نصوص ومواد المذكرة الايضاحية للقانون المصري رقم 7 لسنة 2000 الخاص بانشاء لجان فض المنازعات .
في نطاق اهتمام الدولة بتحقيق عدالة ناجزه , تصل بها الحقوق إلي أصحابها دون الاضطرار إلي ولوج سبيل التقاضي وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية , وما يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع اتخذها سبيلا للكيد وسيلة لإطالة أمد الخصومات , علي نحو يرهق كاهل القضاة ويخلق الظلم بالمتقاضين مادامت حقوقهم . نتيجة تلك الإساءة لا تصل إليهم إلا بعد الأوان .
وفي إطار حرص الدولة علي أن تأخذ زمام المبادرة في تبسيط إجراءات حصول المختصمين معها علي حقوقهم , ومن خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية وبمراعاة إرادة طرفي الخصومة ودون المساس بحق التقاضي الذي يكفله الدستور في المادة 68 منه والذي لا ينال منه وفق ما قضت به المحكمة الدستورية العليا – الإلزام بعرض الطلبات في شأن بعض الحقوق علي لجنة بنص عليها القانون , وذلك قبل تقديمها إلي القضاء لطلبها , وقولا من المحكمة الدستورية العليا أن المشرع يكفل بذلك مصالح التوفيق وقد تأكل حطبها من خلال حدتها وأن تسوية الحقوق المتنازع عليها وديا من خلال هذه اللجنة قد يسر أمرها لأصحابها . وحكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6 من يونيو 1998 في القضية رقم 145 لسنة 19 ق دستورية الجريدة الرسمية العدد 35 في 18 يونيو 1998 .
وانطلاقا من تلك المعاني وتوفيرا للوقت والجهد في أطراف المنازعات المدنية والتجارية الناشئة بين الوزارات والأشخاص الاعتبارية وما يتأدي عن ذلك من تخفيف للعبء عن القضاة نتيجة الحد من المنازعات التي تطرح علي المحاكم , فقد أعد مشروع القانون المرافق الذي يستحدث آلية جديدة للتوفيق بين أطراف تلك المنازعات تتمثل في لجان تكون رئاستها لأحد رجال القضاء أو الهيئات القضائية السابقين أو الحاليين يلزم عرض تلك المنازعات عليها بطلبات من ذوى الشأن وذلك قبل اللجوء إلي القضاء ووفق المبادئ التالية :
أولا : إنشاء لجنة أو أكثر في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية الخاصة مدنية كانت أم تجارية أم إدارية وذلك تخفيفا عن المتخاصمين مع تلك الجهات الإدارية ولإتاحة فرصة حصولهم علي حقوقهم في هذا المجال , سيما ذلك الذي استقرت بالنسبة إليها مبادئ القضاء الإداري باعتبار أن حسم هذه المنازعات عن طريق لجان التوفيق من شأنه أن يرفع عن كاهل القضاء عبئا ويوفر وقته وجهده لحسم غيرها من المنازعات .
ثانيا : تشكيل لجنى من أحد رجال القضاء أو الهيئات السابقين أو الحاليين بدرجة مستشار علي الأقل ومن ممثل للجهة الإدارية لا تقل درجته عن رئيس قطاع أو ما يعادلها بحيث ينضم إلي عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه .
وقد روعي في ذلك تمثيل طرفي النزاع في لجنة وكذلك الاستعانة برجال القضاء أو الهيئات القضائية السابقين استثمارا لهذه الثروة القضائية العريضة في خبراتها عالية الوزن بما يضمن اتصال حلقات عطائها تأمينا للعدل وصونا للحقوق وباعتبار ما أشربت نفوسهم من قيم الحيدة والموضوعية .
ثالثا : النص علي أن يستبعد من اختصاص لجان المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفا فيها لسرية البيانات الخاصة بها التي تتعلق عادة بالأمن القومي للبلاد وكذلك المنازعات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات تحكيم , كتلك المنصوص عليها في قوانين التأمين الاجتماعي والعمل والإصلاح الزراعي والشهر العقاري والسجل العيني والضرائب علي الدخل وهيئة سوق المال وغيرها , كما عني المشروع بتقرير أن يكون اللجوء إلي لجان التوفيق بغير رسوم قضائية تمشيا مع نهج التيسير والتخفيف عن كاهل أصحاب الحقوق .
رابعا : تحديد القواعد الأساسية لإجراءات تلقي طلبات التوفيق ونظرها والبيانات الجوهرية التي يجب أن تتضمنها وما يتعين إرفاقه بها وتحديد ميعاد نظرها وإسناد إصدار القرارات التفصيلية في هذا الشأن إلي وزير العدل .
