شرح لماهية الشخصية المعنوية بالقانون
تعتبر الشخصية المعنوية في القانون هي : كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أو مجموعة من الأموال ترصد لمدة زمنية محددة لتحقيق غرض معين، بحيث تكون هذه المجموعة من الأشخاص المكونين لهذه المجموعة ومستقلا عن العناصر المالية لها.
بمعنى أن تكون لها أهلية قانونية لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات بحيث تكون لهذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال مصلحة جماعية مشتركة مستقلة عن المصالح الذاتية والفردية لأفراد المجموعة.
لتكون هناك شخصية معنوية لا بد من توافر ثلاث عناصر هي كالآتي:
1- مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال في ظل تنظيم معين يحقق ترابط وتنافس بهذه المجموعة وتحقيق وحدتها.
2- غرض مشترك تسعى إلى تحقيقه هذه المجموعة.
3- اعتراف المشرع في الدولة بهذه الشخصية المعنوية وهو غير متفق عليه
أنواع الأشخاص المعنوية:
حاولت المادة 49 من القانون المدني الجزائري أن تحدد أنواع الأشخاص المعنوية في النظام القانوني الجزائري، فقررت مايلي:
الأشخاص الاعتبارية هي: الدولة، الولاية، والبلدية، المؤسسات، والدواوين العامة، ضمن الشروط التي يقررها القانون.المؤسسات الاشتراكية، الجمعيات وكل مجموعة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
تعريف الشخصية المعنوية:
المعيار الصحيح ‘’ الراجح ‘’ والمعول عليه:
يعتبر هذا المعيار مركب فهو يتألف من عنصرين يمكن التمييز بين الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة هما:
1- عنصر شخصي ذاتي يتمثل في نية المشروع التي تتضمنها النصوص القانونية المنشئة للشخص المعنوي.
2- عنصر موضوعي وتكميلي يتكون من كل الأفكار والآراء السابقة كدلائل على أن هذا الشخص المعنوي هو عام خاص.
– فإذا تم اكتشاف إرادة ونية المشرع فهذا يساعد على معرفة هل المشرع أراد اعتبار هذا الشخص المعنوي عام أم خاص .
أنواع الأشخاص المعنوية الإدارية ( عامة ):
تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما:
أ) الأشخاص الإدارية الإقليمية: هي تلك الأشخاص الإدارية التي يتحدد نطاق اختصاصها على أساس جغرافي وهي الدولة، الولاية والبلدية ….
ب) الأشخاص المعنوية الإدارية الفنية، المرفقية، المصلحية: هي تلك الأشخاص المعنوية الإدارية التي تمنح الشخصية المعنوية الإدارية، وتتحدث اختصاصاتها ووظائفها على أساس موضوعي فقهي معين، وليس على أساس إقليمي جغرافي مثل: المؤسسات العامة، ومؤسسات التسيير الاشتراكي.
فكرة التمويل العام:
حيث اعتبرت هذه الفكرة هي التي يمكن لها أن تحقق وتنجز المعيار الذي نستطيع التمييز والتفريق بين الأشخاص المعنوية الخاصة والعامة، وحسب ذلك فالأشخاص المعنوية العامة ( الإدارية ) هي التي تمولها الدولة ماليا، بينما الأشخاص المعنوية الخاصة تمول بواسطة الأموال الخاصة للأفراد المكونين لها.
غير أن هذا المعيار انتقد لأن ليس كل الأشخاص المعنوية العامة تمول بواسطة أموال الدولة.
فكرة مدى التمتع بمظاهر السلطة وامتيازاتها:
على هذا الأساس يكون الشخص المعنوي شخصا عاما إداريا إذا كان يتمتع بحقوق وامتيازات السلطة العامة ومظاهرها، فإذا كان غير ذلك فهو شخص معنوي خاص.
مع هذا إلا أن هذا المعيار رغم صحته وسلامته فهو لا يعول عليه في الحالات التي لا تستخدم فيها الأشخاص الإدارية امتيازات السلطة بل تفضل أسلوب أشخاص القانون الخاص ( إبرام العقود المدنية، إدارة أموال الدومين الخاص ) فضلا عن بعض الأشخاص المعنوية الخاصة، التي قد تمارس بعض مظاهر وامتيازات السلطة العامة، مثل : المشروعات العامة ذات النفع العام لتحقيق المصلحة العامة.
