اكتساب الجنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 3 من يناير سنة 1985 أودع الأستاذ …………… المحامى بصفته وكيلا عن السيد / ……………….. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة طعن قيدت بسجلاتها تحت رقم 451 لسنة 31 القضائية العليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1984 فى الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية القاضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات . وطلب الطاعن الأسباب المبينة بعريضة الطعن قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الصادر فى الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية ، وفى موضوع الدعوى بإلغاء القرار الإدارى السلبى بالامتناع عن منح الجنسية المصرية للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا . ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 16 من فبراير سنة 1987 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر حتى قررت بجلسة 7 من يولية سنة 1987 إحالته إلى محكمة الإدارية العليا ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات ) وحددت لنظره جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987 وبها نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم لجلسة اليوم 31 من أكتوبر سنة 1987 وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا .
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلا .
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل فى أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 30 من مارس سنة 1982 الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالبا الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن منحه الجنسية المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار مستندا فى دعواه إلى أنه ولد بالإسكندرية فى 5 من ديسمبر سنة 1925 لأب تونسى وأم مصرية يقيمان فى مصر منذ سنة 1886 تاريخ زواجهما ، وأنه وإن كان قد ولد مصريا إلا أنه تنازل عن الجنسية المصرية سنة 1969 وحصل على الجنسية التونسية . ثم تقدم بعد ذلك بطلب لوزارة الداخلية للحصول على الجنسية المصرية إلا أن طلبه لم يقبل رغم ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة ( 10 ) من القانون رقم 26 لسنة 1975 من أنه لا يجوز لمصرى أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك من وزير الداخلية وإلا ظل مقيدا مصريا من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه طبقا لأحكام المادة ( 16 ) من القانون المشار إليه .
ولما كانت الفقرة السادسة من المادة ( 4 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 تجيز لوزير الداخلية منح الجنسية المصرية لكل أجنبى جعل أقامته العادية فى مصر مدة عشر سنوات متتالية على الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس متى توافرت فيه الشروط المنصوص عليها بالقانون فإنه يستمد حقه فى اكتساب الجنسية المصرية من القانون . كذلك فإنه ولئن كان حق الدولة فى منح الجنسية المصرية يخضع لسلطتها التقديرية إلا أنه لا يجوز إساءة استعمال هذا الحق . وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات . وأقامت تلك المحكمة قضائها على أساس أن المدعى ولد بالإسكندرية فى 5 من ديسمبر سنة 1925 وظل يعامل معاملة المصريين حتى تنازل عن الجنسية المصرية وحصل على الجنسية التونسية سنة 1969 ، وعلى ذلك فتكون الجنسية المصرية قد انحسرت عنه من هذا التاريخ وبغض النظر عما إذا كان اعتباره داخلا فى عداد المصريين قبل هذا التاريخ له سند من تشريعات الجنسية النافذة وقتذاك من عدمه . فإذا كان ذلك وكان الطلب المقدم منه فى ظل قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 للحصول على الجنسية المصرية يأخذ حكم الطلبات المقدمة من الأجانب فلا يكون له ميزة أو أفضلية تشفع له فى معاملة خاصة عند البت فى الطلب .
ويستفاد من نص المادة ( 4 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 أن منح الجنسية المصرية للأجانب المقيمين فى مصر ولو توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها أمر جوازى للإدارة الأمر الذى يتفق وطبيعة الأشياء لتعلقه بحقوق السيادة لا فى مصر فحسب وانما فى كافة دول العالم فإضفاء الدولة جنسيتها على رعايا دول أجنبية مما تقدره جهة الإدارة بمقتضى سلطة تقديرية واسعة لا تملك معها المحكمة أن تحل نفسها محل الإدارة فيما هو متروك لتقديرها بوزن الطلبات بميزان الطلبات بميزان المصلحة العليا ، وإذ كانت الأوراق تخلو مما يكشف عن أن الإدارة أساءت استعمال سلطتها أو انحرفت بها عند رفض طلب المدعى فتكون دعواه غير قائمة على سند سليم من القانون .
ومن حيث أن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى تفسيره وتأويله :
أولا : لأن تشريعات الجنسية المتعاقبة تواترت على إيراد حكم مؤداه عدم جواز تجنس المصرى بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن سابق بذلك ، وهو ما يردده حكم الفقرة الأولى من المادة ( 10 ) من القانون رقم 26 لسنة 1975 . فإذا كان الثابت أن الطاعن لم يؤذن له بالتجنس بجنسية أجنبية فيتعين اعتباره مصريا من جميع الوجوه ما لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية عنه وهو ما لم يتحقق بالنسبة له . ولا يغير من ذلك احتمال تعدد الجنسية لشخص واحد . فضلا عن أنه ليس من المعقول أن يكون حاصلا على بطاقة عائلية مصرية وأولاده يتمتعون بالجنسية المصرية ويخدمون بالقوات المسلحة ثم تمتنع جهة الإدارة عن منحه الجنسية المصرية .
وثانيا : أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ ساير الجهة الإدارية فيما أبدته من أن إجابته إلى طلب منحه الجنسية المصرية أمر جوازى لوزير الداخلية ذلك أنه طالما توافرت به جميع الشروط اللازم توافرها لاكتساب الجنسية المصرية فإن رفض الطلب يكون مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه مصرى الجنسية . وأن طلب تنازله عن الجنسية المصرية واكتسابه الجنسية التونسية لا يسقط عنه الجنسية المصرية طالما لم يصدر قرار من وزير الداخلية بذلك .
كما تقدم الطاعن بمذكرة بدفاعه بجلسة المرافعة أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 15/6/1987 تضمنت تأكيد أنه كان متمتعا بالجنسية المصرية قبل تجنسه بالجنسية التونسية : ودليل ذلك حصوله على بطاقة عائلية صادرة له طبقا لأحكام القانون رقم 260 لسنة 1960 فى شأن الأحوال المدنية المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1965 ، ومن قبلها كان حاصلا على بطاقة شخصية ، وعلى ذلك فلا يمكن اعتباره أجنبيا بأى وجه من الوجوه . فضلا عن أن شهادات ميلاد أولاده تقطع بأنهم مصريين ، كما يقطع بذلك قيامهم بالخدمة بالقوات المسلحة . وانتهى الطاعن إلى أنه طالما لم يصدر قرار من وزير الداخلية ولا من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عنه فيعتبر مصريا . ويكون القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلبه الجنسية المصرية مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه مصرى الجنسية من جميع الوجوه وبجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1987 تقدم الطاعن بمذكرة تضمنت ترديدا حرفيا لما تضمنته المذكرة السابقة .
ومن حيث أن الطاعن بين بعريضة الدعوى أنه ولد مصريا ثم تنازل عن جنسيته المصرية سنة 1969 وحصل على الجنسية التونسية مستطردا بأن المشرع لا يجيز للمصرى أن يتجنس بجنسية أخرى إلا بعد الحصول على إذن بذلك يصدر من وزير الداخلية وإلا ظل معتبر مصريا من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال فلا تزول الجنسية المصرية إلا فى حالة التجنس المسبوق بالإذن ، كما استعرض بالعريضة أحقيته فى التجنس بالجنسية المصرية استنادا لحكم المادتين 4 ، 5 من القانون رقم 26 لسنة 1975 منتهيا إلى طلب الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن منحه الجنسية المصرية ، فيكون محل طلبه فى حقيقة الأمر أمرين :
أولهما وأساسا الحكم باعتباره مصريا وثانيهما احتياطيا بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه بالجنسية المصرية. وعلى هذا الفهم لحقيقة الطلبات تضمنت مذكرة الجهة الإدارية الرد على الطلبين جميعا ، وهو ما أكده الطاعن بعريضة طعنه وبمذكرتيه المقدمتين لهيئة المحكمة أثناء تداول نظر الطعن أمامها . وقد تضمنت مذكرة مصلحة وثائق السفر والهجرة بالرد على الدعوى ( المرفقة ملف المصلحة رقم 23/46/775 ) والرد على ما أثاره بالنسبة للادعاء أنه مصرى الجنسية بالميلاد وانتهت إلى عدم صحة هذا الإدعاء تأسيسا على أنه إذا كان قد ولد بالإسكندرية سنة 1925 فإن جنسيته تبحث تبعا لجنسية والده . وهذا الأخير مقيد بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية فى 2/5/1929 باعتباره من التونسيين المقيمين بالإسكندرية حيث ولد بها سنة 1876 .
فإذا كان ذلك وكانت تونس قد انفصلت عن الدولة العثمانية سنة 1882 فيتعين لكى تثبت له صفة العثمانى أن يكون قد أقام بمصر قبل هذا التاريخ وحافظ على الإقامة بها حتى 10 من مارس سنة 1929 . والمدعى لم يقدم أى مستندات منتجة فى إثبات إقامة والده بالبلاد فى التاريخ المشار إليه وبالنسبة لصورة القيد المستخرجة من القنصلية الفرنسية بالإسكندرية التى قدمها فإن هذه الجهة ليست الجهة الرسمية الموكول إليها أمر قيد المواعيد بالبلاد ، ولم يقدم المدعى شهادة ميلاد والده الرسمية حتى يتسنى الوقوف على تاريخ ومحل الميلاد على وجه اليقين ، بل أقر كتابة بأنه لا يستطيع تقديمها .
كما تضمنت المذكرة الرد على الإدعاء بأن للمصرى أن يكتسب جنسية أخرى مع احتفاظه بالجنسية المصرية أو حقه فى العودة إليها ، أنه يتعين لإعمال حكم المادة ( 10 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 أن تكون الجنسية المصرية ثابتة ابتداء وفى واقعة المنازعة الماثلة فإن الجنسية المصرية غير ثابتة للمدعى ولا لوالده ، فلا يكون ثمة محل لما يدعيه من تنازل عن الجنسية المصرية . ثم ردت على الإدعاء بأحقيته فى الحصول على الجنسية المصرية وفقا لحكم المادتين 4 و 5 من قانون الجنسية فإن الأمر مرده إلى سلطة الإدارة التقديرية التى لا يحدها سوى الانحراف بها وهو ما لا دليل عليه .
ومن حيث أنه يبين من ملف المصلحة رقم 23/46/775 الخاص بالسيد / ………. ( الطاعن ) أنه بتاريخ 8/10/1974 وجه إنذارا رسميا إلى كل من السيدين / وزير الداخلية ومدير إدارة الجوازات والجنسية تضمن أنه من مواليد الإسكندرية سنة 1925 بشارع يوسف الحكيم قسم كرموز من أب يدعى ………. الذى ينحدر من أصل تونسى أى رعية عثمانية ( على ما أورد ) وأم مصرية تدعى ………. ، وأنه ووالده من قبله حافظا على الإقامة الدائمة بالقطر المصرى وأنه ( أى المنذر ) تزوج من سيدة مصرية رزق منها بأولاد يتمتعون بالجنسية المصرية ، ولما كان والده المولود بالقطر المصرى يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون رقم 19 لسنة 1929 باعتباره من الرعايا العثمانيين الذين يقيمون بالقطر المصرى وحافظوا على إقامتهم حتى تاريخ نشر القانون ، فإنه ( أى المنذر ) يعتبر مصريا أيضا لميلاده لأب مصرى بالتطبيق لحكم المادة ( 3 ) من القانون المشار إليه .
وبمناسبة بحث الجهة الإدارية للموضوع استدعى الطاعن مع تكليفه بتقديم شهادة ميلاده وشهادة ميلاد أبيه وما يثبت إقامة الأب بالبلاد قبل أول يناير سنة 1900 واستمراره حتى سنة 1956 ( كتاب مدير عام المصلحة المؤرخ 14/11/1974 إلى السيد / مدير إدارة جوازات الإسكندرية ) وقدم الطاعن مستخرجا رسميا مؤرخا 10/5/1966 من شهادة تفيد ميلاده بتاريخ 5/12/1925 كما وافى الإدارة بعناوين الأقارب .
وقرر أنه ” نعرف سيادتكم بأننا لم نستطع الحصول على شهادة ميلاد لوالدى ولكن عندى شهادة من القنصلية الفرنسية موضح بها البيانات اللازمة كتاريخ الميلاد ومحل الميلاد . وثابت بالملف وجود شهادة رسمية صادرة بتاريخ 14/4/1967 من واقع دفاتر القنصلية الفرنسية بالإسكندرية بتاريخ 20/1/1885 تتضمن أن ………. ( الجد ) مولود بالإسكندرية سنة 1860 وأنه متزوج وأولاده هما ……… ( أب طالب ) و ………. المولدان بالإسكندرية الأول سنة 1876 والثانى سنة 1978 ، كما توجد شهادة رسمية صادرة فى 14/ 4/1967 من واقع دفاتر القنصلية الفرنسية بالإسكندرية تفيد تسجيل السيد / ……….. المولود بالإسكندرية سنة 1876 ومقيم بشارع يوسف الحكيم رقم 46 بكرموز وأنه متزوج من سنة 1897 من السيدة / ………. وأولادهما جميعا مولودون بالإسكندرية ……….. فى 18/6/1903 و ………. فى 8/8/1906 و ………. فى 23/3/1913 و ………. سنة 1914 و ……….. فى 24/4/1919 و ………. 24/8/1923 و ………. ( الطاعن ) فى 5/12/1925 و ………. فى 6/1/1928 و ………. فى 20/1/1932 . وثابت بالشهادة أن القيد تم فى 2/5/1929 بناء على مستندات مؤيده هى خطاب محافظة الإسكندرية رقم 4582 فى 7/2/1929 والملف رقم 571 . وبكتاب مؤرخ 6/1/1975 أفاد قسم الجنسية أنه بمناقشة الطاعن اتضح أنه حاصل على إقامة خاصة صالحة حتى 13/4/1981 باعتباره تونسى الجنسية ملف 6974/1036 ، وأنه قرر بأنه لا يستطيع تقديم شهادة الميلاد الرسمية لوالده . كما ذكر أنه لا يستطيع تقديم مستندات إقامة والده بالبلاد من سنة 1900 حتى وفاته سنة 1932 فيكون والده قد أقام بالبلاد من سنة 1895 بوصفه تونسيا تحت حماية دولة فرنسا ولا ستفيد من الإقامة الطويلة لانتفاء الرعوية العثمانية وبكتاب مؤرخ 2/10/1979 أفاد السيد مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية السيد / مدير إدارة جوازات الإسكندرية بأن الطاعن لا يعتبر من الجنسية المصرية وتستمر معاملته بالجنسية التونسية الثابتة له . وبجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من وثيقة زواجه وصورة ضوئية من بطاقته العائلية وبطاقة انتخاب وبطاقة عضوية بالاتحاد الاشتراكى العربى وشهادات ميلاد أولاده وأيضا صورتين ضوئيتين لشهادة أداء الخدمة العسكرية لكل من ابنى الطاعن ………. و ……….
ومن حيث أنه عن طلب الطاعن اعتباره مصريا بحكم القانون ، تأسيسا على ميلاده بالبلاد سنة 1925 لأب مصرى ولد بها على ما يدعى الطاعن من ميلاد أبيه بها سنة 1876 ، فان الطاعن وقد ولد بمصر سنة 1925 فكان قاصرا عند العمل بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الخاص بالجنسية المصرية فى 10 من مارس 1929 فانه يتعين بحث جنسيته أبيه . ومفاد حكم المادة ( 1 ) من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 المشار إليه ، وهو ذات الحكم الذى تضمنه حكم المادة ( 1 ) من كل من القانونين رقمى 160 لسنة 1950 بشان الجنسية المصرية ، 82 لسنة 1958 فى شان جنسية الجمهورية العربية المتحدة ، أن المصريين الاصلاء ينقسمون إلى طائفتين : الأولى العثمانيين ويعتبرون مصريين إذا توافرت فيهم شروط خاصة حددتها القوانين المشار إليها تتاليها وتتابعها فى المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 ، والفقرة الثانية من المادة ( 1 ) من القانون رقم 160 لسنة 1950 بأنهم رعايا الدولة العثمانية قبل نفاد معاهدة لوزان فى أغسطس سنة 1924 فيخرج من هؤلاء رعايا البلاد التى انفصلت عن الدولة العثمانية قبل ذلك التاريخ ، ومنها تونس التى انفصلت عن الدولة العثمانية اثر الاحتلال الفرنسى لها سنة 1881 وسقطت تبعا لذلك الرعوية العثمانية عن الرعايا التونسيين وتأكد ذلك توقيع اتفاقية فى 1881 و 1883 مع فرنسا وأقرت الحكومة المصرية هذا الوضع بالاتفاق الذى عقد مع فرنسا فى 16 من يوليو سنة 1888 بشان التونسيين وبموجبه اعترفت الحكومة المصرية بحماية فرنسا للتونسيين . وبذلك يعتبر التونسيون من الرعايا العثمانيين فى مدلول أحكام قوانين الجنسية المصرية .
أما الطائفة الثانية فهى أهل البلاد الاصليون المتواطنون بها قبل أول يناير سنة 1848 ولم يكونوا من رعايا دولة أجنبية ،
ومن حيث أن الثابت أن جد الطاعن …………… تم قيده سنة 1885 بسجلات القنصلية الفرنسية بالإسكندرية باعتباره تونسيا ( أو قبل أول يناير سنة 1900 فى القانون 391 لسنة 1956 وقبل 5 نوفمبر 1914 فى القانون رقم 26 سنة 1975 بالحضر الذى أجرته القنصلية الفرنسية بالإسكندرية للتونسيين .
واثبت فى الحصر انه من مواليد الإسكندرية سنة 1860مع إيراد عبارة (par – tun ) هو ما يقطع بالأصل التونسى . وتضمن القيد ولديه ………… ( والد الطاعن ) و ………….. وانهما من مواليد الإسكندرية الأول سنة 1876 والثانى سنة 1878 . وبمناسبة بحث جنسية الطاعن فقد تأشر على مذكرة البحث التى أعدها قسم الجنسية بتاريخ 29/1/1975 ” بطلب ” استيفاء الحالة للاستعلام من القنصلية التونسية عن تاريخ وأساس قيد والده بها حيث مرفق شهادة منها تفيد بها ………” والثابت أيضا انه قد تم قيد والد الطاعن بسجلات القنصلية الفرنسية بالإسكندرية بتاريخ 2/5/1929 وتضمن القيد انه من مواليد الإسكندرية سنة 1976 كما شمل القيد أولاده ومنهم الطاعن ( ………… ) مع بيان انهم جميعا من مواليد الإسكندرية فى السنوات من 1903 وحتى 1932 . كما قرر الطاعن بالطلب المقدم منه إلى السيد / مدير عام مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية انه حاصل على جواز سفر تونسى رقم 181973 صادر بتاريخ 4/2/1979 . ومع انتفاء الأصل العثمانى بثبوت الصفة التونسية فقد عجز الطاعن عن إثبات ميلاد والده بالبلاد و يعتد فى إثبات ذلك بما ورد بالقيود التى تمت بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية اعتبارا من سنة 1885 بعد حدوث واقعة الميلاد وتحديد مكانه ، وهى سنة 1876 بالإسكندرية بل وقبل إنشاء السجلات الخاصة بالتونسيين بتلك القنصلية بوقت طويل .
فلم تتم بسند رسمى يقطع فى شانها ، فلا يتصور أن يكون القيد قد تم إلا بإملاء صاحب المصلحة فى ذلك . فإذا كانت الأوراق تخلو مما يفيد تمتع والد الطاعن إذن بالجنسية العثمانية بل وتقطع صفته الرعوية التونسية إذ تم قيده وأولاده ، ومنهم الطاعن بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية فى 2/5/1929 بعد العمل بإحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشان الجنسية المصرية ، والى قيد أولاده بتلك القنصلية حتى سنة 1932تاريخ ميلاد أخر أولاده حسبما يستفاد من شهادة القيد المشار إليها ، كما راعى استمرار الحفاظ على هذه الرعوية ، ومن بعدهما الجنسية التونسية حتى حصول الطاعن على جواز سفر تونسى صادر سنة 1969 ثم سنة 1979 . وإذ لم يقم دليل قطعى يقطع على ميلاد ابن الطاعن بالبلاد فان الطاعن لا يمكن أن يستفيد من حكم الفقرة ( 4 ) من المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 التى تنص على أن يعتبر مصريا من ولد فى القطر المصرى لأب اجنبى ولد هو أيضا فيه إذا كان هذا الأجنبى ينتمى بجنسيته لغالبية السكان فى بلد لغته العربية أو دينه الإسلام .
بالإضافة إلى أن حكم هذه المادة لا يستفيد منه ، على ما ذهب إليه قضاء هذه المحكمة إلا من ولد بمصر فى النطاق الزمنى لتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 أى فى الفترة من 10/3/1929 حتى 17/9/1950 ( الحكم الصادر بجلسة 30 من مارس سنة 1957 فى الطعن رقم 1652 لسنة 2 القضائية عليا ) . كذلك لا يستفيد الطاعن من حكم الفقرة الأولى من المادة ( 1 ) من القانون رقم 391 لسنة 1956 التى تنص على أن يعتبر مصريا ” المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدولة الأجنبية ” .
بحسبان أن إقامة الأصول مكملة لاقامة الفروع متى توافرت لديهم نية التوطن ذلك أن شرط الإفادة من حكم هذه المادة هو بان يكون المتوطن من غير رعايا الدول الأجنبية . وهو ما يصدق على نص المادة فى القانون رقم 26 لسنة 1975 واخيرا فلا يغير من مركز الطاعن ما يثيره من أن حالته الظاهرة تعتبر دليلا كافيا على جنسيته المصرية ، ذلك أن الحالة الظاهرة ليست لها حجية قطعية فى إثبات الجنسية ، خاصة إذا توافرت الدلائل على انتفاء ثبوتها إذا كانت مظاهر هذه الحالة من استخراج الطاعن لبطاقة عائلية أو بطاقة انتخاب أو عضوية بالاتحاد الاشتراكى وواقعة تجنيد نجليه ، طالما لا تكن أحكام تشريعات الجنسية تعرف هذا المركز فى القانون الخاص بالجنسية المصرية . فإذا كان ذلك ولم يكن قد تحقق فى شان الطاعن انه قرر عند بلوغه سن الرشد وخلال سنة من هذا التاريخ ، تنازله عن جنسيته الأصلية واختياره الجنسية المصرية إعمالا لحكم المادة ( 7 ) من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 ، المشار إليه بفرض توافر شروطها فلا يكون ثمة أساس لما يطلبه من اعتباره مصريا بحكم القانون .
ومن حيث أن ما يبديه الطاعن من انه قد تقدم بطلب التجنس بالجنسية المصرية وان الإدارة اتخذت منه موقفا سلبيا ، فقد خلت الأوراق مما يفيد تقدمه بطلب التجنس فالطلبات المقدمة منه إنما تكشف عن انه يطلب اعتباره مصريا بحكم القانون ، فإذا كان ذلك فلا يكون ثمة موقف إيجابى أو سلبى يمكن نسبته إلى جهة الإدارة فى هذا الشان ، ولا يمكن القول بموقف سلبى أو ايجابى إلا إذا كان ثمة التزام قانونى يجبر الإدارة بمنحه الجنسية على سبيل التجنس وهو ما لا تعرفه قوانين الجنسية المصرية فالأمر بعد يرجع إلى سلطة التقدير التى تمارسها الدولة فى تحديد من تقبل منحه جنسيتها بذلك فان ما يطلبه الطاعن ما سماه إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه يكون غير قائم على أساس من الواقع يتعين الرفض .
ومن حيث انه تبين من جماع ما تقدم أن دعوى الطاعن من جميع أوجهها لا تكون قائمة على أساس من القانون فيتعين الحكم برفض طلب اعتباره مصريا وبرفض طلب إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه بالجنسية المصرية وإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى برمتها فيكون قد أصاب صحيح حكم القانون متعين رفض الطعن .
ومن حيث انه من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
اترك تعليقاً