وقد نص المشرع بالنسبة إلي القرارات الإدارية النهائية التي أوجب قانون مجلس الدولة التظلم منها وانتظار مواعيد البت في التظلم قبل رفع الدعوى بإلغائها أمام محاكم مجلس الدولة – علي ألا يقبل طلب التوفيق بشأن أي منها إلا إذا قدم خلال المواعيد المقررة لرفع الدعوى بشأنها أمام مجلس الدولة وبعد اتخاذ إجراءات التظلم المذكور وانتظار مواعيد البت فيه وذلك تفاديا لاتخاذ طلب التوفيق ذريعة للمساس بمبدأ تحصن القرارات الإدارية النهائية , أو الإخلال بالحقوق المكتسبة بسببها ( المواد 8,7,6,5 ) مع النص علي عدم تقيد لجان التوفيق بالإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا ما تعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي ( الفقرة الثانية من المادة 7 ) .
خامسا : النص علي ما تصدره تلك اللجان في طلبات التوفيق هو محض توصيات تلتزم بإصدارها خلال ميعاد لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها وذلك تحقيقا للتوازن بين مصلحة أصحاب الحقوق في كفالة التسوية الودية للنزاع عن طريق التوفيق وبين صون حقوقهم في اللجوء إلي القضاء دون تأخير غير ما يقتضيه نظر التوفيق في وقت ملائم , وكذلك جعل مبدأ قبول التوقيف رهنا بمشيئة طرفي المنازعة عن طريق إيجاب عرض التوصية علي السلطة المختصة في الجهة الإدارية وعلي الطرف الآخر في النزاع خلال مدة معينة فإذا اعتمدتها تلك السلطة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الفترة التي حددها المشروع قررت لجنة التوفيق إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين بمحضر الجلسة وتكون له قوة السند التنفيذي ويبلغ إلي السلطة المختصة لتنفيذه ( المادتان 10,9 ) وبذلك يتيسر حسم المنازعات عن طريق التوفيق بما يكفل اقتضاء الحقوق بالسرعة اللازمة وبوسيلة بالغة اليسر والسهولة لا تنال من حق التقاضي في محتواه أو مقاصده .
سادسا : النص علي أن تقديم طلب التوفيق إلي اللجنة المختصة يترتب عليه وقف المدد المقررة قانونا لسقوط وتقادم الحقوق أو لرفع الدعوى إلي القضاء ( مادة 10 فقرة ثانية ) .
سابعا : إيجاب عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء إلي المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام المشروع إلا إذا أقيمت بعد تقديم طلب التوفيق إلي اللجنة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفي هذه الأحوال يبقي الطريق إلي الخصومة القضائية متاحا ليفصل قضاتها في الحقوق المدعي بها سواء بإثباتها أو بنفيها .
وقد تقدم القول أن المحكمة الدستورية العليا حبذت سلوك نهج التوفيق وأقرت دستوريته واعتبرته من قبيل تيسير أمر حصول أصحاب الحقوق علي حقوقهم وتجنبهم حدة الخصومة القضائية .
وقد استثني المشرع من وجوب اللجوء إلي لجان التوفيق المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ , والطلبات الخاصة بأوامر الأداء , والطلبات الخاصة بالأوامر علي العرائض وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ باعتبار أن هذه المسائل مستعجلة بطبيعتها وقد يقتضي الأمر الفصل فيها في مواعيد أقل من الميعاد المحدد للجنة لإصدار التوصية ( مادة 11 ) . وغني عن البيان أن خصومة الطعن في الأحكام المستبعدة بداهة من اختصاص هذه اللجان بتقدير أن سلوك طريق التوفيق كما رسمه المشرع يقتصر علي الدعاوى التي ترفع ابتداء بشأن المنازعات الخاصة لأحكامه .
ثامنا : فتح باب اللجوء الجوازي إلي لجان التوفيق بالنسبة لأطراف الخصومات في الدعاوى القائمة عند العمل بهذا القانون بشأن المنازعات الخاضعة لأحكامه ويكون ذلك بموافقة طرفي الخصومة في كل دعوى ونظم المشروع إجراءات وقف الدعوى علي ذمة التوفيق واستئناف السير فيها بعد انتهاء مدتها , والحكم بانتهاء الخصومة في الدعوى إذا قدم إلي المحكمة ما يثبت حسمها عن طريق التوفيق ( مادة 12 ) .
تاسعا : النص علي أن يصدر وزير العدل قرارا يتضمن تعيين مكان عما لجان التوفيق وإجراءات تقديم الطلبات إليها وقيدها والإخطار بها وبما تحدده من جلسات وإجراءات العمل في اللجان وقواعد تقدير مكافآت أعضائها القضائيين وغير ذلك مما يستلزمه تنفيذ أحكام القانون ( مادة13 ) .
وقد عرض مشروع القانون المرافق علي قسم التشريع بمجلس الدولة الذي تولي مراجعته كما وافق عليه المجلس الأعلى للهيئات القضائية .
ومشروع القانون معروض رجاء التفضل في حالة الموافقة عليه بتوقيعه تمهيدا لإحالته إلي مجلس الشعب وزير العدل
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً