حكم تمييز (سلاح) (تعدي)
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 14/ 10/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل.
(23)
(الطعن رقم 21/ 2002 جزائي)
1 – استئناف – دعوى (دعوى مدنية) – محكمة الاستئناف (نظرها الدعوى والحكم فيها) – طعن (ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام).
– الأحكام الصادرة في الدعاوى المدنية من المحاكم الجزائية – يجوز استئنافها – متى كان مما يجوز استئنافه لو أنها صادرة من المحاكم المدنية – المادة (200) إجراءات ومحاكمات جزائية.
– الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة – غير جائز – إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها – المادة (128) مرافعات.
– عدم فصل محكمة الجنايات في الدعوى المدنية وتخليها عنها للمحكمة المدنية المختصة – حكم لا يجوز استئنافه أو الطعن فيه بالتمييز – علة ذلك: حيث ينغلق باب الطعن بالاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز – مثال.
2 – تمييز (إجراءات الطعن بالتمييز) – إجراءات الطعن.
– التقرير بالطعن بالتمييز – هو مناط اتصال المحكمة به – تقديم الأسباب التي بني عليها في الميعاد – شرط لقبوله.
– الطعن بالتمييز دون إيداع الأسباب في الميعاد – أثره: عدم قبول الطعن شكلاً – أساس ذلك – مثال.
3 – طعن (المصلحة في الطعن) – تمييز (سبب غير مقبول).
– أوجه الطعن – لا يقبل منها إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه – مثال.
4 – باعث – جريمة [(أنواع من الجرائم {حيازة وإحراز سلاح}) و(الركن المادي)] – قصد جنائي – أسلحة وذخيرة.
– جريمة إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص قيامها بمجرد توافر الفعل المادي وهو الإحراز أو الحيازة أيًا كانت فترته طالت أن قصرت وأيا كان الباعث على ذلك ولو كان الأمر عارض أو طارئ – علة ذلك: كان ما تعلق بالباعث لا يؤثر على قيام الجريمة متى توافرت عناصرها القانونية.
5 – دفوع (الدفع بإنكار التهمة) – إثبات [(بوجه عام)، (شهود)] – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير أقوال الشهود) – حكم (ما لا يعيبه) – تمييز (سبب غير مقبول).
– الدفع بإنكار التهمة – موضوعي – لا يستأهل من المحكمة ردًا خاصًا – استفادة الرد من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم.
– وزن أقوال الشهود وتقديرها – لمحكمة الموضوع.
– تناقض الشهود في أقوالهم – لا يعيب الحكم – ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه – المجادلة في ذلك أمام التمييز – غير مقبول.
6 – جريمة – فاعل أصلي – قصد جنائي – اتفاق (اتفاق جنائي) – مسؤولية جزائية – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير قيام الاتفاق الجنائي) – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز (سبب غير مقبول).
– تكوين الجريمة من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها – أثره: كل من توافر لديه قصد المساهمة أو نية التدخل فيها – يعتبر فاعلاً أصليًا مع غيره – ما دامت وقعت نتيجة اتفاق بينهم وأسهم بدور ما في تنفيذها ولو لم تتم الجريمة بفعله وحده وإنما تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها – المادة (47) جزاء.
– قيام الاتفاق بين المساهمين أو انتفاؤه – يستقل قاضي الموضوع بتقديره – الجدل في ذلك أمام التمييز – غير مقبول – مثال.
1 – المادة (200) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تنص على أن (الأحكام الصادرة في الدعاوى المدنية من المحاكم الجزائية يجوز استئنافها إذا كانت مما يجوز استئنافه لو أنها كانت صادرة من المحاكم المدنية …….) وكانت المادة (128) من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أن (لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها ….) وكانت محكمة الجنايات لم تفصل في الدعوى المدنية وإنما تخلت عنها للمحكمة المدنية المختصة عملا بالمادة (113) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية وهو حكم لا يجوز استئنافه – على ما قضى به صحيحًا الحكم المطعون فيه – حسبما سبق بيانه فإنه لا يجوز بالتالي الطعن عليه بطريق التمييز على ما جرى به قضاء هذه المحكمة لأنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز إذ لا يقبل أن يكون الشارع قد أوصد باب الاستئناف وفي الوقت نفسه يسمح بولوج الطعن بطريق التمييز. لما كان ذلك فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز.
