محكمة النقض … قمة الهرم القضائي المغربي
بعد أزيد من خمسين سنة على إحداث المجلس الأعلى، بمقتضى الظهير الشريف رقم 1-57-223 المؤرخ في 2 ربيع الأول 1377 ه (موافق 27 شتنبر 1957 م)، غير الدستور الجديد تسمية المجلس الأعلى وأضحى يحمل اسم محكمة النقض. المجلس الأعلى أو محكمة النقض الحالية محكمة قانون توجد في قمة الهرم القضائي وتتجلى مهمتها في مدى سلامة تطبيق القوانين
ومراقبة صحة القرارات القضائية وضمان وحدة
الاجتهادات القضائية. هذه المؤسسة ساهمت في إعطاء تصور جديد عن النظام القضائي المغربي، إذ أسندت إليها مهمة سن اجتهادات للمحاكم العادية لملء الفراغ التشريعي
الناجم عن عدم وجود قوانين مكتوبة تبت عمقا وشكلا في الميدانين المدني والتجاري، وتحدد المسطرة لدى القضاء الشرعي. وعملت المحكمة على إعطاء دينامية
جديدة لمجموعة قوانين 1953، التي كانت ما تزال تطبق جنائيا في حق المغاربة من خلال تأويلها تأويلا يحترم كرامة الإنسان.
في سنة 1958 تقرر حذف المحكمة العليا الشريفية التي كانت لها صلاحيات القيام بمهام النقض، وأسند النظر في طلبات الاستئناف إلى محكمة الاستئناف بالرباط التي اشتملت على ثلاث غرف تابعة لنظام المحاكم العادية، استئنافات مدنية وجنحية وتهم الاتهامات التي عهد البت فيها إلى قضاة مغاربة كان أغلبهم ينتمي إلى المحكمة العليا الشريفية ويشتغل باللغة العربية. المصير نفسه عرفته محكمة الاستئناف بتطوان إذ تم حذفها وإدماجها في محكمة الاستئناف بطنجة التي يشمل نفوذها المنطقة الشمالية بأكملها، فخضعت لسلطتها محاكم طنجة وتطوان والناظور الإقليمية.
الهرم القضائي بالمجلس الأعلى
يرأس محكمة النقض «المجلس الأعلى» رئيس أول، وهو قاض خارج الدرجة، ويقوم بمهام الرئيس المنتدب بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفق التعديل الدستوري الجديد، وعضو في مكتب المجلس الأعلى بمقتضى الفصل 5 من المرسوم رقم 2.74.498 بتاريخ 16 يوليوز 1974 الصادر تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، كما يعتبر عضوا ضمن مجلس الوصاية.
ويمثل النيابة العامة فيها الوكيل العام للملك وهو قاض خارج الدرجة وعضو في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذا في مكتب المجلس الأعلى بمقتضى الفصل 5 من المرسوم رقم 2.74.498 بتاريخ 16 يوليوز 1974 الصادر تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، يساعده المحامون العامون.
ويشتمل المجلس الأعلى على رؤساء غرف ومستشارين ويشتمل أيضا على كتابة الضبط وعلى كتابة النيابة العامة.
وتنقسم محكمة النقض المجلس الأعلى سابقا إلى ست غرف، غرفة مدنية تسمى الغرفة الأولى وغرفة الأحوال الشخصية والميراث، غرفة تجارية، غرفة إدارية، غرفة اجتماعية وغرفة جنائية. يرأس كل غرفة رئيس ويمكن تقسيمها إلى أقسام، ويمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في جميع القضايا المعروضة على المجلس أيا كان نوعها.
تكون جلسات محكمة النقض «المجلس الأعلى» علنية عدا إذا قرر المحكمة سريتها. وتعقد جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ويعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا في سائر الجلسات، وتحدد اختصاصات محكمة النقض «المجلس الأعلى» بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية وقانون العدل العسكري ومقتضيات نصوص خاصة عند الاقتضاء، كما يمكن أن تعقد المحكمة أيضا جلسات بغرفتين أو بغرف مجتمعة.
اختصاصات محكمة النقض (المجلس الأعلى)
تنظر محكمة النقض «المجلس الأعلى» في الطعون المقدمة ضد الأحكام والقرارات الصادرة نهائيا في كل المجالات، باستثناء الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف درهم، أوالطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء والتحملات الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية. كما تقرر نقض أو إبطال القرار وإحالة النازلة على محكمة أخرى مماثلة للمحكمة التي اتخذت القرار بانتمائها إلى الدرجة نفسها أو على المحكمة نفسها شريطة أن تكون مكونة من هيأة قضائية مخالفة، وتمتد صلاحيات محكمة النقض «المجلس الأعلى» إلى القضايا التي تتعلق بخرق قانون الأحوال الشخصية وإن كان قانونا أجنبيا، وخرق قواعد جوهرية وخرق قواعد الاختصاص والشطط في استعمال السلطة، ونقصان أو انعدام التعليل وعدم الارتكاز على أساس قانوني. ولم تقتصر مهام محكمة النقض على تلك الاختصاصات فقط بل تعدتها إلى البت في الشطط في استعمال السلطة من طرف القضاة في حال اتخاذهم قرارا لم يطالب به الخصم أو ينتقد سلطة إدارية وفي تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين المحاكم، ومراجعة الأحكام في الميدانين الجنحي والجنائي عندما يتم الكشف عن عنصر جديد أو تدليس بعض الشبهات على قرار اتخذ صبغة نهائية، ويمكن في مثل هذه الحالة أن يقرر منح تعويضات عن القرار المذكور.
وتدخل مخاصمة القضاة في المهام الإضافية للمحكمة، وتقع عندما يطالب متقاضي التصريح بمسؤولية القاضي أو المحكمة عدا محكمة النقض عن الضرر الناتج عن تدليس أو ابتزاز أو وجود إنكار للعدالة، وبإمكان محكمة النقض «المجلس الأعلى» تعيين محكمة أخرى حينما تتهم المحكمة المختصة بالتحيز أو سحب القضايا من أي محكمة من أجل المصلحة أو الأمن العامين كلما وجد تخوف من عدم توفر النزاهة لدى المحكمة واحتمال حدوث اضطرابات جراء ذلك، كما تبت في جلسة تضم جميع الغرف، في قضايا الأشخاص الذين يتمتعون بامتيازات قضائية تم النص عليها في قانون المسطرة الجنائية.وبالنظر إلى الفترة التي كان يمر منها المغرب قبيل الاستقلال فقد تحول المجلس إلى مختبر حقيقي تتمخض عنه أفكار وتجارب قضائية وتطورت مهامه واتسعت لتشمل تحري مشاريع قوانين موحدة مهدت لتوحيد الأنظمة القضائية نفسها.
مخلفات القضايا عن السنين الماضية
تمكنت محكمة النقض «المجلس الأعلى»، من البت في مخلف السنين السابقة في مجموع القضايا التي بلغ أزيد 76 ألف قضية عن 1993، 42 و362 ألفا عن 2005، 18413 عن 2010، وأفادت مصادر الصباح أنه النشاط العام لغرف المجلس الأعلى خلال 2010. بلغ 27642 ألف قضية حكم منها 32231 أي بنسبة 100 في المائة، وعزت مصادر الصباح ذلك إلى الحملة التي شنها الرئيس الأول مصطفى فارس على مخلف القضايا، إذ أكد في كلمة سبق أن ألقاها بمناسبة افتتاح السنة القضائية «أنه إن كان دور القضاء في صون الحقوق والمحافظة عليها وعلى حقوق الإنسان ومحاربة الفساد والجور بكل أنواعه واضحا من خلال هذه القرارات، فإن توقيت صدورها له دلالات كبرى على إيصال الحقوق إلى أهلها في الوقت المناسب وهكذا استطاع المجلس خلال السنة الماضية الوصول إلى أدنى مستوى للقضايا الرائجة إذ أصبح عددها لا يتعدى 18413 بنقصان قدره 19,58 في المائة عن السنة الماضية وبعد أن تعدى 40.000 سنة 2005
و أهم شيء حققه المجلس في هذا المجال خلال هذه السنة أن 85,05 في المائة من القضايا تم البت فيها خلال سنة من تسجيلها و14,15 في المائة خلال سنتين و0,8 في المائة في أكثر من ذلك، وهي مدة قل نظيرها لدى عدد من المحاكم العليا».
التواصل والتكوين
من أجل الانخراط في الألفية الثالثة، عملت محكمة النقض «المجلس الأعلى»، على إحداث موقع على الشبكة العنكبوتية يسمح من خلاله لكل مواطن بالاطلاع على الأشواط التي قطعتها قضيته والقرار القضائي المتخذ فيها عند الاقتضاء، كما أن الموقع يتيح من جهة أخرى إمكانية الاطلاع على كل أنشطة المجلس.وفي إطار التكوين المستمر أحدثت محكمة النقض «المجلس الأعلى» مصلحة تسهر على تطوير كفاءات ومؤهلات المستشارين والموظفين في اللغات الأجنبية (الفرنسية والإنجليزية والإسبانية) والإعلاميات.
كما تقوم هذه المصلحة بتتبع دروس التكوين المهني للموظفين الأقل من السلم 8 قصد تحسين وضعيتهم الإدارية.
المؤتمرات والندوات
نظمت محكمة النقض «المجلس الأعلى»، أول مؤتمر دولي لجمعية المحاكم العليا للنقض للدول الناطقة جزئيا أو كليا باللغة الفرنسية AHJUCAF بمراكش من 17 إلى 19 ماي 2004 وحضر المؤتمر 44 رئيس محكمة عليا، وتم إصدار أهم قرارات المجلس الأعلى باللغة الفرنسية ستة أعداد حسب كل غرفة وصدر باللغة الإسبانية ثلاثةأعداد.
كما نظمت محكمة النقض «المجلس الأعلى» ندوة دولية بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه ندوة دولية حول موضوع مستقبل العدالة في القرن الواحد والعشرين في 21 و 22 نونبر 2007 بمشاركة فعاليات مختلفة وشخصيات و رؤساء محاكم من مختلف دول العالم وذلك قصد الاستفادة من خبرتهم و تبادل الأفكار في مجال القضاء.
وبمناسبة تخليد الذكرى الخمسين للمجلس الأعلى، قام بإصدار طابع بريدي خاص بالمناسبة وقطعة نقدية وشارة وميدالية و تذكار بهدف تخليد هذه الذكرى الهامة. كما نظم والودادية الحسنية للقضاة السنة الماضية بشراكة مع كتابة الدولة المكلفة بالماء و البيئة «الندوة الوطنية حول مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة تحت شعار «البيئة السليمة أمانة بين أيدينا فلنحافظ عليها»، ومؤتمر المغرب القضائي حول الحماية عبر الحدود للأطفال والعائلات، والتدريب القضائي المغربي على التنفيذ العملي لاتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل واتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الأطفال، الذي يتم تنظيمه بالتعاون مع TAIEX ومؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص.
اترك تعليقاً