جريمة سرقة التليفون (الجهاز – الخط)
لما كانت السرقة هي اختلاس مال منقول مملوك للغير بقصد أو بنية تملكه فان سرقة التليفون كجريمة سرقة تقتضي التفرقة بين – سرقة الجهاز وسرقة خط التليفون.
وأساس هذه التفرقة هو التطبيق القانوني والحرفي لنص المادة 311 من قانون العقوبات ( مل من أختلس منقولا مملوكا لغيره فهو سارق ) فالمادة 311 من قانون العقوبات تشترط في محل جريمة السرقة ان يكون منقولا ولذا يجب التفرقة بين أن يكون محل جريمة السرقة جهاز التليفون وبين أن يكون محل الجريمة خط التليفون.
ففي الحالة الأولى لا ثار أي مشكلات قانونية لأن جهاز التليفون منقول تتوافر فيه شروط المنقول كما أوردتها أحكام القانون المدني من حيث كونه ذي قيمة مالية ويمكن نقله وتملكه وحيازته فمن يختلس جهاز تليفون يعد سارقا وفقا للمادة 311 من قانون العقوبات.
أما في الحالة الثانية وهي حالة أن يكون محل جريمة السرقة خط التليفون فهنا تثور المشكلة – فتثير سرقة الخط التليفوني مشكلة قانونية تتعلق بمدى خضوع تلك السرقة لأحكام قانون العقوبات فالمادة 311 من قانون العقوبات تشترط أن يكون محل جريمة السرقة مالا منقولا.
وقد أثير مشكلة سرقة الخط التليفوني ومدى جواز اعتباره منقولا وبالتالي خضوع سرقته لأحكام قانون العقوبات – بسبب الطبيعة الخاصة لخط التليفون – ولا يقصد بالخط التليفوني ذلك السلك الممدود بين جهاز التليفون وسنترال الخدمة بل المقصود هي الذبذبات والموجات التي تتحرك وتتدفق عبر تلك الأسلاك فالسلك الممتد من جهاز التليفون إلى وحدة الاتصال أو السنترال هو ولا شك منقول وفقا لأحكام القانون المدني* أما الذبذبات والموجات التي تتحرك وتتدفق عبر هذه الأسلاك حاملة الرسالة الصوتية أو الرسالة المكتوبة أو الرسالة المرئية فكيف يمكن وصفها بالمنقول أو عدها منقولا.
– وإزاء ذلك انقسم إلى رأيين:
الرأي الأول :- يري أن تلك الذبذبات والموجات لا تعد منقولا لعدم توافر شروط وصفات المنقول بها وبالتالي لا يمكن أن يعد الاستيلاء عليها اختلاسا مكونا لجريمة سرقة.
الرأي الثاني :- ويري أن تلك الذبذبات والموجات تعد منقولا وبالتالي يمكن اختلاسها وسرقتها فتلك الذبذبات والموجات مال منقول ويجب أن يخضع مختلسه لقواعد وأحكام جريمة السرقة الواردة بقانون العقوبات فتلك الذبذبات والموجات قابلة للتملك والنقل والحيازة وأن كانت تقتضي فى تملكها ونقلها وحيازتها وسائل أو طرق خاصة غير معتادة أو غير مألوفة مع المفهوم التقليدي للمنقول.
قضاء النقض
استقر قضاء النقض على اعتبار سرقة الخط التليفوني بما يعنيه من ذبذبات وموجات مترددة جريمة سرقة واعتبر قضاء النقض تلك الموجات والذبذبات منقولا وفقا لأحكام القانون المدني ومن أمثلة ذلك
( السرقة قانونا هى اختلاس مال منقول مملوك للغير والمنقول فى هذا المقام هو كل ما له قيمة مالية ممكن تملكه وحيازته ونقله بصرف النظر عن قيمته )
[ نقض جنائي 2594 / 69 ق جلسة 4/2/2000 – ]
( الخط التليفوني منقول قابل للتملك والحيازة والنقل وبالتالي للسرقة ولذلك يعتبر سارقا من يختلس الخط التليفوني بمد سلك إلى الكابينة الفرعية وأجرى عددا من المكالمات إضرارا بالمشترك المجني عليه )
[ نقض جنائي 1155 / 69 ق جلسة 2/1/2000 –]
( المنقول الذي تتحقق باختلاسه جريمة السرقة هو كل ما له قيمة مالية ويمكن نقله وحيازته وتملكه )
[ نقض جنائي 4459 / 68 ق جلسة 2/1/1999 ]
( من الثابت أن وصف المال لا يقتصر على ما كان جسما متحيزا قابلا للوزن طبقا للنظريات الطبيعية بل يتناول كل شيء مقوم قابل للتملك والحيازة والنقل من مكان إلى أخر والخط التليفوني وهو ما تتوافر فيه هذه الخصائص من الأموال المنقولة المعاقب على سرقتها )
[ نقض جنائي 2591 / 67 ق جلسة 4/3/1998 ]
