حكم تمييز في الاعتراف
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 27/ 1/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل
(14)
(الطعن رقم 530/ 2002 جزائي)
1 – إثبات (اعتراف) – حكم (تسبيب حكم البراءة) – تمييز (السبب القائم على جدل موضوعي).
– تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات – لمحكمة الموضوع – لها أن لا تعول عليه متى تراءى لها مخالفته للحقيقة والواقع – علة ذلك: العبرة في المحاكمات الجزائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه. كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لتقضي له بالبراءة – لا يصح أن يعاب على المحكمة أن قضت بالبراءة على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها.
– الجدل حول تقدير محكمة الموضوع لصحة الاعتراف وقيمته كدليل إثبات في الدعوى – غير جائز أما التمييز – مثال.
1 – من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجزائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته وقيمته في الاثبات ولها أن لا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع، لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، فلا يصح تأثيم إنسان ولو بناءً على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفًا للحقيقة والواقع إذ العبرة في المحاكمات الجزائية هى باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، كما أنه يكفي في تلك المحاكمات أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وأقامت قضاءها على أسباب تحمله، ولا يصح أن يعاب على المحكمة أن قضت بالبراءة على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. لما كان ذلك،
وكان البين من الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمؤيد بالحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت إحاطة تامة بوقائع الدعوى وظروفها وبأدلة الاتهام فيها والتي تقوم أساسًا على اعتراف المطعون ضدها – باتصال المتهم الآخر ***يًا بها – فلم تقتنع المحكمة بصحة هذا الاعتراف أو مطابقته للحقيقة والواقع لأنه لا يتفق مع ما ثبت في التقرير الطبي الشرعي من عدم وجود تلوثات منوية أو ما يشير لحصول المواقعة فأطرحت المحكمة هذا الاعتراف ولم تعول عليه وتشككت في صحة إسناد الاتهام إلى المطعون ضدها. ولما كانت هذه الأسباب ترتد إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى بغير فساد أو تعسف في الاستنتاج إلى ما انتهى الحكم المطعون فيه من تبرئة المطعون ضدها لعدم توافر الدليل المعتبر في القانون والمقنع على ارتكابها الجريمتين المنسوبتين إليها، فإن ما تثيره النيابة العامة الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة حول تقدير محكمة الموضوع لمدى صحة اعتراف المطعون ضدها وقيمته كدليل إثبات في الدعوى مما لا تجوز إثارته أو معاودة التصدى له أمام محكمة التمييز.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها وآخر بأنهما في يوم 21/ 3/ 2002 بدائرة مخفر شرطة الأندلس – محافظة الفروانية: 1 – المطعون ضدها والآخر: اتصل كل منهما بالآخر ***يًا وهو راض حال كونه متزوجًا. 2 – المطعون ضدها أيضًا: وهي امرأة بلغت الحادية والعشرين رضيت بمواقعة المتهم الثاني لها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما بالمادتين (194)، (195) من قانون الجزاء. وبتاريخ 18/ 8/ 2002 حكمت محكمة الجنايات ببراءة المطعون ضدها والمتهم الآخر مما أسند إليهما. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. وبتاريخ 29/ 10/ 2002 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم الابتدائي ببراءة المطعون ضدها من تهمتي الاتصال ال***ي بالمتهم الآخر حال كونها متزوجة بغيره وبلغت الحادية والعشرين من عمرها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج ذلك بأن أطرح اعترافها أمام المحكمة وأثناء نظر تجديد حبسها تأسيسًا على أن خلو المسحات المهبلية من التلوثات المنوية لا يساند هذا الاعتراف رغم أن الكشف الطبي على المطعون ضدها وأخذ هذه المسحات منها لم يتم إلا بعد ثلاثة أيام من الواقعة وهو وقت كافٍ لزوال آثار المواقعة. مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمؤيد بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى حسبما صورتها سلطة الاتهام حصل الأدلة التي استندت إليها في ثبوت الاتهام المسند إلى المطعون ضدها والمستمدة من أقوال المبلغة….. و….. ضابط مخفر الأندلس وتقرير الطبيب الشرعي واعتراف المطعون ضدها. أقام قضاءه بالبراءة تأسيسًا على عدم توافر الدليل قبل المطعون ضدها والمتهم الآخر، إذ أن أقوال المبلغة وضابط المخفر نقلاً عن المتهمين لا تصلح لإثبات الجريمتين المنسوبتين إليهما لأنهما لم يضبطا متلبسين بها حال ارتكابها وأنكراها في تحقيقات النيابة العامة، هذا إلى أن المحكمة – بما لها من حق تقدير صحة الاعتراف وقيمته كعنصر من عناصر إثبات الدعوى – لا تعول على عدول المطعون ضدها عن إنكارها ارتكاب الواقعة ثم الاعتراف بحصولها لتشكك المحكمة في صحة هذا الاعتراف الصادر منها وحدها دون المتهم الآخر لاسيما وقد ثبت من التقرير الطبي الشرعي عدم وجود تلوثات منوية بالمسحات المهبلية المأخوذة من المطعون ضدها أو وجود ما يشير إلى حدوث المواقعة.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجزائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته وقيمته في الإثبات ولها أن لا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع، لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، فلا يصح تأثيم إنسان ولو بناءً على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفًا للحقيقة والواقع إذ العبرة في المحاكمات الجزائية هى باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، كما أنه يكفي في تلك المحاكمات أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وأقامت قضاءها على أسباب تحمله، ولا يصح أن يعاب على المحكمة أن قضت بالبراءة على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها.
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمؤيد بالحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت إحاطة تامة بوقائع الدعوى وظروفها وبأدلة الاتهام فيها والتي تقوم أساسًا على اعتراف المطعون ضدها – باتصال المتهم الآخر ***يًا بها – فلم تقتنع المحكمة بصحة هذا الاعتراف أو مطابقته للحقيقة والواقع لأنه لا يتفق مع ما ثبت في التقرير الطبي الشرعي من عدم وجود تلوثات منوية أو ما يشير لحصول المواقعة فأطرحت المحكمة هذا الاعتراف ولم تعول عليه وتشككت في صحة إسناد الاتهام إلى المطعون ضدها.
ولما كانت هذه الأسباب ترتد إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى بغير فساد أو تعسف في الاستنتاج إلى ما انتهى الحكم المطعون فيه من تبرئة المطعون ضدها لعدم توافر الدليل المعتبر في القانون والمقنع على ارتكابها الجريمتين المنسوبتين إليها، فإن ما تثيره النيابة العامة الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة حول تقدير محكمة الموضوع لمدى صحة اعتراف المطعون ضدها وقيمته كدليل إثبات في الدعوى مما لا تجوز إثارته أو معاودة التصدي له أمام محكمة التمييز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
اترك تعليقاً