بواسطة باحث قانوني
تقسيمات وأحكام الأراضي في فلسطين
نظم قانون الأراضي العثماني لسنة 1858 الأحكام المتعلقة بالأراضي وحدد تقسيماتها وفقا للمادة الأولى منه، فقسمها إلى خمسة أنواع متمايزة، وهي:
– الأراضي الملك
– الأراضي الأميرية
– الأراضي الوقف
– الأراضي المتروكة
– الأراضي الموات
أ- الأراضي الملك
وقد تم تقسيمها إلى أربعة أنواع وذلك بموجب المادة الثانية منه، وهي:
• الأرض الملحقة ببيت السكن والتي لا تزيد مساحتها على نصف الدونم، أي أنها الأرض التي تكون في موقع البناء والتي تعتبر من قبيل الأراضي الملك، كما يتبين أيضا أن الأرض التي تقع خارج حدود البلدية (سواء خارج بلديات المدن أو المجالس القروية) لا يؤثر على نوع الأرض كونها ملحقة ببيت سكن أم لا أو بناء بيت السكن في أرض أميرية، لا يحولها ذلك الواقع من نوع الأميرية إلى الملك، بل إن الأراضي التي تلحق مواقع البناء التي تدخل ضمن حدود البلديات فقط هي التي تعتبر من نوع الملك.
• الأراضي التي أفرزت من الأراضي الأميرية وملكت تمليكا صحيحا بأسماء مالكيها.
• الأراضي العشرية: التي وزعت وملكت للفاتحين عند الفتح.
• الأراضي الخراجية: التي تقرر إبقاءها في يد أهلها غير المسلمين على أن يدفعوا عنها مبلغا من المال للدولة.
– أحكام الأراضي الملك:
صاحب الأراضي الملك مالك للأرض نفسها، وفي الوقت ذاته مالك لما تحتها وما فوقها له كامل الحرية في التصرف فيه، يحق له أن يتصرف فيه بكافة أنواع التصرفات العقارية سواء الناقلة لملكية رقبتها أو غير الناقلة كالهبة والرهن وغيرها، وهذا ما أكدته مجلة الأحكام العدلية في نصوصها الواردة في الباب الثالث منها. وتجدر الإشارة إلى أن عبارة الأرض وما فوقها تشمل الأرض وما عليها من بناء أو غيره.
ب- الأراضي الأميرية
هي الأراضي التي تكون رقبتها لبيت المال ويجري إحالتها و تفويضها لأحد من قبل ولي الأمر بناء على طلبه لمدة غير محددة، لقاء معجلة تسمى الطابو يدفعها الطالب للخزينة ويعطى سند رسمي بذلك.
– أحكام الأراضي الأميرية:
أن المتصرف بأرض أميرية له أن ينتفع بها على الوجه الذي يريد، إلا أنه إذا أراد البناء في الأرض أو إذا أراد فراغها إلى آخر عليه الحصول على إذن من إدارة الطابو، كذلك إذا تركت الأرض دون استعمال لمدة أكثر من ثلاث سنوات بلا عذر فإنها تنحل عنه.
– التصرفات الجائزة على الأراضي الأميرية:
قسم قانون الأراضي العثماني التصرفات الواردة والجائزة على الأراضي الأميرية إلى ثلاثة أنواع، وهي:
– تصرفات مطلقة للمتصرف كالزراعة، والرهن والانتفاع بحشائشها .
– تصرفات لا تتم إلا بإذن المأمور وهي فراغ الأرض أي بيعها وهبتها وقسمتها وغرس الأشجار وقلعها وإنشاء الأبنية.
– تصرفات محظورة مثل وقف الأراضي الأميرية.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن هذا النوع من الأراضي قد طرأت عليه تعديلات جذرية، حيث صدر قانون تحويل الأراضي من نوع الميري إلى ملك رقم( 41) لسنة 1953 ، على النحو الآتي:
1- أعطى هذا القانون الحق لكل من يمتلك ارض ميرية تحويلها إلى ملك بقصد وقفها لجهة خيرية، وذلك وفق الإجراءات التالية:
أ- استصدار قرار من مجلس الوزراء بتمليكه هذه الأرض تمليكا صحيحا، وتحويلها من ميري إلى ملك.
ب- يأمر المجلس بنشر القرار بالجريدة الرسمية بتمليكه الأرض، إذا اقتنع أن هناك مسوغات قانونية.
ت- يجب تنفيذ هذا القرار خلال ستة أشهر في دائرة التسجيل من تاريخ صدوره وإلا اعتبر لاغيا.