2 – من المقرر أن التقرير بالطعن بالتمييز هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية واحدة بحيث لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، وكان الطاعن وإن قرر بالطعن في الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 20/ 1/ 2002 في 18/ 2/ 2002 – في الميعاد الذي حدده القانون – بيد أنه لم يودع الأسباب التي بني عليها الطعن إلا بتاريخ 20/ 2/ 2002 – بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادتين (9)، (10) من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته وهو ثلاثون يومًا من تاريخ النطق بالحكم ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلا لعدم تقديم أسبابه في الميعاد الذي حدده القانون.
3 – لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان منها متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإن ما ينعاه من إغفال محكمة الموضوع وطلبه إدخال متهم آخر في الدعوى لا يكون مقبولاً ما دام أن ذلك لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمتين المسندتين إليه واللتين أثبتهما الحكم في حقه.
4 – يكفي لقيام جريمة إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص مجرد الفعل المادي (الإحراز أو الحيازة) أيًا كانت فترته طالت أو قصرت وأيًا كان الباعث على ذلك ولو كان لأمر عارض أو طارئ لأن كل ما يتعلق بالباعث لا يؤثر على قيام الجريمة متى توافرت عناصرها القانونية.
5 – إذ كان الدفع بإنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردًا خاصًا إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرده إلى محكمة الموضوع بغير معقب، كما أن تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض وقوعه – لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن مجادلة الطاعن في هذا الشأن أمام محكمة التمييز لا تكون مقبولة.
6 – مفاد نص المادة (47) من قانون الجزاء أن الجريمة إذا تكونت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها فإن كل من توافر لديه قصد المساهمة أو نية التدخل فيه يعتبر فاعلاً أصليًا مع غيره ما دامت قد وقعت نتيجة اتفاق بينهم وأسهم بدور ما في تنفيذها ولو لم تتم الجريمة بفعله وحده وإنما تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها والتحقق من قصد مساهمة الشخص أو نية تداخله في الجريمة مع غيره وقيام الاتفاق بين المساهمين فيها أو انتفاء ذلك من الأمور الموضوعية التي يستقل – قاضي الموضوع بتقديرها متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ به التدليل على نفي وجود ثمة اتفاق بين المطعون ضده والمتهم الثاني على الاعتداء على المجني عليه، وأن المتهم الثاني هو وحده الذي اعتدى على المجني عليه ورتب على ذلك انتفاء مسؤولية المطعون ضده فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده كان يقصد الاحتفاظ بالسلاح بعد أن أخذه من السيارة له صداه في الأوراق – على خلاف ما زعمت الطاعنة – فإن ما تخوض فيه لا يعدو في حقيقته جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – طارق ………2 – مشعل …………. (طاعنان ومطعون ضدهما) 3 – عبد الرحمن …….. بأنهم في ليلة 29/ 6/ 1999 بدائرة مخفر الفيحاء – محافظة العاصمة، المتهمون جميعًا: سرقوا حافظة المجني عليه يوسف …….. باستعمال العنف ضده بأن دفعوه بالأيدي وجذبوه من ملابسه في الوقت الذي قام فيه المتهم الأول بسلب الحافظة من مقعد سيارة المجني عليه المذكور، وكان ذلك في الطريق العام حال كون المتهم الثاني حاملاً سلاحًا مخبأ (مسدس) المتهمان الأول والثاني – أحدثا بالمجني عليه سالف الذكر أذىً بليغا برميه بنوع من أنواع القذائف بأن أحضر المتهم الأول من سيارته (مسدسا) للمتهم الثاني الذي أطلق عيارًا ناريًا صوب المجني عليه قاصدا إيذائه فأحدث إصابته المبينة بتقرير الطبيب الشرعي المرفق بالأوراق. 2 – أحدثا بالمجني عليه سالف البيان أذى أفضى إلى إصابته بعاهة مستديمة بأن اعتديا عليه على النحو المبين بالتهمة السابقة، فحدثت إصاباته الموضحة بتقرير الطبيب الشرعي ونتج عنها عجز مستديم يقدر بنحو ثلاثون بالمائة – 30% – من قوة الجسم كله. المتهم الأول أيضا: حاز بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من يفوضه سلاحًا ناريًا – مسدس – وذخيرته. المتهم الثاني أيضا: 1 – نقل حيازة سلاحه الناري المرخص – مسدس – ذخيرته إلى المتهم الأول دون صدور ترخيص للأخير بالحيازة. 2 – استعمل السلاح الناري المذكور في منطقة سكنية، وطلبت عقابهم بالمواد (161)، 162/ 1، (225)، (226 ثانيًا، ثالثًا، رابعًا)، من قانون الجزاء، 2/ 1، (6)، 13/ 1، 21/ 1، (3) من المرسوم بالقانون رقم (13) لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 5001 دينار كويتي على سبيل التعويض المؤقت. وحكمت محكمة الجنايات حضوريا. أولاً: ببراءة المتهمين من التهمة الأولى المسندة إليهم.
