الحكر .. حكمه ومدته
تعريفة
جاء في القاموس أن حكِر – حكراً بالأمر : استبد ، ومنه الاستبداد بحبس البضاعة كي تباع بالكثير .
تحكّر واحتكر الشيء : جمعه واحتبسه انتظاراً لغلائه فيبيعه بالكثير.
الحَكَر : ما احتبس انتظاراً وتسبباً للغلاء .
الحكُر : الحكر ! احتباس الوقف من العقار تحت مرتب معين.
الحُكْرة : اسم من الاحتكار .
الحاكورة : قطعة من الأرض تحكر لزرع الأشجار قريبة من الدور والمنازل ( عامية ) : المنجد .
قال أهل العلم في تعريف الحكر كما جاء في كتاب : أحكام الوقف للأستاذ/ زهدي يكن ، ما يلي :
( فالحكر عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض مقررة للبناء أو الغراس أو لأحدهما سواء خصصت الأرض للحكر من أول الأمر أو أجرت مدة معينة للبناء أو الغراس أو لهما ثم جددت الإجارة فالنتيجة واحدة ) .
وذكر الأستاذ / محمد قدري باشا في كتابه ( مرشد الحيران في معرفة أحوال الإنسان ) ، ما يلي :
( مادة 700 ) – الإستحكار هو عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض للبناء والغراس أو لأحدهما .
( مادة 701 ) – ما يبنيه المحتكر أو يغرسه لنفسه بإذن المتولي في الأرض المحتكرة يكون ملكاً له فيصح بيعه للشريك وغير الشريك ووقفه ويورث عنه .
( مادة 702 ) – لا يكلف المحتكر برفع بنائه ولا قلع غراسه وهو يدفع أجر المثل المقرر على ساحة الأرض خالية من البناء والغراس .
( مادة 703 ) – إذا زاد أجر مثل الأرض المحتكرة بسبب بناء المحتكر أو غراسه فلا تلزمه الزيادة فإن زاد أجر المثل في نفسه زيادة فاحشة لزمته الزيادة فإن امتنع من قبولها أمر برفع البناء والغراس وتؤجر لغيره بالأجرة الزائدة .
( مادة 704 ) – يثبت للمستحكر حق القرار في الأرض المحتكرة ببناء الأساس فيها أو بغراس شجرة بها ويلزم باجر مثل الأرض مادام أس بنائه وغراسه قائماً فيها ولا تنزع منه حيث يدفع أجر المثل .
( مادة 705 ) – إذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المحتكرة انفسخت الإجارة وليس لورثته البناء أو الغراس فيها بـدون إذن الناظر .
وذكر الأستاذ / أحمد إبراهيم بك في كتابه ( كتاب الوقف ) :
من المقرر أن عقد الإجارة ينتهي بانتهاء مدته ولو كانت الأرض مشغولة بزرع أو بغراس أو ببناء وعلى هذا متون المذهب وشروحه كلها وقد بينت الطريقة التي تتبع بشأن ما يشغل الأرض من زرع وغراس وبناء بما لا ظلم فيه للمنتفع والمالك .
غير أن الأرض لو أجرت مدة معينة للبناء أو الغراس ثم انتهت تلك المدة فأراد المستأجر أن تبقي الأرض في يده بأجر مثلها فهل يكون أولى بالإجارة من غيره أو يجب نزع الأرض من يده ؟ فعلى ما تقدم من إطلاق المتون ليست له هذه الأولوية لا فرق في ذلك بين أن تكون الأرض المستأجرة موقوفة أو مملوكة لكن اختار العلامة ابن عابدين وأفتى به غير واحد من علماء المذهب أنه إذا انقضت مدة الإجارة وكان للمستأجر عمارة أو غراس وضعه بحق ورضي باستئجار الأرض بأجرة مثلها فانه أحق من غيره دفعا للضرر عن الجانبين كما أفتي به الخير الرملي وغيره وهو مسألة الأرض المحتكرة التي نص عليها الخصاف .
والفرق بين الملك والوقف في ذلك واضح لأن الوقف سبيل استغلاله الإجارة فما دام المستأجر الأول يدفع أجر المثل الذي يريد غيره أن يدفعه فهو أولى ما دامت الأرض الموقوفة المستأجرة مشغولة ببناء أو غراسه منعا للضرر عنه مع فرض أنه لا ضرر على الوقف من بقاء الأرض بيده وأما الملك فيجوز أن ينـزع من يده لينتفع به المالك بنفسه ولا يؤجره لأحد فافترقا ، والحاصل أن هذه المسألة مستثناة من إطلاق عبارات المتون والشروح المقيدة لوجوب القلع والتسليم بعد مضي مدة الإجارة ووجه الاستثناء هو دفع الضرر عن المستأجر مع عدم الضرر على الوقف فلو كان يخشى على الوقف الضرر من المستأجر نزعت الأرض من يده .