2- أعطى هذا القانون الحق بتحويل الأراضي الميري الواقعة داخل حدود البلديات من ميري إلى ملك، إذا قامت البلدية بتوسيع حدودها فتلقائيا تصبح هذه الأراضي من نوع الملك من تاريخ التوسع.
3- وفيما يتعلق بآلية انتقال الأراضي الأميرية إلى الورثة بموجب هذا القانون فقد أشار القانون إلى عدد من الحالات وهي على النحو الآتي:
– آلية انتقال الأراضي:
أ. الحالة الأولى:
إذا كان صاحب أرض أميرية وتوفي قبل العمل بهذا القانون:
هنا تنتقل الأرض إلى الورثة وفقا لقانون انتقال الأراضي الأميرية باعتبارها أرضا أميرية (أي تقسم بالتساوي (للذكر مثل الأنثى) وليس حسب تقسيم الشريعة) وتسجل بأسماء الورثة على اعتبار أنها ملكا ولكن بشروط:
1- إذا تم انتقالها وتسجيلها خلال سنة واحدة من تاريخ العمل بهذا القانون
2- أو في خلال سنة واحدة من تاريخ نفاذه إذا كانت الأراضي الأميرية محولة إلى ملك وذلك وفقا لما ذكرناه في الفقرة( 1، 2) أعلاه.
3- وفي حال لم يتم الانتقال خلال المدة المذكورة فتسجل الأرض على أنها ملكا.
ب. الحالة الثانية:
وأشار لها القانون المؤقت المعدل لقانون تحويل الأراضي من نوع الميري إلى ملك رقم 32 لسنة 1962 جاء التعديل على المادة 4 من القانون رقم 41 لسنة 1953 بإضافة فقرة جديدة للمادة 4 وهي على النحو الآتي:
أ- حيث أشارت هذه الفقرة على انه بالرغم مما ورد في الحالة الأولى والتي اشرنا لها سابقا، إلا انه لا تنطبق أحكام الفريضة الشرعية على أصحاب حق الانتقال والتصرف في الأراضي الأميرية التي لم تتم تسويتها سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة في حال حصلت الوفاة قبل العمل بهذا القانون، حيث يتم توزيعها حسب المسالة القانونية (أي للذكر مثل الأنثى) وتسجل على أنها ملك، على انه يستثنى من ذلك أية ارض أميرية لم تتم تسويتها وتم تسجيلها بحسب الفريضة الشرعية بأسماء أصحاب حق الانتقال بعد العمل بالقانون.
ب- أما في حال حصلت الوفاة بعد العمل بالقانون فكل ارض أميرية سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة ولم تتم تسويتها تنتقل إلى الورثة أو المتصرفين بها على أساس التقسيم الشرعي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمل بالمسائل الانتقالية قد توقف العمل بها بموجب تعميمات داخلية في المحاكم الشرعية من تاريخ 16/4/1991.
أما الواقع العملي الحالي: يؤكد عدم وجود فرق بين الأراضي الملك والأراضي الميري، فيحق له إجراء كافة التصرفات من البيع والإيجار والهبة.
ج- الأراضي الموقوفة
الأراضي الموقوفة:
إما أن تكون موقوفة وقفا صحيحا: إذا كان الواقف مالكا للأرض الموقوفة أي أن الأرض من نوع الملك، وفي هذه الحالة تكون رقبة الأرض وجميع حقوق التصرف عائدة للجهة الموقوفة لصالحها الأرض.
أو موقوفة وقفا غير صحيح:
وهو الوقف الذي يقع على أرض أميرية أوقفها السلاطين لجهة من الجهات أو أوقفها غيرهم بإذن سلطاني، والأراضي التي يقع عليها مثل هذا النوع من الوقف لا يجوز بيعها، بل يتم تناقلها بالفراغ، وتكون رقبتها ملكا للسلطان. وهذا النوع من الأراضي الموقوفة تجري عليها كافة أحكام الأراضي الأميرية إلا أن أعشارها ورسومها وكل ما يستحق دفعه عنها لجانب الدولة يعود إلى الجهة التي أوقفت عليها.
د- الأراضي المتروكة
وهي أراضي قريبة من العمران تترك لاستعمال الأهالي وتعتبر ملكا لهم جميعا، ولا يجوز بيع أو شراء أو زراعة هذا النوع من الأراضي أو التصرف فيها إلا بالانتفاع وبشرط أن يكون عاما لجميع أهالي المنطقة.
هـ- الأراضي الموات
هي أراضي بعيدة عن العمران، ليست ملكا لأحد. وفي الوقت نفسه ليست أرضا متروكة.
