الجنسية المصرية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / علي فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين، محمد عبد الرحمن سلامة وعلي عوض محمد صالح وسامي احمد محمد الصباغ واحمد عبد العزيز ابو العزم نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 11/7/ 1991 أودع الأستاذ علي احمد الطاهر المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن تقرير طعن بقلم كتاب هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 14/5/1991 في الدعوى رقم 6093 / 42 ق فيما قضي به من قبول الدعوى شكلا وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي المصروفات .
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلا وتحديد جلسة لنظره أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددان بثبوت جنسية الطاعن المصرية واعتباره مصريا مع ما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن الدرجتين .
وجري إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده علي الوجه المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 20 /5/1996 وتداولت نظرة بالجلسات التالية علي النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 20/1/1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى / موضوع لنظره بجلسة 9/3/1997 وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجزك الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم الاحد الموافق 4/5/1997 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة .
من حيث أن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلا .
ومن حيث أن عناصر هذا الموضوع حسبما يبين من الأوراق في انه بتاريخ 21/8/1988 أقام الطاعن الدعوى رقم 6093 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة طلب في ختامها الحكم بثبوت جنسية المصرية واعتباره مصريا مع ما يترتب علي ذلك آثار وإلزام المدعي عليه بالمصروفات .
وقال شارحا لدعواه بانه كان يعمل مدير المكتب اخبار اليوم بدمشق بجانب عمله كرئيس لمجلة الجندي التي يصدرها الجيش السوري، وكذلك مديرا للمكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية .
وكان منذ بدء الانقلاب علي الوحدة بين مصر وسوريا يزود مؤسسة اخبار اليوم باهم اخبار الانفصالين مما أدى إلى وضعه علي رأس قوائم المطلوب اعتقالهم بعد استيلاء حزب البعث علي السلطة الأمر الذى دفعه إلى مغادرة سوريا في يونية 1963، والإقامة بالقاهرة حيث تولي اذاعة تعليق سياسي يومي من صوت العرب عن الأوضاع في سوريا بناء علي طلب وزير الاعلام المصري، فألغت السلطات السورية جواز سفره، وقبلته مصر كلاجئ سياسي بها واصبح يحمل جواز سفر مؤقت تحول إلى جواز سفر عادي .
وفي اغسطس 1969 تزوج من فتاة مصرية وأنجب منها ابنته “عبير” وان ابنتيه من زوجته الأولى المتوفاة وهما سوريتان الجنسية تزوجتا من مصريين .
واستطرد المدعي قائلا انه صدر عفو عن السوريين اللاجئين إلى مصر وسمع له بالحصول علي جواز سفر سوري، وقد استقر به المقام في مصر منذ 7 يونية 1963 ومضي علي اقامته ما يقرب من خمسة وعشرين سنة متصلة، ونظرا لان المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية تنص علي منحها لكل أجنبى جعل اقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية علي الاقل سابقة علي تقديم طلب التجنس متي كان بالغا سن الرشد وتوافرت فيه الشروط الواردة في البند رابعا فان حالته مما ينطبق عليها ما جاء في المادة المذكورة ومن ثم يكون له الحق في الحصول علي الجنسية المصرية.
وقد دفعت الجهة الإدارية الدعوى بايداع حافظة مستندات طويت علي ملف الجنسية الخاص بالمدعي وبها مذكرة مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية ردا علي الدعوى جاء فيها أن توافر الشرط الواردة في المادة الرابعة من قانون الجنسية رقم 26 / 1976 الخاص بمدة الإقامة ليس معناه إلزام الجهة الإدارية باجابته إلى طلبه لان مرد ذلك للسلطة التقديرية وفقا لما عليه المصلحة العامة عليها وانتهت الجهة الإدارية إلى طلب الحكم برفض الدعوى .
وبتاريخ 14 /5/1991 اصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حكمها بقبول الدعوى شكلا في الموضوع برفضها وألزمت المدعي المصروفات .