( ومن حيث أن مبني الوجه الأول من الطعن أن المكالمات التليفونية المنسوب إلى الطاعن اختلاسها ليست من الأشياء المادية التي يمكن أن تكون محلا للسرقة وعليه ا يكون عقاب على هذا الفعل مع فرض صحته . ومن حيث أنه كان يمكن للتمسك بهذا الدفع محل لو أن الشارع قد بكلمة منقول التي أوردها بالمادة 311 من قانون العقوبات ما كان جسما متحيزا قابلا للوزن بحسب نظريات علم الطبيعة ومن حيث أن علة العقاب على السرقة ومنع الإخلال بأحكام القانون المدني التي سنت طرف التعامل بالأموال وكيفية تداولها على الوجه المشروع فالواجب إذا الرجوع إلى هذا القانون لمعرفة المعني الموضوع للأموال المنقولة المدني – هو كل شئ ذي قيمة مالية يمكن تمله وحيازته ونقله وهذه الخصائص متوافرة فى المكالمة التليفونية إذ للموجات والذبذبات قيمة مالية ويمكن ضبطها وحيازتها ونقلها بالوسائل من حيز إلى أخر )
[ نقض جنائي 2594 / 65 ق جلسة 2/2/1996 ]
أركان جريمة سرقة خط التليفون
أولا :- الركن المادي لجريمة سرقة خط التليفون
يتمثل الركن المادي فى اختلاس شخص ( المتهم ) للخط التليفوني وذلك بأي صورة من صور الاختلاس مادامت مؤدية بذاتها إلى استيلاء الشخص على الخط التليفوني كليا أو جزئيا فمن الملاحظ أن سرقة الخط التليفوني قد لا تعني انقطاع الخدمة عن الشخص المشترك بل يشاركه فى استخدام خط التليفون شخص أخر هو المتهم.
ثانيا :- القصد الجنائي فى جريمة سرقة الخط التليفوني
جريمة السرقة جريمة عمدية ويعني القصد الجنائي فيها ضرورة أن يكون المتهم عالما بأركان الجريمة أي عالما بأنه يختلس شيء دون رضاء صاحبه * كما يعني ضرورة أن يكون المتهم عالما بتجريم هذا الفعل وأخيرا علمه بأن ما يختلسه مالا منقولا مملوكا للغير.
ويلزم كذلك توافر القصد الجنائي الخاص ومقتضاه أن يكون استيلاء المتهم على المنقول ( الخط التليفوني ) بنية تملكه.
جريمة سرقة التليفون المحمول
الجهاز – الشريحة – الخط
– أن التليفون المحمول وأن كان منقولا وبالتالي يصلح أن يكون محلا لجريمة السرقة إلا أنه منقول مركب وبمعني أكثر دقة هو أكثر من منقول فى حيز واحد فالجسم المادي للتليفون المحمول الجهاز شيء والخط التليفوني شيء والشريحة شيء ثالث بمعني أننا بصدد ثلاث مكونات أو عناصر كل منها يصلح أن يكون منقولا فى ذاته.
– الجسم المادي للمحمول ( الجهاز )
– الشريحة التليفوني
– الخط التليفوني
وفقا لنص المادة 311 من قانون العقوبات _كل من أختلس منقولا مملوكا لغيره فهو سارق) فإنه لا يصلح أن يكون محلا لجريمة السرقة ألا ما كان منقولا والتليفون المحمول منقول مركب يتكون من عدة منقولات تكون في مجموعها ذلك الجهاز.
أولا :- التليفون المحمول الجهاز
ويقصد به الجهاز المخصص للإرسال والاستقبال ولا خلاف فى اعتباره منقولا وبالتالي إمكان اختلاسه والاستيلاء عليه وسرقته فيعد سارقا كل من اختلس تليفون محمول بقصد تملكه وعلى الرغم من تعدد وتنوع هذه الأجهزة إلا أن ثمة فارق فني بينها يتعلق بما يسمي بالرقم السري وهو ذلك الرقم الخاص بكل جهاز على حدة حتى فى النوع الواحد والموديل الواحد فلكل جهاز رقم خاص به Ser. Number ( رقم الشاسيه أو البوردة ) ويمكن الاستدلال على هذا الرقم أما بالإطلاع عليه داخل الجهاز أو بإظهار على شاشة عرض الجهاز بضغط عدد معين من الأرقام.
ثانيا :- الشريحة الإلكترونية
الشريحة الإلكترونية هى نوع من الرقائق المعدنية يثبت عليها دوائر كهربائية ومغناطيسية متناهية الدقة وهي مجرد وسيط إلكتروني بين الجهاز وشركة الاتصالات ينحصر دورها فى أعداد التليفون المحمول لتلقي وإرسال الموجات المترددة فالشريحة ليست هى الخط التليفوني والشريحة وفقا لما سلف تعد منقولا ومن ثم تصلح لتكون محلا لاختلاس وسرقة فيعد سارقا كل من اختلس شريحة إلكترونية بقصد تملكها ولا يغير من هذا النظر كونها وسيط اتصال إلكتروني وليست الخط التليفوني ذاته.
ثالثا: – الخط التليفوني
محل الجريمة قد يكون سرقة الجهاز المحمول وقد يكون سرقة الشريحة الإلكترونية كما قد يكون محل جريمة سرقة الخط التليفوني الخاص بالجهاز المحمول نفسه وقد أثرت مشكلة الخط التليفوني الخاص بالأجهزة المحمولة ومدي جواز اعتباره منقولا من عدمه ومن ثم إمكان اختلاسه وسرقته وقد انقسم في ذلك إلى رآيين
فالرأي الأول :- ينكر وينفي اعتبار الخط التليفوني منقولا لكونه غر مجسم وغير محيز وغير قابل لوزن حسب النظريات الطبيعية فالأساس لديهم لاعتبار شيء ما منقول هو أن يكون مجسما ومحيزا وقابلا للوزن وفقدان الشيء أحد هذه الخصائص أو الصفات يخرجه من عداد المنقولات ومادام الخط التليفوني ليس بمنقول فلا يتصور اختلاسه أو سرقته ومن ثم فلا عقاب على الاستيلاء عليه فلا يعد إذا مرتكبا لجريمة سرقة من يتوصل إلى الاستيلاء على الخط التليفوني ( محمول ) ولا يغيب عن أنصار هذا الرأي التفرقة الدقيقة بين الخط والشريحة فالشريحة منقول لأنها مجسمة ولا حيز وقابلة للوزن حسب قوانين الطبيعة أما الخط التليفوني فغير قابل لذلك فلا يعد منقولا.
والرأي الثاني :- يعتبر الخط التليفوني منقول ومن ثم يمكن تملكه وحيازته ونقله وأخيرا سرقته واختلاسه فالمشرع لم يفرق بين الصور المختلفة للمنقول محل جريمة السرقة فكما يصح أن يكون المنقول صلبا أو غازيا أو سائلا يصح أن يكون مجرد ذبذبات أو موجات لأنها ذات طبيعة مادية بحتة.
الوسائل القانونية والعملية لضبط سرقة التليفون المحمول
بتمام الاستيلاء على التليفون المحمول ( الاستيلاء على الجهاز – الاستيلاء على الخط – الاستيلاء على الشريحة الاستيلاء على الرصيد ) تتحقق جريمة السرقة وباستثناء جريمة سرقة الرصيد فان ثمة إجراءات تبدأ وتتوالى وصولا إلى محاولة ضبط الجريمة وضبط فاعلها.
1. يقوم المجني عليه بتحرير محضر سرقة إذا كانت واقعة فقده للجهاز تشكل جريمة سرقة أي كان هناك شخص يتهمه المجني عليه بسرقة جهازه وإلا تحرر محضر فقد للجهاز والخط.
2. يقوم المجني عليه بإبلاغ الشركة المختصة لوقف الخط حفاظا على الرصيد أن كل للمجني عليه رصيد أو كان الخط المسروق بنظام الاشتراك الشهري لأن المجني عليه يلتزم إيذاء الشركة بسداد الفاتورة ولا يحق للمشترك ( المجني عليه ) الامتناع عن سداد الفاتورة بدعوى سرقة الخط والجهاز.
3. إذا كان الخط المودع الجهاز المسروق نظام اشتراك شهري – للمجني عليه أن يطلب من الشركة المختصة بيان تفصيلي بعدد المكالمات التي أجراها على تصور أن يخطئ السارق ويقوم بإجراء أي اتصال تليفوني فتظهر الأرقام التي قام بإجراءها فى البيان التفصيلي ومن خلال تلك الأرقام تتمكن أجهزة البحث من التوصل إلى السارق الذي تربطه غالبا علاقة بمن أجرى معهم تلك المكالمات.
4. إذا كان الخط نظام كارت مدفوع القيمة مقدما فالأمر يبدو صعبا لأن شركات المحمول لا تتولى تسجيل الأرقام التي أجرت على ذلك الخط إلا بناء على طلب مسبق والمجني عليه لا يعلم مسبقا بتعرض جهازه للسرقة.
5. من خلال الرقم الكودي للجهاز ( رقم البوردة أو الشاسيه ) يمكن الاستدلال على الجهاز المسروق خاصة أن هذا الرقم لا يمكن تغيره أو العبث به مطلقا لأنه خاص بالشركة المنتجة للجهاز إلا أن التعرف على الجهاز من خلال رقم البوردة أو الشاسيه أمرا يبدو صعبا وعسيرا مرد ذلك لكم الهائل من أجهزة التليفون المحمول وتشابهها فى النوع والموديل بل وفى سنة الإنتاج.
6. إذا تمكنت أجهزة البحث من ضبط واقعة سرقة المحمول فيلي ذلك تحرر محضر بواقعة السرقة يعرض على النيابة العامة للتصرف.
7. فى الجرائم الخاصة بسرقة الرصيد سواء عن طريق شبكة الإنترنت أو بالاختلاس رقم كارت الشخص الخاص بالمجني عليه فان الأمر أكثر صعوبة لأن ضبط الواقعة فى حاجة إلى تطور معرفي وتكنولوجي من جاني جهات الضبط والتحقيق.
اترك تعليقاً