حق المحبوس احتياطى فى الانتخاب
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولي
القاهرة
الهيئة
المستشار/ عبدالسلام النجار نائب رئيس مجلس الدولة رئيساً
المستشار/ سامي درويش نائب رئيس مجلس الدولة عضواً
المستشار/ هلال صابر نائب رئيس مجلس الدولة عضواً
مسودة بأسباب ومنطوق الحكم الصادر بجلسة10/12/2011 في الدعوي رقم10988/66ق
المقامة من: علاء أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد
ضد: 1-رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته
2-رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة بصفته
3-النائب العام بصفته
4-وزير الداخلية بصفته
5-وزير العدل بصفته
6-رئيس مصلحة السجون بصفته
الوقائع
أقام المدعي الدعوي الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ8/12/2011 طالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بتمكينه من الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشعب بمحافظة الجيزة مع مايترتب علي ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب علي ذلك من آثار .
وذكر المدعي شرحاً للدعوي أنه محبوس احتياطياً علي ذمة التحقيق في القضية رقم391لسنة2011 حصر أمن دولة عليا، وأنه مقيد بقاعدة بيانات الناخبين بمحافظة الجيزة تحت رقم477باللجنة الفرعية رقم12بمدرسة التحرير الابتدائية بشارع حسن حمدي بالجيزة، ويحق له المشاركة في انتخابات مجلس الشعب التي ستجري بمحافظة الجيزة يومي 14،15/12/2011 وفي حالة إعادتها إذا أجريت الإعادة، لكن جهة الإدارة المدعي عليها امتنعت عن إصدار قرارها بتمكينه من التصويت في هذه الانتخابات، ونعي المدعي علي القرار المطعون فيه مخالفة أحكام الإعلان الدستوري وقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم73لسنة1956، وفي ختام الصحيفة طلب المدعي الحكم بالطلبات المشار إليها وحدد لنظر الدعوي جلسة اليوم10/12/2011 حيث أودع وكيل المدعي حافظة مستندات ومذكرة دفاع ومذكرة بأرقام البرقيات التلغرافية المرسلة إلي جهة الإدارة لتمكين المدعي من التصويت طالعتها المحكمة جميعاً ولم تنكرها الجهة الإدارية ولم تقدم رداً علي الدعوي .فقررت المحكمة حجز الدعوي للحكم آخر الجلسة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به.
((المحكمة))
بعد الاطلاع علي الأوراق ، وسماع المرافعة ، والمداولة قانوناً.
من حيث إن المدعي يطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تمكينه من الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشعب التي ستجري بمحافظة الجيزة يومي14،15/12/2011 وفي مرحلة الإعادة-إذا أجريت إعادة في تلك الدائرة –مع مايترتب علي ذلك من آثار، وبتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب عي ذلك من آثار.
ومن حيث إن الدعوي استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً فمن ثم يتعين قبولها شكلاً.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المقرر –وفقاً لحكم المادة(49)من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم47لسنة1972-إنه يلزم للقضاء بوقف التنفيذ توافر ركنين متلازمين ، يتصل أولهما بحالة المشروعية وهو ركن الجدية بأن يكون الطعن قائماً-بحسب الظاهر من الأوراق-علي أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار عند نظر طلب الإلغاء، والركن الآخر يتعلق بحالة الاستعجال بأن يترتب علي استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تدراكها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن الدساتير المصرية منذ فجر عهدها وحتي الإعلان الدستوري الحالي أعلت من شأن الأمة قاطبة وجعلتها مصدر السلطات فأولت الشعب مكاناً سامقاً بحسبان إرادته هي أساس سلطان السلطات العامة، فجعلت من هذه الإرادة الجذوة الدافعة نحو رفعته ليتبوأ المكانة اللائقة بين شعوب الأرض، ولذا كان التعبير عن هذه الإرادة إنما يتم من خلال الانتخاب الحر والمباشر.
ولما كان حق الترشيح والانتخاب هو من الحقوق الدستورية عالية الشأن والتي لا تقوم الديمقراطية – التي تهفو إليها الشعوب-إلا بها،وهو حق لا يعلوه حق آخر إلا حرية العقيدة، وهو وحرية الرأي صنوان فلا يختلفان ووحدة واحدة فلا ينفصمان، لذا فقد أعلت منه كل دساتير العالم المتقدم ووفرت له الحماية اللازمة للوفاء به. بل وارتقت به إلي مرتبة الواجب الدستوري الذي يمثل فرض العين علي كل مواطن يتمتع بهذا الحق ، وهو ذات المسلك الذي سلكته الدساتير المصرية-انتهاء بالإعلان الدستوري الحالي-ومن بعدها قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم73/1956والذي أوجب في مادته رقم(1)علي كل مصري ومصرية بلغ ثماني عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه حق إبداء الرأي في الاستفتاءات التي ينص عليها الدستور وكذا في انتخاب كل من رئيس الجمهورية وأعضاء مجالس الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية وحددت ذات المادة أن تكون مباشرة انتخاب هذه المجالس وفقاً لأحكامه.
وقد حدد ذات القانون ثلاث فئات ممن بلغ هذه السن لايجوز لها مباشرة الانتخاب منهم فئات معفاه من أداء هذا الواجب وهم ضباط وأفراد القوات المسلحة وضباط وأفراد هيئة الشرطة طوال مدة خدمة كل منهم، وفئات محرومة من أداء هذا الواجب وهم الواجب وهم: المحكوم عليهم في جناية، ومن صودرت أموالهم بموجب حكم من محكمة القيم، والمحكوم عليهم بعقوبة الحبس في بعض الجرائم المحددة حصراً،وكذا من سبق فصله من عمله بالدولة أو القطاع العام لأسباب مخله بالشرف، وذلك كله بشروط عينها النص.
أما الفئة الثالثة فهم الموقوفون من مباشرة الحقوق السياسية إجمالاً: وهم المحجور عليهم، والمصابون بأمراض عقلية ومن أشهر إفلاسهمٍ وذلك كله وفقاً للشروط المقررة بالنص.
وبخلاف هؤلاء فإن الجميع مأمورون وفقاً للقانون بأداء واجب الانتخاب في أية انتخابات تجريها الدولة المصرية سواء أكانوا مقيمين بالبلاد أم اضطرتهم الظروف إلي مغادرة الوطن سعياً في مناكب الأرض لبلوغ الغايات المشروعة-وهو ماأقرته لهم الدولة المصرية بعد إذ قضي لهم بذلك-حتي تكون المجالس النيابية المنتخبة موافقة لرأي مجموع الشعب معبرة عن مختلف انتماءاته السياسية وأطيافه الاجتماعية والثقافية.
وحيث إنه لما كان ذلك كذلك وكان المقرر-أيضاً-أن الأصل في الإنسان البراءة، والقاعدة أن كل نفس خلقت علي الفطرة ومنها شرعت القاعدة الأصولية أنه لا جريمة إلا بقانون ولا عقوبة إلا بقانون وبناء علي حكم يصدر من محكمة مختصة قانوناً بإصداره بعد محاكمة عادلة يُعلم فيها المتهم بالتهمة الموجهة إليه ويُمكن من الدفاع عن نفسه.
وحيث أن الحبس الاحتياطي وفقاً لما انتظمته أحكام قانون الإجراءات الجنائية –لاينقض أصل البراءة المفترض في الشخص المحبوس احتياطياً، وأنه إجراء احترازي شرع لمصلحة التحقيق الجنائي توطئه لاتخاذه القرار-بعد انتهاء التحقيقات-إما بإحالته إلي المحاكمة الجنائية لما ارتأته سلطة التحقيق من تحقق أركان التهمه في حقه، وإما بإخلاء سبيله لانتفاء موجبات الحبس الاحتياطي.
وحيث إنه لما كان ذلك، فإن وجود الشخص رهين الحبس الاحتياطي لا يعد مانعاً من تمكينه من مباشرة أداء الواجب الانتخابي، ذلك أنه لا يعد-بمجرد حبسه احتياطياً من الفئات المشار إليها-المعفاه أو المحرومة أو الموقوفة- ويقوم له الحق الدستوري-بلا جدال-في مباشرة هذا الواجب، وإلا كان الحبس الاحتياطي بالنسية له مشكلاً عقوبة لم يرد بها نص في القانون، وعلي نحو تقترف به الجهة الإدارية جرماً وترتكب جريمة يعاقب عليها القانون تتمثل في الحيلولة بين المواطن ومباشرة واجب ناطه به الدستور ونظمه القانون، فضلاً عن أن مباشرة حق الانتخاب لايتعارض البته مع موجبات الحبس الاحتياطي.
وحيث إنه لما كان ماتقدم، وكان البين من ظاهر أوراق الدعوي يتمتع بكافة حقوقه السياسية وليس من بين الفئات إليها سلفاً، وأنه محبوس احتياطياً علي ذمة القضية رقم 391لسنة 2011حصر أمن دولة عليا وأنه مقيد بجداول الناخبين تحت رقم477لجنة فرعية رقم12بمدرسة التحرير بمحافظة الجيزة وقد تقدم إلي جهة الإدارة بطلبات مؤرخة 7،8/12/2011-والتي لم تجحدها الإدارة-لتمكينه من الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشعب التي ستجري في محافظة الجيزة يومي14،15/12/2011، إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن إجابته إلي طلبه، ولما كان حقه في المشاركة في الانتخابات هو حق له وواجب عليه ولم يتوافر في شأنه سبب من أسباب الإعفاء من مباشرة الحقوق السياسية أو الحرمان منها أو وقف مباشرتها علي النحو المتقدم بيانه، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن تمكينه من مباشرة حق التصويت يكون بحسب ظاهر الأوراق قد صدر مخالفاً لأحكام الدستور والقانون مما يرجح الحكم بإلغائه عند الفصل في موضوع الدعوي، الأمر الذي يتحقق به ركن الجدية.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متحقق بالنظر إلي أن انتخابات مجلس الشعب بمحافظة الجيزة ستجري يومي14،15ديسمبر2011 وستجري إعادتها يومي22،21/12/2011.
فضلاً عن أن هذا الأمر رهن بحق دستوري يتوافر للذود عنه-دوماً-حالة الاستعجال.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد أستوي صحيحاً علي ركينه، فقد وجب القضاء به، وحق علي المحكمة أن تقضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع عن تمكين المدعي من الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشعب بمحافظة الجيزة والتي ستجري يومي14،15ديسمبر2011 مع مايترتب علي ذلك من آثار، أخصها السماح للمدعي بالإدلاء بصوته في تلك الانتخابات.
ومن حيث إن من يخسر الدعوي يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184من قانون المرافعات.
ومن حيث إن المدعي طلب تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وقد توافرت شروط الأمر بذلك طبقاً لنص المادة286من قانون المرافعات فإن المحكمة تأمر به.
((فلهذه الأسباب))
حكمت المحكمة بقبول الدعوي شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار، علي الوجه المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الادارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير اعلانه، وبإحالة الدعوي إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
اترك تعليقاً