بحث قانوني قيم عن الفساد الاداري
أ/ ابراهيم العناني
1- الفصل الاول
1-1 تعريف غسيل الأموال
يمكن تعريف عمليات غسيل الاموال بانها العمليات التي يحاول من خلالها مرتكبو الجرائم المختلفة إخفاء حقيقة مصادر هذه الأموال الناتجة عن هذه الاعمال غير القانونية وطمس هويتها بحيث يصعب في هذه الحالة التعرف علي ما إذا كانت هذه الاموال ناتجة عن أعمال غير مشروعة ، أو لا .( )
1-2 ماهية جرائم غسيل الأموال
تقتضي الدقة العلمية بيان ماهية جرائم غسيل الأموال، تعريفها وتحديد أركانها، وإيضاح طبيعتها المدمرة، وأخيرا: إستعراض مصادر الأموال القذرة، وسيتم ذلك في أربع فقرات مستقلة.
1-2-1 تعريف الجريمة:
عرف الإتحاد الأوروبي في سنة 1990م مصطلح غسيل الأموال بأنه: “تحويل أو نقل الملكية The conversion or transfer of property مع العلم بمصادرها الإجرامية الخطيرة، لأغراض التستر وإخفاء الأصل غير القانوني لها، أو لمساعدة أي شخص يرتكب مثل هذه الإعمال وهذا يعني أن غسيل الأموال Laundering Money هو الحصول على أموال أو إستثمارات غير شرعية من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدر الحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف الأموال من مصدرها وجعلها قانونية.
1-2-3أركان الجريمة:
لجريمة غسيل الأموال ركنان: مادي ومعنوي، وفيما يلي بيان ذلك:
1. الركن المادي :
ويتألف من ثلاثة عناصر، هي:
أ- السلوك الذي يكون ركنا ماديا للجريمة ويتضمن ثلاثة أشكال هي:
1. حيازة أو إكتساب أو إستخدام الأموال القذرة وتودع في حساب بنكي أو توضع كأمانة في خزانة مستأجرة في البنك.
2. إخفاء الأموال القذرة من حيث المصدر، أو المكان أو التصرف أو الحركة أو الحقوق المتعلقة بها أو الملكية.
ب- المحل الذي يرد عليه السلوك وهي الأموال المتحصلة من الإتجار بالمخدرات أو بالدعارة أو الإختلاس أو الرشاوي أو الإتجار بالرقيق أو بالأطفال.
ج- الجريمة التي تحصلت الأموال بموجبها كالإتجار غير المشروع بالسلاح أو المخدرات… الخ.
1-2-4 الركن المعنوي
يفترض علم الجاني أو الجناة بالمصدر غير المشروع للأموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف إرادة الفاعل إلى إرتكابها دون خلل بإرادته الحرة، فالجاني يعلم علم اليقين بأنه يمارس نشاطا إجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها إنما هي جريمة مستمرة( )ويقترح أحد الباحثين إعادة النظر بالتقسيم التقليدي للجرائم في ضوء واقع جرائم غسيل الأموال بحيث يمكن تقسيمها إلى جرائم ارتكاب وجرائم امتناع وجرائم وقتية وجرائم مستمرة وجرائم مسبقة وجرائم مرتبة وجرائم إعتيادية، ويذهب أحد الباحثين إلى تصنيف جرائم غسيل الأموال الى جرائم لا تحقق أية عواقب مالية مثل القتل والإيذاء، وجرائم تحقق دخلا ماليا محدودا لمقدار ما يفقده المجني عليه في السرقة والإحتيال. وهناك جرائم تحقق دخلا ماليا كبيرا جدا مثل تجارة السلاح غير المشروع والتزوير والجرائم الإقتصادية. وجريمة غسيل الأموال عبارة عن جريمة تحويل أو نقل الأموال، وجريمة إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال بالإضافة الى جريمة حيازة أو اكتساب أو إستخدام هذه الأموال.
1-3 واقع الجريمة:
ثمة حقيقتان لهذه الجريمة تحددان واقعها المر، الأولى هي كونها جريمة غير معروفة لرجل الشارع على الرغم من خطورتها القصوى والثابتة، إنها جريمة يمكن ان تباشر من غرفة النوم، وفيما يلي بيان هاتين الحقيقتين من خلال المعلومات المستقاة من شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
1-4 مصدر الأموال القذرة:
مصادر هذه الأموال متعددة ومتنوعة، أبرزها:
1. تجارة المخدرات:
وهي من أكبر العمليات الإجرامية في هذا الشأن، ويلجأ اليها أصحاب النفوس الضعيفة نظرا للمردود المالي الضخم من هذه التجارة الآثمة.
2. الرشوة:
وهي مبلغ من المال يتقاضاه الموظف العام نظير تسهيلات غير مشروعة للمتعاقدين مع الإدارة أو أي فرد يرغب الإستفادة من الخدمة العامة أو الأموال العامة للإدارة بوجه غير قانوني، وتظهر الرشوة في صفات المقاولات والمناقصات والعقود التي يبرمها الراشي مع المرتشي، الموظف في الدولة سواء مباشرة أو بواسطة وسيط (الرائش) وكلما كانت الصفقة تعد بالملايين فإن الرشوة تزداد بزيادة قيمة الصفقة وغالبا ما يحصل على المبالغ الكبيرة: الوزراء والأمناء العامون والمدراء العامون للمرافق والمؤسسات العامة فهؤلاء بحكم مناصبهم يقدرون على الإتجار بالوظيفة ضمن صفقات مالية كبيرة (رشاوي كبيرة).
3. الإتجار بالرقيق الأبيض:
وهي ظاهرة الإتجار بالنساء والأطفال لغرض الدعارة.
4. الإختلاس:
وجرائم الاختلاس يقوم بها موظف عام تودع الأموال امانة لديه او يسهل عليه اختلاسها .
5. التهرب الضريبي:
يتهرب المكلف من أداء الضرائب الملزم بتسديدها كليا أو جزئيا، وبعض كبار التجار أو المقاولين تترتب عليهم مبالغ ضخمة إلا أنهم يستطيعون التهرب من دفعها عن طريق التواطئ مع الموظف الضريبي لقاء تقديم رشوة له كي يموه عن جريمته التهرب الضريبي أو يتغاضى عنها.
6. الجرائم الواقعة على المال:
وهي جرائم تقع على أموال الآخرين كسرقة المال أو إغتصابه او إستعماله دون وجه حق أو الإحتيال وسائر ضروب الغش مثل المراباة والقروض لقاء رهن وشيك دون رصيد وإساءة الإئتمان وسرقة الملكية الفكرية وسرقة خدمات الدولة (الماء والكهرباء).
7. تزييف العملة:
تتخصص بعض العصابات بتزييف العملة الوطنية او الدولار الأمريكي ويعاقب قانون العقوبات تزوير البنكنوت وهي أوراق النقد الأردني والمستندات المالية وأذونات الخزينة وسندات الدين التي تصدرها الدولة والمؤسسات العامة سواء أكانت مسجلة أو لحاملها وشيكات المسافرين .
8. جرائم أصحاب الياقات البيضاء:
هي جرائم الطبقة الإجتماعية المرفهة في معرض قيامهم بأعمالهم المهنية، يصعب إكتشاف مثل هذه الجرائم أو ملاحقة أصحابها مثال ذلك جرائم المهندسين في بناء عمارات دون أن تستوفي المواصفات الفنية كليا أو جزئيا أو قيام الأطباء بإجراء عمليات جراحية لا داعي لها وإنما لغرض الإسترباح الحرام أو قيام موظف البنك بالتلاعب بالأرصدة لصالحه.
9. جرائم السياسيين:
ترتبط عملية غسيل الأموال بالفساد السياسي الذي يقترن بإستغلال النفوذ لجميع الثروات الطائلة ثم تهريبها الى الخارج وإعادتها على شكل ذهب او مجوهرات او شراء عقارات ويسعى السياسي إلى المناصب النيابية او الوزارية لغرض تكوين ثروة بالسحت الحرام فهو يستخدم مبادئ الصالح العام بغرض الوصول إلى غايته الدنيئة.( )
1-5 الأساليب التقليدية (القديمة) في غسيل الاموال:
- أ- تواطؤ غاسلو الأموال مع موظفي أو إدارات المصارف.
- ب- شراء موجودات عينية من سيارات وطائرات وقوارب وعقارب ومعادن ثمينة ولوحات فنية وشيكات مصرفية وأوامر دفع ويتم شراء كل هذه الصور بأموال قذرة.
