حكم للمحكمة الدستورية : بانتهاء الخصومة
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علنًا بالمحكمة بتاريخ 6 من جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 10 من يونيه 2008م
برئاسة السيد المستشار/ راشد عبد المحسن الحماد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ يوسف غنام الرشيد وفيصل عبد العزيز المرشد وكاظم محمد المزيدي وراشد يعقوب الشراح
وحضور السيد/ علي عبد الباسط محمد أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي:
في الدعوى المحالة من الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية رقم (310) لسنة 2008 إداري/ 2:
المرفوعة من: مريم يوسف جاسم القطامي.
ضد:
1 – رئيس إدارة الفتوى والتشريع بصفته.
2 – وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بصفته.
3 – رئيس مجلس الوزراء بصفته.
والمقيدة بسجل المحكمة الدستورية برقم (6) لسنة 2008 (دستوري).
الوقائع
حيث إن حاصل الوقائع – حسبما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – أن المدعية أقامت على المدعى عليهم (بصفتهم) الدعوى رقم (310) لسنة 2008 إداري/ 2، بطلب الحكم: بتسوية حالتها بأحقيتها في صرف بدل السكن بذات الفئة المقررة لأقرانها من الذكور بإدارة الفتوى والتشريع وذلك اعتبارًا من 5/ 7/ 2003 مع ما يستجد، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك.
وبيانًا لدعواها قالت إنها عينت بوظيفة (محام) بإدارة الفتوى والتشريع اعتبارًا من 9/ 12/ 2000، وتدرجت في وظائفها إلى أن رقيت إلى وظيفة (محام أ ) اعتبارًا من 13/ 12/ 2006، وإذ علمت بأن زملاءها بالإدارة من الذكور يتقاضون بدل سكن شهري بواقع (200) دينار للأعزب، و(300) دينار للمتزوج، في الوقت الذي حرمت هي من تقاضي هذا البدل لكونها أنثى ومطلقة، وكان إيثار أعضاء الإدارة من الذكور بهذه الميزة وحرمان الإناث منها لا يقوم على سبب مشروع، لذا فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة الذكر.
وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة قدم الحاضر عن المدعية مذكرة دفع فيها بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثانية، والفقرة (5) من المادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم (142) لسنة 1992 بشأن إسكان القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع المعدل بالقرارين رقم (1162) لسنة 1992 ورقم (734 سابعًا) لسنة 1994، وذلك فيما تضمنتاه هاتان الفقرتان من قصر صرف بدل السكن للأعزب وللمتزوج، وحرمان الإناث ما لم يكن متزوجات على الرغم من تقرير هذه الميزة للأعزب من الذكور، وإقامة التفرقة بين الذكور والإناث في الحقوق الناشئة عن الوظيفة لأسباب غير متعلقة بها، حيث غاير القرار الصادر من مجلس الوزراء من طبيعة تلك الميزة جاعلاً من منحها والحرمان منها أداة للتفرقة بين المستحقين لها، مجاوزًا بذلك اختصاصه إلى وظيفة التشريع بما يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة، وافتئاتًا على سلطة التشريع، ومساسًا بمبدأ فصل السلطات بالمخالفة لنصوص المواد (7) و(8) و(18) و(20) و(22) و(29) و(41) و(50) و(163) من الدستور.
وبجلسة 30/ 4/ 2008 قضت المحكمة بوقف نظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم (142) لسنة 1992 بشأن إسكان القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع المعدل بالقرار رقم (734) لسنة 1994، وذلك تأسيسًا على انطواء نص تلك الفقرة على تفرقة في المعاملة بين الذكور والإناث فيما يتعلق باستحقاق بدل السكن بما يمثل تعارضًا مع مبدأ المساواة، وإخلالاً بهذا المبدأ.
هذا وقد ورد ملف الدعوى إلى إدارة كتاب هذه المحكمة، وتم قيدها بسجلها برقم (6) لسنة 2008 (دستوري)، وجرى إخطار ذوي الشأن بذلك، وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى بجلستها المنعقدة في 3/ 6/ 2008 على الوجه المبين بمحضرها، وطلب الحاضر عن إدارة الفتوى والتشريع الحكم بانتهاء الخصومة في الدعوى الماثلة لسبق صدور حكم من المحكمة الدستورية في هذا الشأن، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن إجراءات الإحالة لهذه المحكمة قد استوفت أوضاعها المقررة قانونًا.
