مقال يوضح حقوق الانسان حسب تعليم الكنيسة الاجتماعي
ان هدف التعليم الاجتماعي للكنيسة هو الانسان، الانسان والذي هو مدعو الى الخلاص. هذه هي الرسالة التي يمنحها المسيح يوميًا لكنيسته؛ دعوة لخلاص كل انسان. وبهذا التعليم تهتم الكنيسة بحياته في المجتمع. ففي المجتمع يمكن حماية حقوقه وكرامته. فما هي حقوق الانسان حسب التعليم الاجتماعي للكنيسة؟
اصل كل حق من حقوق الانسان هو البحث والتأكيد على كرامته. التي هي اصيلة له، في طبيعته، ليست هبه او امتياز من بشر، او من نظام، او من مجموعة من الناس، بل هي حق الهي: اي خلقت فيه مباشرة من الله. في كل انسان. لا تعتمد هذه الكرامة على الجنس، على الديانة، على الامكانيات، على اللغة، على الجنسية، لا تعتمد على شيء. هي جزء لا يتجزأ من طبيعته. وهذا ما يوحيه لنا العقل البشري. فعقل الانسان قادر ان يفهم ويقتنع ان لكل انسان كرامة لا تمس ومتساوية مع غيره.
هذا الامر مهم. فالكنيسة لا تقول ان الروح القدس قد الهمنا بان لكل انسان كرامة متساوية مع الجميع، وكأنه تعليم خاص بالمسيحية. لا! بل هو امر يستنتجه العقل البشري السوي. ومتفق عليه من الجميع مسيحين كانوا ام لا: “كرامة الانسان متساوية وهي تنتمي لطبيعته، وليست لما يقتنيه مع الوقت، من ديانة، تعليم، ثقافة…..”. هذه الكرامة، بهذه الصورة هي اساس لحقوق الانسان. فاذا اختلفنا عليها، بالتأكيد لن يتم التلاقي والاتفاق على حقوقه.
هذه الكرامة، وبفضل الايمان، نستطيع ان نؤكدها. فالمسيح قد اعطى دمه، ومنح الخلاص من اجل الجميع، من اجل كل انسان، فخلاص المسيح هو مقدم للجميع. هذا الخلاص يجعلنا نحترق شوقا وغيرة كي نجعل الاخرين يتمتعون بهذا الخلاص، وبهذه البنوة الالهية.
اصل حقوق الانسان اذا هو كرامة الانسان. والتي منها ينبع عدد من الحقوق، والتي يجب ان تتم حمايتها كلها دون استثناء (التعليم الاجتماعي للكنيسة – البند 153). فلا يمكن احترام بعض الحقوق فقط ونفي البعض الاخر، فهذا تعارض لفعل واحد. وكاننا نصب المياه في انية مثقوبة. حقوق الانسان جميعها تُحمى، لانها كلها تصب في خدمة الانسان واظهار كرامته، وغياب احدها هو تقصير تجاه هذه الكرامة. فهذه الحقوق تنظر وتحمي الانسان في كل ما يخص حياته البشرية ودعوته لمعرفة الله وعبادته: فهي تخص الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والروحية، ..فكلها تمثل كيانًا واحدًا، ومن اجل انسان واحد. فلا يمكن الفصل، او التمييز.
فما هي هذه الحقوق؟
في عديد من تعاليم الكنيسة الاجتماعي، يظهر اول حق للانسان وهو حق الحياة. فالانسان منذ اللحظة الاولى في احشاء امه، له حق الحياة، فلا يحق لأي كان ان يقرر استمراره او لا، مهما كانت الاسباب. لانه حق يمس الكرامة وطبيعة الانسان كما ذكرنا سابقا، فهو حق الهي. اي يمنح من الله، وليس من اي بشر. وبعد الولادة هذا الحق يتمثل في الحياة وسط عائلة طبيعية، فيها يستطيع ان يحيا وينمو. ثم حق التعليم والذي ينبع من الحق نفسه. وحق العمل، وحق تقرير بناء عائلة، وانجاب الابناء، وتربيتهم. كل هذا ينبع من حق الحياة. وكما ذكرنا لا نستطيع ان نحمي جزءً منه وندافع عنه ونتغاضى عن جزء اخر، فهو حق لا يتجزأ.
بجانب هذا الحق الاصيل للانسان في الحياة، يأتي حق العبادة الدينية الحرة (155). فكل البشر يجب ان يتمتعوا وبدون اي ضغوط كانت، او اي عنف جسدي او معنوي بحرية العبادة. هذا الحق يعبر عن مدى تقدم المجتمع وانظمته السياسية والاجتماعية والحضارية. هذا الحق يتمثل في اعتبار الانسان هو الهدف وكرامته المتساوية مع كل انسان اخر هي اساس المساواة. ليست ديانته، او تعليمه، او ….الذي يميزه او يعطيه كرامة مختلفة عن الاخر المختلف عنه.
حقوق الانسان مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحقوق الشعوب في الحرية وحكم الذات (156) حسب قوانينها ودستورها الذي يمثل كل الشعب، وليست الاغلبية منه او فكر او تيار منه.
من هذه الحقوق ينبع العديد من الحقوق الاخرى المرتبطة معها.
الأب هاني باخوم، سكرتير بطريرك الأقباط الكاثوليك.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً