جريمة الرشوة – في القانون السوري
جريمة الرشوة في قانون العقوبات السوري – استشارات قانونية
اولا: الرشوة في الشريعة الإسلامية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن الله الراشي والمرتشي والرائش).مسند الإمام احمد
قال تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون).
تعريف الرشوة :
في اللغة لها عدة تعريفات فمنهم من قال أنها الجعل وقيل المحاباة وقيل المصانعة، ومنهم من عرفها بأنها الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة.
تعريف الرشوة في الفقه:
- 1 – عند الأحناف الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل والوصول إلى ظلم. (الجرجاني)
- 2 – عند المالكية الرشوة ما أعطيت لتحقيق باطل أو لإبطال حق. (الرهوني)
- 3 – عند الشافعية الرشوة ما يبذل للقاضي ليحكم بغير الحق أو ليمتنع من الحكم بالحق. (البيجوري)
- 4 – عند الحنابلة الرشوة ما يعطي بعد طلبه والهدية الدفع إليه إبتداء. (حاشيةالمقنع)
إذا فالرشوة تعتبر من الجرائم المحرمة شرعا والتي يعاقب عليها فاعلها ويقع هنا عدة أشخاص في هذا المحظور فهناك الراشي ثم المرتشي ثم الوسيط (الرائش).
الرشوة لغة:
قيل في المحاباة والجعل؛ قال صاحب القاموس: الرشوة مثلثة الجعل، ورشاه أعطاه، وارتشى أخذها، واسترشى طلبها، والفصيل طلب الرضاع، والرشاء ككساء: الحبل.
وزاد صاحب اللسان: وهي مأخوذة من رشا الفرخ؛ إذا مد رأسه إلى أمه لتزقه.
قال ابن الأثير: الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.
تعريف الرشوة فقهيا:عرف الفقهاء الرشوة بأنها عبارة عن اتجار موظف في أعمال وظيفته عن طريق الاتفاق مع صاحب الحاجة أو التفاهم معه على قبول ما عرض لآخر من فائدة أو عطية أو الامتناع عن أداء عمل داخل في وظيفته أو دائرة اختصاصه.
اذاً اشترط القانون أن يكون العمل المطلوب من المرتشي داخلا في وظيفته والقانون هو الذي يحدد عمل الموظف.
(اذا كان العمل غير داخل في وظيفة المرتشي ولم يدعي ذلك فليس في الأمر رشوة)
وقد توسع القانون السوري في تحديده لنطاق جريمة الرشوة بحيث لم تعد خاصة بالموظف العام بالمعنى الاصطلاحي له بل امتدت لتشمل طوائف متعددة ممن لا يتقلدون وظيفة عامة فشملت كل شخص ندب إلى خدمة عامة وقد رسم القانون السوري مجموعة الأعمال الإجرامية التي تقع من جانب الموظف والأعمال التي تقع من الراشي لتقابل هذه الأفعال وتلازمها
(إن الرشوة عمل يتم باتفاق شخصين ووجود إرادتين وإيجاب وقبول بين الراشي و المرتشي فالأول يعرض الرشوة والآخر يقبلها ولا تتم بغير ذلك)
أركان جريمة الرشوة :
أولا: الركن المادي
وهو أن يطلب الموظف العام أو من في حكمه في جريمة الرشوة هدية أو يقبل وعدا بها سواء لنفسه أو لغيره لقاء الإخلال بواجبات وظيفته، أو القيام بعمل يدخل في اختصاصه والواقع أن الركن المادي في جريمة الرشوة يتحلل إلى ثلاثة عناصر رئيسية:
- العنصر الأول: نشاط معين يبذله المرتشي وهذا العنصر له صورتان هما القبول أو الطلب
- العنصر الثاني: هو الموضوع الذي يرد عليه النشاط وهي الفائدة التي يتلقاها الموظف وتأخذ صورة الهدية أو الوعد بها.
- العنصر الثالث: مقابل هذه الفائدة وهو الإخلال بواجبات الوظيفة أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
ولا بد من الإشارة إلى أن العرض الذي يقدمه الراشي يجب أن يكون جاداً و حقيقياً على الأقل في مظهره وبالتالي لا تقوم جريمة الرشوة في حال قبول الموظف عرض الراشي إعطائه كل ما يملك نظير قيامه بعمل ما لان الراشي لم يعرض في حقيقة الأمر شيئاً معيناً على الموظف بل عرضه أشبه بالهزل منه إلى الجد.
وليس لقبول المرتشي شكل خاص معين فيمكن أن يقع بالقول أو الكتابة أو الإشارة كما يستوي أن يكون صريحا أو ضمنياً.