وحيث إن المادة (8) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1977 بشأن درجات ومرتبات القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع المعدل بالمرسوم بقانون رقم (124) لسنة 1992 نصت على أن (يعطى كل من القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع سكنًا خاصًا يتناسب مع وظيفته وذلك طبقًا للنظام الذي يصدر به قرار من مجلس الوزراء.) وإعمالاً لهذا النص أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (142) لسنة 1992 بشأن إسكان القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع المعدل بالقرارين رقم (1162) لسنة 1992 ورقم (734 سابعًا) لسنة 1994 حيث نصت المادة الثانية منه على أن (يكون للقضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع الكويتيين الخيار بين تخصيص السكن الحكومي أو تقاضي بدل سكن بواقع:
– 200 د. ك شهريًا للأعزب.
– 300 د. ك للمتزوج.
ولا يخل ذلك بحقهم في العلاوة الاجتماعية المقررة لوظيفتهم).
كما نصت المادة الثالثة من ذات القرار على أنه (لا يجوز تخصيص سكن حكومي أو منح بدل سكن للفئات الآتية: 1 – …. 2 – …. 3 – …. 4 – …. 5 – الإناث إلا إذا كن متزوجات …”.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وكان مبنى النعي على نص البند (5) من المادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر أنه قد انطوى على حرمان الإناث ما لم يكن متزوجات من الميزة الوظيفية المقررة لأقرانهن من الذكور بما يخل بالمساواة التي كفلها الدستور، محددًا حكم الإحالة نطاق جدية الدفع في هذا الإطار، وبالتالي فإن الدعوى الدستورية – بقدر ارتباطها بمصلحة المدعية في الدعوى الموضوعية – تكون محددة بهذا النطاق وحده.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 28/ 5/ 2008 في الدعوى المقيدة برقم (5) لسنة 2008 (دستوري) (بعدم دستورية نص البند (5) من المادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم (142) لسنة 1992 بشأن إسكان القضاة وأعضاء النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع المعدل بالقرار رقم (734 سابعًا) لسنة 1994، وذلك فيما تضمنه هذا النص من إسقاط أحقية الإناث غير المتزوجات في الاستفادة من الحكم الوارد بالمادة الثانية من هذا القرار) وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية (بالعدد رقم (874) – السنة الرابعة والخمسون – من الكويت اليوم الصادر يوم 4 من جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 8 من يونيه 2008م) وذلك طبقًا لما تطلبته المادة الثالثة من القانون رقم (14) لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية من نشر أحكام هذا المحكمة في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من تاريخ صدورها حتى يتم ذيوعها وإعلام الكافة بصدورها ونفاذها والعمل بموجبها.
وحيث إن الحكم الصادر بعدم الدستورية هو حكم ملزم للكافة ولسائر المحاكم إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم (14) لسنة 1973 المشار إليه.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية هي خصومة عينية بطبيعتها، مناطها اختصام النص التشريعي المطعون عليه في ذاته، استهدافًا لمراقبة مدى دستوريته، واستظهارًا لمدى انضباطه داخل أطر الشرعية الحاكمة واستوائه على هدي من أحكام الدستور التي يتعين استواء التشريعات جميعها على مرفئها، وإذ كان النص التشريعي – بهذه المثابة – هو موضوع الخصومة في الدعوى الدستورية ومدارها ومحلها، وكانت الخصومة في الدعوى الراهنة – والمحالة إلى هذه المحكمة من محكمة الموضوع عن طريق الدفع الفرعي – قد انصب موضوعها على ذات النص التشريعي الذي سبق أن قضى بعدم دستوريته بالحكم سالف البيان، واستنفدت – هذه المحكمة – ولايتها بإصداره، وهو قضاء فصل يحول دون إعادة الخوض فيها مجددًا، مفضيًا إلى تحقيق ما كانت تصبو إليه المدعية بالدفع المقدم منها في هذا الشأن، فمن ثم فإن الخصومة في الدعوى الدستورية الماثلة – والحال كذلك – تكون منتهية، وهو ما يتعين القضاء به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بانتهاء الخصومة في الدعوى الدستورية.
أمين سر الجلسةرئيس المحكمة
اترك تعليقاً