وبموجب قانون الأراضي يتم إحياء الأراضي الموات بإحدى الطريقتين:
– إذن المأمور مجانا.
– بدون إذن المأمور بشرط زراعتها فعلا ودفع المزارع بدلا نقديا( مثل الطابو)، ويعطى له بها سند.
رقبة الأراضي الموات عائدة لبيت المال وحق التصرف للشخص الذي قام بإحيائها.
ثانيا: أحكام التصرف في العقارات
هنالك مجموعة من القوانين التي نظمت مسألة التصرف في العقار كجزء من الأموال غير المنقولة، ومن هذه القوانين ما تناولت الأحكام المتعلقة بحق التصرف في العقارات الأميرية والموقوفة، في حين أن هنالك قانون آخر تناول التصرف بالأموال غير المنقولة من قبل الأشخاص المعنويين، وقانون ثالث نظم صورتين من صور التصرف في الأموال غير المنقولة وهما البيع والإيجار للأجانب.
أ- تصرف الأشخاص الطبيعيين:
نظم قانون التصرف في الأموال غير المنقولة قانون رقم 49 لسنة 1953 تصرف الأشخاص الطبيعيين في الأموال غير المنقولة على النحو الآتي:
فيما يتعلق بهذا القانون فقد حصر إجراء جميع معاملات التصرف في الأموال غير المنقولة بحيث تشمل التصرف في الأراضي الأميرية والموقوفة والأملاك والمسقفات والمستغلات الوقفية وإعطاء السندات فيها بدوائر التسجيل.
1- ويؤكد هذا القانون على الحجية القطعية لسندات التسجيل التي تصدر عن دوائر التسجيل.
2- أشار هذا القانون في المادة 6 منه إلى مسالة التصرف في الأراضي الأميرية؛ حيث أكدت على حق من يتصرف فيها في القيام بكافة التصرفات عليها من حيث فراغها فراغا قطعيا وتأجيرها وإعارتها ووضعها كتأمين للدين، وإقامة الأبنية وغيرها من التصرفات.
3- كما حظر هذا القانون وقف الأراضي الأميرية أو الايصاء بها ما لم تكن قد ملكته إياها الحكومة تمليكا صحيحا.
4- كما أشار إلى أن الأبنية وما يتبعها التي تنشأ على الأراضي الأميرية والموقوفة وما يغرس فيها من أشجار ودوالي تسري عليها الأحكام الموضوعة للأراضي فيما يتعلق بالتصرف والانتقال.
ظهور مستحق جديد:
في حال ظهور مستحق جديد بعد إنشاء الأبنية أو الغرس في الأراضي الأميرية أو الموقوفة (وقفا غير صحيح) يكون الحل وفق الآتي:
1- إذا كانت قيمة البناء أو الغراس قائمة تزيد على قيمة الأرض، هنا يقوم الشخص بدفع قيمة الأرض إلى المستحق الجديد.
2- إذا كانت قيمة الأرض تزيد على قيمة البناء أو الأشجار قائمة هنا يقوم المستحق الجديد بدفع قيمة البناء أو الغراس إلى صاحب الأبنية.
تصرف الفضولي:
هنا وفي هذا القانون وتحديدا المادة 12 منه أشارت إلى أنه في حال أقام احد أبنية أو أشجارا أو غراسا فضولا في ارض غيره، فيحق للمتصرف أن يطلب من الفضولي أن يقوم بقلع وهدم هذه الأشجار، أما إذا كان الهدم أو القلع يؤثر على الأرض، فإنه بإمكان المتصرف دفع قيمتها مستحقة للقلع وتملكها.
دعاوي الحكومة:
فيما يتعلق برقبة الأراضي الأميرية والموقوفة والأملاك والمحلولة:
اعتبرت المادة 16/1 أن مدة مرور الزمن لهذا النوع من الأراضي هي ست وثلاثون سنة.
وقد تم الإشارة في ثنايا هذه الورقة حول مدة مرور الزمن بالنسبة لكافة أنواع الأراضي في موقع آخر ولا داعي للتكرار.
(كافة الأحكام الموجودة في هذا القانون وتتعلق بالأراضي الأميرية تنطبق على الأراضي الموقوفة)
تصرف الأشخاص المعنويين وتملكهم للأموال غير المنقولة:
عالج قانون تصرف الأشخاص المعنويين بالأموال غير المنقولة رقم 61 لسنة 1953 موضوع تصرف الأشخاص المعنويين، وقد تتطرق هذا القانون إلى عدد من المواضيع والتي ندرجها وفق الآتي:
– حق الشركات الفلسطينية في تملك الأراضي بشروط:
1- أن يكون أصحابها من الفلسطينيين.
2- أن تكون أسهمها محررة باسم أصحابها المذكورين.
3- أن تتملك وتتصرف وفقا لنظامها المصدق من قبل الحكومة.
4- أن لا تكون الأراضي التي ترغب بتملكها واقعة ضمن مناطق عسكرية أو استحكامات أو موانئ عسكرية، أو أن تملكها قد يشكل ضررا.
5- وعندما ترغب هذه الشركات ببيع هذه الأراضي يكون لأصحاب تلك القرية حق الرجحان بشرائها بثمن المثل.
– حق الجمعيات والمؤسسات الخيرية والدينية الفلسطينية في تملك الأموال غير المنقولة:
شروطها:
1- أن يكون تملكها داخل المدن والقرى فيما تحتاج إليه.
2- أن يكون تملكها بالقدر الضروري اللازم لأعمالها.
3- على أن لا يكون إحراز هذه الأموال فقط لمجرد إحرازها أو الاتجار بها.
– حق الشركات التجارية في تملك الأموال غير المنقولة( المؤلفة في الخارج والمسجلة في فلسطين).
شروطها:
1- الحصول على قرار من مجلس الوزراء
2- أن تتملك فيما تحتاج إليه من أموال وبالقدر الضروري اللازم لأعمالها
3- أن لا يكون إحراز هذه الأموال لمجرد الإحراز أو الاتجار بها.
حق الجمعيات الخيرية والدينية الأجنبية في تملك الأموال غير المنقولة:
شروطها:
1- الحصول على قرار من مجلس الوزراء
2- أن يكون تملكها داخل المدن والقرى، و في ما تحتاج إليه من الأموال غير المنقولة
3- بالقدر الضروري اللازم لأعمالها.
4- أن لا يكون تملك الأموال لمجرد الإحراز أو الاتجار بها.
– كما وضع هذا القانون قيودا على الجمعيات الخيرية والهيئات الدينية والشركات سواء الأردنية منها أو غير الأردنية، في عملية تملك الأموال غير المنقولة والمجاورة للاماكن المقدسة وبشرط الحصول على قرار من مجلس الوزراء.
– ومن القيود كذلك والتي وضعت على هذه الجمعيات انه في حال تبين أنها أحرزت وتملكت أموالا غير منقولة زائدة عن حاجتها فهنا يحق للحكومة رفع دعوى عليها وبيع ما زاد عن حاجتها بالمزاد العلني.
مسالة إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب:
عالج هذه المسالة قانون إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب رقم 40 لسنة 1953 وقد جاء فيه:
– عالج هذا القانون مسالة إيجار الأجانب حيث نص على بعض القيود في هذا الموضوع منها في حل كانت مدة الإيجار أكثر من ثلاث سنوات يتوجب عليه اخذ إذن مجلس الوزراء.
شروط تملك الأجنبي:
تطلب القانون وجود بعض الشروط بالنسبة لتملك الأجنبي ومنها:
1- أن يكون تملكه داخل مناطق البلدية أو أحواض البلد.
2- أن يحصل على إذن بذلك من مجلس الوزراء.
– كما عالج موضوع انتقال الإرث إلى الأشخاص الأجانب في حال انتقلت إليهم ارض عن طريق مورثهم الموجود في فلسطين، وهنا يكون غير مكلفا بالحصول على إذن ويجوز له أن يفرغها ولكن بشرط أن يكون لأحد الورثة سواء كان فلسطيني أو غير فلسطيني.
ولكن المهم في هذا القانون انه لم يحدد أنواع الأراضي فعامل الأرض الأميرية على أنها ملك، وليس للدولة ملكية رقبتها.
وهنا نشير إلى أن هناك تعديل على موضوع تملك الأموال غير المنقولة من الأجانب ويحمل رقم 2 لسنة 1962 وقد عالج هذا التعديل مسالة تملك الأجنبي الذي يحمل الجنسية الفلسطينية ومن أصل عربي حيث منحه القانون حق التملك وذلك ضمن الشروط التالية:
1- يجوز له تملك الأموال غير المنقولة خارج مناطق البلديات أو مناطق التنظيم أو أحواض البلد.
2- بالقدر الضروري لأعماله الإنشائية أو الزراعية.
3- كما يجوز لأي عربي غير أردني أن يتملك أموالا غير منقولة خارج المناطق المذكورة بالقدر الكافي لسكناه وإدارة أعماله.
في كلتا الحالتين يجب أن يتم ذلك بتنسيب من وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء.
اترك تعليقاً