نقل في الإسعاف عن الخصاف أنه لو تبين أن المستأجر يخاف منه على رقبة الوقف يفسخ القاضي الإجارة ويخرج الوقف من يده … أهـ . ومن ذلك ما إذا كان مستأجر الوقف أو وارثه مفلسا أو سيئ المعاملة أو متغلبا يخشى على الوقف منه أو غير ذلك من أنواع الضرر غير أنه قيل انه يلزم من إبقاء ارض الوقف بيد مستأجر واحد مدة مديدة أن يؤديه ذلك إلى دعوى تملكها مع انهم منعوا من تطويل مدة الإجارة خوفا من ذلك … أهـ . ويجاب عن هذا بأنه لا ضرر مع أخذ ما يلزم من الاحتياط منعا للضرر عن المستأجر الباني أو الغارس بالإذن .
أما إذا انتهت مدة الإجارة وليس للمستأجر فيها بناء أو غراس موضوع بحق فليس له أولوية أصلا بل تنـزع منه الأرض وتؤجر لغيره .
وهنا مسألة يحسن ذكرها استطرادا وهي ما إذا استأجر شخص أرض وقف للزراعة ( مثلا ) مدة ثلاث سنين بأجر معلوم هو أجر المثل وقت العقد ثم بعد مدة كسنة مثلا نقص الأجر لحصول أزمة أو زاد لكثرة الرغبات فهل يبقى العقد أو يفسخ ؟ قيل يبقى حتى تنتهي المدة بناء على أن أجر المثل يعتبر وقت العقد وهذا رواية فتاوي سمرقند وعليها مشى في التحنيس لصاحب الهداية والإسعاف ( رد المحتار ) وقيل في حالة نقص اجر المثل لا يفسخ العقد رعاية لجانب الوقف وأما في حالة الزيادة فإنها تعرض على المستأجر صاحب العقد فان قبلها كان أولى بالإجارة من غيره وإلا فسخ العقد وأجرت الأرض لغيره بعد فراغها من زرعه وهذا مبنى على انه يفتى بما هو أنفع للوقف قالوا وعلى هذا الفتوى متى كانت الزيادة غير يسيرة ولغير تعنت وليست بسبب ما زاده المستأجر من ماله في تحسين الأرض ولا يخفى أن هذا القول الثاني بمعزل عن الإنصاف والقول الأول هـو العدل .
وبالرجوع لما تقدم يرى أن ترك الأرض في يد مستأجريها وعدم إزعاجهم عنها ماداموا يدفعون اجر المثل هو معنى الحكر إذ الحكر هو عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض مقررة للبناء أو الغرس أو لأحدهما ( كما في الفتاوى الخيرية ) فعلى ذلك سواء خصصت الأرض للحكر من أول الأمر أو أجرت مدة معينة للبناء أو الغراس أولهما ثم جددت الإجارة على النحو المتقدم فالمآل واحد والنتيجة واحدة .
جاء في المادة 332 من كتاب قانون العدل والإنصاف للمرحوم محمد قدري باشا ما نصه _ إذا خربت دار الوقف وتعطل الانتفاع بها بالكلية ولم يكن للوقف ريع تعمر به ولم يوجد أحد يرغب في استئجارها مدة مستقبلة بأجرة معجلة تصرف في تعميرها ولم يمكن استبدالها ، جاز تحكيرها بأجر المثل وكذلك الأرض الموقوفة إذا ضعفت عن الغلة وتعطل انتفاع الموقوف عليهم بالكلية ولم يوجد من يرغب في استئجارها لاصلاحها أو من يأخذها مزارعة جاز تحكيرها ، أ هـ .
ففي هذه المادة شرط للحكر عدم إمكان الاستبدال ولا يعلم من أين جاء بهذا الشرط ؟ على أن الذي يؤخذ من عبارة الخصاف ومما تقدم أن الحكر قد يتحقق بدون اشتراط أي شرط مما ذكر في المادة فإذا كان يريد أن يقول أن الحكر لا يلجأ إليه إلا بعد توافر الشروط المذكورة فهذا دليل عليه بل الحكر قد يتحقق مع إمكان الاستبدال وإذا كان يريد أن يقول أن الحكر مع تحقق هذه الشروط جائز كان هذا صحيحا لكنه أيضا جائز على النحو المتقدم بدونها وان كان يريد أن يقول أن هذه الحالة يتحتم فيها الحكر ويتعين لأنه لم يبق أمامنا غيره فحسن لكن الحكر قد يوجد جوازا بدون ذلك .
والحاصل أن الحكر قد يوجد بعقد مستقل ولا بد لهذا العقد من إذن القاضي حتما ولكن لو تعارض هو والاستبدال هل يقدم هو أو الاستبدال قد يقدم الاستبدال تخليصا للوقف من هذا القيد الثقيل والاحتكار المؤبد ؟ وقد يقدم الحكر خوفا على الوقف من الضياع هذا ما ظهر لي وقد يوجد الحكر نتيجة لعقد إجارة وهو ما قدمناه فيما سلف وأقره الخصاف هذا وما دام المحتكر يدفع أجر المثل فلا يكلف رفع بنائه ولا قلع غراسه بل يكون أولى بالأرض من غيره .
والأجرة في الحكر لا تبقى على حالة واحدة بل تزيد وتنقص تبعا لتغير الأحوال والعبرة في الزيادة تكون بزيادة أجرة الأرض في نفسها لكثرة رغبات الناس ولتغير حالة الصقع فينظر إذا رفع البناء والغراس من الأرض بكم تستأجر بحسب موقعها فيكون هذا هو أجر المثل فكم من أرض وقف احتكرت في وقت كانت قيمتها فيه ضئيلة جدا ثم تداركها العمران وأحاطت بها المباني الشامخة الفخمة من كل مكان فارتفعت لا جرم قيمتها فأجرتها ترتفع حتما لارتفاع قيمتها كما يشاهد ذلك الآن في أراضي عماد الدين وبولاق والزمالك والجيزة عندنا في مصر فالقول ببقاء اجر المثل وقت أن كان حين العقد فيه ظلم لأحد الطرفين تبعا لزيادة قيمة الأرض أو نقصها في ذاتها لهذا كان العدل قاضيا بأن يتغير الأجر تبعا لتغير الأحوال رعاية للطرفين .
ومن هذا يتبين لك أن الوقف لا يأخذ شيئا من المحتكر وقت العقد في مقابلة إشارة بالأرض على غيره ليبني أو يغرس فيها وإنما الذي يصل إلى الوقف من المحتكر هو أجرة الأرض لا غير ، هذه خلاصة ما قاله علماء مذهب أبي حنيفة واستقر عليه الرأي إلى الآن .
وأما علماء مذهب مالك فخلاصة ما قالوه في هذه المسألة أن الوقف إذا خرب ولم يجد الناظر أو المستحق ما يعمره به من ريع الوقف ولا أمكنه إجارته بما يعمر به فانه يأذن لمن يعمره ببناء أو غراس على أن العمارة تكون ملكا لمن عمره وتقسم الغلة المتحصلة على الوقف والعمارة تقسيما تناسبيا بحسب قيمة كل منهما فما ناب الوقف يكون للمستحقين وما ناب العمارة يكون لمالكها .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم – يرحمـه الله – : الوقف الأهلي ليس للناظر تحكـــيره أو تأجيره مد طويلة إلا بعد إذن قاضي بلد الوقف لأن القاضي ينظر في الحظ والغبطة والمصلحة .
قال شيخ الإسلام : ليس لناظر الوقف ولا لولي اليتيم ولا للوكيل ولا غيرهم ممن يتصرف بحكم ولاية شرعية فلا يسلم العين المؤجرة بإجارة فاسدة .
فإذا كان لا يرى صحة بيع العين ولا إجارتها ونحوهما إلا باللفظ كان عليه أن لا يسلمها إلا إذا باعها بيعاً صحيحا أو آجرها إجارة صحيحة حسب اعتقاده الذي يعتقده .
وهذا القول هو الذي عليه جمهور الأمة وعليه عمل المسلمين من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى اليوم .