فكرة الانضمام الإجباري:
حيث يقرر أن الأشخاص المعنوية العامة هي التي يكون الإنظمام إليها إجباريا ، بينما الأشخاص المعنوية الخاصة يكون الانخراط فيها اختياريا وإراديا.
رغم صواب وصدق هذا المعيار العامة فهو غير كافي وغير جامع، فهناك أشخاص معنوية عامة يكون الانضمام إليها والانخراط فيها غير اختياري وإداري مثل: الالتحاق والانضمام إلى الأشخاص المعنوية الإدارية المختصة بالتعليم والثقافة
معايير التمييز بين الأشخاص الخاصة والمعنوية العامة:
ظهرت عدة آراء وأفكار كأساس ومعيار للتمييز بين الأشخاص المعنوية وهذا نظرا للخلاف الشديد بين فقه القانون، من هذه المحاولات مايلي:
1 – فكرة المنشأة العامة كمعيار للتعريف والتمييز بين الأشخاص المعنوية: حيث يقرر البعض من الفقه بأن الشخص المعنوي يكون كذلك أي شخص معنوي عام إذا كان هذا الشخص القانوني المعنوي من خلق وإنشاء الدولة، بخلاف الأشخاص الخاصة فهي من خلق وإنشاء الأفراد.
لكن اعتبر هذا المعيار على أنه قاصر لأن هناك أشخاص معنوية تتدخل في الدولة في إنشاءها ولا تعد شخصا معنويا عاما مثل الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، وهناك أشخاص معنوية خاصة تنشئها الدولة.
2 – فكرة الهدف: على أساس هذا المعيار فالأشخاص المعنوية أشخاص معنوية عامة إذا كانت تستهدف تحقيق المنفعة العامة، أما الأشخاص المعنوية الخاصة فهي تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة.
بالرغم من الصحة والمنطقية لهذا المعيار إلا أنه غير جامع وغير مانع حيث هناك أشخاص معنوية ، خاصة تستهدف تحقيق المصلحة العامة مثل: المشروعات الخاصة ذات النفع العام.
فكرة طبيعة النشاط:
يرى البعض بان الشخص المعنوي العام هو الشخص المعنوي الذي يقوم بالنشاط العام، بينما الشخص المعنوي الخاص يقوم بالنشاط الخاص وهذا بالنظر إلى طبيعة وصفة النشاط.
إلا أن هذا المعيار غير جامع وغير مانع ، إذ هناك أشخاص معنوية عامة تقوم بالأعمال ذات طبيعة خاصة مثل: بنوك الدولة التي تقوم بذات النشاط الذي تقوم به البنوك والمصاريف الخاصة.
التمييز بين الأشخاص المعنوية الخاصة والعامة:
تقسم الأشخاص المعنوية تقسيما رئيسيا إلى أشخاص معنوية ( أشخاص القانون الخاص) تحكمها وتنظمها قواعد القانون الخاص
مثل: الشركات التجارية والجمعيات الخاصة والمؤسسات.
أشخاص معنوية عامة ( أشخاص القانون العام ) يحكمها القانون العام مثل: الدولة، الولاية ، البلدية والمؤسسات العامة…إلخ.
وللتمييز بين هاتين الشخصيتين أهمية كبيرة ظاهرة، تمكن في مايلي:
إن تحديد نوعية وطبيعة الشخص المعنوي من حيث كونه شخصا معنويا خاصا أو عاما لها أهمية كبيرة في تحديد نوعية وطبيعة النظام القانوني الذي ينظم ويحكم الشخص المعنوي.
فالأشخاص المعنوية الخاصة تخضع للقانون الخاص، ويختص بالنظر والفصل في منازعاتها وخصوماتها القضاء الخاص ( العادي )، بينما الأشخاص المعنوية العامة تخضع في تنظيمها لقواعد وأحكام القانون الإداري، ويختص في منازعاتها القضاء الإداري إذا وجد.