ثانيًا: – بحبس كل من المتهمين الأول والثاني عشر سنوات مع الشغل عن باقي التهم المسندة إليهما وأمرت بمصادرة المضبوطات. ثالثًا: وفي الدعوى المدنية برفضها بالنسبة للمتهم الثالث وبإحالتها إلى إحدى الدوائر الكلية المدنية بالنسبة للمتهمين الأول والثاني، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية الشق الخاص بإحالة الدعوى المدنية كما استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني وبتاريخ 20/ 1/ 2001 قضت محكمة الاستئناف. أولاً: بعدم جواز استئناف المدعي بالحقوق المدنية وألزمته مصاريف الاستئناف. ثانيًا: بقبول استئناف كل من المتهمين شكلاً وفي الموضوع. أولاً: ببراءة المتهم الأول طارق ……. من تهمتي الأذى البليغ والعاهة المستديمة المسندتين إليه ومعاقبته بالحبس مع الشغل سنتين عن باقي التهم المسندة إليه. ثانيًا: بتعديل الحكم المستأنف إلى الاكتفاء بحبس المتهم الثاني خمس سنوات مع الشغل عما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليهما والمدعي بالحقوق المدنية بالتمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
أولاً: طعن المدعي بالحقوق المدنية:
حيث إنه لما كانت المادة (200) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تنص على أن: (الأحكام الصادرة في الدعاوى المدنية من المحاكم الجزائية يجوز استئنافها إذا كانت مما يجوز استئنافه لو أنها كانت صادرة من المحاكم المدنية …….) وكانت المادة (128) من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أن (لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها ….) وكانت محكمة الجنايات لم تفصل في الدعوى المدنية وإنما تخلت عنها للمحكمة المدنية المختصة عملا بالمادة (113) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية وهو حكم لا يجوز استئنافه – على ما قضى به صحيحًا الحكم المطعون فيه – حسبما سبق بيانه فإنه لا يجوز بالتالي الطعن عليه بطريق التمييز على ما جرى به قضاء هذه المحكمة لأنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز إذ لا يقبل أن يكون الشارع قد أوصد باب الاستئناف وفي الوقت نفسه يسمح بولوج الطعن بطريق التمييز. لما كان ذلك فإن طعن المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز.
ثانيًا: طعن الطاعن الثاني:
من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بالتمييز هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية واحدة بحيث لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، وكان الطاعن وإن قرر بالطعن في الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 20/ 1/ 2002 في 18/ 2/ 2002 – في الميعاد الذي حدده القانون – بيد أنه لم يودع الأسباب التي بني عليها الطعن إلا بتاريخ 20/ 2/ 2002 – بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادتين (9)، (10) من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته وهو ثلاثون يومًا من تاريخ النطق بالحكم ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم تقديم أسبابه في الميعاد الذي حدده القانون.
ثالثًا: طعن الطاعن الأول:
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحقه في الدفاع ذلك أن محكمة الموضوع قد أغفلت طلبه إدخال بسام …… الذي أحدث به إصابة – أثبتها تقرير الطبيب الشرعي المرفق بالأوراق – متهمًا في الدعوى، كما دانه الحكم رغم أنه حيازته للسلاح كانت عارضة ولم تنصرف نيته للاحتفاظ به خاصة أن المتهم الثاني أقر بأن السلاح المضبوط خاص به هو، ولم يحفل الحكم بإنكار الطاعن للتهمة وعول في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود رغم تناقضها كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه بتاريخ 29/ 6/ 1999 وأثناء تواجد المجني عليه بسيارته حدثت مشادة بين المتهمين والشاهدين بسام …… وفهد ….. بسبب احتكاك سيارة المتهم الأول التي كان يقودها المتهم الثاني بالسيارة قيادة الشاهد فهد ……. وانصرف كل من الطرفين إلى وجهته إلا أن المتهمين تعقبوا سيارة المجني عليه بغية معرفة عنوان الشاهد الأخير فرفض المجني عليه إرشادهم عن العنوان وحدثت مشادة أخرى بشأن المتسبب في احتكاك السيارتين على أثرها أحضر المتهم الأول مسدسًا من سيارة المتهم الثاني الذي تمكن من أخذه منه بعد أن حاول المتهم الأول الاحتفاظ به وأطلق المتهم الثاني من هذا المسدس مقذوفًا صوب المجني عليه فأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة تقدر بنحو30% من قدرة الجسم كله وساق الحكم على ثبوت جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، لما كان ذلك،