- ج- شراء الأوراق التجارية ولا سيما شهادات الإيداع بدلا من الإيداع النقدي للأموال.
- د- تهريب العملة الوطنية أو الأجنبية إلى الخارج.
- ه- النقل المادي لبعض البضائع عن طريق شركات الإستيراد والتصدير.
- و- شراء موجودات ثم رهنها بغرض الحصول على قرض يستخدم في الدفع منه للمتعاملين مع تاجر المخدرات أو لمواجهة أية أعباء مالية أخرى.
- ز- شراء أوامر الدفع البريدية.
2- الفصل الثاني
2-1 طرق المكافحة غسيل الأموال
يمكن تجنب وقوع الجريمة بطرق وقائية عن طريق التشريعات ذات العقوبات المشددة وعن طريق الإجراءات الإدارية والمالية التي تغلق الطريق أمام من تسول له نفسه إرتكاب الجريمة، وثمة طرق علاجية تتضمن تطوير طرق المكافحة التي ثبت ضعف نجاعتها إضافة الى محاولة تجفيف المنابع التي تتكون فيها هذه الجرائم، وفي معظم الأحيان تتداخل هذه الطرق في القوانين وفي الإتفاقيات الدولية. وسنقسم هذه الطرق إلى طرق دولية وأخرى محلية وذلك في مطلبين مستقلين:
2-2 طرق المكافحة الدولية
لعل اكثر طرق المكافحة الدولية لجرائم غسيل الأموال فعالية تتمثل في بناء قواعد للتعاون الدولي بهذا الشأن، ومن الضرورة استعراض الجهود الدولية الأكثر بروزا.
أولا: قانون المبادئ الصادر عن لجنة Basle سنة 1988 تختص هذه اللجنة في الإشراف على بنوك العالم وقد صدر عنها قانون يحتوي على مجموعة مباديء تحذر إستخدام البنوك في النشاط المتعلق بالجرائم المختلفة ومن المبادئ:
– التأكد من شخصية الزبائن.
– تجنب التحويلات المشبوهة.
– ضرورة تعاون البنوك مع الجهات الحكومية.
ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، المنعقدة في فينا سنة 1988 وهي اتفاقية تضم (103) دولة بالإضافة الى دول الإتحاد الأوروبي وتهدف الى تقوية وتعزيز الوسائل القانونية الفعالة للتعاون الدولي في المسائل الجنائية لغرض منع الأنشطة الإجرامية الدولية من الإتجار غير المشروع. وقد نصت المادة (3) على ضرورة إتخاذ كل طرف في إطار قانونه الوطني ما يلزم من التدابير لتجريم كل عمل من شأنه إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طرق التصرف بها أو ملكيتها المتحصلة من جرائم المخدرات، وقد حرمت الإتفاقية ثلاث صور لمظاهر السلوك المكون لغسيل الأموال وإستخدام عائدات جرائم المخدرات.
1. تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من جريمة إنتاج المخدرات أو صنعها أو إستخراجها أو تحضيرها أو عرضها للبيع أو توزيعها أو بيعها أو تسليمها بأي وجه كان أو السمسرة فيها أو إرسالها بطريق العبور، أو نقلها أو إستيرادها أو تصديرها أو الإشتراك في مثل هذه الجرائم بهدف اخفاء او تمويه المصدر غير المشروع لأموال أو بقصد مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب مثل هذه الجرائم على الإفلات من العقاب.
2. إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها او طريقة التصرف فيها أو حركتها او الحقوق المتعلقة بها أو ملكتيها مع العلم بأنها مستمدة من احدى الجرائم المنصوص عليها سابقا او مستمدة من فعل من أفعال الإشتراك في مثل هذه الجرائم.
3. إكتساب أو حيازة أو إستخدام الأموال مع العلم وقت تسليمها بأنها مستمدة من إحدى الجرائم المنصوص عليها سابقا أو مستمدة من فعل من أفعال الإشتراك في مثل هذه الجرائم.
ويلاحظ بعض الفقه التوسع في التجريم بهذه الإتفاقية وذلك بتجريم تحريض الغير أو حضهم علانية بأية وسيلة عمل إرتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها سابقا وهي التحريض كجريمة مستقلة. وكذلك تجريم الإشتراك في إرتكاب أي من الجرائم المشار اليها سابقا أو التواطؤ على ذلك او الشروع فيها او المساعدة او تسهيل أو إبداء المشورة بصدد ارتكابها.
وقد أخذت الإتفاقية بعقوبات السجن وغيرها من العقوبات السالبة للحرية، والغرامة المالية والمصادرة وإخضعت في بعض الحالات مرتكبي هذه الجرائم للتدابير العلاجية على تعدد وتنوع صورها.( )
2-3طرق المكافحة المحلية
يمكن التطرق الى الطرق الوقائية في المكافحة وفي مقدمتها إصدار قوانين لتجريم عمليات غسيل الأموال وعرض التوصيات الفنية المتخصصة بهذا الشأن، وأخيرا نحدد دور البنوك في مكافحة هذه الجرائم وسنتناول ذلك في ثلاث فقرات مستقلة.
2-4 الطرق الوقائية في المكافحة:
1. إتباع سياسات تشريعية جديدة بالتجريم والعقاب ملائمة للطبيعة “الزئبقية” و”الأخطبوطية” لجرائم غسيل الأموال.
2. تطوير النظم الرقابية للبنوك الوطنية على نحو يجعل بالإمكان رصد حركة الأموال القذرة وإكتشافها سواء بإستحداث قسم أو جهاز او لجنة في كل بنك تتحقق من شرعية هذه الأموال المودعة أو عدم شرعيتها. ولعل التعاون بين البنك المركزي والبنوك الوطنية الأخرى من خلال تبادل المعلومات وحق هذا البنك في الإطلاع على الحسابات المصرفية هي من الأمور الضرورية.
3. يمكن الإبقاء على مبدأ سرية المعاملات المصرفية النظيفة ورفع السرية عن تداول الأموال القذرة فمبدأ السرية يكون في إطار الشرعية اما النشاط الإجرامي فلا محل لإضفاء السرية عليه وإلا تعرض البنك لقواعد المسؤولية الجنائية.
4. ويتعين مراقبة البنوك الصورية أو الوهمية التي تستخدم كغطاء لترويج عمليات غسيل الأموال الأمر الذي يتطلب التشدد في منح تراخيص للبنوك الجديدة إضافة الى إستمرار مراقبة البنوك القائمة.
5. ضرورة معالجة المشرع لإشكاليات التكييف القانوني كجرائم غسيل الأموال وذلك بوضع تكييف جنائي خاص لهذه الجرائم إضافة الى تجريم نشاط غسيل الأموال في ذاته.
وتنفيذا للتوصيات الدولية بشأن وجوب إصدار قوانين لتجريم عمليات غسيل الأموال، فقد صدرت عدة قوانين في البلدان الأجنبية وأخرى في البلدان العربية، نختار من بينها القانون الفرنسي والقوانين العربية التي أخذت تترى في هذا المجال:
أ- فرنسا: عرفت المادة (324) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد رقم 392/96 الصادر في 13/5/1996 جريمة غسيل الأموال بأنها: “تسهيل التبرير الكاذب بأية طريقة كانت لمصدر أموال أو دخول فاعل جناية أو جنحة تحصل منها على فائدة مباشرة أو غير مباشرة”، ويعتبر أيضا من قبيل غسيل الأموال تقديم المساعدة في عمليات ايداع او إخفاء او تحويل العائد المباشر او غير المباشر لجناية او جنحة. وعقوبتها في صورتها البسيطة السجن لمدة خمس سنوات والغرامة (المادة 324/1).
ب- قطر: أقرت الحكومة القطرية سنة 2002م قانون مكافحة غسيل الأموال الذي إستغرق إعداده نحو عام، لتكون قطر بذلك ثالث دولة خليجية تعمل بمثل هذا القانون بعد دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين أما سلطنة عمان فهي الدولة الرابعة وعلقت الأوساط الإقتصادية الرسمية في قطر أهمية كبيرة على قانون مكافحة غسيل الأموال، كونه ليشهد العقوبات على كل من يشترك في عمليات غسيل الأموال، إضافة إلى انه ساهم في تعزيز مصداقة قطر على المستوى الدولي في مجال مكافحة غسيل الأموال..
ج- دولة الإمارات العربية المتحدة: أقر المجلس الوطني الإتحادي في سنة 2002 قانون غسيل الأموال الذي تصل عقوبة جريمته الى السجن سبع سنوات، وحماية القانون حماية الإقتصاد الوطني ويطبق القانون على كل منشأة تجارية في الدولة ومنها المناطق الحرة ومؤسسات التأمين والجمارك وكل ما يتعلق بعمليات وأنشطة تداول الأموال وتلقيها.
د- سلطنة عمان: صدر قانون (غسل الأموال) في سلطنة عُمان بموجب مرسوم سلطاني في 2/4/2002 وقد جاء ليضع الإطار المرجعي لمعالجة ظاهرة غسل الأموال ويتضمن عدة مواد تعرف ظاهرة غسل الأموال وتضع العقوبات الكفيلة لردع المخالفات وتم تشكيل لجنة من عدة جهات بالدولة برئاسة وكيل وزارة الإقتصاد الوطني للشؤون الإقتصادي لمتابعة تنفيذ قانون غسل الأموال كما أن وفد اللجنة الدولية لمكاحفة غسل الأموال عند زيارته للسلطنة مؤخرا واطلاعه على مسودة القانون أكد بإن الإجراءات المطبقة بالقانون تعد من أفضل الإجراءات المطبقة على مستوى دول العالم.
2- 5– دور البنوك المحلية والمركزية لمواجهة عمليات غسيل الأموال :
هنالك مؤشرات عديدة يمكن أن تكون دليلا لموظفي البنوك وتساعدهم في كشف الأموال المراد غسيلها ومنها ما يلي: مؤشرات عامة:
– عندما تكون عناصرها دالة على غاية غير مشروعة كالغموض أو الإلتباس اللذين يميزان غايتها الإقتصادية أو إذا بدى انها غير معقولة تماما.
– إذا تم سحب الأموال بعد انقضاء فترة قصيرة على إيداعها خاصة عند إنعدام ما يبرر هذا السحب في نشاط الزبون أساسا.
– إذا كانت العمليات المطلوبة تتخطى النطاق العادي أو الزبائن العاديين للمصرف أو لفرع معين لديه أو إذا تعذر إكتشاف الأسباب التي دفعت الزبون الى إختيار هذا المصرف أو هذا الفرع لتسوية أعماله.
– إذا كان أحد الحسابات لا يتحرك منذ مدة ثم إصبح متحركا جدا بدون أسباب معقولة.
– إذا كانت العمليات متناقضة من المعلومات المستقاة من خبرة المصرف فيما يتعلق بهذا الزبون ومع الغاية من علاقات العمل التي يقيمها ومن الطبيعي انه لا بد من الإشتباه بالزبون الذي يقدم للمصرف معلومات خاطئة أو غير صحيحة ويرفض بلا مبرر معقول تزويد المصرف بالمعلومات أو المستندات الضرورية .
2-6 مؤشرات خاصة:
1. غسل الأموال بواسطة عمليات محققة نقدا:
– قيام أحد الأفراد أو إحدى المؤسسات بدفع مبلغ كبير وغير عادي نقدا في حين أن الأنشطة الظاهرة تسدد عادة بشيكات، أو تحويلات او غيرها من وسائل الدفع.
– الإزدياد الملحوظ لإيداعات أحد الأفراد أو المؤسسات التي يتم نقدا ودون أسباب واضحة أو موضحة لاحقا إذا حولت هذه الإيداعات بعد وقت قصير إلى مال، لا علاقة له عادة بأنشطة الزبون الخاصة والمعروفة.
– الزبائن الذين يقومون عادة بإيداعات عديدة نقدا بحيث يشكل مجموعها مبلغا كبيرا وإن كانت قيمة كل منها ضئيلة.
– حسابات المؤسسات التي تتم عملياتها سواء إيداعات أو سحوبات نقدا وليس بواسطة وسائل الدفع الأخرى (شيكات، تحويلات، كمبيالات).
– الزبائن الذين يزيدون بإنتظام من قيمة حساباتهم نقدا من اجل تغطية إصدار شيكات او تنفيذ تحويلات أو طلب وسائل نقدية أخرى قابلة للتدولة وممكنة التنفيذ فورا.
– الزبائن الذين يبدلون كمية كبيرة من القسائم الصغيرة مقابل قسائم كبيرة.
– الزبائن الذين تتضمن مدفوعاتهم أوراق مزورة أو أدوات زائفة.
– الزبائن الذين يحولون مبالغ كبيرة التي تودع في الصراف الآلي بغية تحاشي الإتصال المباشر بمستخدمي المصرف.
– شراء شيكات مصرفية وشيكات سياحية نقدا وبمبالغ كبيرة من قبل زبائن ظرفيين أي لا يقيمون علاقات مستديمة مع الفرع المعني كامتلاك حسابات تحت الطلب او إستئجار خزنة وهكذا.
– الإكثار من تنفيذ عمليات نقدية تزيد قيمتها عن الحد الذي يوازي إمكانات الزبون المقدرة من المصرف.
– الإكثار من إيداع او سحب أموال في أو من حساب مفتوح من قبل فرد لا يبرر نشاطه المهني (مستخدم عادي مثلا) أن يشهد الحسابات مثل هذه الحركة.
– الإيداعات والسحوبات ذات المبالغ المرتفعة والتي تزيد كثيرا عن إمكانية أصحاب إحدى المؤسسات أو عن مداخيل أحد الأفراد.
– شراء وبيع كميات كبيرة من المعادن الثمينة من قبل زبائن ظرفيين.
2-7 غسيل الأموال بواسطة حساب مصرفي:
– وجود شبكة عمليات غير معقولة لدى المصرف كوجود عدد من الحسابات لدى مصرف واحد ويكون هناك تحويل مستمر بين مختلف هذه الحسابات، وسيولة مفرطة.
– التحويل إلى مصرف أخر بدون تحديد المستفيد.
– إستلام شيكات بمبالغ كبيرة مظهرة من الغير لصالح الزبون.
– التطابق بين التحويلات والإيداعات النقدية الحاصلة في اليوم ذاته أو مساء ذلك اليوم.
– التحويلات الكبيرة المستمرة إلى بلد معروف بأنه منتج للمخدرات.
– سحب مبلغ كبير نقدا من حساب كان راكدا او حساب وضع فيه مبلغ كبير مؤخرا وغير متوقع ويكون مصدر هذا المبلغ من الخارج.
– وجود عدة حسابات اجريت فيها عدة إيداعات نقدا بحيث أصبح مجموعها يشكل مبلغا كبيرا.
– قيام عدد كبير من الأشخاص بتسديد مدفوعات لمصلحة حساب معين بدون تفسيرات مقبولة.
– عدم الإستفادة من التسهيلات المصرفية كالحصول على فوائد أعلى مقابل إيداع مبالغ كبيرة.
– الزبائن الذين يتوجهون معا في وقت واحد إلى عدة شبابيك لتنفيذ عمليات كبيرة نقدا أو بعملات أجنبية. الزبائن الذين يرغبون في عدد معين من الحسابات تحت الطلب دون أن يكون ذلك مبررا لنشاطها المهني.
– الزبائن الذين يرفضون تقديم معلومات تتيح لهم الإستفادة من خدمات مصرفية هامة أو إعتماد.
– المدفوعات التي تحصل دوما بواسطة شيكات سياحية او شيكات بعملات اجنبية وخاصة إذا كان مصدر هذه الشيكات من الخارج.
2-8 غسيل أموال المخدرات بواسطة عمليات استثمار.
– شراء سندات مودعة في أحد المصارف في وقت لا يتوافق ذلك مع وضع الزبون.
– الزبائن الذين يطلبون خدمات لإدارة أموال بعملات أجنبية أو مستندات لا يكون مصدرها واضحا أو متوافقا مع وضع الزبون.
– تداول سندات بقيم كبيرة نقدا.
– شراء أو بيع مستندات في ظروف غير عادية وبدون وضوح أسبابها.
– العمليات الجارية على أساس ضمانات او قروض لدى فروعه او شركات تابعة لمصارف أجنبية موجودة في مناطق معروفة بتهريب المخدرات.
2-9- غسيل الأموال بواسطة نشاط دولي (أوف شور)
– العميل الذي يقدمه فرع أجنبي أو مؤسسة تابعة أو مصرف آخر موجود في بلد ينتشر فيه إنتاج وتهريب المخدرات.
– إستعمال خطابات إعتماد ووسائل تمويل أخرى لنقل أموال إلى بلدان معينة وأن هذه التحويلات لا تتناسب مع نشاط الزبون العادي الطبيعي.
– الزبائن الذين يسددون مدفوعات منظمة وكبيرة بما فيها التحويلات الإلكترونية والتي لا يمكن تحديدها بوضوح أو الزبائن الذين يتلقون بإنتظام مدفوعات كبيرة مصدرها بلدان تشارك في إنتاج المخدرات أو منظمات إرهابية.
– تجميع مبالغ كبيرة لا تتناسب مع إجمالي مبيعات النشاط المعروف الذي يتعاطاه الزبون.
– الطلب المنظم لشيكات سياحية أو شيكات بعملات أجنبية.
2-10- غسيل الأموال بواسطة طرد مضمون أو غير مضمون:
– الزبائن الذين يسددون قروضهم بصورة غير متوقعه.
– الزبائن الذين يطلبون قروضا على أساس ضمانه لدى أحد المصارف ولدى طرف ثالث ومصدر تلك الضمانة غير معروف أو غير متوافق مع وضع هؤلاء الزبائن.
– العملاء الذين يسددون قروضهم المصنفة بأنها سيئة قبل الموعد المتوقع.
– العملاء الذين يطلبون قروضا مقابل أصول تملكها منشأة مالية أو طرف ثالث وغير معروف مصدر تلك الأموال أو أنها لا تتوافق مع وضع العميل.
2-11- إحتمال غسيل الأموال من خلال الخدمات المصرفية الإلكترونية:
– يجب على المصرف أو المنشأة المالية التي توفر لعملائها أنظمة التحويل الإلكتروني أن تربط برنامجا على النظام يرصد مجمل المعاملات المصرفية غير العادية تمكن المنشأة المالية من مراقبة والإبلاغ عن العمليات المشبوهة.
– عندما يتلقى أحد الحسابات عدة تحويلات مالية صغيرة بالطريقة الإلكترونية ثم يقوم صاحب الحساب بتحويلات كبيرة بالطريقة نفسها إلى بلد آخر.
– العملاء الذين يودعون بإنتظام دفعات كبيرة بإختلاف الوسائل بما فيها الإيداع الكترونيا ويكون مشكوكا فيها أو يتلقون دفعات كبيرة بشكل منتظم من بلدان تعرف بأنها أسواق المخدرات.
– التحويلات التي تصل بإسم عميل المصرف من الخارج الكترونيا ثم تحول الى الخارج إلكترونيا دون أن تمر في الحساب أي لا تودع ثم تسحب من الحساب.
2-12الإجراءات الوقائية المترتبة على البنوك والوسائل المالية لمكافحة غسيل الأموال:
نظرا لخطورة وفداحة الخسائر وأهمية النتائج التي تترتب على غسيل الأموال فلا بد من تظافر جميع الجهود المحلية والدولية لمكافحة هذه الجريمة والحد منها بقدر الإمكان، ومما لا شك فيه بأن العبء الأكبر في مكافحة هذه الجريمة خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الرقابية يقع الى حد كبير على البنوك والمؤسسات المالية إذ عليها أن تتخذ كافة الإجراءات التي تحول دون القيام بأي عمليات مالية غير مشروعة وذلك للمحافظة على سمعتها وحماية نفسها أولا من خطورة هذه العمليات، بالإضافة الى مساهمتها في حماية الوطن والمجتمع الدولي من هذه الجريمة، ويمكن بيان الإجراءات الوقائية الممكن إتباعها بهذا الصدد على النحو التالي:
– على البنوك والمؤسسات المالية أن تتعرف بصورة مستمرة على الوسائل والأساليب والآلية التي يلجأ اليها غاسلو الأموال في عملياتهم المالية غير المشروعة وأن تضع الخطط اللازمة والإجراءات الوقائية لإحباطها ولا شك بأن ذلك يعتمد بشكل أساسي على التدريب المستمر والفعال لموظفيها وتوعيتهم وتعريفهم بكل المستجدات والتغيرات المستخدمة في هذا المجال مع التأكيد على عدم وقوعهم لإغراءات أو إبتزاز أو إحتيال هؤلاء المجرمين.
– أن تطبق وبشكل فعال مبدأ التعرف على عملائها عند فتح حسابات أو إجراء المعاملات البنكية ويتمثل ذلك في معرفة العميل من خلال المستندات الرسمية أو أي وسيلة أخرى يمكن الإعتماد عليها بما في ذلك معرفة طبيعة عمله ومكانه وتطوير هذه المعلومات بصيغة دورية وتبادل المعلومات حول حقيقة وشخصية من تم فتح حسابات لهم أو من تم إجراء عمليات مالية لهم.
– الإلتزام بكافة التعليمات والأنظمة والقوانين الصادرة من الجهات والسلطات المختصة بخصوص مكافحة هذه الجريمة وإنشاء نظام من الضوابط الداخلية للإلتزام بهذه اللوائح والقوانين والتعليمات.
– الإحتفاظ بالسجلات التي تتعلق بالعمليات المالية المحلية والدولية لمدة لا تقل عن خمس سنوات لتقديمها للسلطات المختصة ويمكن الرجوع اليها لغرض المتابعة والتدقيق.
– الإلتزام ببرنامج رقابي فعال يمكن من خلاله التبليغ عن النشاطات المشبوهة وإعداد تقارير خاصة عن العمليات المالية وتقديمها للجهات المعنية وأن يكون هناك مجموعة متكاملة من التقارير كلها تصب في هدف واحد وهو مراقبة ورصد العمليات البنكية المشبوهة ومن هذه التقارير:
• تقرير العمليات النقدية: ويستخدم عند تنفيذ العمليات النقدية بواسطة أو بالإنابة عن العميل في أي عمل مصرفي وعند وصول العملية لمبلغ معين (1000) دولار مثلا سواء بشكل منفرد او تجميعي وعند الشك بهذه العملية تتخذ الإجراءات اللازمة في ضوء ذلك.
• تقرير النشاط المشبوه: ويعبأ عند وجود أي شك لدى موظف البنك بأن العميل او الشركة تقوم بإستغلال البنك لتنفيذ عملية غسيل الأموال.
• إصدار تقارير عن العمليات الضخمة أو تقرير النقد المودع والمسحوب: وسواء كان ذلك بالشيكات التي تزيد عن مبلغ معين أو المبالغ الأقل من الحد المعين الواجب إبلاغ السلطات عنه، وهذه التقارير تمكن من التعرف على العملاء الذين يقومون بتجزئة مدفوعاتهم أو مسحوباتهم لكي يبتعدوا عن المبلغ الواجب الإبلاغ عنه للسلطات المختصة وهذا يمكن من التعرف على العملاء الذين تتغير نشاطاتهم بشكل إعتيادي او مفاجئ.
• تقارير الحوالات الواردة والصادرة: ويساعد ذلك في التعرف على العمليات المالية التي يكون فيها غسيل الأموال من خلال معرفة الحوالات الصادرة إلى خارج البلاد او للبنوك الوسيطة أو الحوالات الصادرة الخارجية او التي يتم تغذيتها بشيكات شخصية.
2-6 في مجال مكافحة غسيل الأموال:
– ضرورة تحديد الحد الأقصى للسحب بما لا يتجاوز مبلغ معين ومراقبة حركات السحب التي تكون دون الحد المسموح به بحيث يتم تجميعها ومراقبتها ومتابعتها حتى لا تستغل هذه الصلاحية في مجال عمليات غسيل الأموال.
– توفير برامج يمكن من خلالها رصد مجمل العمليات المصرفية ويمكن من خلالها الإبلاغ عن المعاملات وعمليات التحويل غير العادية.
– إستخدام انظمة الحماية الأمنية لحماية الأجهزة المرتبطة الإنترنت كالبرامج الكاشفة للإختراقات الأمنية وكذلك إستخدام برامج خاصة للمحافظة على المعلومات عبر شركة الإنترنت وحمايتها من العبث والتشويه والإتلاف وذلك بإستخدام التقنية الحديثة والمتطورة كإستخدام البصمة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني والشهادات الرقمية والتشفير وعدسة العين وما إلى ذلك من وسائل تقنية للمحافظة على سلامة المعلومات المنقولة عبر الإنترنت والتأكد من هوية الأطراف المعنية بعمليات تبادل المعلومات والعمليات المصرفية وتحديد هوية المستخدم دون القيام بعمليات غير مشروعة.
– إستخدام كلمة السر (password) للتحكم في تشغيل الأجهزة خاصة أجهزة الكمبيوتر وأن يتم ذلك بإستخدام وسائل فنية وتقنية توفر المزيد من الأمن ويصعب الوصول اليها.
– وجود نسخ إحتياطية دورية للبرامج والمعلومات المخزنة على أجهزة الكمبيوتر وخاصة المرتبطة بشبكة الإنترنت من أجل إعادة إسترجاعها والتدقيق عليها ومتابعتها.
– إصدار تقارير دورية (يومية، إسبوعية، شهرية) لنشاطات الحسابات الجارية تغطي جميع حسابات العملاء التي تتم من خلال بطاقات الصراف الآلي بواسطة البطاقات الذاتية وشبكة الإنترنت فيتم بموجب هذه التقارير دراسة الأرصدة والإيداعات والسحوبات ومراجعتها بشكل دقيق وإتخاذ الإجراءات اللازمة بالعمليات المشبوهة.
2-7 دور البنوك المركزية في الرقابة والإشراف على البنوك:
للبنوك المركزية السلطة المطلقة للقيام بالإشراف والمراقبة على أعمال البنوك وتقوم هذه العلاقة بناء على نظم وقوانين تحكم بموجبها تلك الممارسات، ومن الوظائف الرئيسية لأعمال البنوك بالإضافة الى إصدار العملة ومراقبة أسعار الصرف والإئتمان والتحكم بحجم السيولة وما يرتبط بالقوة الشرائية للعملة وأسعار السلع والتضخيم والسياسة النقدية وأعمال الرقابة على البنوك للتأكد من سلامتها وملائتها المالية وتوفر نظم الرقابة الداخلية ونحوها.
ويتم تنفيذ تلك المهام من خلال ثلاثة محاور رئيسية يختلف تطبيقها والإعتماد عليها من دولة إلى أخرى بحسب الوظائف والمهام التي أنيط للبنك المركزي القيام بها وخصوصا تلك المهام المرتبطة بالجانب الرقابي والإشرافي وتتمثل تلك المحاور بما يلي:
أولا: الإشراف المكتبي:
حيث تلزم البنوك المركزية البنوك التجارية بتقديم كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بمختلف الأنشطة المصرفية الإدارية والفنية ممثلة بالقوائم المالية وما يتبعها من بيانات وإحصائيات وتقارير تفصيلية لجميع الحسابات والموازنات …….. الخ وذلك بشكل دوري يعتمد تحديد فتراته على نوعية تلك البيانات وحاجة البنك المركزي لها، فبعضها تتم متابعته بشكل يومي وبعضها نصف سنوي والأخرى بين تلك الفترتين. ومن ضمن تلك البيانات ما يتعلق بموضوعنا من حيث حجم الأمول المحولة لخارج الدولة سواء ما هو عن طريق البنوك أو مؤسسات الصرافة وكذلك من خلال المنافذ الحدودية والأموال الواردة من خارج الدولة بنفس التصنيف السابق، كما تقوم البنوك المركزية على متابعة الأموال المحولة مصنفة على الغرض من التحويل تجاري، سياحي، تحويلات عمالة وافدة.
ثانيا: الإشراف الميداني:
تقوم معظم البنوك المركزية بممارسة دورها الرقابي من خلال الوقوف المباشر على مواقع العمل وذلك بإجراء زيارات تفتيشية للبنوك، وعادة تتولى القيام بها إدارات مراقبة البنوك – التفتيش البنكي للتعرف عن قرب على إجراءات العمل لتتأكد من ملاءمتها وسلامتها، وقد تكون تلك الزيارات روتينية تشمل بعض الإدارات أو مختلف قطاعات البنك أو أنها تكون مفاجئة أيضا وقد تخص إدارات معينة لأسباب معينة ومن ضمن الإدارات التي تقع تحت نقاط التفتيش الميداني بين الحين والآخر الإدارات المعنية بمتابعة عمليات غسل الأموال ومن ضمن الإدارات إدارة حسابات العملاء، إدارة الحوالات، حسابات المراسلين، إدارة المراجعة الداخلية، والإدارة القانونية. ويتم العمل لتنفيذ مهمة التفتيش وفق ثلاثة مراحل تتمثل:
أ- الأجابة على إستبيان الرقابة الداخلية وما تتضمنه من تساؤلات تفصيلية لمراجعة الضوابط الداخلية للبنك والسياسات والممارسات والإجرءات الخاصة بأعمال تلك الإدارات ويتم خلال هذه المرحلة توثيق نظام العمل في البنك بطريقة متكاملة ومختصرة تشتمل على بيانات وصفية وخرائط سير العمليات ونسخ من النماذج المستخدمة وفي ضوء نتائج هذه المرحلة والتي يتم خلالها تقييم مستوى الرقابة الداخلية بين جيدة ومتوسطة ورديئة ليتم تحديد حجم العمل والوقت اللازم لتنفيذ المرحلة اللاحقة.
ب- إجراءات الفحص الميداني والذي يهدف الى تحديد السياسات والخطط وما إذا كانت تتفق مع القواعد والإرشادات المعتمدة والتزام المسؤولين في البنك بالعمل بموجبها وتقييم إعمال المراجعة الداخلية والخارجية في البنك.
ج- إجراءات التحقق للتأكد من الأطراف ذوي العلاقة وذلك بإختيار عينات مناسبة من حسابات العملاء، التفتيش الميداني الدوري والمفاجئ على إجراءات…. الخ، ولا شك بأن للزيارات الميدانية التي تقوم بها البنوك المركزية للبنوك التجارية أهمية وفائدة تخدم الطرفين فمن خلالها تطمئن الجهات الإشرافية على سلامة اجراءات العمل في البنوك وكذلك تعين البنوك على معرفة نقاط الضعف لتتولى تصحيحها وتقوم البنوك المركزية بزيارة البنوك التجارية بشكل دوري وروتيني قد لا تشتمل تلك الزيارات مختلف الخدمات المصرفية المقدمة إلا أن هنالك زيارة تفتيشية خاصة تهدف إلى التعمق في مجال أو قطاع أو خدمة مصرفية معينة ويتم من خلال تلك الزيارات كما أشرنا سابقا تقييم السياسات والخطط والإجراءات والأنظمة والموظفين ويمكن دراسة مختلف نواحي الخدمة دون إستثناء كتأهيل العاملين وتدريبهم ومعدلات المكافآت المالية والحوافز…. الخ.
ثالثا: الإتصال والتنسيق الإداري بين المسؤولين:
تطبق بعض البنوك المركزية بالإضافة الى أسلوب الإشراف البنكي المكتبي والتفتيش البنكي الميداني اسلوب الإتصال المباشر بين المسؤولين في الجهتين البنك المركزي كجهة مشرفة ومساندة والبنوك التجارية، ويتم من خلال ذلك الإتصال من أي من الطرفين الوقوف على مواقع العمل المختلفة ومعرفة أحوال البنوك بما فيها مشاكلها وإحتياجاتها وما يجري من أحداث وأمور يومية ترتبط بأعمالها بشكل خاص وما يرتبط بالعمل المصرفي المحلي والدولي بشكل عام. وتعتمد نتائج تطبيق هذا الأسلوب على العلاقة الرسمية والودية بين الأطراف والتي قد توصل إلى معرفة أمور قد يتعذر أو يصعب لأحد الأسلوبين السابقين الوصول اليها بسهولة، مما يجعل هذا الأمر يدخل ضمن جانب التعاون والتفاهم بين الطرفين وحاجة كلا منهما للأخر ونعتقد أن لهذا الأسلوب نتائج جيدة يمكن الإستفادة منها إذا أحسن تطبيقه الجوانب الرئيسية للدور الرقابي الذي يقوم به البنك المركزي لمكافحة غسل الأموال:
1. الرقابية الداخلية: تطلب البنوك المركزية من البنوك والمؤسسات المالية العاملة تحت إشرافها وجود الأنظمة الرقابية الكفيلة بسلامة العمل وخلوه من هذه الإنشطة (غسل الأموال) وتتزامن تلك المتطلبات بنفس الوقت الذي يتم وضع السياسات والخطط والإجراءات المتعلقة بتنفيذ وممارسة الخدمات ذات العلاقة بمثل هذه الأنشطة. وللبنوك المركزية دور مباشر حيال هذا الموضوع من حيث التأكد من توفر الإرشادات والإجراءات الرقابية الشاملة لمختلف نواحي هذه الخدمات منها إرشادات الرقابة الداخلية ونظام المراجعة والتدقيق ومراقبة الحدود الإئتمانية والفصل بالمسؤوليات الوظيفية ومعالجة المخاطر والتأمين عليها وتطبيق النظم والتعليمات الصادرة من الجهات المعنية بالرقابة والإشراف وغيرها.
2- الإبلاغ عن الجرائم: في غالب الأحوال تتخذ البنوك المركزية في التعامل مع العمليات الإجرامية بصفة عامة وأنشطة غسل الأموال أو تنفيذ المعاملات المالية المشتبه بها بصفة خاصة والتي تحدث من خلال البنوك إجراءات تتمثل بتوجيه كافة البنوك التجارية والمؤسسات المصرفية العاملة بالدولة والتي تخضع لإشراف ومراقبة البنوك المركزية وبشكل مستمر بضرورة إشعار الجهة الأمنية والبنك المركزي أو أي هيئة يتم تخصيصها لتلقي البلاغات (وحدة التحريات المالية Financial Intelligent Unit) بالتبليغ عن اي انشطة غير طبيعية ومنها على سبيل المثال طلب تحويل مالي إلى الخارج يبدو غير طبيعي ويشتبه بعلاقته بعمليات غسل أموال. وتتم عملية التبليغ عنها بأحد الأساليب التالية:
أ- التبليغ وفقا لمعاييرة محددة: الزمت بعض البنوك المركزية المؤسسات المالية التي تخضع لإشرافها بالتبليغ عن جميع العمليات المالية التي تبلغ قيمتها (حد معين) لسلطة في أغلب الأحوال تكون وحدة تسمى وحدة التحريات المالية والتي بدورها تتولى متابعة تلك البلاغات دون أدنى مسؤولية على البنوك للتعرف على طبيعة تلك العلامات.
ب- التبليغ الإلزامي وفقا لمعايير تقديرية: ألزمت بعض البنوك المركزية البنوك التجارية التي تعمل تحت إشرافها على ضرورة التبليغ الفوري عن الحالات الإحتيالية والمحاولات والعمليات التي يشتبه بوجود علاقة غير نظامية يجريها العملاء .
ج- التبليغ الإختياري: بينما تركت البنوك المركزية الأخرى مسألة التبليغ إختياريا يمكن للبنك أو المؤسسة المالية القيام أو عدم القيام به وذلك وفقا لتقدير الجهات التنفيذية والرقابية في البنك وإن كان هنالك بعض المعايير والمؤشرات الدالة على وجود الشبهات لأن البنك ليس ملزم بالتبليغ ودوره قد ينتهي برفض العملية وعدم قبولها.
3- توفير التقنيات اللازمة: كون إن التعامل بالأموال النقدية وإستخدامها بكميات كبيرة وبكثرة في المجتمع يعتبر من العوامل المساعدة على تفشي وتيسيير عمليات غسل الأموال لإمكانية استغلال عمليات التبادل التجارية التي تتم بالدفع النقدي من قبل غاسلي الأموال، لذا تسعى البنوك المركزية والجهات الإشرافية على السياسة المالية والنقدية على إتخاذ خطوات إجرائية من شأنها تقليل إستخدام النقد وذلك بتوفير وسائل دفع بديلة كإستخدام الشيكات والبطاقات الإئتمانية وبطاقات الدفع ولا شك أن تلك الوسائل تحتاج الى نظم مدفوعات آلية لغرض إجراء تسويات بين البنوك والعملاء والبنوك بعضها بعضا والبنوك وشركات الخدمات… الخ وأجهزة آلية متقدمة يمكن إستخدامها بشكل فعال ومتطور من خلالها كأجهزة الصراف الآلي (ATM) ونقاط البيع المباشرة (POS) والخدمات المصرفية والإلكترونية (E-Banking) والمقدمة من خلال شبكة الإنترنت.
4- المشاركة في وضع التشريعات والقوانين المنظمة لهذه الأنشطة:
تتطلب عملية التعامل مع الجرائم المصرفية بشكل عام وجريمة غسل الأموال خصوصا في إتخاذ بعض التنظيمات المحلية على مستوى العديد من الجهات ذات العلاقة بدءا من البنوك التجارية التي تتولى عملية إستقبال الأموال والإتصال بالعملاء سواء بصفتها كجهة متلقية لعمليات الإيداع او كجهة متلقية للأموال الواردة (بنك المستفيد) أو منفذة لعمليات التحويل المالي وما يترتب على ذلك العمل من مسؤوليات قانونية تحتاج إلى تنظيم وإجراءات يضمن قيام البنوك وموظفيها بمسؤولياتهم وواجباتهم نحو التعامل مع تنفيذ تلك العمليات التي تعتبر من صميم اعمالهم وما يترتب على الإخلال بتلك الواجبات، لذا يبرز هنا دور البنك المركزي في التدخل للتأكد من أن أعمال البنوك التجارية .وغيرها من المؤسسات المالية التي تعمل تحت سلطة الإشراف من قبل البنك المركزي من الناحية الإجرائية، وكذلك من الوجهة القانونية تحكمها أنظمة وقوانين تغطي كافة النواحي التي لا تترك ثغرات أو مجالات تتيح للآخرين فرص التواطؤ أو المساعدة أو الإهمال والتهرب من المساءلة مما يجعلها تتولى عملية إصدار التعليمات والإرشادات المتعلقة بأساليب مكافحة عمليات غسل الأموال لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الخاضعة للإشراف البنكي المركزي للعمل وحثها على إيجاد نظام رقابة داخلية جيد يكفل مكافحة عمليات غسل الأموال، وعلى تصميم نظام محكم للتقارير الداخلية التي تساعد على كشف العمليات المشبوهة التي قد تكون ذات صلة بعمليات غسل الأموال والتأكيد على تطبيق مبدأ التعرف على العميل الذي يهدف الى إلمام البنوك التام بعملائها ومعاملاتهم البنكية من خلال تطبيق الإجراءات الواجب اتباعها من قبل البنوك لتحقيق هذا المبدأ ومعرفة طبيعة نشاطات عملائهم التجارية والوظيفية ومتابعة ذلك والتأكد من مصادر الأموال المودعة بحساباتهم وبخاصة الإيداعات النقدية الكبيرة وحثهم على تحديث ملفات العملاء والتحقق من عدم تغيير عناوينهم وهواتفهم.
5- المشاركة باللجان:
القيام بالإشتراك والتنسيق والتعاون مع الجهات التحقيقية ذات العلاقة بمكافحة عمليات غسل الأموال والتحويلات والتعاملات المالية المشتبه بها الناشئة عن المخالفات القانونية للأنظمة المالية والتجارية وقد لا يشمل تطبيق تلك الخطوة العديد من البنوك المركزية ولكن من قبيل الآخذ بمبدأ الحيطة والحذر ولتبادل الموضوعات المتعلقة بالإحتيال والإختلاس الواقع على النشاط بصفة خاصة وبقية الأعمال المصرفية عامة تقوم البنوك المركزية بتوجيه البنوك على الإلتقاء بشكل دوري من خلال تشكيل لجان يشترك بها ممثلون من جميع البنوك التجارية وتحت إشراف وملاحظة البنك المركزي لمناقشة مختلف المواضيع المتعلقة بها من ناحية تسويقية تجارية ومن ناحية تشغيلية فنية والخدمات التي يمكن تقديمها من خلالها.
6- مكافحة الجريمة:
تسعى البنوك المركزية وتبذل الجهود الكبيرة في سبيل مكافحة مختلف أنواع الجرائم، وحيث ينحصر دورها في المشاركة مع الجهات الأمنية المعنية بمكافحة الجريمة في الجرائم المالية وبالخصوص المصرفية لذا أصبح جانب (الأمن المالي والمصرفي) يشكل هاجسا تخصص له البنوك المركزية في مختلف دول العالم الإمكانيات المادية والبشرية كي تقوم بتنفيذ هذا الدور على وجه الكمال، ولا شك أن من أول إهتمامات البنوك المركزية تجنيب البلد والمصارف المحلية من التعرض لمخاطر الجرائم المالية ومكافحة الجريمة المصرفية. وكما أشرنا سابقا إلى بعض النواحي التي تتخذها البنوك المركزية لممارسة أعمال الإشراف والرقابة على القطاع المصرفي فإن لكل نوع من أنواع الجرائم أسلوب مميز يمكن من خلاله معالجة الأمر. وتسعى البنوك المركزية بالتنسيق مع الجهات المختصة بالدولة لتجريم نشاط غسل الأموال وفرض العقوبات الجنائية على مرتكبيها. وإتباع سياسة تقوم على إجراء الحجز التحفظي على الحسابات التي يتم من خلالها عمليات مشتبه بها التي يتم الإبلاغ عنها من قبل البنوك أو الجهات الأمنية ويستمر الحجز حتى الإنتهاء من التحقيقات بشأنها.
7- تطبيق مبدأ أعرف عميلك KYC
التأكيد على كافة البنوك والمؤسسات المصرفية الخاضعة لإشراف البنك المركزي بضرورة الإلتزام بمبدأ (أعرف عميلك) عند فتح الحسابات او إجراء التحويلات المالية الذي يهدف إلى أخذ المعلومات الشخصية عن العميل وضرورة الحصول على صور منها، وأخذ العنوان واضحا ورقم الهاتف، والعمل على تحديث البيانات الخاصة بأصحاب الحسابات القديمة وبشكل دوري ومستمر، والتأكد من كفاية إجراءات فتح الحسابات في البنوك وكذلك الإجراءات التنفيذية للعمليات المنفذة في إدارة الحوالات وتطوير نماذج الإيداع النقدي للحوالات المستخدمة لدى البنوك لتشمل كافة المعلومات والبيانات الأساسية للعميل والتأكيد على مطابقتها لواقع هوية العميل. والإشراف والرقابة الدقيقة على حسابات البنوك والمؤسسات المالية والصرافه والشركات الإستثمارية المفتوحة لدى البنوك المحلية وغيرها المقيمة خارج الدولة والتأكد من ممارستها الأنشطة والعمليات المسموح لها بها وعدم السماح بفتح أي حسابات لأي من الهيئات التي تعمل على تسويق صناديق استثمارية او أية خدمات أو أعمال بنكية مختلفة للمواطنين والمقيمين إلا بعد الحصول على موافقة خطية مسبقة من البنك المركزي وحظر فتح أية حسابات مجهولة الهوية أو ذات أسماء مستعارة أو تقديم أية خدمة مصرفية لمثل هؤلاء العملاء.
8- حركة النقد:
تتولى في بعض البلدان البنوك المركزية تنظيم سياسة حركة النقد أو بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات المعنية الأمنية وأجهزة الجمارك ووضع الإجراءات المنظمة في المنافذ الحدودية لدخول وخروج المبالغ النقدية سواء بالعملة الوطنية أو العملات الأجنبية وما يشابهها من شيكات سياحية أو معادن ثمينة ليس لغرض المنع وإنما لغرض معرفة حجم الحركة من جهة والتأكد من مناسبة أغراضها ومن أنها لأغراض شرعية. وتسعى البنوك المركزية في طبيعة الأحوال الى توجيه التعاملات المالية بأكملها إلى البنوك لذا فإن عمليات التحويل المالي يفترض أن تكون من خلال البنوك منعا لحدوث حالات التزييف والسرقة والضياع وعمليات غسل الأموال والتي نحن بصدد تناولها والتي أشرنا إلى أن عمليات التبادل النقدي المحلي وعبر الحدود تعتبر من العوامل المساعدة على تحقيقها بسهولة لذا كان من الضرورة على الدول أن تضع حدودا على تحويل المبالغ المالية النقدية والمعادن الثمينة بحوزة المسافرين.
9- إنشاء وحدة مكافحة غسل الأموال:
بقدر تقدير حجم الأخطار المتأتية من جريمة غسل الأموال وأثرها على البلد بمختلف القطاعات فإن البنوك المركزية بصفتها من الجهات التي تعتبر ذات مسؤولية مباشرة لمواجهة هذه المشكلة ولرفع مستوى المواجهة في سبيل المكافحة. تقوم البنوك المركزية بإنشاء اقسام أو وحدات مختصة لديها لمكافحة عمليات غسل الأموال وفي البنوك التجارية والمؤسسات المصرفية التي تعمل تحت إشرافها بصفة خاصة وعلى مستوى الدولة عموما، كما تحث البنوك التجارية على تخصيص جهات مستقلة أو ضمن الإدارة القانونية وإدارة المراجعة الداخلية .على سبيل المثال للقيام بتطوير السياسات والإجراءات اللازمة لمكافحة غسل الأموال ويتم إبلاغها بالحسابات أو التحويلات المشبوهة حيث يتم من خلالها البحث والتحقق “بطريقة مالية” من مصادر الأموال والتنسيق مع البنك المركزي والأجهزة الأمنية ووحدات تلقي البلاغات بهذا الخصوص.
10- التدريب:
تأثر البنوك المركزية على جانب تأهيل وتثقيف الجهات التي من شأنها مكافحة عمليات غسل الأموال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال عدة أساليب ومنها ما يلي:
أ- تدريب موظفي البنوك من خلال إنشاء مراكز أو معاهد تدريب متخصصة كما هو موجود في المملكة العربية السعودية حيث أنشأت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) معهدا مصرفيا يتولى تدريب المصرفيين بمختلف حقول المعرفة والتطورات المصرفية.
ب- حث البنوك على تدريب موظفيها داخل المصارف من خلال التدريب العملي أو في مراكز التدريب الداخلية الخاصة في البنوك أو في المركز والمعاهد الداخلية أو الخارجية تدريبا متخصصا في كيفية مكافحة غسل الأموال وإيضاح الطرق المتبعة من قبل غاسلي الأموال، بالإضافة إلى مشاركة موظفي ومسؤولي البنوك في المؤتمرات والندوات التي تعقد بهذا الشأن سواء بالداخل أو الخارج ومتابعة معدلات تدريب الموظفين والأموال المنفقة على التدريب.
ج- تشارك البنوك المركزية في تدريب موظفي البنوك في مجال التعريف بموضوع غسل الأموال والقاء الضوء على المخاطر والآثار التي تترتب على حدوثها سواء على المستوى الإقتصادي او الأمني أو الإجتماعي وكيفية وضع الوسائل والإجراءات الكفيلة بالمحافظة عليها عدم حدوثها، كما تقوم البنوك المركزية بتعريف المصرفيين بمناطق الضعف والمجالات التي قد تستغل من قبل العملاء أو الموظفين أنفسهم في هذا المجال.
د- تتولى بعض البنوك المركزية إعداد دورات تدريبية أو تأهيلية لموظفي القطاعات الأمنية والتحقيقية لغرض التعريف بالجريمة والوقوف على المخاطر التي تصاحب هذا النشاط وإمكانية الحد منها واكتشافها بالوقت المناسب ومعرفة اساليب التحقيق الفعالة فيها للحفاظ على الأمن بشكل عام ومكافحة الجرائم الإقتصادية أو المالية بصفة خاصة.
ه- إعداد برامج تثقيفية أو توعية للعملاء أفراد او تجار بطريقة مباشرة من خلال دورات متخصصة أو من خلال الإعلام المسموع او المقروء أو المرئي.
3- الفصل الثالث
3-1 عقبات المكافحة
مكافحة جرائم غسيل الأموال ليست عملية سهلة فهذه الجرائم ملتوية وتدار من قبل مجرمين يتسمون بالدهاء والخبث الشيطاني فهي ليست كالجرائم العادية التي قد يرتكبها مجرمون مغرر بهم أو في لحظة غضب أو حاجة للمال. ولغرض وزن طرق المكافحة التقليدية فمن الضرورة العلمية التطرق الى العقبات في طرق المكافحة من جهة وعرض أهم الأساليب الحديثة في إرتكاب هذه الجرائم الخطيرة من جهة أخرى وذلك في مطلبين مستقلين:
3-2 عقبات في طرق المكافحة
الخطوة الأولى هي وضع آليات وأساليب تشكل منظومة لمكافحة جرائم غسيل الأموال وغالبا ما تكون هذه الخطوة نظرية، إذ تنهض في الواقع جملة عقبات يتعين أخذها بالحسبان وذلك لتقويم طرق المكافحة من جهة ولإعادة النظر بهذه الطرق وصولا الى تطويرها أو استبدالها بطرق أكثر فعالية من جهة أخرى، وفيما يأتي هذه العقبات:
أولا: سرية العمل المصرفي: بعض الأفراد يرغب أن تكون ملكيته للأموال محاطة بسور من السرية، وإدارات المصارف تستجيب إلى هذه الرغبة فتفرض سرية تامة على حسابه أو ودائعه أو أنشطته مع المصرف. وثمة حالة إستثنائية تلتزم إدارة المصرف برفع الغطاء عن سرية أموال عميل (زبون معين) في حالتين لا ثالث لهما: الأولى – نص القانون، وفي هذه الحالة يفترض إطاعة أمر القانون إحتراما لإرادة المشرع ومثال ذلك: جريمة التهرب الضريبي أو جريمة الإفلاس، أما الحالة الثانية فهي حكم صادر من سلطة قضائية مختصة يطلب فيه القاضي من إدارة المصرف إعلامه بمقدار رصيد العميل أو بأية أنشطة مالية قام بها. إن مواجهة هذه العقبة تتم بإصدار قانون يوجب على المصارف إبلاغ البنك المركزي أو جهات امنية معنية بالحسابات المشكوك فيها للدولة وتجميد الأرصدة المشبوهة وإعتماد الشفافية في الأعمال المصرفية للحد من غلواء السرية.
وليس ثمة جهة قادرة على ذلك سوى السلطة التشريعية التي تصدر قانونا بهذا الشأن وبما يعالج هذه العقبة (السرية) معالجة جذرية وفعالة، إذ أن الصالح العام وخصوصا صالح الإقتصاد الوطني ومحاربة الجرائم الجديدة يبرران رفع السرية المصرفية في جرائم غسيل الأموال، فهذه المصارف تبقى محافظة على أسرار عملائها بإستثناء الحالات المحددة بنصوص قانونية أو أحكام قضائية ومن ثم نوفق بين مبدأ المحافظة على السرية المصرفية، ومبدأ وجوب ملاحقة الجرائم أينما كان موقعها. وجدير بالذكر أن المادة (5/3) من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات المنعقدة في فيينا سنة 1988 ركزت على ضرورة عدم الإحتجاج بسرية العمليات المصرفية من أجل تقديم السجلات المصرفية وتوفير النسخ الأصلية أو الصور المصدق عليها من السجلات والمستندات المصرفية. ويذهب بعضهم الى أن سويسرا نفسها التي تعتبر مهد نظام السرية المصرفية أجازت رفعها في حالة غسيل الأموال ابتداء من نيسان 1998.
ثانيا: عدم وجود نظام معلوماتية متطور: يتعين انشاء نظام وطني للرقابة على التحويلات البرقية وإرسال تقارير عن المعلومات النقدية ويشوب النظام المالي في جميع الدول افتقاره للتطوير الحديث بحيث يسمح للتحقق من مصدر الأموال المعروضة بشكل سري وسريع. وبعض الدول لا تملك أجهزة معلوماتية. والحل الواجب الإتباع انشاء مركز رئيسي يقوم بأربع وظائف رئيسية هي تأمين الإتصال الوثيق والسري مع المؤسسات المالية، وجمع المعلومات وتحليلها، ومراقبة تحول الأموال، وثمة ملاحظتان بهذا الشأن: الأولى ضرورة تزويد هذا المركز بطاقم بشري فني ومؤهل لهذه المهنة، والثانية، ضرورة البحث عن الثغرات الموجودة في الأنظمة الرقابية لكل دولة لغرض معالجتها معالجة آنية وفعالة.
ثالثا: تقاعس المصارف عن المراقبة والتحقق: يوجب قانون السرية المصرفية الأمريكي على المصارف إبلاغ إدارة الضرائب عن كل عملية مصرفية نقدية تزيد قيمتها عن عشرة آلاف دولار وعن كل عملية دخول وخروج عملة أجنبية تزيد عن خسمة آلاف دولار وحينما تقاعست هذه المصارف عن التبليغ فرضت عليها غرامات مالية. والواقع أن المصارف لا تتعاون مع العدالة بما فيه الكفاية للكشف عن عمليات غسيل الأموال بحجة سرية العمليات إن شروط مكافحة هذه الجرائم تتطلب موقفا يقظا من المصارف، إضافة إلى التعاون والتشاور مع الجهاز المالي للدولة والسلطة التشريعية وسلطات مراقبة ومكافحة هذه الجرائم بهدف تفعيل النظام ويتم ذلك عبر أربعة مبادئ هي:
1. معرفة العميل (الزبون) والتحرك لاتقاء مخاطر عمليات غسيل الأموال.
2. متابعة حركات رؤوس الأموال والعمليات المشبوهة والتبليغ عن الشبهات.
3. إحصاء العمليات غير المألوفة أو الشاذة إبتداء من مبلغ معين.
4. توعية موظفي المصارف وتدريبهم على معرفة تقنيات مكافحة غسيل الأموال، إن الدور الذي يجب ان تقوم به المصارف هو الدور الأساسي والأهم لنجاح سياسة مكافحة هذه الجرائم(29).
رابعا: الإفتقار لبرنامج تدريبي للعاملين في القطاع المالي:
من الضرورة تدريب وتنمية قدرات العاملين بالقطاع المالي والمصرفي ومعرفة طرق التعرف على الصفقات المشبوهة والإجراءات الواجب اتخاذها إزاءها ويتعين أن يحوي البرنامج التدريبي على معلومات إقتصادية وتجارية ومالية ومصرفية وقانونية، كما يجب إعادة التدريب للعاملين إذ أن العلم والحياة يفرزان معلومات أحدث وخبرات أدق الأمر الذي يتطلب متابعة البرامج التدريبية في الدول المتقدمة كي يجري تحسين القدرات لمواجهة هذه الجرائم التي يتسم مقترفوها بالخبث والدناءة.
خامسا – عدم تنظيم عمليات الإيفاء النقدي:
يلجأ المجرمون إلى غسل أموالهم عبر أقنية غير مصرفية كشراء الشركات والعقارات والمجوهرات والذهب والتحف الفنية ودفع ثمنها نقدا، ومن ثم يتحول المال السائل إلى مال عيني. ومواجهة هذه الحالة تقتضي منع الدفع نقدا عندما يتجاوز المبلغ حدا معينا. ومع ذلك تبقى هذه العقبة قائمة في حالة تقسيط المبلغ بحيث يدفع بمقدار لا يثير الشبهة بالتواطؤ بين المشتري والبائع، والحل الواجب الإتباع في هذه الحالة يتمثل في تفعيل وتحصين الشيكات وتشجيع الأفراد على التعامل بها بشرط تأمين الحماية الكاملة لها خوفا من زيادة عدد الشيكات بدون رصيد. والتعامل بالشيكات يسهل عملية تتبع وملاحقة الحسابات المالية ومعرفة مصدرها ومن ثم يسهل الكشف عن محاولة غسيل الأموال .
3-3 الأساليب الأحدث في جرائم غسيل الأموال
أولا: الأساليب المستحدثة: أبرزها نظام التحويل الإلكتروني في الشيكات وهو:
أ- نظام فيدواير Fid wire وهو نظام داخلي للمصرف الإحتياطي الإتحادي في امريكا إذ يجري الإتصال هاتفيا، ويعطي التعليمات وفق شيفرة خاصة لغاسل المال القذر وتدخل الرسالة في الجهاز الإلكتروني لمعالجتها وإرسالها إلى الجهة المستلمة ويتم التحويل للمال عن طريق هذا النظام على أوراق المصرف المذكور.
ب- نظام شيبس Chips وهو نظام المدفوعات بين المصارف التابعة لدار المقاصة ويمثل مصارف عملاقة في أمريكا وبلدان أخرى حيث يتم إرسال الأموال بين البنوك كدائن ومدين عن طريق نظام المقاصة.
ج- نظام سويفت Swift وهو نظام مقره في بلجيكا لنقل رسائل التحويلات عبر الحدود.
ثانيا: الأساليب التجارية:
أ- عمليات السوق الموازية: إستبدال الدولارات القذرة بعملات اجنبية أخرى وأحيانا إعادة إستبدالها الى دولارات. وقد يصدر تاجر المخدرات ويستورد بدلا منها بضائع او بالعكس.
ب- الصفقات الوهمية: تأسيس شركات وتبادل قوائم دفع وهمية عن بضائع ظاهرة وهي تتعلق بمخدرات بحقيقة الأمر.
ج- شركات التأمين: يقبل سماسرة النقد بمناطق التجارة الحرة السيولة النقدية من تجار المخدرات لشراء بوالص تأمين على الحياة بمبالغ كبيرة من شركات التأمين وبعد ذلك يقومون بإعادتها وإسترداد قيمتها بموجب شيكات.
د- المنظومة المصرفية الحرة: ينشئ غاسل المال القذر عمل تجاري في أمريكا مثلا كغطاء لفتح حساب تجاري لدى المصرف وبعدئذ يسافر لإنشاء شركة تجارية بمنطقة حرة، ويمكن تعيين وكيل للشركة بحيث لا يظهر إسم غاسل المال القذر في المعاملات التجارية وتبدأ الشركة الخارجية بالقيام بنشاط تجاري وتفتح حسابا تجاريا لدى أحد المصارف في المنطقة الحرة، وبهذه الطريقة يتم تحويل الأموال القذرة برقيا.
اترك تعليقاً