المحكمة الدستورية
بقلم: القاضي طلعت الطويل
رئيس محكمة استئناف القدس
المحكمة الدستورية :
هي هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها و حدد لها اختصاص أصيل قصره عليها دون غيرها و هو الرقابة على دستورية قوانين و عهد إلى القانون بمهمة ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من اثار .
وإذا كان الدستور قد حرص على أن يكون جوهر مضمون الرقابة القضائية على دستورية القوانين بعيدا عن يد السلطة التشريعية و تدخلها. فإن ذلك يدل على إيمانه بخط الرسالة التي تقوم عليها المحكمة الدستورية العليا وعظم تبعاتها وتأكيدا على حقيقة دورها كجهة قضائية أولاها الدستور تقويم ما قد يصدر عن السلطتين التشريعية و التنفيذية من أعمال تشريعية تخرج عن القيود التي فرضها.
ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد مضت إلى إحقاق الحق ملاذا إلى الحرية التي أناطها الدستور بها فهي ترنو إلى العدل موئلا عاقدة عزمها على أن تظل الشرعية الدستورية في مدارجها العليا. ومن ضمن مهامها هي كاشفة للحق لا منشئة له و تنحاز إلى الشرعية الدستورية وإعلاء كلمتها بما يضمن حماية حريات الأفراد و حقوقهم و لم تقتصر في فهمها للحقوق و الحريات فكان لها أحكام رائدة خالدة سيما في جمهورية مصر العربية الشقيقة و كانت رائدة و خالدة في مفهومها العالمي للحقوق و الحريات و حمايتها من العدوان عليها او التغون من جانب المشرع مع التسليم في الوقت ذاته على وظيفتها الاجتماعية و كذلك في التمثيل العادل و المنصف في المجالس النيابية و التأكيد على حرية التعبير باعتبارها الدعامة الأولى للديموقراطية و حرية الصحافة والحق في انتقاد القائمين بالعمل العام و حرية الاجتماع والحرية النقابية باعتبارها احد لوازم استقرار العمال و تطوير أوضاعهم و ما وضعته من ضوابط من المحاكم المنصفة و محاورة إقامة علاقة عادلة بين المؤجر والمستأجر و غيرها من الموضوعات التي لا تقع تحت حصر و إذا ما أردت بيان صفة وضع المحكمة الدستورية أنني أردت من خلال ذلك ما يتداوله القانونيون و القضاة و النيابة العامة و الفقهاء في فلسطين في هذا الصدد من مؤيد و غير مؤيد لتشكيل محكمة دستورية في هذا الوقت بالذات.
وإذا كانت هناك مجموعة من المستجدات العالمية والإقليمية مثل العولمة و حرية التجارة العالمية و التكتلات الاقتصادية فان هذه المستجدات تمثل عوامل دامغة نحو التغيير الشامل على كافة المستويات بحيث نصل في النهاية إلى نظام سياسي قادر على التعامل بكفاءة وفعالية مع هذه المتغيرات الجديدة و من هذا الدور و الفهم للمحكمة الدستورية العليا وأثرها في مجتمعها و حرصا على ترسيخ مكانتها في نفوس الشعب كان واجبا قبل أن نطلب تشكيل محكمة دستورية معرفة حقيقة و طبيعة الوضع السياسي الذي نحن نعيشه سيما و أن هناك من يسعى للجلوس على سدة القرار حيث أننا نعيش في ظل احتلال مستبد و ظالم منتهك لأبسط قواعد القانون الدولي و الأعراف الدولية و الاتفاقيات القائمة و الموقعة و إذ بهذا المحتل يتناسى انه كيان غاصب ليس له اي حقوق في هذا الوطن و هذا أخر احتلال بقي في جميع أنحاء العالم والأكثر غرابة و استهجانا بهذا الاحتلال انه ما زال يكابر و يصادر الأراضي و يبني المستوطنات على حساب شعب حر بطل أبي و هو الشعب العربي الفلسطيني و عليه فقد بات واضحا أهمية وجود قانونيين و باحثيين على مستوى عال من الفهم و الإيمان و الانتماء إلى هذا الوطن قبل الحديث عن تشكيل هذه المحكمة . لذلك التوجه لإيجاد بعض الحلول للمعوقات لفكرة تشكيل محكمة دستورية و ها نحن بصدد العمل بجد على الإيمان و الانتماء لتراب هذا الوطن من خلال تنفيذ القرارات الشرعية الدولية رغم ظلمها بحق الفلسطينيين و التي ما انبثقت عن مراحل التنفيذ لنكون ضالعين بفهم هذا الواقع خاصة العوائق التي تعارض استقلال الدولة و ترسيم حدودها و لما كان الكيان الإسرائيلي الغاصب و لغاية هذا التاريخ لم يحدد و جوده أين و إلى أين دون تحديد حدود كيانه الذي يتغنى به رغم أن هذا الكيان قام على الاغتصاب و العربدة و القوة و بالتالي فان ضوابط و كيفية تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية من الناحية العملية و غير ذلك من الموضوعات الحيوية التي لم يتعرض لها احد ممن يطالبون بتشكيل هذه المحكمة .
3 يناير، 2018 at 10:57 ص
كل الاحترام الى سيادة المستشار طلعت الطويل ابو فادي