توضيحات لجرائم السب و القذف عن طريق الانترنت في القانون المصري
شهدت البشرية عبر القرون الماضية ثورتين غيرتا وجه التاريخ وطبيعة الحياة وهما الثورة الزراعية والثورة الصناعية، فالأمر المؤكد أن العالم يعيش اليوم الثورة الثالثة أو الموجة الثالثة كما يسميها البعض وهي ثورة تكنولوجيا المعلومات، فالثورة الجديدة قوامها المعلومات والمعرفة التي أصبحت أساسا للتنمية وزيادة الإنتاج وسرعة اتخاذ القرار الصحيح. وهو ما أدى إلى ظهور الكمبيوتر ذلك الجهاز الذي يتعامل مع المعلومات ومزود بقدرات بارعة. ([1])
ولكن كما هو شأن كل اكتشاف أو اختراع جديد أدى استخدام الكمبيوتر ومن بعده الإنترنت إلى مشاكل أخلاقية وقانونية دعت الفقه والقضاء في بعض الدول إلى بحث عما إذا كانت القوانين القائمة تكفي لمواجهة بعض الاستخدامات غير المشروعة للإنترنت أم أنه يتعين على المشرع أن يتدخل لمواجهة هذه الأعمال بنصوص جنائية جديدة كفيلة بمواجهتها.
وهي كلها أمور تستوجب التصدي لهذه الظاهرة بالبحث والدراسة([2]) لاستيعاب هذه التقنية ورصدها للوقوف على مخاطرها وإمكانية مواجهتها تشريعياً، فإن تحقق هذا الهدف بتمامه فهذا توفيقا من الله، وإن تحقق بعضه فما لا يدرك كله لا يترك كله… ولعل ذلك كله يجرنا إلى مفهوم الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت:ويقصد به كافة الأفعال والسلوكيات التي تقع بالإعتداء على عناصر البيئة الأخلاقية وبصفة خاصة تلك الأفعال التي تستخدم في ارتكابها شبكة الإنترنت مثل الفعل الفاضح والإعلان عن البغاء وممارسة الفجور والسب والقذف والتشهير بسمعة الآخرين وكافة الصور الأخرى المرتبطة بذلك والتي من شأنها أن تحدث تلوثاً أخلاقياً.
تلك الأفعال وما تحويها من صدق أو كذب أو واقع أو تعدي كانت فرصة لنشطاء الإنترنت للخروج عن التقاليد والأعراف السليمة بإرتكاب ثمة جرائم في محتوى ما يكتبوه وتعد جرائم السب والقذف من الجرائم التي لها الأثر البالغ سلباً على شخص الإنسان، وهي الأكثر شيوعاً وانتشارا خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت إذ يساء استخدامها للنيل من شرف الغير أو كرامته أو اعتباره أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم بما يتم إرساله للمجني عليه على شكل رسالة بيانات.
وجريمة القذف هي من الجرائم التقليدية المنصوص عليها في أغلب المدونات العقابية أصبحت في الوقت الحالي ومع التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال تتم بوسائل مستحدثة منها شبكة الإنترنت. ونتناول هو ما في ورقة العمل هذه والتي سنتناول الموضوعات التالية:
أولاً: ماهية جريمة السب والقذف في القانون المصري.
ثانياً: أركان الجريمة.
ثالثاً: معوقات إثبات جريمة السب والقذف عبر الإنترنت.
رابعاً: توصيات ومقترحات
أولاً: ماهية جريمة السب والقذف في القانون المصري :
حيث تناول المشرع المصري جريمتي السب والقذف بتعريف الجريمتين في المادتين 302/306 عقوبات تنص المادة 302 من قانون العقوبات المصري المعدل بالقانون 147 لسنة 2006 يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه. “ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل اسنده إلى المجني عليه، ولسلطة التحقيق أو المحكمة بحسب الأحوال، أن تأمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق ومستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال. ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة.
وتنص المادة 303 من ذات القانون يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن سبعة آلاف وخمسمائة جنيه ولا تزيد على إثنين وعشرين ألف وخمسمائة جنيه. فإذا وقع القذف في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة، وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، كانت العقوبة الغرامة التي لا تقل عن خمسة عشر ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثين ألف جنيه.