وقد اقامت تلك المحكمة قضاءها تأسيسا علي أن توافر الشروط المبينة في المادة الرابعة من قانون الجنسية لا يعني أن يكون لطالب التجنس حقا حتميا في التمتع بالجنسية المصرية، اذ أن المشرع استهل عبارة النص بكلمة يجوز وهو امر واضح الدلالة علي منح الجنسية المصرية يظل جوازيا للجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن بحسبان أن مسائل الجنسية وعلي ما جري عليه القضاء الإداري من صحيح الامور الداخلة في كيان الدولة وتنبثق من سيادتها وهي إذ تقرر منح الجنسية أو عدم منحها تتواجد ثمة اعتبارات كثيرة يجب مراعاتها تتعلق بالمصلحة العليا للوطن وفقا لظروفه، كما أن الجهة الإدارية تترخص في تعيين الوقت الملائم لإصدار قرارها .
وانتهت الجهة الإدارية من ذلك إلى قضائها السابق .
ومن حيث أن مبني الطعن الماثل يقوم علي أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه اذ انه اخل بحق الدفاع فلقد تقدم بمذكرة اشار فيها إلى منح السيدين عبد الحميد السراج وجاسم علوان وهما سوريان الجنسية وقدما إلى البلاد بعدة ومع ذلك منحا الجنسية المصرية ولم يتناول الحكم بالرد أي اشارة إلى هذه الحالة في حيثاته رغم اهميتها كاحد الاسانيد في دعواه وهو امر يكشف عن عدم احاطة محكمة اول درجة للدعوى عن بصر وبصيرة، فضلا عن أن عدم ضم ملف جنسية المذكورين لأوراق الدعوى كطلبه للمقارنة بينها وبين حالته حال دون حقه في إثبات العيب الذى اعتور قرارا الجهة الإدارية برفض طلبه وعدم تمكنه ايضا من إثبات اساءة استعمال السلطة عند إصدار القرار .
يضاف أي ذلك ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب حيث انه لم يتناول رد علي الحالة التي استند إليها الطاعن ولم يبرر السبب في منح الجنسية للمذكورين ورفضها بالنسبة له، فضلا عن الخطأ الذى وقع فيه بتكييفه للدعوى بانها طعن علي قرار سلبي بالامتناع عن منح الجنسية المصرية بينما أن حقيقة الأمر وواقعة أن طلبة يقوم علي أساس طلب أصلي هو ثبوت جنسيته المصرية مما اوقع الحكم في خطأ في تطبيقه القانون .
وخلص الطاعن من أسباب طعنه إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون عليه وثبوت جنسيته باعتباره مصريا وما يترتب علي ذلك من آثار .
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر علي أن المنازعة المتعلقة بالجنسية اما أن تثار في صورة مسألة اولية أثناء نظر دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها علي البت في مسألة الجنسية واما أن تتخذ صورة دعوى أصلية مجردة بالجنسية حيث يكون الطلب الأصلي فيها هو الاعتراف بتمتع فرد بالجنسية مثل طلب ثبوت الجنسية المصرية علي سند من إحدى المواد الأولى والثانية والثالثة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية وهي مواد حددت المصريين بحكم القانون .
وأما أن تطرح في صورة طعن بالإلغاء في قرار إداري نهائي صادر بشأن الجنسية سواء كان من القرارات السلبية أو من القرارات الصريحة الصادرة عن الجهة الإدارية بالتطبيق لأحكام قانون الجنسية مثل القرار الصادر من وزير الداخلية برفض طلب الأجنبى التجنس طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 26لسنة 1975 بشان الجنسية المصرية، حيث نصت هذه المادة علي انه يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية : اولا ………. ثانيا ……….. ثالثا ……………….
رابعا : لكل أجنبى ولد في مصر ………… وتوافرت فيه الشروط الاتية :
أن يكون سليم العقل غير مصاب بعاهة تجعله عالة علي المجتمع .
أن يكون حسن السير والسلوك محمود السمعة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد إليه اعتباره .
