بحث حول تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من ممارسة حقوقة السياسية
بحث بعنوان
كيفية تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية في ضوء التشريع الأردني والاتفاقيات الدولية وموقف العراق منها
إعداد:
ردينة سليمان صالح الخليفات()
إشراف:
الدكتور موفق سمور المحاميد
2013
قائمة المحتويات
• الملخص …………………………………………………………………………………….4
• تمهيد ……………………………………………………………………………………5
• المبحث الأول: ماهية المصطلحات المرتبطة بالإعاقة وشخصية المعوق الحقوقية وحقوقه السياسية ……………………………………………………………………………………………..8
• المطلب الأول:ماهية المصطلحات المرتبطة بالإعاقة وطبيعتها ………………………………..
• المطلب الثاني:شخصية المعوق القانونية وحقوقه السياسية ………………………………….10
• المبحث الثاني :التشريعات التي اعتنت بالأشخاص ذوي الإعاقة ودراسة أنظمة الانتخاب بالأردن……………………………………………………………………………………15
• مطلب أول:التشريعات والمعاهدات التي اعتنت بشؤون المعاقين في الأردن والعراق ………..16
• مطلب ثاني:دراسة الأنظمة التي من الممكن من خلالها تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية ………………………………………………………………………………………….. 18
• الخاتمة …………………………………………………………………………..21
• نتائج وتوصيات……………………………………………………………………………
• المراجع …………………………………………………………………………………..22
ملخص
رغم انفتاح بعض البلدان على تجارب الديمقراطية ، إلا أن هناك فجوة بين خطاب حقوق الإنسان والممارسة والوضع السياسي والاجتماعي . فتصبح التربية على حقوق الإنسان نضالاً من أجل فرض احترام حقوق الإنسان وتحقيق التحول نحو الديمقراطية والإدارة الجيدة للحكم . إضافةً إلى أننا نجد أن مفاهيم حقوق الإنسان غائبة عند الكثيرين بمن فيهم المتعلمين، هذا مما يقودنا إلى حاجةٍ ماسة لتأسيس وعي حقوقي ونشر ثقافة حقوق الإنسان ، وتدريب العاملين في مجال حقوق الإنسان الذي أضحى اختصاصاً وفرع من فروع المعرفة .
فقام الباحث بدراسة وضع المعاقين، وتسليط الضوء على التشريعات والمعاهدات التي اعتنت بهم، بغية الوصول إلى آلية نستطيع من خلالها تمكين المعاق من ممارسة حقه السياسي كحق الترشح لعضوية مجلس النواب بوصفهم أشخاص طبيعيين كاملي الأهلية ، يتمتعون بالإدراك والتمييز لهم حقوق وعليهم واجبات . وتحقيقاً لمبدأ المساواة ، وأنهم فئة ليست بالقليلة ، وإعاقتهم لا تعطي الحق لأي كان باستبعادهم عن ممارسة حقوقهم السياسية ، وعلى الدولة تطويع نصوص القانون لخدمتهم، وضمان مشاركتهم بالعملية السياسية .
تمهيد
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”
اكتسبت الإعاقة اعترافاً على المستوى الدولي كإحدى قضايا حقوق الإنسان ، بحيث خضعت الإعاقة إلى سيلٍ من الدراسات من أجل الخروج بأنظمة وقوانين دولية تساهم في إدماج المعاقين بواجباتٍ وحقوق مساواة بغيرهم ، بوصفهم أشخاص طبيعيين وجزء لا يتجزأ من مكونات الشعوب، فكانت هذه التشريعات تكشف عن مراكزهم القانونية ولا تنشئها، لأن مبدأ المساواة هو مبدأ عام يخضع له جميع الأفراد تشريعاً سماوياً ودستوراً.
إذ تصل نسبة المعاقين في الأردن إلى 17 % من إجمالي عدد السكان، حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية مؤخراً، مما يعني أن هنالك مليون مواطن يعانون من إعاقات مختلفة.
فحجم مشكلة المعاقين أصبح اليوم في تزايد مستمر وهذا كله نتيجة للتقدم الصناعي وتعقيدات الحياة المعاصرة وتشابكها والزحف الحضاري إلى جانب قلة الاهتمام بالوقاية والتركيز على العلاج وتقديم الخدمات ، مما يؤدي بالنتيجة لتزايد أعدادهم .
وبالنتيجة نلاحظ أن ازدياد أعداد المعاقين يدل على أنهم فئة لا يمكن استثنائها ، ويجب بالتالي معالجة احتياجاتهم ومشاكلهم ، حتى يكونوا نواة منتجة مجتمعياً وليس عبئاً على المجتمع أو عالة .فهم ليسوا عاجزين لا بل عجز المجتمع عن استيعابهم و تقبلهم، وبالتالي الاستفادة مما قد يكون لديهم من ميزة أو صفة أو قدرة أو موهبة يمكن تنميتها وتدريبها ليتكيفوا مع المجتمع والواقع رغم إعاقتهم .
ومن هنا ارتأى الباحث التركيز على مشكلة الإعاقة والشخص المعاق، والبحث في كيفية تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية، وتحديداً حق الانتخاب و الترشح لعضوية مجلس النواب.
و سينطلق الباحث من مشكلة الدراسة لمعالجة عناصرها ، بحيث تثور هنا عدة تساؤلات أهمها:
ما هي الإعاقة وما طبيعتها ؟ من هو الشخص المعاق؟ وهل للمعاق بالأصل حقوق سياسية ؟
وما هي طبيعة هذه الحقوق على فرض ثبوتها ؟ وهل هنالك فئة من المعاقين مستثناة من ممارسة الحقوق السياسة؟
لنصل أخيراً للتساؤل الأهم والذي يمثل حجر الأساس لهذه الدراسة :
ما هي الآلية أو الكيفية التي نستطيع من خلالها تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية ؟
وحتى نصل لتحليل سليم لمشكلة الإعاقة وحقوق المعوق السياسية وآلية تمكينه من ممارسة هذا الحق علينا أن نعالج عدد من الفروض أهمها :
تعريف الإعاقة وبيان طبيعتها وتعريف المعوق ،وبيان مدى ما يتمتع به المعاق من حقوق سياسية.
البحث بطبيعة الحقوق السياسية التي يستطيع المعاق ممارستها، والبحث بنوع الإعاقة التي تسمح للمعاق ما إن توافرت به الحق بممارسة حقوقه السياسية وبيان إن كانت هناك فئة مستثناة بحسب طبيعة الإعاقة من هذه الحقوق. ومحاولة إيجاد آلية أو طريقة نستطيع من خلالها تمكين المعاق من الترشح لمجلس النواب.
هل نوصي بنظام الكوتا لهذه الفئة؟ ام نوصي بمقعد خاص على اعتبار أن المعاقين هم أقلية يجب مراعاتها وجعلها جزء من إرادة الشعب بتكوين القرار ؟!
إن مشكلة الإعاقة هي مشكلة جديرة بالاهتمام ، فلا أحد يستطيع الجزم بعدم إمكانية حصولها له شخصياً أو لأحد أفراد عائلته ، فكلٌ منا معرض -لا قدر الله- لحصول إعاقة معينة له أو لأي فرد من أفراد عائلته سواء أكانت هذه الإعاقة منذ الولادة ، أو في مراحل متقدمة من مراحل حياة أي منهم . فقد يتعرض الإنسان لحادث ما يقوده لشلل في الأطراف السفلية ، أو يصبح كفيفاً ، فهنا تتكون إعاقته . فهل سنزيد إعاقته البدنية بإعاقة مجتمعية رجعية ومتخلفة ، وبالتالي نمنعه أو نستبعده من الانخراط من جديد بالمجتمع وممارسة حقوقه السياسية التي كان بالأصل يتمتع بها بسبب إعاقته ؟
من هنا تتمثل أهمية الدراسة بإلقاء الضوء على حقوق المعوقين السياسية وبيان مدى ما يتمتعون به من هذه الحقوق، والبحث في آلية أو كيفية تمكينه من ممارسة حق الترشح تحديداً لمجلس النواب لنغطي حاجة المجتمع لهذه الدراسة ، وحاجة العلم للبحث في هذا الموضوع ، وحاجة الباحث القانوني بتسليط الضوء على التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان وتحديداً حقوق المعاقين.
أما بالنسبة لهدف الدراسة فيتمثل بتطبيق أعلى معايير النزاهة والموضوعية والعدالة من أننا شعب مسؤول، لا يجوز بالتالي استثناء أي فئة مهما كانت بحاجة للعون والمساعدة في مجال معين ،من خلال فتح الطريق أمام فئة ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) للانخراط بالحياة السياسية وممارسة حقوقهم والالتزام بواجباتهم بوجود تشريعات تخدم هذه الفئة ، إضافةً للتوصية بآلية أو نظام معين يضمن وصول أحدهم لمجلس النواب تحقيقاً للمساواة والعدالة وصولاً لأمة منتجة وراقية بكل المجالات.
نظرا لندرة الدراسات السابقة بمجال العناية بالأشخاص المعوقين من الناحية السياسية، وتركيز معظم الدراسات والمراجع على حقوق المعوقين بشكل عام، باعتبارهم فئة مستضعفة .فقد وجد الباحث دراسة وحيدة اعتنت نوعاً ما بهذا الجانب بشكل عام وهي تعود للدكتور مصطفى أحمد القضاه، تحت عنوان حقوق المعوقين بين الشريعة والقانون إلى جانب القوانين والمعاهدات الدولية التي اعتنت بهذا الجانب ، إضافة لمراجع أخرى فرعية سأذكرها لاحقاً.
لذلك سيتبع الباحث المنهج الوصفي مستقرئاً نصوص القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما يتفق وموضوع الدراسة، مع إمكانية إتباع أي منهج آخر إن تطلب الأمر ذلك .
مقسمين هذه الدراسة لمبحثين :
نتناول بالمبحث الأول ماهية المصطلحات المرتبطة بالإعاقة وطبيعتها و شخصية المعوق الحقوقية وحقوقه السياسية . وفي المبحث الثاني سنبحث بالتشريعات التي اعتنت بالأشخاص المعوقين بالقانون الأردني والمعاهدات الدولية وموقف التشريع العراقي منها ودراسة قانون الانتخاب الأردني من حيث مدى صلاحية نظام الكوتا ونظام الأقليات من تمكين المعاق من ممارسة حقه السياسي .
المبحث الأول ماهية المصطلحات المرتبطة بالإعاقة وطبيعتها و شخصية المعوق الحقوقية وحقوقه السياسية
المطلب الأول: ماهية المصطلحات المرتبطة بالإعاقة وطبيعتها:
تعرف منظمة الصحة العالمية الإعاقة ( Disability) بأنها حالة تحد من قدرة الفرد على القيام بوظيفة واحدة أو أكثر من الوظائف التي تعتبر أساسية في الحياة اليومية كالعناية بالذات أو ممارسة العلاقات الاجتماعية والنشاطات الاقتصادية وذلك ضمن الحدود التي تعتبر طبيعية. أو هي عدم تمكن المرء من الحصول على الاكتفاء الذاتي وجعله في حاجة مستمرة إلى معونة الآخرين، والى تربية خاصة تساعده على التغلب على إعاقته.
والإعاقة مصطلح يغطي العجز، والعجز هي مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله .
ويلخص مصطلح العجز عدداً كبيراً من أوجه التقصير الوظيفي المختلفة التي تحدث لأي مجموعة من السكان في جميع بلدان العالم ،وقد يتعوق الإنسان باعتلال بدني أو ذهني أو حسي أو بسبب أحوال طبيعية ما أو مرض عقلي ، وهذه الإعتلالات أو الأحوال أو الأمراض يمكن أن تكون بطبيعتها دائمة أو مؤقتة.
أما العوق: فهو فقدان القدرة كلها أو بعضها على اغتنام فرص المشاركة في حياة المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
إن استخدام مصطلحي “العجز” و “العوق” ، يختلف في ضوء التاريخ الحديث للعجز. ففي السبعينات، كان لدى ممثلي منظمات المعوقين والمتخصصين في مجال العوق رد فعل قوي على المصطلحات المستخدمة آنذاك، وكثيرا ما كان استخدام مصطلحي العجز و العوق مشوبا بالغموض واللبس. فلم يلقيا من الضوء ما يكفي للاهتداء به في السياسة العامة وفي العمل السياسي. وكانت المصطلحات تعكس نهجا طبيا وتشخيصيا يتجاهل النقائص والعيوب الموجودة في المجتمع المحيط .
وفي عام (1980)، اعتمدت منظمة الصحة العالمية تصنيفا دوليا للعاهة والعجز و العوق يدل على اعتماد نهج يتسم بمزيد من الدقة إلى جانب اتسامه بالنسبية . والتصنيف الدولي لحالات العاهة والعجز والإعاقة يميز تمييزاً واضحاً بين العاهة والعجز و العوق. إلا أن بين مستخدميه من أبدى قلقه لأن التصنيف في تعريفه لمصطلح العوق، مازال يعتبر طبيا أكثر مــن اللازم ومفرطا في التركيز على الفرد، وغير مشتمل على توضيح كاف للتفاعل بين الظروف أو التطلعات المجتمعية وبين قدرات الفرد.
ويعرَّف المعاق بأنه أي شخص عاجز عن أن يؤمن بنفسه، بصورة كلية أو جزئية ، ضرورات حياته الفردية و/أو الاجتماعية العادية بسبب قصور خلقي أو غير خلقي في قدراته الجسمانية أو العقلية.
كما يعرَّف المعاق بأنه الشخص الذي يختلف عن المستوى الشائع في المجتمع في صفة أو قدرة شخصية سواء كانت ظاهرة كالشلل وبتر الأطراف وكف البصر أو غير ظاهرة مثل التخلف العقلي والصمم والإعاقات السلوكية والعاطفية بحيث يستوجب تعديلاً في المتطلبات التعليمية والتربوية والحياتية بشكل يتفق مع قدرات وإمكانيات الشخص المعاق مهما كانت محدودة ليكون بالإمكان تنمية تلك القدرات إلى أقصى حد ممكن.
ولا بد من الإشارة إلى أن هناك أصناف للمعوقين بحسب مجال إعاقتهم :
1.معوق عقلياً: ويمثل التخلف العقلي بمختلف درجاته البسيط والمتوسط والشديد وكذلك المرض العقلي.
2.معوق حسياً:وهو من تعرضت إحدى حواسه للتعطل كالسمع والنطق والبصر .
3.معوق نفسياً:وهو كل من أصيب بمرض أو خلل نفسي أو عصبي أدى إلى إحداث تغيير في حالته النفسية لدرجة تعيقه عن القيام بواجبه أو تمنعه من الاندماج بمجتمعه الذي يعيش فيه.
4.معوق جسدياً:تشمل هذه الفئة الشخص المشلول والمقعد ومبتور الأطراف.
المطلب الثاني: شخصية المعوق القانونية وحقوقه السياسية
أشارت القوانين والمعاهدات الدولية لحق كل إنسان بأن يتمتع بالشخصية القانونية ، وذلك على قدم المساواة ، فنصت المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن كل إنسان في كل مكان الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية .
والشخصية القانونية أو ما يصطلح عليه بالأهلية هي صلاحية الإنسان لأن تكون له حقوق وعليه التزامات وصدور الأعمال والتصرفات القانونية منه على وجه يعتد به القانون ويحميه عند مباشرته واستعماله لهذه الحقوق والالتزامات.
و تنص المادة (116) من القانون المدني الأردني على أن ” كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون”.
وكذلك ورد في المادة الثانية من ذات الإعلان بأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع ، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة ، أو الدين ، أو الرأي سياسيا وغير سياسي ، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي ، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. فجاء بنهاية المادة أو أي وضع آخر وهنا يشمل ذلك موضوع دراستنا بأنه لا يجوز التمييز بالتمتع بالشخصية القانونية وحرمان المعاق بسبب إعاقته منها .
وحتى ننطلق بالبحث بمدى تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالحقوق السياسية، لا بد من أن نعرج على أحكام الأهلية بالقانون الأردني. فتعتبر الأهلية من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على أن يعطى شخص أهلية غير متوافرة له بحكم القانون ، ولا أن يوسع عليه فيما نقص عنده منها ولا أن يحرم من أهليه له نص عليها القانون أو الانتقاص منها، وكل اتفاق على خلاف ذلك يعد باطل. ومن ذلك ما نص عليه القانون المدني الأردني في المادة ( 47 ) بأنه ليس لأحد النزول عن أهليته أو التعديل في أحكامها. فهذا نص آمر متعلق بالنظام العام.
أما بالنسبة لعوارض الأهلية فهي أربعة الجنون والعته والسفه والغفلة، وهذه العوارض هي من تؤثر بأهلية الأداء للإنسان فيكون مناطها الإدراك والتمييز. بحيث تعتبر عوارض الأهلية أمور تعرض للشخص تؤثر على الادارك والتمييز لديه وبالتالي تؤثر على أهليته، فإما أن تعدمها أو تنقصها . مع العلم أن هذه العوارض لا تتوافر ولا تؤثر ما إن توافرت بأهلية الوجوب للإنسان بحيث تثبت هذه الأهلية للإنسان بتمام ولادته .
فالجنون آفة تصيب العقل فتعدم الإدراك والتمييز وتعطل إرادة المصاب به مما يؤدي إلى انعدام أهلية الأداء لديه .
أما العته فهو خلل يصيب القوى العقلية للإنسان فإما أن تضعفها أو تنقصها دون أن تعدمها فيكون الشخص المصاب قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير.
والسفه هو عارض لا يصيب العقل بل يلحق بحسن التدبير فيفسده ولا يعدم الإدراك والتمييز بل يكون الشخص ناقص الأهلية.
أما ذو الغفلة فهو الشخص الذي لا يهتدي إلى معرفة التصرف الرابح المفيد له من التصرف الخاسر الضار به فيغبن في معاملاته غبناً فاحشاً وينخدع بسهولة لسلامة قلبه ونيته.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك ما يسمى بموانع الأهلية، والذي يعنينا هنا المانع الطبيعي وهو ازدواج العاهة (الصمم والبكم والعمى) فهذه عاهات تصيب الإنسان ولا تؤثر على أهليته ولا على الإدراك والتمييز لديه ، وإنما قد يتعذر المصاب بهذا الازدواج من التعبير عن إرادته وإظهارها على حقيقتها ، ويرى الباحث أن هذا المانع لا يحرم المصاب به من حقه بالانتخاب أو الترشح لعضوية مجلس النواب من الناحية القانونية ،فهو كامل الأهلية بالغ سن الرشد متمتع بقواه العقلية وغير مصاب بأي عارض من عوارض الأهلية التي سبق الإشارة إليها ،لكن من الناحية العملية تتطلب العضوية في مجلس النواب أن يكون المرشح للعضوية به صوتاً للمواطن، بحيث يستطيع إيصال إرادة الناخبين لهذا المجلس والتعبير عنها بكل شفافية ووضوح وهذا ما يتعذر على المصاب بازدواج العاهة من ممارسة هذا الدور الفعال بمفرده .
وبعد البحث بأحكام الأهلية وعوارضها سنبحث بمدى توافق هذه العوارض أو أي منها بما يتمتع به المواطن من حقوق سياسية أو دستورية ، فهذه الحقوق هي عبارة عن سلطات تقررها فروع القانون العام وخاصة الدستوري والإداري للفرد باعتباره عضواً رسمياً في الجماعة السياسية للدولة ، لتمكينه من المساهمة في حكم بلاده ، وإدارة شؤونها والمشاركة في الحياة السياسية للجماعة ،ومنها حق الجنسية والموطن وحق تولي الوظائف العامة وحق الانتخاب وحق الترشيح للمجالس النيابية والبلدية والنقابات المهنية وحق تشكيل الأحزاب السياسية .
وما يعنينا هنا حق المعاق بالانتخاب والترشح لعضوية مجلس النواب ، فهذه الحقوق السياسية لا تثبت إلا لمن تتوافر فيهم شروط خاصة من المواطنين ، فهي لا تثبت لجميع المواطنين في الدولة وإنما هي مقصورة على فئة محددة منهم ،وهم الذين تتوافر فيهم شروط خاصة يتطلبها القانون أما المواطن الذي لا تتوافر فيه هذه الشروط فيحرم منها. فقد نص الدستور الأردني بالمادة( 75/1/ز) لا يكون عضوا في مجلس النواب أو الأعيان من كان مجنوناً أو معتوهاً.
ونصت المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بفقراتها الثلاث على أن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارهم بحرية ، وأن لكل شخص حق تقلد الوظائف العامة في بلده بالتساوي مع الآخرين، إضافة إلى أن إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم ،ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين ،وبالتصويت السري ، أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.
كما نصت المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، أن ﻳﻜﻮن ﻟﻜﻞ ﻣﻮاﻃﻦ، دون أي وﺟﻪ ﻣﻦ وﺟﻮﻩ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﺎح ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ دون ﻗﻴﻮد ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ:
(أ) أن ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ إدارة اﻟﺸﺆون اﻟﻌﺎﻣﺔ، إﻣﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة وإﻣﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﻳﺨﺘﺎرون ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ.
(ب) أن ﻳﻨﺘﺨﺐ وﻳﻨﺘﺨﺐ، ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻧﺰﻳﻬﺔ ﺗﺠﺮى دورﻳﺎ بالاقتراع اﻟﻌﺎم وﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ
اﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻦ وﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺴﺮي، ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺤﺮ ﻋﻦ إرادة اﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻦ.
(ج) أن ﺗﺘﺎح ﻟﻪ، ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﻟﻤﺴﺎواة ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻣﻊ ﺳﻮاﻩ، ﻓﺮﺻﺔ ﺗﻘﻠﺪ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ.
وبالنتيجة نصل إلى أن الشخص فاقد الأهلية الذي تحدثنا عنه سابقاً لا يثبت له حق الانتخاب والترشح لعضوية مجلس النواب كأن يكون محجورا عليه لذاته ،كالمجنون والمعتوه ولم يرفع الحجر عنه. فحق الانتخاب هو شهادة من الناخب بصلاحية مرشحه لعضوية مجلس النواب . فلا يحق التصويت لمن تنقص أهليته أو تنعدم كالمجنون أو المعتوه، أما باقي فئات المعاقين فيحق لكل منهم أن يكون ناخباً أو منتخباً فلا يوجد ما يمنعهم قانوناً من ممارسة حقوقهم السياسية.
المبحث الثاني التشريعات التي اعتنت بالأشخاص ذوي الإعاقة ودراسة أنظمة الانتخاب بالأردن
بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي اعتنت بحقوق الإنسان بشكل عام ، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص من إعلان عالمي لحقوق الإنسان وصولا إلى القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين. وما يتضمن هذه المعاهدات من وجوب تطويع التشريعات الداخلية لكل دولة بما يتناسب مع بنودها وتسهيل جميع الإمكانات لضمان تطبيقها. وهذا ما سيقوم الباحث بدراسته في هذا المبحث مقسماً إياه إلى مطلبين يتضمن أوله المعاهدات التي اعتنت بشؤون المعوقين عالمياً والتشريعات التي تخدم هذه الفئة على صعيد المملكة الأردنية، وبيان موقف التشريع العراقي منها .وفي المطلب الثاني سنعالج إمكانية تطويع قانون الانتخاب الأردني بما يضمن المشاركة الفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة فيه.
المطلب الأول :التشريعات والمعاهدات التي اعتنت بشؤون المعاقين في الأردن والعراق
تنص المادة رقم (6/1) من الدستور الأردني على:
“الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين” . ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الأولى منه على أن “يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق . ”
والقارئ في مجال حقوق الإنسان يجد أن هذه الحقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسية أي منهم ، أو مكان الإقامة أو نوع الجنس أو الأصل الوطني أو العرقي أو اللون أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر .
وإن للجميع الحق في الحصول على الحقوق الإنسانية على قدم المساواة وبدون تميز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة .
هناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات التي اعتنت بحقوق الإنسان بشكلٍ عام ، من منطلق مبدأ عالمية حقوق الإنسان . ويعتبر هذا المبدأ حجر الأساس في القانون الدولي ، بحيث أعرب عنه لأول مرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ، و في العديد من الاتفاقيات والإعلانات والقرارات الدولية لحقوق الإنسان.
وحقيقةً كان وما زال الأردن سباقاً بالتصديق على أي معاهدة تهتم بحقوق الإنسان ، إضافة لقيامه بتطويع تشريعاته الداخلية بما يتناسب مع هذه المعاهدات والاتفاقيات ، وإن أبدى بعض التحفظات على بعض بنودها مما لا يتناسب مع واقع الدولة والحياة الاجتماعية فيها .
كما أن عضوية الأردن في مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة كانت حافزاً لتصديق ونشر الاتفاقيات التي تعزز حقوق الأردنيين في الجريدة الرسمية ، لتأخذ قوة القانون . حيث تم نشر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقانون حقوق الأشخاص المعوقين وقانون التصديق على اتفاقية الأشخاص ذو الإعاقة وذلك كله السنوات الأخيرة.
والذي يعنينا هنا من ضمن هذه الحقوق بشكل خاص حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة .
فقد ورد بالمادة (3) من قانون حقوق الأشخاص المعوقين على أن فلسفة المملكة تجاه المواطنين المعوقين تنطلق من القيم العربية الإسلامية والدستور الأردني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبادئ والأحكام المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص المعوقين وتؤكد على المرتكزات التالية :
الفقرة (ح) : الدمج في شتى مناحي الحياة والمجالات وعلى مختلف الصعد بما في ذلك شمول الأشخاص المعوقين وقضاياهم بالخطط التنموية الشاملة .
وتعني عبارة الدمج كما عرفتها المادة الثانية من ذات القانون التدابير والبرامج والخطط والسياسات التي تهدف إلى تحقيق المشاركة الكاملة للشخص المعوق في شتى مناحي الحياة دون أي شكل من أشكال التمييز وعلى قدم المساواة مع الآخرين .
مشيرين إلى قانون التصديق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذو الإعاقة رقم 7 لسنة 2008 .
بحيث كانت المملكة الأردنية الهاشمية إحدى أول عشرين دولة تصادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين ، في عام 2008.
أما بالنسبة لموقف العراق فيما يتعلق بالتوقيع والتصديق على الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان:
فسبق للعراق التوقيع والانضمام إلى (9) من الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان بالإضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
فقد صادق العراق بتاريخ 30/4/2013على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تاريخ 13/12/2006 نيويورك . والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 3/5/2008 وكان عدد الدول التي صادقت عليها 130 دولة .
أما البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، 13/12/2006 نيويورك والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 3/5/2008 صادقت عليه 76 دولة ولم تكن العراق من بين هذه الدول.
وأخيرا في هذا المطلب لا بد من الإشارة إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)
وهي عبارة عن هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية. وجميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق. والبروتوكول الاختياري للاتفاقية يمنح اللجنة اختصاص بحث ما يُقدم من شكاوى فردية تتعلق بادعاءات بحدوث انتهاكات للاتفاقية من الدول الأطراف في البروتوكول.
وجميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق. والبروتوكول الاختياري للاتفاقية يمنح اللجنة اختصاص بحث ما يُقدم من شكاوى فردية تتعلق بادعاءات بحدوث انتهاكات للاتفاقية من الدول الأطراف في البروتوكول.
ومن هنا ننطلق للمطلب الثاني والأخير وهو محاولة دراسة الأنظمة الانتخابية بالأردن والعراق وبيان كيفية أو مدى إمكانية تطبيق هذه الأنظمة أو غيرها على موضوع الإعاقة بحيث نستطيع من خلالها تمكين المعاق من الترشح لعضوية مجلس النواب وأن نضمن بجميع الأحوال وصوله لهذا المجلس.
المطلب الثاني: دراسة الأنظمة التي من الممكن من خلالها تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية.
خطا الأردن خطوات كبيرة على طريق الديمقراطية وهناك تطورات واسعة مست قوانين الانتخابات والأحزاب بحيث راعت هذه الخطوات المفاهيم الأساسية بحقوق الإنسان وتطبيق مبادئ الدستور الأردني من خلال هذه القوانين، فنجد أن قانون الانتخاب الأردني وعلى (سبيل المثال) قد فعل دور المرأة في المجال السياسي والبرلماني، حيث تم تطبيق مبدأ “الكوتا” النسائية التي تؤمن للمرأة 15 مقعد نيابي . هذا إضافة إلى إمكانية حصول المرأة على مقاعد أخرى عن طريق التنافس. كما راعى القانون تمثيل الأقليات وبعض فئات المجتمع الأخرى في مجلس النواب حيث تم وضع كوتا للمسيحيين والشركس والشيشان والبدو .
بحيث يتيح مبدأ “الكوتا” المتبع في الانتخابات البرلمانية في البلاد لهذه الأقليات الحصول على حقوق سياسية تتجاوز ما يتيحه لها حجمها بالنسبة للعدد الكلي للسكان.
وأول ما نبدأ بالدستور الأردني فقد نص في المادة (76) منه على:
يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخاباً عاماً سرياً ومباشراً وفاقاً لقانون الانتخاب يكفل المبادئ التالية:
1. سلامة الانتخاب.
2. حق المرشحين في مراقبة الأعمال الانتخابية
3. عقاب العابثين بإرادة الناخبين.
وذلك يتفق مع ما نصت عليه المـادة (27 ) من قانون الانتخاب : يكون الانتخاب عاماً سرياً ومباشراً.
و تنص المادة (75) من الدستور الأردني على أن لا يكون عضواً في مجلسي الأعيان والنواب :
ز.من كان مجنوناً أو معتوهاً.
وذلك يتفق مع المادة (3) من قانون الانتخاب :
د- يحرم من ممارسة حق الانتخاب:
2.المجنون أو المعتوه أو المحجور عليه لأي سبب آخر .
و جاء في المـادة (10) من قانون الانتخاب :
– يشترط فيمن يترشح لعضوية مجلس النواب ما يلي :
ز- أن لا يكون مجنوناً أو معتوهاً.
وتحديداً جاء قانون الانتخاب لعام 2012 بذكر الأشخاص ذو الإعاقة بنص خاص مراعاةً لحقهم في الانتخاب في المادتين 40 و41 كالتالي :
المـادة 40: تحدد التعليمات التنفيذية طريقة اقتراع الناخب الذي يدعي الأمية أو عدم القدرة على الكتابة بما يتوافق مع سرية الانتخاب المنصوص عليها في المادة (67) من الدستور.
المـادة 41: تتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادة (39) من هذا القانون لتمكين الأشخاص المعوقين من ممارسة حقهم في الانتخاب بوساطة مرافقيهم مع مراعاة أي إجراءات خاصة تحددها التعليمات التنفيذية لهذه الغاية.
أما بالنسبة للقواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين أن الدول مسؤولة عن إرساء الأسس القانونية للتدابير الرامية إلى بلوغ هدفي المشاركة والمساواة الكاملتين للمعوقين وينبغي أن تتضمن التشريعات الوطنية التي تنص على حقوق المواطنين وواجباتهم ،حقوق المعوقين وواجباتهم ،وتكون الحكومات ملزمة بتمكين المعوقين من ممارسة حقوقهم بما فيها حقوق الإنسان والحقوق المدنية والسياسية على قدم المساواة مع سائر المواطنين ويجب أن تكفل الدول مشاركة منظمات المعوقين في وضع التشريعات الوطنية بشأن حقوق المعوقين وكذلك مشاركتهم في التقييم المتواصل لهذه التشريعات.