وتنص المادة 306 من ذات القانون كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الإعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن ثلاثة ألاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشرة ألف جنيه.
وتنص المادة 308 من ذات القانون إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب باحدى الطرق المبينة في المادة (171) طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المواد 179، 181، 182، 303، 306، 307 على ألا تقل الغرامة في حالة النشر في احدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور” .. وتنص المادة (171) من ذات القانون كل من أغرى واحدا أو أكثر بإرتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو برسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا الإغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل. أما إذا ترتب على الإغراء مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع.
ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى. ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان. وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان.
ثانياً: أركان الجريمة
تتكون جريمة السب والقذف من ركنين هما:
(1) الركن المادي. (2) الركن المعنوي
يتحقق الركن المادي لجريمتي السب والقذف بتحقق ثلاث عناصر هي:
(1) الإسناد.
(2) موضوع الإسناد
(3) علانية الإسناد.
1- الإسناد:
يتحقق الإسناد بنسبة أمر إلى شخص معين([3])، ويستوي نسبة الأمر إلى الشخص بصفة تأكيدية أو بصفة تشكيكية. وبعبارة أخرى فإن الإسناد يتحقق بمجرد الأخبار بواقعة تحتمل الصدق والكذب، وذلك لأن هذا الفعل من شأنه أن يلقي في روع الجمهور ولو بصفة مؤقتة احتمال صحة الواقعة، وهو ما يكفي وحده للمساس بشرف المجني عليه واعتباره([4]).
ويستوي أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير([5]) أو إشاعة يرددها ولا يحول دون وقوع هذا الإسناد، أن تكون الواقعة المسندة إلى المجني عليه قد سبق إعلانها من قبل أو سبق نشرها. ([6])
2- موضوع الإسناد:
يتعين لتحقيق جريمة القذف ورود الإسناد على موضوع معين، هو أن يسند الجاني إلى المجني عليه واقعة معينة لو صحت لأوجبت عقابه جنائيا أو احتقاره عند أهل وطنه.
أما عن تعيين الواقعة فيشترط في الأمر المسند إلى المجني عليه أن يكون معينا ومحددا على نحو يمكن إقامة الدليل عليه، لا أن يكون في صورة مرسلة مطلقة غير منضبطة. وفي هذا الشرط يتميز القذف عن السب فهذا الأخير يتحقق بمجرد إسناد العيب دون أن يتضمن واقعة معينة.
ويتعين توافر وصف معين في هذه الواقعة هو أن يكون من شأنها عقاب من تنسب إليه أو احتقاره. ولا صعوبة بالنسبة إلى الواقعة المعاقب عليها جنائيا إذ المناط في تحديد مدلولها هو قانون العقوبات والقوانين الجنائية المكملة. على أنه يدق الأمر إذا كانت الواقعة معاقبا عليها تأديبيا. والراجح أن القذف يتوافر في هذه الحالة لأن الجزاء التأديبي يمس الاعتبار الوظيفي للمجني عليه، وقد يكون أقصى عليه من غرامة بسيطة. ويستوي أن تكون الواقعة مكونة لأحدى الجرائم الأخلاقية أو غيرها مما لا تتعارض مع قواعد الأخلاق وذلك لأن عبارة القانون وردت مطلقة لا تحتمل تقييداً.
تعيين الشخص الموجه إليه القذف: تفترض جريمة القذف([7]) الاخلال باعتبار شخص معين، ومن ثم وجب تعيين هذا الشخص، ولا يشترط لهذا التعيين معرفة الاسم أو تعيينه صراحة بل يكفي تحديد شخصيته بغير ذلك من الإمارات([8]) كالزمان والمكان والمهنة وغير ذلك من معالم الشخصية. فلا يكفي لذلك توجيه القذف إلى آراء أو فقه معين طالما أنه لا يمس شخصية محددة. ولا يحول دون اعتبار الشخص الموجه إليه القذف معينا ألا يكون ذلك متاحا إلا لبعض القراء فقط دون غيرهم.
3- علانية الإسناد:
يتعين لتوافر جريمة القذف أن يقع الإسناد علناً. وقد أحالت المادة 302 عقوبات إلى المادة 171 من ذات القانون فيما يتعلق بالطرق التي تتحقق بها العلانية وهذه الطرق لم ترد في تلك المادة على سبيل الحصر، وإنما ذكرت على سبيل البيان. وبعبارة أخرى فإن هذه الطرق تتحقق بها علانية حكمية في نظر القانون، دون الإخلال بتوافر العلانية الفعلية بغيرها من الطرق. وهذا الحكم مستمد من المادة 171 عقوبات التي أشارت إلى (أية وسيلة أخرى من وسائل العلانية).
ومتى توافرت العلانية لا يشترط أن يقع الإسناد في حضور المجني عليه وذلك لأن الحق المعتدى عليه ليس هو شعور المجني وإحساسه الخاص وإنما هو اعتباره وشرفه في نظر المجتمع وهو ما يتحقق الاعتداء عليه بالقذف ولو تم الإسناد في غيبته.
وتختلف طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 باختلاف طرق الإسناد وهي القول، والفعل أو الإيماء، أو الكتابة أو الرسوم أو الصور.
2-1- الركن المعنوي:
هذه جريمة عمدية يتعين فيها توافر القصد الجنائي فيتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى إسناد واقعة القذف إلى المجني عليه مع علمه بذلك وأنها لو صحت لاستوجبت عقابه أو احتقاره كما يتعين توافر قصد العلانية.
تميز السب عن القذف: ([9])
يتميز القذف عن السب في أنه لا يتحقق إلا بإسناد واقعة معينة إلى المجني عليه فلا يكفي لتوافره مجرد إسناد عيب معين إليه إذا لم يحدد الجاني الواقعة التي تفيد هذا العيب هذا بخلاف السب فإنه يتحقق بكل ما يمس اعتبار الإنسان وشرفه إذا لم يستند إلى واقعة معينة ويتحقق ذلك بإسناد عيب معين أو غير معين إليه أو بكل ما ينطوي على معنى الاحتقار والتصغير.
رقابة محكمة النقض على العلانية:
يجب التمييز بين إثبات العلانية وفهم معناها، فالأول أمر تقدره محكمة الموضوع وفقا لما تحصله من وقائع الدعوى، ولا تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض إلا من حيث القصور في تسبيب الحكم([10]). أما فهم معنى العلانية فإنه مسألة قانونية يخضع في تحديده لرقابة محكمة النقض حتى تستوثق من صحة تطبيق القانون. وحتى تمارس محكمة النقض سلطتها المذكورة يتعين على المحكمة أن تبين العناصر الموضوعية التي استخلصت منها توافر العلانية وإلا كان حكمها قاصراً. ([11])
فأهم عنصر في هذه الجرائم هو العلانية، ويقصد بها اتصال علم الجمهور بالتعبير الصادر عن فكرة المتهم أو رأيه أو شعوره عبر إحدى الوسائل التعبيرية والتي لا تخرج عن ثلاث هي:
· القول أو الصياح.
· الفعل أو الإيماء.
· الكتابة وما يقوم مقامها.
العلانية والإنترنت: ([12])
أصبح الاتصال يتم وبكل يسر عبر شبكة الإنترنت، فلو أمعنا النظر في الخدمات العديدة التي تقدمها شبكة الإنترنت لمستخدميها لوجدنا أنها تنقسم إلى قسمين إثنين:
· الأول يضم الخدمات ذات الطابع الخاص.
· والثاني يضم الخدمات ذات الطابع العام.
(أ) الخدمات ذات الطابع الخاص:
تتسم بعض الخدمات المتاحة على شبكة الإنترنت كخدمة البريد الإلكتروني، وخدمة الاتصال المباشر عن بعد، وخدمة نقل الملفات بطابع الخصوصية، حيث نجد أن الاتصال هنا ينحصر بين طرفين معلومين لبعضهم ولا يجوز للغير الإطلاع على مضمون الرسائل المتبادلة بينهم إلا بمعرفة صاحب المصلحة.
مما يعني أنها تدخل في نطاق المراسلات الخاصة التي تتمتع بالحماية القانونية المقررة لسرية الاتصالات عن بعد مما يكفل عدم قدرة الآخرين على كشف مضمونها أو الإطلاع عليها وهو ما يترتب عليه انتفاء العلانية عن هذه المراسلات وتمتعها بطابع الخصوصية.
إلا أن هناك رأي يرى أن العلانية([13]) تتحقق إذا تم توزيع الخبر محل النشر لعدد من الناس دون تمييز، وتتحقق علانية البريد الإلكتروني أيضاً بهذه الصورة حيث يمكن أن يتم توزيع الرسائل دون تمييز بحيث يتسلمها عدد غير محدود من الناس المتعاملين مع الإنترنت. ولا يؤثر في توافر العلانية كون الاستقبال يتوقف على شرط كالاشتراك أو دفع مقابل طالما أن كل شخص بدون تمييز يسمح له بذلك فهذه الرسائل التي يتم إرسالها عن طريق الإنترنت يمكن الإطلاع عليها والاستماع إليها عالمياً.
ولكن ما الوضع فيما لو احتفظ أحد الأشخاص ببعض البيانات والعبارات الماسة بسمعة وشرف أحد الناس في بريده الإلكتروني دون أن يرسلها لأحد؟
في الحقيقة لو أخذنا هذا الأمر من وجهة نظر تقليدية لوجدنا أن الجريمة غير متحققة لأن الدخول إلى البريد الإلكتروني والإطلاع إلى محتواه لا يكون متاحا لدى الكافة، حيث أن الأمر يتطلب استخدام بعض المعطيات التقنية كإسم المستخدم وكلمة المرور، وبالتالي لا أحد يستطيع الدخول إليه إلا لمن توافرت لديه تلك المعطيات التي تختلف من بريد لآخر.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك نجد أن البريد الإلكتروني هذا هو في الأصل موجود على شبكة الإنترنت التي تردد عليها ملايين البشر منهم الصالح ومنهم السيئ، وهذه الملايين يوجد فيهم المئات بل الألوف ممن يطلق عليهم “الهاكرز” القادرون على اخترق هذا البريد الإلكتروني والإطلاع على ما به من رسائل أو معلومات أو بيانات، بل ويقومون بتغيرها.
ولما كان ذلك فإننا نرى أن عنصر العلانية يتحقق هنا بمجرد وضع الكلمات والعبارات الماسة بشرف وسمعة أحد الأشخاص وحفظها بالبريد الإلكتروني في شبكة الإنترنت حتى وإن لم ترسل إلى الغير، فشبكة الإنترنت تعتبر في حد ذاتها أحد أهم طرق العلانية، والبريد الإلكتروني وإن تعذر الوصول إليه عند البعض فإن غيرهم يمكنهم الوصول إليه والإطلاع على ما بداخله.
(ب) الخدمات ذات الطابع العام:
وهناك بعض الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنت تتصف بالعمومية وهي متاحة لعامة الجمهور دون تمييز بينهم كتصفح مواقع الويب وغرف المحادثة كما أنه يمكن لأي شخص أو مستخدم لشبكة الإنترنت أن ينشئ موقع site على شبكة الويب العالمية والتي يمكن لأي شخص آخر في جميع أنحاء العالم الإطلاع عليها وبالتالي فإن العلانية تتوافر بالنسبة للكتابات والصور والرسوم التي تتضمن معاني مؤذية إذا ما تم عرضها على احدى المواقع الموجودة على صفحات الويب ففي جمهورية مصر العربية تمكنت الشرطة من ضبط مهندس مصري يقوم بنشر معلومات كاذبة على إحدى مواقع الويب بهدف التشهير بعائلة مسئول مصري وابنته وفي واقعة مماثلة أصدرت محكمة جنح مستأنف النزهة بالقاهرة حكما بالحبس 6 أشهر على أحد الأشخاص قام بإنشاء موقع خاص له على شبكة الإنترنت ووضع عليه صوراً تم إباحية مركبه عن إحدى الفتيات ومعلومات تمس شرفها وسمعتها.
وصور الجهر بالقول والصياح أو ترديده عن طريق الوسائل اللاسلكية([14]) أو أية طريقة أخرى، هي أكثر صور العلانية انطباقا على استخدامات الإنترنت، فتتحقق العلانية إذا استخدم الجاني الإنترنت لإذاعة القول أو الصياح أو ترديده، هذا نظرا لأن العبارات المستخدمة من قبل المشرع مرنة، ويمكن أن يندرج الإنترنت تحتها، كما أن الرسائل الإلكترونية يمكن أن تشتمل على صوت، وعادة ما ترسل من أماكن خاصة فإن الجهر بها باستخدام الإنترنت يتحقق به ركن العلانية.
