كيفية وزن الادلة الجزائية و بناء الاحكام القضائية عليه
وزن الأدلة و بناء الأحكام القضائية
ان في وجه النظر المحكمة المختصة اسس معينة و بناءا عليه يتم تحديد نوع الادلة الجزائية و البحث في مدى شرعيتها و سلامتها من العيوب التي تنقص من قيمة الدليل او يعدمها في بعض الاحيان و كما و يتم الاعتماد على هذه الاسس لتبيان أي من الادلة اقوى من غيرها حيث ان هذه الادلة هنالك بعض منها تكفي لوحدها لتكوين قناعة كافية لدى القضاة لبناء احكامهم القضائية طبقا لهذه الادلة بعكس بعضها الاخر التي لا يمكن الاعتماد عليها لوحدها لبناء القناعة بل يستلزم تعزيزهم بادلة اخرى لاكتمال القناعة الكافية لدى المحكمة الموضوع ، فللوهلة الاولي ان القضاة المحكمة الموضوع لا ينظرون الى الالة بعين المجردة لوحدها بل لابد وان يؤكدون مدى شرعيتها و الظروف التي انبثقت منها في باديء الامر فلو اتضح بان الدليل قد تم الحصول عليها بطرق غير شرعية فلا قيمة للدليل مهما كانت قيمتها حيث ان ما بني على الباطل باطل بمعنى على القضاة الموضوع – أي المحكمة الحكم – ان تتأكدو من توفر كافة اركان و الشروط القانونية التي جاءت منها الدليل قبل ان تقومو بتقيمها ووزنها لانه لو بطلت هذه المرحلة من الكشف على الادلة فتلقائيا تصبح الدليل المعيب كالعدم وان العدم لا ينتج الا مثلها .
فنحن نقول على محكمة الموضوع الكشف على الادلة و تقيمها ووزنها و لم نعطي هذه الصلاحية لمحكمة التحقيق لان المحكمة التحقيق ليس عليه الا جمع الادلة بغض النظر عن نوعيتها – الاثبات او النفي – او اهميتها لانه ليس لقاضي التحقيق وزن الادلة و تقيمها و لكن له صلاحية التأكد من شرعيتها بحيث يمكن له ان يسأل المحقق عن الظروف التي تمكنوا من الحصول على هذه الالة و الوقوف على مدى شرعيتها و قانونيتها ، بناءا على ذلك فان صلاحية الوزن الادلة و تقيمها و بناء الاحكام عليها للمحكمة الموضوع فقط .
ذكرا سابقا بان الادلة الجزائية تقسم الى الادلة المادية و الادلة المعنوية ، و بدورهما تنقسمان كل منهما الى الادلة المادية المباشرة و الغير المباشرة ، و الادلة المعنوية المباشرة و الغير المباشرة ، فان للمحكمة الموضوع اتخاذ اجراءات معينة لتقسيم الادلة المتحصلة في الجريمة و التي تم جمعها في اضبارة الدعوى ، كفرز الادلة و تقسيمهم وفقا للتقسيمات اعلاه ثم تقييمهما ووزنهما بعد التاكد من شرعيتهما و قبل بناء الاحكام وفقا لهما .
فأن للدليل المادي اهمية كبيرة في بناء الاحكام سواءا كانت الادلة هي الادلة الاثبات او النفي كون دليل المادي يمكن لمسها و رؤيتها مما يخلق شعورا يوصلنا لليقين بربط سببية النتيجة الجرمية بفعل المتهم او يفككها عنه فمثلا لو ضبطت الاموال المسروقة بحوزة الجاني حيازة غير شرعية ولو لم يشهد المتهم اثناء ارتكابه الجريمة السرقة فهذا الدليل سيولد قناعة لدى المحكمة الموضوع بوجود دور للمتهم في جريمة السرقة ، فيكون هذه الشعور مبوفرا لدى محكمة الموضوع سواءا كانت الدليل اثباتا او نفيا ، دليلا ماديا مباشرا او غير مباشر و ان كانت لتلك الاخيره اقل اهمية من اولها بحيث او كانت دليل الاثبات دليلا ماديا غير مباشر و دليل النفي دليلا ماديا مباشرا فان محكمة الموضوع سيعتد بالدليل المادي المباشر اضافة لاستناده للقاعدة بان الشك يفسر لصالح المتهم .
اما اذا كانت الدليل معنويا سواءا كانت الدليل اثباتا او نفيا ، دليلا معنويا مباشرا او غير مباشر فسيكون له قيمته لكن في حال التضارب مع الادلة المادية باي من نوعيها فان الارجحية سيكون للدليل المادي كون دليل المعنوي مصدرها الانسان فيمكن ان يكون صحيحا كما يمكن ان لا يكون صحيحا ، او بمعنى اخر فان الشك سيكون له المحلا في الدليل المعنوي بحيث سيكون احتمالية الترجيح فيها اضعف من الدليل المادي .
و هذا لا يعني نهائيا عدم اهمية للدليل المعنوي فلربما يكون للدليل المعنوي تأثيرا مباشرا في كثير من الاحيان في بناء قناعة محكمة الموضوع رغم وجود ادلة المادية ، هذا من جهة و كذلك فان دليل المعنوي كثيرا ما تكتمل القناعة لدى محكمة الموضوع بحيث في كثير من الاحيان لا يكون الدليل المادي الوحيد كافيا لاقناع محكمة الموضوع للاتهام المتهم او الافراج عنه لكن بتواجد دليل معنوي باي من نوعيها سيكتمل القناعة مما يؤدي الى اصدار الحكم النهائي بناءا عليه .
اما القرائن فدروها يأتي بانه في كثير من الاحيان تعتبر نقطة الانطلاق للوصول الى الدليل الفاصل ، فاقرائن باي من انواعها الثلاث – القاطعة او الراجحة او الشبهة – طالما يرتبط بمدلول الجريمة سواءا كان من لوازمة او لا فيكون له محل الاعتبار امام القضاء ، فمثلا القاء القبض على متهم بتهمة القتل و هنالك قرائن بان للمتهم عداوة الدم او الشرف مع المجنى عليه فان هذه القرينة سيكتمل تلك النواقص التي كانت متواجدة في الادلة الاخرى التي لم يكن بمفردهم كافيا لبناء الاحكام عليه .
و في الاخير نود ان نشير الى ان للمحاكم الجزائية خصوصية تمييزها عن باقي المحاكم وهي له صلاحيات واسعة في قبول الادلة و من عدمها و بالتالي بناء الاحكام عليها ، بحيث يكون للمحكمة الموضوع سلطة واسعة في التقييم و وزن الادلة و تفضيل بعض الادلة على نظيراتها ، لكن ما ذكرناه هو قواعد عامة لتقييم ووزن الادلة ….
اترك تعليقاً