فمن كان يعتقد أنه لا يصح بيع إلا بصيغة من الجانبين لم يكن له مع وجود هذا الاعتقاد أن يسلم مال اليتيم إلا بعقد حصلت فيه الصيغة من الجانبين ومن اعتقد صحة بيع المعطاة سلم العين بهذا الاعتقاد فيجب على كل معتقد أن يعمل بموجب اعتقاده له ، وعليه فليس للناظر ولا لولي اليتيم أن يجعل الإجارة لازمة من جهة المستأجر جائزة من جهة المؤجر، أو أن يعتقد أحد القولين فيها له والقول الآخر فيها عليه فإن مضمون هذا أن يحلل لنفسه ما يحرمه على مثله ، ويحرم على مثله ما يحلله لنفسه ويوجب على مثله ما لا يوجبه على نفسه وهذا خلاف إجماع المسلمين ولا يجيزه دين الإسلام ولا أي دين لأنه من الظلم .
قال شيخ الإسلام : إذا بيعت الأرض المحكرة أو ورثت فإن الحكر يكون على المشتري والوارث وليس لأصحاب الحكر أخذ الحكر من البائع أو من تركة الميت في أظهر قول العلماء .
وقال الشيخ عبد الله أبابطين : من احتكر أرضاً وبنى فيها مسجداً أو بناء جعله وقفا على المسجد فمتى فرغت مدة التحكير أو انهدم البناء زال حكم الوقف وأخذ المحكرون أرضهم ملكا لهم ومادام البناء قائماً على الأرض فعليه أجرة المثل ومثل هذا القول جاء في الإنصاف .
قال صاحبه هذا هو الصواب ولا يسع الناس إلا ذلك .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم – يرحمه الله – : الذي يظهر لي هو بقاء الحكر على ماهو عليه وأنه لا يتغير بتغير الأجور ارتفاعا وانخفاضاً ذلك أن التحكير مدة غير معلومة يعتبر بيعاً لرقبة الأرض لا إجارة ، فهي ملك لمن اشتراها أرضاً وبناء وأن له التصرف فيها وأنه ليس للملاك السابقين إلا الصبرة فقط .
وجاء في كتاب ( الوقف في الشريعة الإسلامية ) ما يلي :
الحكر :
ومن أنواع الإجارة الطويلة الحكر ، وهو عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء أو التعلي أو للغراس أو لأحدهما لقاء أجرة معجلة وأخرى مؤجلة ، أو باجرة كلها معجلة أو كلها مؤجلة .
وقد سمى هذا النوع من الإجارة ( الحكر ) لأنه يخول المستأجر احتكار أرض الوقف المؤجرة للبناء الذي يشيده فوقها بإذن المتولي ، وهو نوع من الأوقاف ذات المقاطعة القديمة .
أما كيفية التحكير فهي : أن يكون للوقف أرض ضعفت عن الغلة وتعطل انتفاع الموقوف عليهم منها بالكلية ولم يوجد من يرغب في استئجارها لاصلاحها بل يوجد من يرغب في استئجارها للبناء فيرجع إلى القاضي في الأمر فيستقصي القاضي ويحقق حتى إذا تبين له وجود النفع والمصلحة للوقف في إيجارها أذن للمتولي بعقد إيجار بينه وبين طالب التحكير ( لمدة معينة تجدد الإجارة بانتهائها ) فيبني المستأجر في الأرض ما شاء من البناء وعندما تنتهي مدة إجارته يطلب المتولي إلى القاضي جلب المستأجر والحكم عليه برفع يده عن أرض الوقف وتخليتها من البناء الذي شغلها به فيمتنع المستأجر بداعي أنه أولى من غيره باستئجارها باجرة المثل ، وانه مستعد لاداء الأجرة المرتبـة عليها .
وبعد المرافعة في هذا الشأن يحكم القاضي له ببقاء الأرض في يده وعدم تخليتها من بنائه ما دام يؤدي أجرة المثل عنها مرجحاً على غيره عند التساوي .
وهكذا تبقى الأرض في يده وتجدد عقد إجارتها منه على أن يؤدي المرتب عنها في كل سنة ويتصرف فيها بحق القرار ، ويبقى البناء أو الشجر القائم فوقها ملكاً له يتصرف فيه بأنواع التصرف الشرعية فيبعه ويهبه ويقفه ويوصي به بملء حريته وتكون الأرض تابعة له في التصرف .
وكما يجوز احتكار أرض الوقف الخالية يجوز احتكار المسقفات الوقفية أيضا ، وذلك إذا كانت للوقف دار خربة تعطل الانتفاع منها بالكلية ولم يكن للوقف ريع تعمر به ولم يوجد أحد يرغب في استئجارها مدة مستقلة باجرة معجلة تصرف في تعميرها ، ولم يمكن استبدالها ، جاز تحكيرها باجر المثل .
ورثة الحكر:
إذا توفي المحتكر لأرض الوقف ينتقل البناء أو الشجر القائم فوقها إلى ورثته الشرعيين وتنتقل إليهم الأرض المحتكرة على أن يؤدي كل منهم اجر المثل عن القسم الذي يصيبه منها .
ولا يكلف المحتكر ولا ورثته برفع البناء ولا بقلع الشجر ما دامت أجرة المثل المقررة على ساحة الأرض المحتكرة تؤدى عنها لجهة الوقف كل سنة .
سقوط حق المحتكر :
وإذا تلف ما أحدثه المحتكر من بناء أو شجر ولم يبق منه اثر وانتهت أيضا مدة عقد الاحتكار ، فلا يبقى للمحتكر ولا لورثته حق ما في الأرض المحتكرة ، بل تسلم إلى المتولي وهذا يتصرف فيها بما يرى فيه النفع للوقف .
وجاء في كتاب ( حاشية رد المحتار ) الجزء الرابع لابن عابدين ( مطلب في إذن الناظر للمستأجر بالعمارة يقول : وفي الخيرية سئل في علية جارية في وقف تهدمت فأذن الناظر لرجل أن يعمرها من ماله فما الحكم فيما صرفه من ماله بإذنه ؟ أجاب أعلم أن عمارة الوقف بإذن متوليه ليرجع لما انفق يوجب الرجوع بإتفاق أصحابنا ) .
وتنص المادة 839 من مجلة الأحكام الشرعية على ما يلي : ( إذا بنى أو غرس في الوقف من هو موقوف عليه وحده فبناه وغرسه له محترم وإذا بنى الشريك أو من له النظر فقط فبناه غير محترم وليس له إبقائه بغير رضى أهل الوقف إلا إن أشهد أنه له وإن لم يشهد أنه له فغرسه فبنائه للوقف تبع للأرض ولو غرسه للوقف أو من مال الوقف فوقف . وان غرسه أجنبيا وهو غير الناظر أو الموقوف عليه فهو للوقف بنيته ) .
وتنص المادة 786 أيضاً ما يلى يعمل بشرطه في ناظره ويعمل بشرطه في اتفاق عليه ) .
وجاء في كتاب ( محاضرات في الوقف ) للإمام محمد أبو زهر قوله :” البناء والغراس ، ومن المقررات أن مستأجر الوقف له أن يغرس فيه ويبني إذا أذن له ناظر الوقف فإذا بنى أو غرس كان الأولى بالإجارة ما دام يدفع أجرة المثل ) .
وجاء في شرح ( المجلة الشرعية ) مـا يلي : ( كما لو زرعها أو بنى فيها أو غرس يعرضها المتولي على المستأجر فإن قبل الزيادة العارضة بعد ثبوتها وهو أحق من غيره ولزمته الزيادة من وقت قبولها فقط لا من أول المدة وان لم يقبلها اجرها المتولي من غيره ) .
وجاء في ( الفتاوى الكبرى ) للإمام ابن تيميه يرحمه الله جواباً على سؤال مشابه فأجاب بما يلي : ( يجوز أن يقف البناء الذي بناه في الأرض المستأجرة سواء وقفه مسجداً أو غير مسجد ولا يسقط ذلك حق أهل الأرض فإنه متى انقضت مدة الإيجار وإنهدم البناء زال حكم الوقف سواء كان مسجداً أو غير مسجد واخذوا أرضهم فانتفعوا بها ، وما دام البناء قائماً فيها فعليه أجرة المثل ولو وقف على ريع أو داراً مسجداً ثم انهدمت الدار أو الريع فإن وقف العلو لا يسقط حق ملاك السفل كذلك وقف البناء لا يسقط على ملاك الأرض .
وسئل أيضاً رحمه الله في رجل استأجر قطعة أرض وقف وغرس فيها غراساً وأثمر ومضت مدة الإيجار فأراد نظار الوقف قلع الغراس فهل لهم ذلك أو أجرة المثل وهل يثاب ولي الأمر على مساعدته ؟ فأجاب يرحمه الله ليس لأهل الأرض قلع الغراس بل لهم المطالبة بأجرة المثل أو تملك الغراس بقيمته أو ضمان نقصه إذا قلع ، وما دام باقياً على صاحبه أجرة مثله وعلى ولي الأمر منع الظالم من ظلمه والله أعلم
اترك تعليقاً