ثالثاً: معوقات إثبات جريمة السب والقذف عبر الإنترنت:
الإنترنت شبكة اتصالات دولية متصلة بشبكات المعلوماتية الدولية في أنحاء العالم وبنوك المعلومات ومراكز البحث العلمي والمكتبات العالمية ومصادر معلومات أخرى. وقاصرة على المشتركين بها. ومع التقدم العلمي والتقنية الفنية التي نحن بصددها أمام عالم المعلوماتية المعاصر فإن هذه الشبكات تؤدي حتما إلى تسهيل ارتكاب بعض الجرائم ولكن في واقع الأمر أن الغالبية العظمى من هذه الجرائم توجد معوقات في إثباتها ومن أهم معوقات إثبات جرائم الحساب الآلي بصفة عامة وجرائم السب والقذف بصفة خاصة ما يلي:
1- ظاهرة التدويل:
الإنترنت باعتبارها احدى شبكات الاتصالات الدولية فإن كل أنواع الجرائم المتعلقة بالبث أو تبادل المعلومات يمكن أن ترتكب بطبيعة الحال بواسطها مثلما في ذلك مثل التليفزيون أو البريد وهذه الجرائم يمكن أن تبدأ من القذف حتى التحريض على القتل أو التحريض على الدعارة وكذلك جرائم الفيروس المعلوماتي التي تدمر الملفات وتشوهه المعلومات.
ومن البديهي أيضاً أن جرائم المعلوماتية البحته مثل الدخول غير المشروع في نظام معلوماتي وكذلك التزييف يمكن ارتكابها بواسطة الإنترنت ومع ذلك فإن ذاتية هذه الجرائم يجعل ارتكابها بواسطة الإنترنت يؤدي إلى تدويل التجريم وجعلها ذات طابع دولي يصعب معه مكافحة الإجرام. ([15])
نظراً لخصوصية الجريمة التي ترتكب بواسطة الإنترنت([16]) التي تؤدي إلى تدويل التجريم فإن المشكلة الأساسية التي تثيرها هي تعدد المعلومات المتبادلة والطابع الدولي لهذه الجريمة. ومع ذلك فإن تحديد الأجهزة ومكانها لا يثير صعوبة إلا في حالة خاصة فمثلا في دولة S إذا كان أصل الخطاب أو المعلومة والتي تشكل جريمة جنائية يوجد خارج تلك الدولة وكان اختصاص القاضي الوطني مستبعد، إلا في حالة ما إذا كان الفاعل أو المجني عليه يحمل جنسية تلك الدولة، أو في حالة ما إذا كانت الجريمة تؤدي إلى المساس بالمصالح الأساسية للدولة أو المصالح العالمية.
أن الطابع الدولي للجريمة المرتكبة بواسطة شبكات الإنترنت قد أدى إلى مشاكل فيما يتعلق بتحديد المسئولية الجنائية لمرتكب الفعل غير المشروع على الشبكة وذلك لاختلاف القوانين الدولية والعادات والتقاليد كأن تكون بعض الأشياء مجرمة في دولة ومتاحة في دولة أخرى، كذلك حالة ارتكاب الجريمة في دولة وموقع النظام ومستخدم الجهاز في دولة أخرى. كل هذه الأشياء تؤدي إلى بعض الصعوبات في تحديد مسئولية مرتكب الفعل.
2- تنوع المجني عليهم:
والسبب في تنوع المجني عليهم في الجريمة المعلوماتية هو إتساع نطاق هذه الجريمة بسبب التوسع في الاعتماد على الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت([17]) والشئ اللافت لذلك أن سلبية المجني عليه أو ضحايا الجريمة المعلوماتية وخوفهم من الإبلاغ حفاظاً على سمعتهم ومكانتهم المرموقة خير معنى معين على التمادي في اقتراف مثل هذه الجرام. ومما يساعد على ذلك أن هذه النوعية من الجرائم تقع في بيئة لا تعتمد التعاملات فيها على الوثائق والمستندات المكتوبة بل على نبضات الكترونية غير مرئية لا يمكن قراءتها إلا بواسطة الحاسب الآلي البيانات التي يمكن استخدامها لأداة ضد الفاعل يمكن في أقل من النافية العين بها أو وضوحها بالكامل.
اترك تعليقاً