الاستيلاء المؤقت على العقارات
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد هلال قاسم رئس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذه عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 3 من مارس سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة ، نيابة عن محافظ الغربية ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1133 لسنة 30 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 5 من يناير سنة 1984 في الدعوى رقم 4739 لسنة 37 ق والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة ثم قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتاب فيه الحكم :
أولا :- برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه .
ثانيا :- بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن بالمصرفات .
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/5/1985 حيث قررت إصدار الحكم بجلسة 3/6/1985 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 15/6/1985 وفي الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث أن الطعن قدم في الميعاد القانوني مستوفيا أوضاعه الشكلية فمن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص في انه بتاريخ 17 من يوليو سنة 1983 أقام السيد / يحيي محمود ميبر عن نفسه وبصفته وكيلا عن أولاده محمود فهمي ومحمد صلاح الدين ومصطف كامل ووفاء الدعوى رقم 4739 لسنة 37 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) ضد السادة محافظ الغربية ورئيس إدارة الشركة العربية لحلج الأقطان ومدير محلج الشركة بناحية الجوهرية مركز طنطا طالبا الحكم:-
أولا :- وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الغربية رقم 288 لسنة 1983 الصادر بالاستيلاء علي ملكه المبين بالعريضة .
ثانيا :- بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام المدعي عليهم المصروفات والأتعاب .
وقال المدعي ، شرحا لدعواه ، أنه يمتلك قطعة أرض بزمام الجوهرية مركز طنطا مبينة الحدود بعريضة الدعوى . بطريق الضغط استأجر المدعي عليهما الثاني والثالث هذه الأرض مؤرخ 25/12/1965 .
ولما انتهت مدته استطاعا بوسائل الضغط والإجبار مرة ثانية الحصول علي عقد إيجار آخر لمدة تنتهي في 30/6/1983 . وتطبيقا للبند الثالث من هذا العقد ثم إنذار الدعي عليه الثالث بصفته بإنهائه ، إلا أنه – أي المدعي – فوجئ بصدور قرار من محافظ الغربية برقم 288 في 15/6/1983 بالاستيلاء علي الأرض مؤقتا لمدة ثلاث سنوات اعتبارا من 1/7/1983 لصالح الشركة العربية لحليج الأقطان ( محلج طنطا ) بغرض استخدامها شونة لتخزين الأقطان .
و أضاف المدعي أن هذا القرار جاء مجحفا بحقوقه ومخالفا للقانون ولذلك فانه يطعن عليه للأسباب الآتية :-
أنه بعد استعمال أساليب الضغط لإبرام عقد إيجار عن الأرض انتهت مدته وجدت الشركة المدعي عليها أنه لا مفر من تسليم الأرض لمالكها فاستصدرت القرار المطعون فيه الذي جاء في أسبابه أنه بناء علي كتاب الشركة رقم 378 المؤرخ 21/5/1983 .
أن صدور هذا القرار لا يحقق الصالح العام أو المنفعة العامة التي يتطلبها القانون لاستصدار مثل هذه القرارات الخطيرة المقيدة لحرية التملك .
أن القرار صدر معيبا ومشوبا باساءة استعمال السلطة .
وبعد أن تداول نظر طلب وقف التنفيذ بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري وقدم الخصوم مستنداتهم ومذكرات بدفاعهم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ قرار محافظ الغربية آنف الذكر مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات .
وأقامت المحكمة قضاءها علي انه يبين من الاطلاع علي القرار أنه أشار في ديباجته إلى قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية وقانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 وتعديله بالقانون رقم 252 لسنة 1960 والي كتاب الشركة العربية لحليج الأقطان رقم 378 بتاريخ 21/5/1983 بطلب استصدار قرار استيلاء مؤقت علي مساحة الأرض لصالح الشركة . ونص القرار في مادته الأولى علي أن يستولي مؤقتا لمدة ثلاث سنوات اعتبارا من أول يوليو سنة 1983 ولصالح الشركة المذكورة علي مساحة الأرض ملك المدعي وأولاده وذلك بغرض استخدامها لتخزين الأقطان الزهر ومخلفات الحليج .
واستطردت المحكمة أن ايا من قانون نظام الحكم المحلي أو لائحته التنفيذية لم يتضمن أي حكم يخول المحافظ بالاستيلاء المؤقت علي عقارات الأفراد ، وإذا كان ذلك القانون قد نص علي أن يعتبر المحافظ ممثلا لرئيس الجمهورية في حدود اختصاصه بدائرة المحافظة ويتولي الأشراف علي تنفيذ السياسة العامة للدولة ، فان هذا التمثيل لا يعني تفويض المحافظ أو النزول له عن اختصاصات رئيس الجمهورية التي تقررها له القوانين ، وإلا يكون رئيس الجمهورية قد أسند للمحافظين جميع اختصاصاته ، وهو قول فضلا علي أن هذا النص لا يذهب إليه ولا يحتمله فانه لا يجوز دستوريا ويتعارض مع طبيعة التفويض ويتجاوز غاية مداه . ومن ناحية فان إشراف المحافظ علي تنفيذ السياسة العامة للدوله في محافظته لا يخوله سلطة تقرير تلك السياسة أو مكنة إصدار قرارات إدارية لا يعهد إليه القانون مباشرة بحق اتخاذها . وعلي هذا فان النص في قانون نظام الحكم المحلي لا يمكن علي أي وجه أن يكون سندا قانونيا مقبولا ليصدر المحافظ قرارا بعهده القانون الي رئيس الجمهورية ، ومن ثم فانه – ودون التعرض لما اذا كانت الحالة التي صدر فيها القرار المطعون فيه من بين الحالات التي يصح فيها لرئيس الجمهورية الاستيلاء مؤقتا علي العقارات – ما كان لمحافظ الغربية أن يحل محل رئيس الجمهورية في اتخاذ ذلك القرار استنادا إلى قانون نظــــــام الحكم المحلي لانه لا يخوله حق إصدارة ، لا بموجب النص المشار إلى أحكامه ولا بموجب أي نص آخر فيه .
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة إلى القانونين رقم 577 لسنة 1954 بشان نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين ورقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء علي العقارات اللذين استند إليهما القرار المطعون فيه ، فان المادة 17 من القانون الأول تنص علي أنه يجوز للمحافظ جسر أو تفشي وباء وفي سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة أن يأمر بالاستيلاء مؤقتا علي العقارات اللازمة لأجراء أعمال الترميم او الوقاية أو غيرها ، كما يجوز له في غير الأحوال المتقدمة الاستيلاء علي العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة . وتنص المادة الثانية من القانون الثاني أنه فيما عدا الحالات الطارئة والمستعجلة التي تقتضي الاستيلاء المؤقت علي العقارات اللازمة لأجراء أعمال الترميم والوقاية وغيرها يكون الاستيلاء المؤقت علي العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية . ومفاد هذين النصين وحصيلة أحكامهما أنه الي جانب اختصاص رئيس الجمهورية بالاستيلاء المؤقت علي العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة فان للمحافظ اختصاصا بالاستيلاء المؤقت علي العقارات في حالات أجمل القانون وصفها بان تكون طارئة أو مستعجلة وساق أمثلة لها بحصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء ، وكذلك عندما تكون تلك العقارات لازمة لخدمة مشروع ذي نفع عام ، والمستفاد من النص أن الحالة الطارئة أو المستعجلة التي ينشط لها الاختصاص المذكور للمحافظ إنما تتمثل في حدث مفاجئ غير متوقع أو عارض غير مألوف يتصف بحد ظاهر من الخطورة والأهمية ، أو في ظرف عاجل لا يحتمل التأخير ويتطلب سرعة المواجهة للحد مما يتوقع من آثاره الضارة . كما أن خدمة مشروع ذي منفعة عامة يفترض سابقة وجود مثل هذا المشروع سواء أكان قائما أو في دور التنفيذ . وعلي هدي ذلك يتحدد مناط اختصاص المحافظ بالاستيلاء المؤقت علي العقارات طبقا للقانون .
واستطردت المحكمة أن الطاهر من الأوراق أن الحالة التي صدر في شانها القرار المطعون فيه لا تتعلق بمشروع تقرر اعتباره من أعمال المنفعة العامة طبقا لاحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 مما يصح معه الاستيلاء علي العقارات اللازمة له وفقا للمادتين 16 من هذا القانون ، ومن القانون رقم 252 لسنة 1960 ، بالإضافة إلى أن الاختصاص بتقرير الاستيلاء عندئذ منوط برئيس الجمهورية عملا بالمادة 2 المذكورة أو لمن يفوضه في ذلك وليس ما يفيد في الأوراق أن محافظ الغربية قد تحقق له هذا التفويض في ذلك وليس ما يفيد في الأوراق أن محافظ الغربية قد تحقق له هذا التفويض عند إصداره للقرار المطعون فيه . يضاف إلى ذلك ، من ناحية أخري ، أن هذا القرار – بصريح مدوناته – صدر لاستخدام العقار الذي تناول الاستيلاء عليه شونه لتخزين الأقطان والزهر ومخلفات الحليج للشركة المدعي عليها . وظاهر الأمر أن هذه الحالة التي صدر لها القرار ليست طارئة ولا مستعجلة بالفهم السابق إيضاحه لان الرغبة في تدبير مكان تخزين للشركة ليست حدثا مفاجئا غير متوقع ولا موقفا عارضا غير مألوف ، كما أنها ليست ظرفا عاجلا لا يحتمل التأخير حيث أن الشركة كانت بالضرورة علي بينة من أمرها في انتهاء مدة عقد استئجارها لارض المدعي بحلول آخر يونيه سنة 1983 وكانت تعلم بذلك من أمد طويل ، وكان عليها وقد أنذرها المؤجر مرتين عام 1978 – علي ما جاء بمحافظة مستنداته – برغبته في استرداد أرضه مما كان عليها أن تتوقع معه احتمال رفضه تجـديد مدة إيجارها للشركة . وبهذا لا يكون رفضه لذلك الآن مفاجأة لها ، وكان عليها أن تدبر أمرها وتعمل علي توفير حاجتها من الأرض في مكان آخر قبل انتهاء مدة الإيجار ، وأيا كان الأمر وبصرف النظر عن مدي حرص الشركة علي شئونها في ضوء تقدير مختلف الاحتمالات ، فانه لا يبدو أن الحالة التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه من الحالات الطارئة أو المستعجلة التي يجوز فيها الاستيلاء المؤقت لي العقارات ، كما أنه لا يبدو أن ثمة مشروع ذي منفعة عامة يتطلب خدمات تحققها له المساحة المستولي عليها ، وانما الظاهر أن القرار استولي علي الأرض لمواجهة حق مالكها في استردادها بعد انتهاء مدة تأجيرها للشركة ولغل يده عن استعماله لهذا الحق .
وخلصت المحكمة مما تقدم إلى أن ظاهر أوراق الدعوى يتضح منه أن القرار المطعون فيه بغير سند صحيح من القانون مما يرجع معه إلغاؤه عند نظر الطلب الموضوعي في الدعوى ومن ثم يتوفر لطلب وقف تنفيذه ركن الجدية اللازم لإجابته ، ولما كان في تنفيذ هذا القرار ما يضر بالمدعي ضررا يتعذر تداركه لما في هذا التنفيذ من حرمان له من ملكه بعد انتهاء مدة تأجيره للشركة لينتفع به علي الوجه الذي يراه فمن ثم يتوفر لذلك الطلب ركن الاستعجال .
ومن حيث أن مبني الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، اذ قضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بمقولة أن المادة 36 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 لا تجيز للمحافظ إصدار قرار بالاستيلاء المؤقت علي العقارات في غير الحالات الطارئة والمستعجلة التي نصت عليها المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 وأن مسئوليته عن تنفيذ السياسة العامة للدولة وعن المرافق بالمحافظة وعن كفاءة الإنتاج بها وحقه في اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بهذه الأعباء قد قيده المشرع في نص المادة المذكورة بالحدود المقررة له في القوانين واللوائح وان الحالة التي صدر من أجلها القرار المطعون فيه لا تدخل ضمن الحالات الطارئة والمستعجلة ومن ثم كان يتعين صدور الاستيلاء من رئيس الجمهورية 00 وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه المطعون فيه مردود من أوجه ثلاثة :-
الأول :- ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم من أن عبارة ” في حدود القوانين واللوائح ” الواردة بالمادة 26 من قانون الحكم المحلي قيدت سلطة المحافظ بالنسبة للمرافق المشار إليها وحددت اختصاصه في شانها بما هو مقرر له فقط في القوانين واللوائح 000 ذلك أنه فضلا عن أن مقتضى هذا النظر أن يصبح نص المادة المذكورة عديم الأثر والقائدة فان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يستقيم مع ما هو واضح وظاهر مما جرت به عبارات المادة المذكورة من أن المشرع ناط بالمحافظ كافة الاختصاصات والسلطات المقررة في القوانين واللوائح بالنسبة لمرافق الموجودة بالمحافظة سواء ما كان من هذه الاختصاصات مقررا له في الأصل أو كان منوطا بغيره . وبالتالي فلا يصح تفسير عبارة ” في حدود القوانين واللوائح” الواردة في المادة 26 المذكورة بأنها تعني أن يكون الاختصاص مقررا للمحافظ في القوانين واللوائح علي نحو ما فهمه الحكم المطعون فيه .
الثاني :- انه حتى مع التسليم بوجهة نظر الحكم في تفسير المادة 26 من قانون نظام الحكم المحلي فان القرار المطعون فيه صدر من سلطة مختصة بإصداره إذ استهدف مواجهة حالة ضرورة ملجئة تتمثل في مواجهة الخطر المترتب علي إصرار المطعون ضده علي إخلاء الشركة من الأرض موضوع الدعوى ، وهو ما يؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها أخصها تعطيل نشاط الشركة وتوقف عملها عن حلج الأقطان وتعريض كميات هائلة منها للتلف والفقد والحريق بسبب عدم وجود مكان لتخزينها أي أن القرار صدر لمواجهة حالة عاجلة لا تحتمل التأجيل أو التأخير مما يدخل في الاختصاص المخول للمحافظ بمقتضى نص المادة 17 من قانون نزع الملكية خاصة وأن الحالات التي أشارت إليها تلك المادة وردت علي سبيل المثال لا الحصر .
الثالث :- أن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يفتقر أيضا إلى ركن الاستعجال إذ ليس ثمة نتائج يتعذر تداركها من جراء هذا التنفيذ .
ومن حيث أنه الوجه الأول فان الحكم المطعون فيه لم يورد شيئا مما قد ساقه تقرير الطعن في هذا الخصوص فلم يتعرض من قريب أو بعيد لتفسير عبارة ” في حدود القوانين واللوائح ” الواردة في الفقرة الثانية من المادة 26 من نظام الحكم المحلي ، بل ولم يتعرض كلية لهذه الفقرة سواء بإيراد نصها أو بتفسيرها وبيان أحكامها . وتفضيل ذلك أن المادة 26 المذكورة نصت في فقرتها الأولى علي أن يعتبر المحافظ ممثلا لرئيس الجمهورية بالمحافظة ويتولي الأشراف علي تنفيذ السياسة العامة ثم نصت في فقرتها الثانية علي أن ” ويكون مسئولا عن كفالة الأمن الغذائي ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي والصناعي والنهوض به وله أن يتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك في حدود القوانين واللوائح ” الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أيا من قانون الحكم المحلي أو لائحته التنفيذية لم يتضمن نصا يخول المحافظ اختصاصا بالاستيلاء المؤقت علي عقارات الأفراد عرض الي حكم المادة 26 من القانون التي نصت علي اعتبار المحافظ ممثلا لرئيس الجمهورية بالمحافظة وعلي توليه الأشراف علي تنفيذ السياسة العامة للدولة .
وهذه الفقرة هي وحدها التي أشارت إليها مذكرة دفاع الشركة المدعي عليها واستندت إليها للقول بمشروعية قرار الاستيلاء وصدوره من سلطة مختصة بإصداره – أما الفقرة الثانية فلم يرد لها ذكر في الحكم خلافا لما جاء بتقرير الطعن . وقد أوضح الحكم أن الفقرة المذكورة ( أي الفقرة الأولى من المادة 26 ) لا تعني تفويض المحافظ أو النزول عن اختصاصات رئيس الجمهورية التي تقررها القوانين ، وما ساقه الحكم تبريرا لهذا النظر جاء سليما ومتفقا وصحيح حكم القانون .
ومن حيث انه من ناحية أخري فان نص الفقرة الثانية من المادة 26 المشار إليها ليس فيه ما يصلح سندا لمشروعية القرار المطعون فيه 00 ذلك أن السلطة المخولة للمحافظ بمقتضاه في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق الأمن الغذائي ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي والصناعي والنهوض به – وبغض النظر عما إذا كانت الحالة المائلة تندرج في نطاق الإنتاج الزراعي أو الصناعي من عدمه – هذه السلطة لا يتصور أن تكون طليقة من كل قيد وانما تجد حدها فيما ورد عليه النص في القوانين واللوائح النافذة والمعمول بها ، فإذا كانت هذه القوانين او اللوائح قد عهدت لسلطة ما غير المحافظ باتخاذ إجراء معين انحسر اختصاص المحافظ عنه بالضرورة وحكم اللزوم وإلا تضاربت القرارات وانعدام الانسجام بين مختلف الأجهزة الإدارية بسبب تعدد الاختصاصات وإسناد صلاحية إصدار ذات القرار لاكثر من جهة .
ومن حيث أنه البناء علي ما تقدم يكون الوجه الأول من أوجه الطعن غير قائم علي أساس سليم .