أن يكون ملما باللغة العربية .
أن يكون له وسيلة مشروعة للكسب
خامسا : لكل أجنبى جعل إقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية علي الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس متي كان بالغا سن الرشد وتوافرت فيه الشروط المبينة في البند (رابعا). ويؤخذ من تلك المادة انها لم تسبغ الجنسية المصرية بحكم القانون علي من توافرت فيه الشروط التي تطلبتها للتجنس كسبب للجنسية المكتسبة، فلا يستمد الأجنبى حقه في الجنسية من القانون مباشرة لمجرد اجتماع شروط التجنس لديه وبالتالى لا تعتبر منازعته هذه دعوى أصلية بالجنسية تتحرر من الإجراءات والمواعيد الخاصة بدعوى الإلغاء، اذ تكتسب الجنسية المصرية عن طريق التجنس طبقا لاحد بنود تلك المادة بالقرار الصادر من وزير الداخلية بمنحها، وبذا يكون القرار الصادر منه برفض منحها قرارا إداريا بالمعني القانوني علي نحو يجعل المنازعة بشأنه من دعاوى الإلغاء ولا ريب في أن المحكمة تستقل علي هدي ذلك بتكييف الدعوى علي أساس من صادق معانيها وحقيق مراميها دون الوقوف ضد ظاهر العبارات التي أفرغت فيها أو التقييد بالأوصاف التي خلصت عليها .
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة مطرد أيضا علي أن الواضح من نص المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية أن منح هذه الجنسية عن طريق التجنس هو أمر جوازي لوزير الداخلية علي نحو يخوله سلطة تقديرية فى منحها إذا توافرت الشروط المقررة، أو في منعها رغم توافر هذه الشروط وفقا لما يراه محققا للمصلحة العامة وهذه الرخصة تعد امتدادا لما درج عليه المشرع المصري من افساح كامل التقديري لجهة الإدارة في مجال التجنس رغبة منه في الحفاظ علي تشكيل المواطنين في الدولة بتحيز المنضمين إليها حسب سياستها المرسومة دون إلزام عليها في ذلك ولو توافرت الشروط المقررة وهو ما يصدق ايضا علي جواز منح الجنسية المصرية عن طرق التجنس بقرار من رئيس الجمهورية طبقا لمادة الخامسة من ذات القانون .
واذا كانت السلطة التقديرية تجد حدها ف عدم التعسف فيها أو الانصراف بها عن غايتها في تحقيق المصلحة العامة، فان القرار الصادر بناء عليها برفض منح الطاعن الجنسية المصرية عن طريق التجنس طبقا للمادة الرابعة من ذلك القانون هو قرار لم يثبت فيه تعسف أو انحراف فلا يكفي فرصة بذلك العيب القصدي ما يكون الطاعن قد بذله من أعمال في المجال القومي أو حملة من ولاء لمصر لانها امور أن شفعت في اسباغ الجنسية فانها لا لتزم بمنحها تجنسها كما لا يفيد في هذا الصدد سبق صرف جواز سفر مصري للطاعن عن بينة تامة بوضعه كأجنبى وأيا كانت الاعتبارات العامة أو الخاصة التي حدت إلى صرفه، وكذلك زواجه من مصرية أو الإقامة الدائمة المدة المطلوبة فهي اعتبارات مهما علت لا ترقي إلى مرتبة استنفاد السلطة التقديرية الثابتة للإدارة منحا أو منعا في مجال التجنس ولو توافرت للأجنبى الشروط المقررة قانونا .
وكذلك لا يقدح في ذات الشأن مجرد صدور قرارات بمنح الجنسية المصرية سواء من رئيس الجمهورية أو من وزير الداخلية لأجانب من العرب أو من غيرهم ولو وجد تماثل، وبالتالى فان القرار المطعون فيه يكون قرارا مشروعا، وتكون الدعوى بطلب إلغائه جديرة بالرفض ويكون الحكم المطعون فيه سليما فيما قضي به من رفضها ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها أعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات .
اترك تعليقاً