حكم تمييز ( عدم جواز الحكم في التزوير والموضوع معاً )
محكمة التمييز
حكم رقم 638/2004
صادر بتاريخ 7/12/2005م.
(الدائرة المدنية الثالثة)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار محمد إبراهيم بو هندى وكيل المحكمة وعضوية السادة المستشارين منصور حسين ، محمد شهاوى وعبد الجواد هاشم و مصطفى مرزوق وحضور الأستاذ على رضوان رئيس النيابة وحضور السيد محمد السميران أمين سر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق و سماع المرافعه وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 98 لسنة 2002 مدنى بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدى إليها عشرين ألف دينار .على سند من أنها تداينه بهذا المبلغ بموجب إقرار مؤرخ 8/8/2001 ،ولم يقم بسداده لها رغم تكليفه بذلك ، طعن المطعون ضده بالتزوير على توقيعه على الإقرار المشار إليه . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره رفضت الطعن بالتزوير ،وأعادت الدعوى للمرافعة ثم حكمت للطاعنة بمطلبها .استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 378 لسنة 2003 مدنى ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29/6/2004 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق التمييز ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بتمييز الحكم المطعون فيه . وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال إذ قضى بتزوير الإقرار سند المديونية إعتماداً على نتيجة تقرير الخبير الذى ندبته محكمة الاستئناف بعد أن أضافت مواضع أخرى للتزوير فى هذا الإقرار ، رغم عدم جواز ذلك قانوناً ، بعد أن قضت محكمة أول درجة بصحة توقيع المطعون ضده على ذلك الإقرار ، ورغم أن الطعن بالتزوير على التاريخ الثابت بالإقرار غير منتج لثبوت صحة التوقيع عليه ، خلافا لما انتهى اليه الحكم المطعون فيه ، ورتب عليه قضاءه ،بما يعيبه ويستوجب تمييزه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة أن النص فى المادة 36 ]]مق:36:1980:39[[ من المرسوم بالقانون رقم 39 لسنة 1980 بشأن الإثبات فى المواد المدنية والتجارية على أنه ” إذا حكم برفض الطعن بالتزوير أو سقوط حق الطاعن فى الإثبات حكم عليه بغرامه …. ” يدل على أن مقتضى الحكم برفض الطعن بالتزوير هو صحة الورقة موضوعه وأنه لا يترتب على الحكم بصحة الورقة صحة التصرف المثبت بها ، ذلك أن هذا الحكم يقتصر على أن التوقيع على المحرر صدر ممن نسب اليه حقيقة ، ولا يمتد أثره الى موضوع التصرف الذى يتضمنه ،وبذلك يظل للطاعن بالتزوير الحق فى التمسك بجميع الدفوع الموضوعية للتخلص من التزامه. ولمحكمة الموضوع السلطة فى تقدير الأدلة التى تأخذ بها فى ثبوت تزوير الورقة المطعون عليها أو نفيه ما دام أنها تستند فى ذلك الى أسباب سائغة.
لما كان ذلك وكان البين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد طعن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بالتزوير على تاريخ تحرير الإقرار موضوع الدعوى ، وذلك بعد أن قُضى بصحة توقيعه عليه ، وقد ندبت المحكمة خبيراً لبحث هذا الادعاء ، وانتهى الخبير المنتدب فى تقريره الى صحة ما إدعاه المطعون ضده من أن تاريخ الإقرار سند المطالبة هو 7/8/2000 وليس 7/8/2001 ، فإن المطعون ضده المنسوب اليه الإقرار المقضى بصحة توقيعه عليه يكون قد استعمل حقه فى التمسك بدفع موضوعى منتج للتخلص من التزامه ، وباعتبار أن قانون الإثبات قد جاء خلواً من نص يوجب تحديد مواضع التزوير مرة واحدة أو عدم جواز إضافة مواضع أخرى للتزوير بعد التقرير به لأول مرة ، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتمد فى قضائه على نتيجة تقرير الخبير فى هذا الخصوص لا يكون قد خالف القانون أو اخطأ فى تطبيقه ، ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقى أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ قضى فى الطعن بالتزوير وفى موضوع الاستئناف بحكم واحد ، دون أن يمكنها من تقديم أدلة أخرى ويجيبها الى طلب إحالة الدعوى الى التحقيق لإثبات مديونية المطعون ضده لها بالمبلغ المطالب به ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك بأنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تجمع بين القضاء فى الادعاء بالتزوير وفى موضوع الدعوى بحكم واحد حتى لا يحرم الخصم الذى أخفق فى الادعاء بالتزوير من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أوجه دفاع أو أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته ، وأن ذلك يعتبر قاعدة أساسية من قواعد المرافعات التى يقتضيها توفير حقوق الدفاع لطرفى الخصومة رغم أن المرسوم بالقانون رقم 39 لسنة 80 بشأن الإثبات فى المواد المدنية والتجارية لم ينص صراحة على هذه القاعدة ، فليس معنى ذلك أنه قصد عدم الأخذ بها ، وإنما رأى أن تطبيقها ليس فى حاجة إلى نص خاص باعتبارها من القواعد الأساسية فى إجراءات المرافعات التى يقتضيها مبدأ عدم الإخلال بحقوق الدفاع . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذه القاعدة وفصل فى موضوع الاستئناف استناداً إلى ما إنتهى إليه فى الإدعاء بتزوير تاريخ سند المطالبة من ثبوت عدم صحة هذا التاريخ فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد جمع بين القضاء فى الإدعاء بالتزوير وفى موضوع الدعوى بحكم واحد وهو ما يعيبه بما يوجب تمييزه بالنسبة لقضائه فى موضوع الاستئناف وتحديد جلسة لنظر هذا الموضوع .
فلهذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بتمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة لقضائه فى موضوع الاستئناف وألزمت المطعون ضده المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة ، وبتحديد جلسة 28/12/2005 لنظر موضوع الاستئناف وأرجأت البت فى المصاريف واعتبرت النطق بهذا الحكم إعلانا للخصوم بمنطوقه .
اترك تعليقاً