ومن حيث أنه بالنسبة الي الوجه الثاني فان المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة او التحسين نصت علي انه ” يجوز للمدير أو المحافظ بناء علي طلب المصلحة المختصة في حالة حصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء ، وفي سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة أن يأمر بالاستيلاء مؤقتا علي العقارات اللازمة لأجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها ، كما يجوز في غير الأحوال المتقدمة الاستيلاء الفعلي 000 ” ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء علي العقارات فنصت المادة الثانية منه علي انه ” فيما عدا الأحوال الطارئة والمستعجلة التي تقتضي الاستيلاء المؤقت علي العقارات اللازمة لأجراء أعمال الترميم والوقاية وغيرها يكون الاستيلاء المؤقت علي العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية “0
ومن حيث أن البادي من ذلك – علي ما جري به قضاء هذه المحكمة – ان المشرع حد من سلطة المحافظ في الاستيلاء علي العقارات وقصرها علي الاستيلاء المؤقت في الأحوال الطارئة والمستعجلة لأجراء أعمال الترميم والوقاية وما إليها ، أما في غير هذه الأحوال فيصدر قرار الاستيلاء الموقت علي العقار من رئيس الجمهورية . وبناء علي ذلك فان سلطة المحافظ في إصدار قرارات الاستيلاء مؤقتا علي العقارات تجد حدها القانوني في قيام حالة طارئة مستعجلة تتطلب مواجهتها ضرورة الاستيلاء علي عقارات بصفة مؤقتة لدرء خطر داهم أو لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية 000 وكل هذه الأسباب يجمعها أصل واحد هو الحالة الطارئة أو المستعجلة التي يتعين المبادرة إلى مواجهتها خشية استفحال نتائجها وتعذر التحكم في آثارها .
ومن حيث انه ولئن كان الشارع لم يبين الأحوال الطارئة والمستعجلة التي قد تقتضي من المحافظ ممارسة سلطته في الاستيلاء المؤقت علي العقارات طبقا للمادة الثانية من القانون رقم 252 لسنة 1960 ، إلا أنه فيما أوردة من أمثلة لتلك الحالات في المادة 17 منت القانون رقم 577 لسنة 1954 ومنها حصول غرق او قطع جسر أو تفشي وباء ، إنما يكون قد افصح عن مراده في وجوب تحقيق الخطر المحدق أو الظرف الطارئ في تلك الأحوال وهو المعني الذي عبرت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور تعليقا علي المادة 17 منه بعبارة ” حالات الطوارئ المستعجلة ” ومتي كانت هذه هي حدود السلطة الاستثنائية التي يمارسها المحافظ في الاستيلاء المؤقت علي العقارات ، فانه يعد خارجا عن نطاقها الاستيلاء المؤقت علي العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة مهما بلغت أهميته والحاجة إليه لتحقيق المصلحة العامة فذلك هو بعينه محل التعديل التشريعي الذي أتى به القانون رقم 252 لسنة 1960 وناطة بقرار يصدر من رئيس الجمهورية بدلا من المحافظ الذي كان مخولا تلك السلطة من قبل هذا التعديل .
ومن حيث أنه تأسيسا علي ذلك ، وإذ كان الثابت أن القرار المطعون فيه صدر من محافظ الغربية بالاستيلاء المؤقت علي قطعة الأرض المملوكة للمدعي لصالح الشركة العربية لحليج الأقطان بغرض استخدامها لتخزين الأقطان الزهر ومخلفات الحليج ، فان هذا القرار لا يظاهره القانون لصدوره في غير الأحوال الطارئة والمستعجلة التي يجوز فيها للمحافظ الاستيلاء مؤقتا علي العقارات اذ ليس ثمة طارئة وقعت فجأة ولم يكن بالوسع توقعها أو حالة مستعجلة لا تحتمل الانتظار حتى تحل بالطرق والإجراءات العادية بل البادي أن الأمر علي خلاف ذلك كما ذهب بحق الحكم المطعون فيه لان الشركة كانت علي وجه اليقين علي بينه من أمرها في انتهاء مدة عقد استئجارها لارض المطعون ضده بحلول آخر يونيو سنة 1983 وكانت تعلم بذلك من أمد طويل . وإذ كان ذلك فمن ثم يتحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه .
ومن حيث أنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن فان تنفيذ القرار يمثل عدوانا علي أرض المدعي واعتداء علي حق الملكية الذي حرص الدستور علي حمايته وصيانته ، وبهذه المثابة يتوافر ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ .
ومن حيث أنه متي كان ما تقدم ، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما انتهي إليه من وقف تنفيذ قرار الاستيلاء ، وبالتالي يغدو الطعن عليه في غير محلة جديرا بالرفض وإلزام الطاعن المصروفات عملا بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
28 ديسمبر، 2018 at 5:38 م
ممكن من فضلكم رقم هذا الحكم المتعلق بالاستيلاء المؤقت وسنة صدوره، بهدف توثيقه كمرجع