– لانجاز وتحقيق التفرقة بين الأشخاص المعنوية الخاصة والعامة أهمية فعالة في تحديد طبيعة وصفة الأعمال والتصرفات الإدارية، وتكييف وتحديد طبيعة أموال وعمال الأشخاص والإدارية، فالأعمال الإدارية ( القانونية: القرارات الإدارية، العقود الإدارية)
والأعمال الإدارية المادية هي تلك الأعمال الصادرة من الأشخاص المعنوية الأدارية والأموال العامة هي أموال الأشخاص المعنوية الإدارية والعمال هم عمالها ( الدولة، الولايات، البلديات، المؤسسات، العامة)
نتائج فكرة الشخصية المعنوية:
1 النتائج العامة لفكرة منح الشخصية المعنوية:
تترتب عن منح الشخصية المعنوية و الاعتراف بها عدة نتائج عامة هامة حددتها المادة 50 من القانون المدني الجزائرية حيث تؤكد :– يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملزما لصفحة الإنسان، وذلك في الحدود التي يقررها عد إنشاءها أو التي يقررها القانون: 1- ذمة مالية، 2 – أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشاء أو التي يعينها عقد إنشاءها أو التي يقررها القانون. 3 – موطن ودور المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر، 4 – نائب يعبر عن إرادتها، 5 – حق التراضي.
2 النتائج الخاصة التي تنجم عن تمتع الوحدات والهيئات الإدارية بالشخصية المعنوية:
1- تمتع الهيئات والمجموعات الإدارية بالخصية المعنوية والاستقلال الذاتي عن الدولة، في إطار محكوم ومقيد حسب ما قرره المشرع، بحيث تظل هذه الهيئة خاضعة لرقابة الدولة.
2- إن منح الشخصية المعنوية لبعض الهيئات والأجهزة والوحدات الإدارية تجعلها تمارس مظاهر وامتيازات السلطة العامة في حدود اختصاصاتها.
3- إن عمال وموظفي الأشخاص المعنوية الإدارية هم عمال عامون وموظفون عامون.
4- إن أموال الأشخاص القانونية الإدارية هي أموال تسير بأسلوب الإدارة العامة وبأسلوب القانون العام.
5- حق التقاضي لهذه الهيئات مستقل عن حق التقاضي المقرر للدولة، فالمنازعات والخصومات القضائية ترفع ضد هذه الوحدات والمجموعات ذات الشخصية المعنوية ولا ترفع وتحرك ضد الدولة، كما أن ترتيب نتائج هذه المنازعات القضائية على حساب أو لحساب الذمة المالية لهذه الأشخاص الإدارية.
• تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية:
دار نقاش كبير حول تحديد وتكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية من حيث هل هذه الفكرة مجرد افتراض ومجاز قانوني أم هي حقيقة واقعية مثل شخصية الإنسان ( الشخص الطبيعي )
وهل هذه الفكرة وجودها مبرر أم بالإمكان الاستغناء عنها .
وهذا ما أدى إلى ظهور ثلاث نظريات أو مذاهب في تحديد نطاق طبيعة فكرة الشخصية المعنوية.
نظريات أو مذاهب تحديد طبيعة فكرة الشخصية المعنوية:
تتجلي فيما يلي:
أ) نظرية أو مذهب المجاز والافتراض القانوني:
يرى أصحاب هذه النظرية أمثال سافيشي، كابتان وبونار وغيرهم أن فكرة الشخصية المعنوية ماهي إلا مجرد مجاز وافتراض قانوني مخالف للواقع، لجأ إليها المشرع في الدولة كحيلة قانونية لتمكن التجمعات والهيئات من تحقيق أهدافها وأراضها، وهذا بافتراض لها شخصية معنوية حتى تكون لها أهلية اكتساب الحقوق والتحمل بالواجبات والالتزامات ويعتبرها شخصا من أشخاص القانون في الدولة، فأنصار هذه النظرية يرتكزون على ان الشخصية القانونية ملازمة ومرادفة للشخص الفلسفي الطبيعي ( الإنسان ) فهو وحده الذي يتمتع بالقدرات العقلية والذهنية وله وجود فيلسيولوجي مادي، فالحق لا يوجد إلا إذا وجدت الإدارة.
ب) نظرية أومذهب الشخصية الحقيقية:
أنصار هذه النظرية أمثال ( جيبرك، ميشو وهوريو و غيرهم ) يجمعون على أن فكرة الشخصية المعنوية هي حقيقة واقعية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً