توضيحات قانونية حول الرقابة على المال العام
المطلب الاول : قانون التصفية :
يعتبر قانون التصفية اداة سياسية لمراقبة مدى التزام الحكومة بالترخيص البرلماني اثناء تنفيذها للقانون المالي,وتبعا لدلك فهو يرمي الى التحقيق من النتائج المالية لكل سنة ومراقبة حصيلة تنفيذ الميزانية مع التقديرات المرخص بها في القانون المالي,ومن هدا المنطلق فقانون التصفية يعد بمثابة بيان يحصر فيه المبلغ الاجمالي للنفقات المصروفة فعلا خلال سنة مالية منصرمة,وهو بدلك يمكن اعضاء البرلمان من معرفة الحصيلة المتنامية لمجموع عمليات تنفيذ القانون المالي .
وبما ان هدا القانون يأتي بعد انتهاء الحكومة من تنفيذ القانون المالي,فانه يسمح للبرلمان من معرفة بممارسة رقابة لاحقة على النشاط المالي للحكومة,يتمكن من خلاله مبدئيا معرفة تنفيذ قانون المالية ومدى قدرة الحكومة على الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها في الميدان الجبائي ومجلات التسيير و الاستثمار,نظرا لأهمية هدا القانون فان الحكومة تلتزم بمقتضى المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية,بإيداع مشروع قانون التصفية لدى البرلمان على ابعد تقدير في اخر السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ القانون المالي ويرفق هدا المشروع بتقرير للمجلس الاعلى للحسابات حول تنفيذ قانون المالية بالتصريح العام بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة .
كما اشارة المادة السالفة الدكر تلتزم الحكومة على ايداع قانون التصفية لدى البرلمان على ابعد تقدير السنة الثانية الموالية لسنة تنفيد القانون المالي,لكن الممارسة المغربية حيال قانون التصفية ,تتسم بعدم الانتظام و التباعد الصارخ في الايداع,فالتاخير الحاصل في ايداع قانون التصفية امام البرلمان يقلل من اهميته كاسلوب للرقابة يمارسه البرلمان تجاه الحكومة ,خاصة انه توجد عقوبات زجرية تلزم الحكومة بايداع مشاريعها في الاجال المحددة,و بالتالي لا تولي اهمية لتقديم مشاريع قوانين التصفية,بينما في فرنسا تراجع عدم الاهتمام بقانون التصفية في ظل دستور 1958 .واصبحت مناقشة قانون التصفية تكتسي نوعا من الاهمية,ودلك عبر الاسراع في ايداع مشروع قانون التصفية ,واحترام الاجال المعطات للسلطات الادارية لتقديم هدا القانون .علاوة ان مناقشة و التصويت على قانون التصفية بالمغرب ,يتم في اجال ضيقة لاتسمح لاعضاء البرلمان بالتعمق في مضامينها,لكون المهنة النيابية و الانشغالات الانتخابية تدفع الى تفضيل الاسئلة التي تتعلق باحدات الساعة و بالقضايا الانية دات الصدى السياسي ,على الاسئلة و النقاشات الفنية و المالية التي لا تنتج عنها مردودية سياسية لكونها تنصب على قوانين تصدر متاخرة .
وادا كانت الحكومة تقوم بتقديم مشاريع قوانين التصفية بشكل متاخر,مثلا مناقشة مشروع قانون التصفية لسنة 1972 الدي كان سنة 1985 وكدلك مشروع قانون التصفية لسنة 1993 الدي تم بتاريخ 2000,فان هدا التقديم يكون تحت اكراهات وضغوطات دولية خاصة من طرف صندوق النقد الدولي للحصول على قروض جديدة ,وان الاغلبية البرلمانية تزكي بالتصويت الايجابي على قانون التصفية .ورغم وضع الحكومة لجدولة زمنية لتفديم مشاريع قوانين التصفية و التزام وزير المالية امام اللجنة المالية لمجلس المستشارين بتاريخ 5 اكتوبر 1999 لتدارك التاخير,فان الاهمال هي السمة الرئيسية في تعامل الحكومة مع قوانين التصفية بحجة تعقد مسطرة الاعداد وما دام عمليا لايوجد اي جزاء برلماني يمكن ممارسته على الحكومة.
الا ان بدا يلاحظ بعض المجهودات لدى الحكومة في السنوات الاخيرة لتدارك هدا الخلل و تقليص المدة الفاصلة بين تنفيد قانون المالية وصدور قانون التصفية,على سبيل المثال قانون التصفية لقانون مالية 2009 .
استلهاما لروح المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية ,ووفقا للقوعد و الاعراف التي تحكم العلاقة بين البرلمان و الحكومة في الدول الديمقراطية ,فان قيمة قانون التصفية هو صدوره في اجله القانوني ,حتى يتسنى للبرلمان مراقبة الحكومة التي منح لها الثقة ,لا ان يصوت على قانون التصفية امام حكومة جديدة لم تكن مسؤولة عن تنفيد قانون المالية الدي صدر قبل 5 سنوات او اكثر.
ما يثير الاشكال في تقديم قانون التصفية هو تناقض المقتضيات التي تنظمه فيما يتعلق بالاجال الدي يجب ان يودع فيه
المطلب الثاني :تقيم السياسة العمومية :
يعد تقييم السياسات العمومية,من اهم الاختصاصات الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد,وانماطها بالبرلمان, وهدا ما تنص عليه الفقرة الثانية من الف 70 من دستور 2011 “يصوت البرلمان على القوانين,ويراقب عمل الحكومة,ويقيم السياسات العمومية ……..” .
وفي نفس السياق ينص فصل 101 على ان “يعرض رئيس الحكومة امام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة اما بمبادرة منه او بطلب من ثلث اعضاء مجلس النواب او من اغلبية اعضاء مجلس المستشارين.
تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية و تقييمها”
من خلال المقتضيات السابقة الدكر يمكن ان نخلص الى ان تقييم السياسة العمومية يعد من بين اهم الاليات التي يمتلكها البرلمان لمراقبة المال العام.
بالاضافة الى دلك يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين ان تطلب الاستماع الى مسؤلي الادارات و المؤسسات و المقاولات العمومية ,ودلك بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤوليتهم.هدا ما نص عليه الفصل 102 “يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين ان تطلب الاستماع الى مسؤولي الادارات و المؤسسات و المقاولات العمومية ,بحضور الوزراء المعنيين و تحت مسؤوليتهم”.
وتجدر الاشارة الى ان التقييم البرلماني للسياسات العمومية,شكل مطلبا من بين المطالب التي وردت في مدكرات الاحزاب السياسية
والهيئات النقابية و المنضمات المدنية ,التي تم رفعها للجنة التي تم رفعها للجنة التي كلفت من قبل الملك باعداد مشروع الدستور الجديد .وهو ما تم فعلا وفي دلك تجاوب مع ما هومعمول به على المستوى الدولي في اطار الانظمة البرلمانية,حيث لا تنتهي مهمة البرلمان بمجرد منح الثقة للحكومة و تنصيبها ,وانما يستمر عمله من خلال الرقابة على مدى التزامها سبق ان تقدم به رئيسها امامه في اول جلسة عمومية يعقدها البرلمان مباشرة بعد تعيين رئيس و اعضاء الحكومة.
اترك تعليقاً