وكان لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان منها متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإن ما ينعاه من إغفال محكمة الموضوع وطلبه إدخال متهم آخر في الدعوى لا يكون مقبولاً ما دام أن ذلك لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمتين المسندتين إليه واللتين أثبتهما الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان يكفي لقيام جريمة إحراز أو حيازة السلاح الناري بغير ترخيص مجرد الفعل المادي (الإحراز أو الحيازة) أيًا كانت فترته طالت أو قصرت وأيًا كان الباعث على ذلك ولو كان لأمر عارض أو طارئ لأن كل ما يتعلق بالباعث لا يؤثر على قيام الجريمة متى توافرت عناصرها القانونية فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديدًا، لما كان ذلك، وكان الدفع بإنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعة التي لا تستأهل من المحكمة ردًا خاصًا إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرده إلى محكمة الموضوع بغير معقب، كما أن تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض وقوعه – لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن مجادلة الطاعن في هذا الشأن أمام محكمة التمييز لا تكون مقبولة – لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
رابعًا: طعن النيابة العامة:
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المطعون ضده – المتهم الأول – طارق …… بجريمتي إحداث الأذى البليغ والعاهة المستديمة بالمجني عليه وببراءته منهما قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن ما ذهب إليه من عدم وجود اتفاق بينه وبين المتهم الثاني على الاعتداء على المجني عليه لا يجد سندًا من الأوراق بل أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهمين تبعا المجني عليه على أثر المشادة التي حدثت بينهم ثم اعترضا طريقه واحضر المطعون ضده المسدس من السيارة وأخذه منه المتهم الثاني وأطلق منه طلقة على المجني عليه بما يستفاد منه اتفاقهما على الاعتداء عليه، كما أن ما قال به الحكم من أن المطعون ضده أحضر السلاح ليحتفظ به لا ليعطيه إلى المتهم الثاني لا سند له من الأوراق، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه ببراءة المطعون ضده على قوله: (… وكان الثابت من الأوراق وأقوال شاهدي الواقعة أن فكرة الاعتداء على المجني عليه قد نبتت فجأة لدى المتهم الثاني وليست نتيجة تفكير متبادل مع المتهم الأول ونتيجة المشادة بينهما والمجني عليه على إثر رفضه تحقيق بغيتهما في معرفة عنوان فهد …….، كما أن الثابت أيضا من أقوال الشاهدين أن المتهم الأول إذ أحضر المسدس من سيارة المتهم الثاني لم يحضره بغية تسليمه للمتهم الثاني لضرب المجني عليه بل حاول الاحتفاظ به معه حتى تمكن المتهم الثاني من أخذه منه وإطلاق الطلقة النارية على المجني عليه فإن الحكم المستأنف إذ خلص بالرغم من ذلك إلى مساءلة المتهم الأول عن جريمة إحداث العاهة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المتهم الثاني هو الذي ارتكب وحده هذا الفعل الإجرامي ومن ثم يتعين براءة المتهم الأول من تهمتي إحداث الأذى البليغ والعاهة المستديمة المسندتين إليه).
لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة (47) من قانون الجزاء أن الجريمة إذا تكونت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها فإن كل من توافر لديه قصد المساهمة أو نية التدخل فيه يعتبر فاعلاً أصليًا مع غيره ما دامت قد وقعت نتيجة اتفاق بينهم وأسهم بدور ما في تنفيذها ولو لم تتم الجريمة بفعله وحده وإنما تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها والتحقق من قصد مساهمة الشخص أو نية تداخله في الجريمة مع غيره وقيام الاتفاق بين المساهمين فيها أو انتفاء ذلك من الأمور الموضوعية التي يستقل – قاضي الموضوع بتقديرها متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ به التدليل على نفي وجود ثمة اتفاق بين المطعون ضده والمتهم الثاني على الاعتداء على المجني عليه، وأن المتهم الثاني هو وحده الذي اعتدى على المجني عليه ورتب على ذلك انتفاء مسؤولية المطعون ضده فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده كان يقصد الاحتفاظ بالسلاح بعد أن أخذه من السيارة له صداه في الأوراق – على خلاف ما زعمت الطاعنة – فإن ما تخوض فيه لا يعدو في حقيقته جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعًا.
اترك تعليقاً