ماذا فعلت بنا غزة
بقلم : المحامي حاتم ملحم
مع بداية هذا العدوان البربري الصهيوني الغاشم على أهلنا وفلذات كبدنا في غزة هاشم ، ومع سقوط الأطفال والشيوخ والبيوت ، ومع رد المقاومة بصواريخ الكرامة ألتي زلزلت الداخل المحتل دفاعاً عن النفس لا طلباً للجاه أو استجداءً له ، وبعيداً كل البعد عن الموقف الرسمي الذي لا يعبر إلا عن أصحابه فرادى وعن ثلة قليلة من القوم تنعموا بامتيازات السلطة وذاقوا حلاوتها ، فقد فعلت غزة بنا ما لم يفعله أحد من قبل ، فغزة اليوم وهي تحت القصف قد أعادتنا إلى الحياة من جديد وبثت بداخلنا ما كنا نبحث عنه ، فغزة اليوم حررتنا من ذلك الوهم الذي كاد يقتلنا بأن المقاومة قد ولت وحل محلها السلام ، وبأن المفاوضات هي الطريق الأمثل ، فأسقطت غزة هذا الخيار الذي أثبت فشله الذريع منذ بدايته ، وعلمتنا غزة بأن قوميتنا العربية ألتي نفتخر بها وحدنا ونعتز هي في أذهاننا فقط ، فما يجري الآن يؤكد وفي كل لحظة بأن فلسطين وحدها تقاتل ، ووحدها تذبح.
وبأن شعار فلسطين جزء من الوطن العربي هو مجرد شعار لم يكترث به غيرنا ، فعذراً للكاتب منير شفيق إذ لا ساحة بقيت للقتال إلا ساحتنا ، وغزة جعلتنا ننظر إلى الغد بعين المنتصر لا بعين المنهزم المتخاذل ، فالعدو أيضاً تحت القصف المستمر وصفارات الإنذار تعمل على مدار الساعة هنا وهناك ، فصواريخ المقاومة ألتي أسماها البعض بالعبثية قد فتحت الملاجئ ، وأخلت الشوارع ، وهو ما لم يفعله أحد من قبل ، ورفعت غزة أصواتنا عالياً وأبعدت عنا غمة الحزن على مستقبل أطفالنا ، فبعد اليوم لن يخشى أحد هذا الكيان ، فبيته أوهن من بيت العنكبوت ، وجيشه أمام الحق وأمام هذه الصفوة لن يصمد طويلاً ، فلا عبرة للعدد ولا حتى للكم أو نوع السلاح ، وإنما العبرة للثبات لقوله تعالى ” كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ” ، وأعادت لنا غزة لحمتنا من جديد ، وحققت ما لم تحققه المصالحة بكل صولاتها وجولاتها الطويلة ، فأرست بداخلنا المعنى الحقيقي لمفهوم الوحدة الوطنية الحقيقية وأبعدت عنا الحزبية القاتلة ، فالجميع أمام طائرات العدو مستهدف حتى الشجر والحجر لم يسلم ، وأخيراً فقد أدخلت غزة وما يجري على الأرض البعض من أصحاب الآراء الغير مجدية في عزلة آرائهم السياسية ، واختفى التيار الوسطي أصحاب – البين بين – الذين لا حول لهم ولا قوة ، فغزة عصية على الكسر ، ولن تكسر بإذن الله ، فأهلها أهل خير وأصحاب حق لا يساومون عليه ولا يجادلون فيه ، فهم الشهداء منا ، وهم المجاهدين فينا ، وسينتصرون في أرضنا كاملة غير مجزأة ولا مبعثرة ، وسننتصر بهم ومعهم , فغزة بداية معركة التحرير الكامل ، فلكم منا يا أهلنا يا أهل غزة قلوبنا وأرواحنا ، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى قال تعالى ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ” وقال تعالى ” إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ ” صدق الله العظيم .
اترك تعليقاً