واثبات القبول جائز بكافة وسائل الإثبات ولكنه من أصعب صور النشاط إثباتاً باعتباره إرادة.
والفائدة التي يحصل عليها المرتشي تتسع لتشمل صورا عديدة لا حصر لها فقد تكون نقودا أو أسناداً أو مجوهرات …الخ.
كما تشمل ما يحصل عليه المرتشي من متع وملذات شخصية وعلى هذا الأساس فإن المواقعة الجنسية تعتبر فائدة للمرتشي وخاصة مواقعة مومس أعفته من الثمن الذي كان عليه أن يدفعه نظير المتعة مقابل أن يقضي لها حاجتها من أعمال وظيفته فهنا تقع جريمة الرشوة لوجود المنفعة لأنها قدرة فيها منفعة مادية .
ثانيا : الركن المعنوي
الركن المعنوي لجريمة الرشوة أن يتوافر فيها القصد الجنائي و القصد الجنائي إما أن يكون عاماً يتألف من إرادة النشاط الجرمي مع العلم بجميع عناصره المادية المكونة للجريمة كما وصفها القانون.
وإما أن يكون القصد الجنائي خاصا و يتكون من القصد العام بالمعنى السابق بالإضافة إلى اتجاه النية إلى ارتكاب الجريمة وتحقيق هدف معين مستقل عن ماديات الجريمة.
العقوبة المقررة للرشوة:
لابد في الختام من الإشارة إلى عقوبة الرشوة في قانون العقوبات السوري فعقوبة الراشي تختلف باعتباره فاعلا آخر في جريمة الرشوة عن عقوبته باعتباره فاعلاً في جريمة عرض الرشوة و هذا ما نصت عليه المادة 343 من قانون العقوبات السوري:
المادة 343
إن العقوبات المنصوص عليها في المادتين 341 و342 تنزل أيضاً بالراشي.
المادة 341
كل موظف وكل شخص ندب إلى خدمة عامة سواء بالانتخاب أو بالتعيين، وكل امرئ كلف بمهمة رسمية كالحكم والخبير التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به.
المادة 342
1 ـ كل شخص من الأشخاص السابق ذكرهم التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليعمل عملاً منافياً لوظيفته أو يدعي أنه داخل في وظيفته أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجباً عليه عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تنقص عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذ أو قبل به.
2 ـ يقضى بالعقوبة نفسها على المحامي إذا ارتكب هذه الأفعال.
أما عقوبة الراشي في جريمة عرض الرشوة نصت عليه المادة 345:
المادة 345
من عرض على شخص من الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة 341 هدية أو أية منفعة أخرى أو وعده بها على سبيل أجر غير واجب ليعمل أو لا يعمل عملاً من أعمال وظيفته أو ليؤخر تنفيذه عوقب إذا لم يلاق العرض أو الوعد قبولاً بالحبس ثلاثة أشهر على الأقل وبغرامة لا تنقص عن ضعفي قيمة الشيء المعروض أو الموعود.
وجريمة عرض الرشوة يعتبر من نوع الجنحة في مطلق الأحوال سواء كانت الرشوة ذات وصف جنحي أو كانت ذات وصف جنائي وكانت قد أخذت مقابل عمل منافي للوظيفة.
(جرم عرض الرشوة المنصوص عنه في المادة 345عقوبات يبقى جنحوي الوصف في مطلق الأحوال).
أما عقوبة المرتشي فقد قررتها المادة 341و342:
فعقوبة المرتشي في المادة 341 ذات وصف جنحوي إذ يعاقب الموظف ومن في حكمه بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به إذا كان العمل الذي قام به المرتشي لقاء الرشوة أو الهدية أو المنفعة شرعيا.
أما عقوبة المرتشي في المادة 342 جنائي الوصف فهنا يعاقب المرتشي بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تنقص عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذ أو قبل به إذا التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليعمل عملاً منافياً لوظيفته أو يدعي أنه داخل في وظيفته أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجباً عليه.
ولا بد من التنويه بأنه يعفى الراشي والمتدخل من العقوبة إذا باحا بالأمر للسلطات ذات الصلاحية أو اعترفا بها قبل إحالة القضية للمحكمة
(الإعفاء من العقاب في حال الاعتراف واجب. وليس للقاضي أن يناقش فيه)
(نقض سوري -جناية 480 قرار 470 تاريخ 1964)
(توفر شروط الإعفاء من العقاب أمام قاضي التحقيق يستتبع حفظ القضية ).
الموقع السوري للاستشارات والدراسات القانونية
اترك تعليقاً