الخصائص القانونية لعقد الإيجار و أركانه
تعريف عقد الإيجار وأطرافه وخصائصه وأركانه.
نخصص هذا المبحث لدراسة مفهوم عقد الإيجار , من ناحية ,ومعرفة أطرافه وخصائصه من ناحية أخرى وذلك كمايلي:
أولا: مفهوم عقد الإيجار
ثانيا: أطراف عقد الإيجار
ثالثا: خصائص عقد الإيجار
مفهوم عقد الإيجار
يعرف عقد الإيجار في القانون بأنه (تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة وبه يلتزم المؤجر ان يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور)
وقد عرفه الفقه الإسلامي بالإجارة ،وهو عقد يرد علي العمل أو المنافع بعوض, ويسمى هذا العوض أجرا إذا كان نظير العمل كإستئجارشخص للبناء , و أجرة إذا تعلق بالمنافع كاستئجارالأراضي والدور.
أطراف عقد الإيجار
يبرم عقد الإيجار بين طرفين : أحدهما يسمى المؤجر والأخر يسمى المستأجر ,و يتعين أن تكون إرادتهما صحيحة خالية من العيوب كافة(الغلط والتدليس والإكراه.) وان تتوفر لديهما أهلية التأجير والاستئجار(الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة).
اولا: المؤجر ومن في حكمه
قد يكون المؤجر هو مالك الشيء الذي يقوم بتأجيره , ولكن ذلك لا يمنع من قيام غير مالك الشيء بتأجيره , كما في حالة الإيجار الذي يتم من قبل النائب أو ممن له الحق في الإدارة, أو ممن له حق الانتفاع , ولعل إمكانية قيام غير مالك الشيء بتأجيره ترجع إلى أن عقد الإيجار يخول المستأجر مجرد الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة الإيجار , وبالتالي لا ينقل ملكية الشيء إلى المستأجر كما هو الحال في عقد البيع , فان حق الإيجار إذا كان يثبت لمن له الملكية التامة على الشيء المأجور , فانه يثبت كذلك لغيره ممن لهم حق الانتفاع به .
ثانيا: المستأجر
الأصل أن كل شخص تتوافر لديه الأهلية اللازمة للاستئجار(الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة) له أن يستأجر طالما كان باستطاعته الالتزام بدفع الأجرة, ما لم يوجد نص خاص يمنع من ذلك , فإن لم تتوافر في الشخص أهلية الاستئجار أمكن أن يكون مستأجرا عن طريق نائبه مع مراعاة الإجراءات المنصوص عليها قانونا في هذه الحالة.
خصائص عقد الايجار هي:
(1 عقد رضائي / يتم بمجرد اتفاق الطرفين ولايحتاج لإجراء شكلي معين.
(2 عقد معاوضة / حيث يأخذ كل من الطرفين مقابل لما يعطي.
(3 عقد ملزم لجانبين /لأنه يرتب التزامات متبادلة على طرفيه فهو ينشيء التزامات في ذمة المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر كما ينشيء التزامات في ذمة المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر.
(4 من العقود الزمنية حيث يلعب الزمن عنصرا جوهريا فيه.
(5 من عقود الإدارة ,وليس من أعمال التصرف فهو ينشيء التزامات شخصية في جانب كل من المؤجر والمستأجر.
(6 من العقود التي ترد على منفعة الشيء دون ملكيته حيث يخول المستأجرالانتفاع بالعين المؤجرة فترة زمنية معينة .
أركان عقد الإيجار:
بما ان عقد الإيجار من العقود الرضائية فلابد لانعقاده من توافر الأركان التالية ( الرضا والمحل والسبب) والتي يترتب على تخلف احدها بطلان العقد بطلان مطلق .وسنخصص هذا المبحث لدراسة هذه الأركان .
الأول : الرضا
عقد الإيجار ينعقد بمجرد توافق إرادتي المتعاقدين أي ان يصدر إيجاب من احد المتعاقدين وقبول من الآخر ويجوز التعبير عن كل من الإيجاب والقبول باللفظ أو الكتابة اوبالإشارة أو باتخاذ موقف لاتدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود . ويجب أن تكون إرادتهما خالية من عيوب الإرادة كالإكراه والغلط والغبن والتدليس وان يكون كل من الطرفين متمتعا بالأهلية اللازمة لإبرام عقد الإيجار .
الثاني: المحل
عقد الإيجار يرد على انتفاع المستأجر بعين معينة مقابل التزامه بدفع الأجرة وطبقاً لذلك فالمحل يتمثل في ما يلي:
اولا : المنفعة ( المأجور )
المنفعة التي تمثل محل عقد الإيجار , والتي يلتزم المؤجر بتمكين المؤجر منها , تقتضي العلم بشروط المنفعة وبالشيء المنتفع به ونوع الانتفاع ومدة الانتفاع .
الشروط الواجب توافرها في المنفعة هي :
1- أن تكون المنفعة (الشيء المؤجر ) موجودة وقت العقد أو قابلة للوجود واذالم يكن كذلك وقع العقد باطلا لانعدام محل التزام المؤجر.
2- أن تكون المنفعة مشروعة, أي غير مخالفة للنظام العام والآداب العامة
3- أن تكون المنفعة (الشيء المؤجر ) واردة على شيء غير قابل للاستهلاك حتى يستطيع المستأجر تحصيل المنفعة منه طوال مدة الإيجار ورده إلى المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار
4- أن تكون المنفعة صالحة للتعامل فيها , أي داخلة دائرة التعامل ,بمعنى أن لا تكون خارجة عن التعامل فيها بطبيعتها أو بحكم القانون وإلا وقع العقد باطلا.
5- ان تكون المنفعة معينة تعيينا كافيا مانعا للجهالة اوقابلة للتعيين.
ثانيا : الاجرة
الأجرة التي يلتزم بها المستأجر هي المقابل النقدي للمنفعة التي يحصل عليها من عقد الإيجار والأجرة تعد ركنا أساسيا لا ينعقد الإيجار بدونه, والأصل أن تكون الأجرة مبلغا من النقود , ولكنها خلافا للثمن في عقد البيع يجوز أن تكون أي مال آخروالأصل أن يتم تعيين الأجرة من قبل الطرفين فقد يعين المتعاقدان الأجرة مباشرة وقد يكتفيان ببيان أسس تعيينه فللمتعاقدين حرية تحديد الأجرة ببيان ما هيتها وقدرها وطريقة الوفاء بها كما يكون لهما الاتفاق على مقدار معين لها .
الثالث: السبب
السبب هو الباعث الدافع الذي يدفع بالمتعاقد إلى تحميل ذمته بالالتزام وهو يختلف بإختلاف الأشخاص فقد يكون الباعث لمن يستأجر دارا ان يتخذه مسكنا أو مكتبا وما الى ذلك من البواعث .
الآثار المترتبة على عقد الإيجار
تتمثل آثار عقد الإيجار في مجموع الالتزامات والحقوق التي ينشئها هذا العقد , حيث ينشئ , من ناحية التزامات على عاتق المؤجر ومن ناحيه التزامات على عاتق المستأجر وسوف نعرضها في المبحثين التاليين .
المبحث الأول / التزامات المؤجر
وهي التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة بحالة تصلح معها للاستعمال ،وبصيانة هذه العين , وضمان انتفاع المستأجر بها بالامتناع عن التعرض الشخصي له أوتعرض الغير المبني على سبب قانوني وسوف نعرضها فيما يلي:
الأول : التزام المؤجر بالتسليم
الثاني : التزام المؤجر بالصيانة
الثالث : التزام المؤجر بالضمان
الأول : التزام المؤجر بالتسليم
يشمل التسليم العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لان تفي بما أعدت له من منفعة والمقصود بذلك أن المؤجر يلتزم بتسليم العين وملحقاتها المتفق عليها في العقد بذاتها , ولا يجوز له أن يسلم عينا أخرى، والملحقات هي الأشياء المعدة بصفة دائمة لاستعمال العين .ويتم تسليم العين المؤجرة وملحقاتها عن طريق وضع الشيء المؤجر تحت تصرف المستأجر وضعا يتمكن معه من حيازته والانتفاع به دون عائق , هذا من ناحية ومن ناحية أخرى , إعلام المستأجر بهذا الوضع . فإذا تم ذلك برئت ذمة المؤجر , ولو لم يتسلم فعليا بل بمجرد تمكنه من تسلمها , وهنا يلتزم بالأجرة سواء انتفع بالعين أو لم ينتفع بها .
والأصل في التسليم أن يتم في التاريخ الذي اتفق عليه , أو الذي حدده المستأجرعند إبرام العقد , مع مراعاة المواعيد الذي تستلزمه طبيعة الشيء المؤجر وما يقضي به العرف.
واما اذا لم يحدد ميعاد للتسليم , ولم يوجد عرف ولم يمكن استخلاص شيء من طبيعة العين المؤجرة وجب التسليم فور إبرام عقد الإيجار. وإذا أخل المؤجر بالتزاماته بالتسليم كان للمستأجر وفقا للقواعد العامة حق طلب التنفيذ العيني أو الفسخ , وله إنقاص الأجرة مع طلب التعويض إذا كان له مقتضى.
الثاني : التزام المؤجر بالصيانة
إن تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة طوال مدة الإيجار يقتضي أن تظل العين صالحة لما أعددت له من منفعة طوال هذه المدة . بيد أن بقائها كذلك يتطلب استمرار العين على الحالة التي سلمت عليه فإذا هلكت العين المؤجرة أو أصبحت في حاجة إلى الترميم بسبب خطا من المستأجر فلا يلتزم المؤجر بإعادتها إلى الحالة التي كانت عليها وفقا للقواعد العامة في المسئولية بل يلتزم بذلك المستأجر , فضلا عن التزامه بدفع تعويض للمؤجرعما يكون قد أصابه من ضرر. والمؤجر لا يلتزم بإعادة العين المؤجرة إلى ما كانت عليه في حالة هلاكها هلاكا كليا نتيجة قوة قاهرة أو نتيجة طول الاستعمال ،وعلة ذلك إن الهلاك الكلي لسبب أجنبي يؤدي إلى انفساخ عقد الإيجار من تلقاء نفسه إعمالا للقواعد العامة ،وإذا أخل المؤجر بالالتزام بصيانة العين المؤجرة بعد إنذاره بذلك. كان للمستأجر إما طلب التنفيذ العيني واما فسخ العقد , واما إنقاص الأجرة , مع التعويض في جميع الأحوال إذا كان له مقتضى.
الثالث : التزام المؤجر بالضمان
لا يكفي أن يسلم المؤجر العين المؤجرة وملحقاتها , وان يتعهدها بالصيانة بإجراء الترميمات الضرورية وأنما يجب عليه فوق ذلك أن يضمن للمستأجر انتفاعا هادئا كاملا وذلك بإلتزامه بضمان عدم التعرض الشخصي له والذي يعني (كل فعل من شانه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة أو ينقص من هذا الانتفاع) وعدم التعرض القانوني من الغير والمبني على أسباب قانونية والتعرض القانوني يعني( أن يكون الفعل المكون للتعرض فعلا ماديا يستند فيه الغير إلى حق يدعيه على العين المؤجرة , كما لو زرع الغير الأرض المؤجرة مدعيا ملكيتها , أو أن له عليها حق انتفاع, أو أن يكون التعرض في صورة دعوى يرفعها الغير طالبا ثبوت حق له يخل بانتفاع المستأجرولابد أن يقع هذا الفعل أثناء مدة الإجارة , لا قبلها ولا بعدها) وضمان العيوب الخفية التي يشترط فيها (أن يكون العيب مؤثرا أي يحول دون الانتفاع بالعين أو بأحد ملحقاتها أو ينقص من هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، وان يكون خفيا بحيث لايمكن رؤيته بفحص العين بعناية الرجل المعتاد وقت التعاقد ) .
وعند اخلال المؤجر بأي من الإلتزامات السابقة يكون للمستأجر طلب التنفيذ العيني , ويحكم القاضي به إذا توافرت شروط الضمان , أو يقوم به المستأجر على نفقة المؤجر بشرط ألا يكون ذلك إرهاق للمؤجر،كما يكون للمستأجر طلب الفسخ , أو إنقاص الأجرة , مع حقه في التعويض إن كان له مقتضى . وللقاضي في جميع الأحوال سلطة تقديرية في ذلك.
المبحث الثاني / التزامات المستأجر
يقابل الالتزامات التي تثقل كاهل المؤجر التزامات ثلاث يتحملها المستأجر وهي: التزامه باستعمال العين فيما أعدت له والعناية بها والمحافظة عليها , والتزامه بالوفاء بالأجرة والتزامه برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإيجار وسنعرض الالتزامات الثلاثة في ما يلي :
الأول : الالتزام باستعمال العين فيما أعدت له والمحافظة عليها
الثاني : الالتزام بالوفاء بالأجرة
الثالث: الالتزام برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإيجار
الأول : الالتزام باستعمال العين فيما أعدت له والمحافظة عليها
يتفرع هذا الالتزام إلى أربعة التزامات هي : وجوب استعمال العين المؤجرة فيما أعدت له وذلك يتحدد بطبيعة العين نفسها كما إذا كانت العين المؤجرة شيدت لتكون محلا تجاريا , أو مصنعا , أو مدرسة, وعدم التغيير فيها تغييرا يضر بالمؤجر,والقيام بالترميمات التأجيرية مثل اصلاح حنفيات المياه والاقفال واصلاح زجاج النوافذ، وإخطار المؤجر بكل ما يستوجب تدخله , وأخيرا بالمحافظة على العين المؤجرة وذلك بأن يبذل عناية الشخص المعتاد.
الثاني : الالتزام بالوفاء بالأجر
يلتزم المستأجر بدفع الأجرة في الميعاد المتفق عليه أو الذي حدده القانون و هي أهم التزاماته , لكون الأجرة مقابل المنفعة التي يحصل عليها من المأجور، وهذه الأجرة تستحق للمؤجر بمجرد أن يقوم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ولو لم ينتفع بها فعلا
والأجرة تستحق للمؤجر ولو رد المستأجر العين المؤجرة قبل انتهاء مدة الإيجار حتى ولو ادعى المستأجر عدم صلاحيتها للانتفاع المقصود ،طالما ان هذا الإدعاء لم يقره المؤجر ولم يثبت قضاءً.
وعند إخلال المستأجر بإلتزامه يحق للمؤجر الرجوع عليه بالتنفيذ العيني اوفسخ العقد مع الاحتفاظ بحقه في الأجرة.
الثالث: الالتزام برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإيجار
يشمل الرد العين المؤجرة وملحقاتها , حيث يجب على المستأجر رد العين المؤجرة ذاتها , فلا يجوز له أن يقتصر على رد قيمتها , أو أن يرد للمؤجر شيئا آخر, مهما كان ذلك في صالح المؤجر ,
مالم يوافق المؤجر على ذلك , كذلك يتعين على المستأجر , من ناحية أخرى , رد ملحقات العين المؤجرة , سواء كانت هذه الملحقات قد سلمت له عند بداية الإيجار , أو كانت قد نشأت عنه بعد ذلك , كما هو الحال في نتاج الماشية.
ويتحقق الإخلال بالالتزام برد العين المؤجرة في ثلاث فروض:إذا لم يرد العين المؤجرة فور انتهاء الإيجار ,أو تأخر في ردها بدون حق ,أو قام بردها بحالة غير الحالة التي يتعين ردها بها.
فإذا لم يرد المستأجر العين إلى المؤجر عند انتهاء الإيجار جاز للمؤجر إجباره على ذلك متى كان الرد ممكنا , بأن كانت العين موجودة تحت يد المستأجر ,أما عند عدم إمكانية التنفيذ العيني , فلا يكون للمؤجر إلا الرجوع بالتعويض دون إخلال بحقه في تسلم المأجور وإذا تأخر المستأجر في رد العين دون حق , فانه يلزم بتعويض المؤجر عن هذا التأخير , ويقدر التعويض بما أصاب المؤجر من ضرر وفقا للقواعد العامة . وأخيرا , إذا رد المستأجر العين المؤجرة في حالة غير الحالة الواجب فيها الرد بأن كانت ناقصة أو تالفة أو هالكة , كان للمؤجر الحق في إجباره على الإصلاح , وللمؤجر أن يقوم بهذا الإصلاح على نفقة المستأجر .
مع حق الأول في التعويض عن منفعة العين في الفترة التي يجري فيها الإصلاح , إذا كان هذا الإصلاح قد منع استغلال العين في هذه الفترةكما يكون للمؤجر حق طلب التعويض عما أصاب العين من هلاك أو تلف بدلا من التنفيذ العيني.
اترك تعليقاً