وبما أن أعداد المعوقين في الأردن قد وصلوا المليون نسمة كما أشرنا سابقاً في التمهيد، وأن هذا العدد يفوق أعداد كل من الأقليات التي منح لها حق المشاركة في السياسات العامة والانتخاب والترشح لعضوية مجلس النواب ، فمن باب أولى أن نراعي ذوي الاحتياجات الخاصة ، وبالطبع باستثناء المعاق عقلياً كالمجنون والمعتوه وبرأي الباحث أصحاب ازدواج العاهة. أما باقي ما تبقى من حالات العجز فهي حالات لا تصيب الأهلية ولا الإدراك والتمييز، فيجب منح حق لأصحابها بالترشح لعضوية المجلس وضمان وجود مقعد لأحدهم من ضمن مقاعد الأعضاء في مجلس النواب.
خاتمة
مما تقدم نلاحظ إن الإعاقة لا تشكل بحد ذاتها عائق يحول دون الوصول إلى أعلى مراكز المسؤولية ، مهما كان نوع الإعاقة في حال كان المعاق مؤهل علمياً، وتوافرت حسن النوايا لدى الآخرين فيكون أهلا لما يسند إليه سواء أكان الشخص المعاق على سبيل المثال أعمى أو أعرج أو مقعد . لأن كل إنسان يستطيع التقدم في حال أعطي فرصة لذلك ، ويكون بالتالي أهلا للمسؤولية هذا مما يؤكد على وجوب تمكين المعاق من الوصول لعضوية مجلس النواب وفي الوظائف العامة مهما كان مركز هذه الوظيفة. ففي الأردن نجد الأستاذ (خضر قبطان) فقد عمل بوظيفة المستشار القانوني لوزير التنمية الاجتماعية وقد عمل مديراً في دوائر الوزارة عدة مرات وهو مكفوف ، والعقيد المدني (يوسف الكرمي) فقد أصيب بالشلل السفلي ومع ذلك عمل أميناً عاماً للاتحاد الأردني لرياضة المعوقين.
نتائج وتوصيات
1. التوصية بإضافة نص تشريعي بقانون الانتخاب ، يمنح مقعد لذوي الاحتياجات الخاصة ، ممن تتوافر فيهم شروط الانتخاب لتمكينهم من ممارسة حقهم وإيصال صوتهم واحتياجاتهم. تطبيقاً لأعلى معايير النزاهة والموضوعية، وتطويع النصوص من أجل ضمان وصول ومشاركة هذه الفئة لإدارة الدولة.
2. تبني نص تشريعي واضح ومفصل يتلاءم مع المعايير الدولية ويحقق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقات، لممارسة حقهم الانتخابي دون أي شكل من أشكال التمييز ، وإصدار تعليمات تراعى فيها المعايير والضوابط التي تحقق التطبيق الأمثل لهذا النص.
3.تسهيل كافة الإمكانات وتذليل كافة الصعوبات التي تواجه المعاق الناخب للوصول لمراكز الاقتراع بإيجاد مراكز ذات بيئة مناسبة ، واستخدام الوسائل الالكترونية الحديثة لتمكين من لا يستطيع الكتابة بسبب إعاقته من التصويت بسرية وحرية واستقلال وبحسب كل إعاقة وطبيعتها على حدا وهذا كما هو وارد بقانون الانتخاب.
المراجع
أ. المملكة الأردنية الهاشمية، الدستور الأردني لعام 1952 وتعديلاته.
ب. الترجمة العربية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الموقع الرسمي لهيئة الأمم المتحدة ، حقوق الإنسان، قسم موقع الأمم المتحدة في إدارة شؤون الإعلام ، الأمم المتحدة (2003).
ت. القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين ،الدورة الثامنة والأربعون البند 109 من جدول الأعمال قرار اتخذته الجمعية العامة بناء على تقرير اللجنة الثالثة
( A/48/627).
ث. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1976).
ج. القضاة ،مصطفى(2002) حقوق المعوقين بين الشريعة والقانون ، ط1، اربد:مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع.
ح. الزعبي ،عوض (2011) ،المدخل إلى علم القانون ،ط2، عمان :دار إثراء للنشر والتوزيع.
اترك تعليقاً