوطات وبراءة المتهم الآخر مما أسند إليه. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامها متضامنين بأن يؤديا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض…… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية شروع في قتل وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم خلا من بيان المحكمة التي أصدرته. كما أن المحكمة بهيئة سابقة قررت بجلسة…… حجز الدعوى للحكم لجلسة….. مع استمرار حبس المتهمين وبتلك الجلسة الأخيرة قررت إعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل، وقد جاء هذا القرار باطلاً ومخالفاً لقانون الإجراءات الجنائية الذي استوجب أن يكون التأجيل ليوم محدد في دور محدد ما دام أن المتهمين محبسون. هذا إلى أن دفاع الطاعنين قام على أساس التأخير في الإبلاغ عن الحادث وخلو البلاغ من ذكر أسماء المتهمين وأن أياً من الشهود لم ير واقعة إطلاق النار على المجني عليهما وأن الشاهد…… لم يكن بمكان الحادث ولم يتقدم للشهادة إلا بعد مضي مدة طويلة من بداية التحقيق وأن الشاهدة….. تربطها بالمجني عليهما صلة القربى، وأن الشهود أجمعوا على أن إطلاق الأعيرة النارية كان في مواجهة المجني عليهما في حين أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن جميع إصاباتهما من الخلف، وأن المحكمة عولت على أقوال الشهود رغم أن شهادتهم سماعية خاصة وقد أكد شهود النفي براءة الطاعنين، وأن السلاح المضبوط ثبت أنه غير صالح للاستعمال فضلاً عن عدم توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين وانتفاء الجريمة في حقهما إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه واعتمد كلية في قضائه على قائمة أدلة الثبوت التي طوت مسخاً وتحريراً لأقوال الشهود دون الرجوع إلى التحقيقات، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايتي شروع في قتل وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية الشرعية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ديباجته قد اشتملت على بيان المحكمة التي أصدرته – خلافاً لما يزعم الطاعنان فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذات الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، وكان من المقرر أيضاً أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدة الإثبات…… بما مفاده أنه في صباح يوم الحادث تناهى إلى سمعها صوت إطلاق أعيرة نارية فخرجت إلى الطريق الزراعي لاستطلاع الأمر وشاهدت المتهمين “الطاعنين” يخرجان من خلف منزل وأطلقا عدة أعيرة نارية من بندقية كان يحملها كل منهما على المجني عليهما اللذين كان يركبان دراجتهما فسقطا على الأرض، وأرجعت الحادث إلى الأخذ بثأر والد الطاعنين كما حصل أقوال الشاهد…… بما مؤداه أنه كان يستذكر دروسه في صباح يوم الحادث بالطريق الزراعي وإذ بالطاعنين يخرجان من خلف ماكينة دراس ويطلقان عدة أعيرة نارية من مسافة أربعة أمتار على المجني عليهما حال ركوبهما دراجتهما، وكان المجني عليه الثاني يركب الدراجة أمام شقيقه ويواجه ضرب النار، ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه…… أصيب بالبطن والصدر والإلية والوجه بثلاث طلقات نارية معمر كل منها بمقذوف مفرد، كما أصيب بيسار الظهر في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من الخلف واليسار للأمام واليمين قليلاً ويميل من أسفل إلى أعلا وقد أصابه مقذوف آخر أسفل زاوية الفك اليسرى في اتجاه أساسي من اليسار إلى اليمين بمستوى أفقي تقريباً مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك يتخذ أوضاعاً شتى بالنسبة للجسم من الإطلاق والمقذوف الثالث أصابه بمنتصف وحشية الإلية اليسرى في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من أسفل واليسار ولأعلى أمام الإصابة الموصوفة بوحشية أسفل الفخذ الأيمن فحكما على شكلها فإنها تشير إلى إمكانية حدوثها من عدة طلقات مجتمعة من سلاح ناري ذات سرعة عالية وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حدا الإطلاق القريب من 1/ 4 إلى 1/ 2 متر وقد تزيد قليلاً أو كثيراً تبعاً لطول مساورة السلاح المستعمل وحدثت الوفاة من الأعيرة النارية التي أصابته بالظهر والوجه وأسفل الفخذ الأيمن وما أحدثته من تهتك بالأحشاء الباطنية والصدرية وكسور الأضلاع وتهتك العضلات والأوعية الدموية الرئيسة للفخذ الأيمن والنزيف الخارجي والداخلي الغزير والصدمة، وأن المجني عليه…… أصيب بسبعة أعيرة نارية معمرة كل بمقذوف مفرد وقد أصابه مقذوفان منها بالرأس في اتجاه أساسي في الوضع القائم للجسم من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك وخمسة مقذوفات منها أصاب مقدم وجانبي الصدر مع الوضع في الاعتبار إمكانية إصابة العضد الأيمن وجانب الصدر الأيمن بمقذوف ناري واحد إذا كان العضد الأيمن في يسار المقذوف عند إصابة الجانب الأيمن وكان اتجاه الإطلاق من الأمام واليمين إلى الخلف واليسار قليلاً وكان اتجاه الإطلاق بالنسبة للمقذوف الذي أصاب العضد الأيمن في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اليمين إلى اليسار مع الوضع في الاعتبار أن الطرف العلوي الأيمن يتخذ أوضاعاً متعددة بالنسبة للجسم عند الإطلاق، وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حد الإطلاق القريب وأن الوفاة حدثت من الإصابات النارية مجتمعة وما أحدثته من كسور في الجمجمة والعمود الفقري وتهتك الأحشاء والصدر والقلب وجوهر المخ والنزيف الغزير الخارجي والداخلي والصدمة والإصابات جائزة الحدوث حسبما ورد بمذكرة النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، لما كان أقوال شاهدي الإثبات كما أوردها الحكم – والتي لا ينازع الطاعنان في أن لها سندها من الأوراق – لا تتعارض بل تتلائم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها. أما ما ساقه الطاعنان في شأن إغفال الحكم الرد على دفاعهما من أن شهود النفي أكدوا براءة الطاعنين فمردود بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول. ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليها حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدثت تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنهما حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً