مؤتمر إدارة المحاكم الأول
أحمد الأشقر: مساعد قانوني- المحكمة العليا
منظومة التفاعل بين الإدارات القضائية واالجهاز القضائي
في العشرين من أيار افتتح المؤتمر الأول لإدارة المحاكم في السلطة القضائية تحت عنوان “دور إدارة المحاكم في تعزيز فعالية القضاء”، ويجئ هذا المؤتمر في ظل الزخم الذي تحققه سياسات مجلس القضاء الأعلى في الارتكاز على الادارات القضائية الملحقة به من أجل تعزيز فاعلية أداء السلطة القضائية والحفاظ على استقلالها.
ولعل الجهد الذي يبذله القاضي فريد الجلاد رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى في دعم الطاقة الإبداعية لفريق عمل إدارة المحاكم أسفر وبشكل واضح عن تحقيق قفزة تطويرية في أداء السلطة القضائية عبر تمكين الطواقم الإدارية العاملة في المحاكم من تقديم الدعم اللوجستي اللازم لتسهيل مهمة العمل القضائي التي يمارسها قضاتنا في المحاكم النظامية.
وينعقد هذا المؤتمر بحضور كافة قطاعات العدالة من خلال مشاركة النائب العام، ووكيل وزارة العدل، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات المانحة مما يؤكد أن مرافق العدالة تسير وبخطى ثابتة نحو تحقيق استراتيجية وطنية تهدف بالأساس إلى تعزيز استقلال السلطة القضائية وتحقيق التناغم في أداء الطواقم الإدارية والقضاة لتشكل في مجملها رؤية متكاملة لسير عملية التقاضي على الوجه الامثل.
إن المنجزات التي حققتها إدارة المحاكم والتي وضحت فيما عرضه القاضي عزت الراميني رئيس إدارة المحاكم جاءت قاطعة بأهمية الدور الذي تقوم به الإدارات القضائية في توفير الأدوات اللازمة لإنجاز مهمة السلطة القضائية على أكمل وجه، هذه المهمة التي تحتاج الى أدوات قضائية متخصصة وعلى مستوى عال من المهنية والكفاءة لرفد الجهاز القضائي بكل ما يلزم من مكونات تعزز أدائه وفقا لرؤية مجلس القضاء الأعلى و خطته الاستراتيجية الجاري تنفيذها.
لقد شكل هذا المؤتمر وإن اقتصر على إدارة المحاكم إضاءة جادة على المشهد القضائي الفلسطيني وسلط الضوء على أهمية دور الإدارات القضائية المختلفة حيث تتنوع هذه الادارات في ممارسة الفعل المساند للعمل القضائي كدائرة التدريب القضائي التي يعهد لها بتدريب القضاة والعاملين في المحاكم النظامية وفقا للوائح الناظمة لعملها، وقد حققت إنجازات مميزة ألقت بظلالها على أداء القضاة والعاملين بالمحاكم النظامية، ودائرة التخطيط وإدارة المشاريع التابعة لمجلس القضاء الأعلى وقد أعطى المؤتمر مؤشرا واضحا على أهمية دورها في توفير الخطط الاستراتيجية والتمويل اللازم لتنفيذها بما ينسجم مع سياسات مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص، وكذلك المكتب الفني بالمحكمة العليا الذي قام بنشر إصداراته المتضمنة الأحكام القضائية للمحكمة الفلسطينية العليا والمبادئ القانونية المستخلصة منها ليتم تعميمها على القضاة الفلسطينيين والمؤسسات القانونية تحقيقا لنشر الفكر القانوني ولاستقرار في الاجتهاد القضائي وتوحيدا لإجراءات ومضامين العمل القضائي في المحاكم الفلسطينية لاسيما ان المكتب الفني بات يعد المذكرات والآراء واللوائح القانونية بطلب من رئيس المحكمة العليا وفقا لقانون السلطة القضائية ولائحة المكتب الفني، وكذلك أيضا فإن دائرة التفتيش القضائي تعد من أهم الإدارات القضائية حيث تمارس العمل الرقابي على أداء القضاة والعاملين بالمحاكم ومتابعة شكاوى المواطنين تحت إشراف ومتابعة رئيس مجلس القضاء الأعلى، وكذلك فإن إدارة الأمانة العامة لمجلس القضاء الأعلى تقوم بالتنفيذ المباشر لقرارات مجلس القضاء عبر أمينها العام وتقوم بانجاز الشؤون الادارية والمالية الخاصة بالقضاة ضمن سياسة مجلس القضاء الأعلى للحفاظ على خصوصية القضاة في إنجاز معاملاتهم المالية والإدارية.
وبالتزامن مع عمل الدوائر المشار إليها نجد المركز الإعلامي القضائي يتواصل ويتفاعل مع المؤسسات الإعلامية لإطلاع الجمهور على منجزات مجلس القضاء وأخبار المحاكم الفلسطينية وعقد المؤتمرات الصحفية الخاصة بالشأن القضائي وكذلك تحديث الموقع الالكتروني لمجلس القضاء وإصدار مجلة فصلية تعنى بإيصال رسالة السلطة القضائية، حتى بات يقال إن المركز الاعلامي القضائي هو منبر العدالة الفلسطينية، وبالإضافة إلى هذه الدوائر فإن مجلس القضاء بصدد تفعيل مركز الأبحاث والدراسات القضائية و الذي سيكون أداة بحثية مميزة توفر الأبحاث والدراسات اللازمة لاستئناس مجلس القضاء الأعلى بها لاتخاذ قراراته.
إن الإدارات القضائية وعبر الموجز البسيط لطبيعة عملها أصبحت تشكل رافدا حيويا في تحقيق نهضة السلطة القضائية وهي تتفاعل مع الجهاز القضائي عبر منظومة في غاية الدقة مستندة إلى اللوائح التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى سندا لنص المادة 80 من قانون السلطة القضائية وهذا يؤكد أن مأسسة القضاء قطعت شوطا كبيرا في تحقيق أهدافها الرامية الى الحفاظ على استقلال السلطة القضائية.
وليس خافيا على أحد أن الحكومة الفلسطينية قد ساهمت إلى حد كبير في توفير الدعم اللازم لإنجاح هذه المنظمومة المتكاملة إلا أن هذه الإدارت لا زالت تعاني من معيقات تتصل بالآليات الخاصة بالتمويل مما يؤخر في الكثير من الأحيان سرعة إنجاز المتطلبات الحيوية التي تمكنها من أداء مهامها في خدمة الجمهور الفلسطيني وقطاع العدالة الأمر الذي يستدعي أن تكون موازنة السلطة خاضعة بشكل مباشر لإدارة مجلس القضاء الاعلى المكلف دستوريا بإدارة شؤون المحاكم، إذ إن بعض أوامر الصرف (كنفقات الشهود) قد تستغرق عدة شهور في دوائر وزارة المالية مما يعيق تقديم خدمة فاعلة وسريعة للجمهور الفلسطيني.
وفي سياق متصل “فإنه قد بات من المستقر قضاء وفقها وقانونا وبما لا يقبل الجدل أن الطواقم الإدارية العاملة في المحاكم النظامية والإدارات القضائية تتمتع بخصوصية تستمد من خصوصية العمل القضائي الذي لا ينفصل البتة عن طبيعة عمل أعوان القضاء لما لهذه الطواقم والإدارات من أهمية عظمى يستحيل دونها إتمام العملية القضائية بشكلها القانوني المفترض، الأمر الذي يجب أن تعمل الحكومة على عدم السماح بمخالفته بتاتا حفاظا على استقلال العمل القضائي وتكامله.
لقد جاء مؤتمر إدارة المحاكم الأول ليعلن أن ثمة من يعملون هنا بجد وإخلاص وهدوء لتحقيق نهضة السلطة القضائية وصولا لبناء دولة المؤسسات والقانون التي حلمنا بها طويلا.
اترك تعليقاً