مقال عن ماهية العدالة
العدالة!مصطلح غاب كثيراً ونسيه كثير من البشر،صفة جميلة كادت أن تندثر.صفة من صفات رب العالمين، أقرّها على الأرض وأمر بالتّعامل بها لما لها من اثر عميق وإيجابيّات لا تنتهي على حياة البشر.
العدالة تنتمي إلى كل شيء رغم أنّ المعظم قد تخلّو عنها، فهي تنتمي للحياة الإجتماعية للتعليم للأبناء لفرص العمل لشتى نواحي الحياة. لنبدأ بقصة عن عدالة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، حيث أنّ الوالي عمرو ابن العاص عندما كان يحكم بمصر أرادو توسيع المسجد فأتو على بيت أحد الأقباط وهدموه لشموله بالتوسعة وكانت قوّة الدّولة الإسلامية في أوجها وخشي هذا القبطي الذّهاب إلى عمرو ابن العاص ليشكو له الظلم الذي نزل به (هدم منزله بدون تعويض) خوفاً من أن يمنعه الحرس أو يضربوه.
وحاول مراراً أن يصل إلى عمرو ابن العاص ولكن بدون جدوى، نصحه النّاس الذهاب إلى عمر ابن الخطاب في الحجاز وفعلاً بعد تفكير عميق وطويل ومدّة الشهرين تقريباً – حسب الرواية- قرر الذهاب وعندما وصل سأل عنه وجده نائم تحت شجره فخاف أن يوقظه وبعد برهة من الزّمن استيقظ ابن الخطاب فوجد القبطي فوق رأسه يقف وسأله عن حاجته فقصّ عليه قصته قال لا تخاف ستأخذ حقك، ولكن احضر لي أي شيء أكتب عليه لعمرو ابن العاص، ذهب القبطي ولم يجد سوى جمجمة حيوان، فكتب عليها عمر ابن الخطاب جملة وقال له اذهب وأعطها لإبن العاص،
وعاد القبطي وهو متردّد هل يذهب إلى عمرو البن العاص ويعطيه جمجمة وهو لم يستطع أن يدخل عليه قبل ذلك. تحين وقت صلاة الجمعه وعند الباب وقف وصرخ يا أمير المؤمنين عندي رسالة لك من الخليفة عمر ابن الخطاب فأمر عمرو ابن العاص ان يؤتى بالرجل وعندما وصل اعطاه الجمجمه وقرئها ثم اتكأ طويلا على سور المسجد ورفع رأسه وقال للقبطي هل تريد أن أرد لك حقّك قبل الصلاة أم تمهلني إلى بعد الصلاة، فاستغرب القبطي وقال بعد الصلاة ولكن أريد أن أعرف قبل ذلك سر هذه الجملة.
وفعلاً قص عليه القصة وقال كنّا بالجاهليّة تجار خيل أنا وابن الخطاب وذهبنا بتجارة إلى بلاد الفرس لإبن كسرى لكنّه خدعنا ولم يدفع لنا فذهبنا إلى كسرى وقصصنا عليه القصة، لكن المترجم الخاص به قال له إننا شعراء وجئنا لكي نلقي الشعر ونأخذ بعض المال ونحن لم نكن نعرفه انه فعل هذا وفعلا اعطانا كسرى الكثير من المال وعندما وجدنا المال كثيرا عدنا باليوم التالي ورددنا له الباقي فاستغرب ولكن احضر مترجما اخر وعندما سأل لما رددتم بعض من المال وعرف حقيقة الأمر وان ابنه قد خدعنا قال أنت الليلة في ضيافتي وغداً تغادرون القصر بالفجر من الباب الفلاني وحدّد لنا باباً غير البوابة التي حضرنا منها،وفعلاً عند الفجر خرجنا من الباب المحدّد وإذا ابن كسرى مشنوق ومعلّق على الباب، جزاء من والده وإحقاقاً للعدل والجملة التي كتبها ابن الخطاب قال لي فيها (متى كان كسرى أولى منا بالعدل).
العدل موجود في جميع الدّيانات ومطلوب ومحبّب في جميع المجالات في تربية الأبناء والإنفاق عليهم والتّعامل معهم، وفرص العمل والحكم بين النّاس والتعليم والحقوق جميعها فبالعدل تتطوّر الأمم وكل شخص يأخذ حقّه ويشجّعه ويعينه على المثابرة والطموح حيث أنّ إمكانياتك وعملك هي من يحدّد قيمتك ومكانتك بين النّاس في حال تحقّقت العدالة وفي النّزاعات كل فهو يضبط المجتمع ولا يعتدي أحد على آخر وبين الدّول لا ظلم ولا هضم للحقوق بميزان القوى وإنّما من يحكم علاقاتهم هو أنّ كل طرف يأخذ حقّه.
يقول تعالى بالحديث القدسي (يا عبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا) – أو كما قال تعالى- وسيدنا عمر قيل فيه (حكمت فعدلت فأمنت فنمت). فالعدالة إحقاق الحق وتساوي الفرص وإعطاء كل شخص حقّه، فهل نحن في أنفسنا وبيوتنا وأعمالنا وجميع حياتنا عادلون؟؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً