تعريف القانون الجنائي الدولي و تطوره

القانون الجنائي الدولي, مفهومه و تطوره, مفهوم القانون الدولي الجنائي

 

 بواسطة محاماة نت

بعد الحرب العالمية الثانية تأكد وجود فرع جديد من فروع القانون، ألا وهو القانون الدولي الجنائي الذي وجد ميلاده بحق بعد محاكمات نورمبورج، وقد حاول مجموعة من الفقهاء إعطاء تعريف لهذا القانون، وهكذا عرف الدكتور عبد الرحمن حسين علي علام:”القانون الدولي الجنائي يتكون من مجموعة القواعد القانونية الاتفاقية والعرفية التي غايتها الدفاع عن العدل والسلام والحضارة وذلك عن طريق توقيع جزاءات ضد كل منتهكي قواعد القانون الدولي أو اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع هذه الجرائم في المستقبل.

ويعرفه الفقيه samislawplawski بأنه “مجموعة من القواعد القانونية المتعلقة بالعقاب على الجرائم الدولية المكونة لانتهاكات القانون الدولي، وهو الذي ينظم رد الفعل ضد الجرائم الدولية وذلك بالعقاب الذي يكون بمثابة تدابير شديدة على المجرمين الذين يصيبون باعتدائهم النظام الاجتماعي الدولي بالضرر أو يهدده بالخطر.

أما بخصوص andre huet وrenée koering-jonlin ، فهما يعرفان القانون الدولي الجنائي من خلال تمييزه عن القانون الجنائي الدولي.

فبالنسبة إليهم القانون الجنائي الدولي هو ذاك الفرع من القانون الجنائي الذي ينظم مجموعة من المشاكل الجنائية المطروحة على المستوى الدولي. ويعطيان مثالا لذلك :”اختصاص المحاكم الفرنسية للنظر في جريمة مقترفة في دولة أجنبية، وكذا مدى إمكانية الشرطة الفرنسية أو قاضي زجري فرنسي اللجوء إلى تحقيقات أو أبحاث فوق إقليم دولية أجنبية.

في حين يرون أن مفهوم القانون الدولي الجنائي هو أوسع وهو مرتبط بشكل كبير بالجرائم الدولية أي تلك المنظمة في إطار القانون الدولي، سواء فيما يتعلق بتعريفاتها أو الجزاءات المترتبة عنها ومنها على سبيل المثال جرائم الحرب، جرائم ضد الإنسانية…

وعموما، فرغم اختلاف التعاريف المعطاة للقانون الدولي الجنائي، إلا أنها تصب في اتجاه واحد، وبالتالي أمكن القول أن القانون الدولي الجنائي هو مجموعة من القواعد القانونية والعرفية المتعارف عليها دوليا والتي تهدف إلى حماية النظام الاجتماعي الدولي، وذلك بزجر الأفعال التي تشكل اعتداء عليه.

التطور التاريخي للقانون الدولي الجنائي.

يعتبر القانون الدولي الجنائي قانونا جديدا لم يظهر إلا خلال القرن 19 وذلك مع تطور القانون الدولي العام، ولقد ساهمت الحربين العالميتين الأولى والثانية بشكل كبير في تطور هذا القانون.

فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى.

بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وما ترتب عليها من دمار وأفعال معارضة لضمير الإنسانية، أثيرت للمرة الأولى مسألة العقوبات الواجبة التطبيق، فكانت محاولة محاكمة الإمبراطور الألماني غليون الثاني بمقتضى معاهدة فرساي التي نصت على إنشاء محكمة جنائية دولية خطوة في مسار بروز قانون دولي جنائي، غير أن هولندا رفضت تسليم الإمبراطور الألماني بدعوى تعارض ذلك مع قانونها الداخلي الذي لا يسمح بالتسليم.

أما ميثاق عصبة الأمم فقد كان له أسلوب مختلف يتسم بالوقائية الجماعية حيث نصت صراحة على تجريم الحرب(المادة 12 من الميثاق) ولا يتم اللجوء إليه إلا في حالة الدفاع الشرعي.

ويعد ميثاق باريس في 27 غشت 1922 أهم ما ميز فترة من بين الحربين العالميتين الذي نجم عن رغبة فرنسا وأمريكا في إقامة تحالف ثنائي يستبعد اللجوء إلى الحرب كوسيلة لحل المنازعات بين الدولتين، وقد أنظمت عدة دول إلى هذا الميثاق مما جعله ميثاقا عالميا.

كما ساهمت اتفاقية جنيف لسنة 1929 المتعلقة بتحسين معاملة أسرى الحرب في إرساء بعض قواعد القانون الدولي الجنائي.

فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية:

بانتهاء الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من انتهاكات وخرق لقواعد القانون الدولي من طرف القوات الألمانية، تم توقيع في 30 أكتوبر 1943 بموسكو تصريحا من طرف الاتحاد السوفياتي، أمريكا وبريطانيا مفاده معاقبة كل من ساهم في وقوع هذه الأحداث.

وهكذا بتاريخ 8/8/1945 وبمقتضى اتفاقية لندن الشهيرة تم إنشاء محكمة نورنبورغ التي تم تقنين مبادئها من طرف الجمعية العامة بالأمم المتحدة.

وفي منطقة الشرق الأقصى تم إنشاء محكمة طوكيو لمحاكمة المسؤولين اليابانيين وغيرهم عن جرائم الحرب.

لقد اعتقد الكثيرون أن الفضائع التي حدثت خلال الحرب العالمية الثانية لن تتكرر مجددا، لكنها حصلت في كمبوديا والبوسنة والهرسك وروواندا، مما أشعل من جديد فتيل الدعوات المنادية إلى ضرورة إنشاء محاكم جنائية لمحاكمة مجرمي الحرب.

وقد كان من نتائج الأحداث الدامية التي حدثت بعد انهيار الجمهورية اليوغوسلافية وما جرى فيها من جرائم تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية، صدور قرار لمجلس الامن رقم 808 في 22/2/1993 القاضي بإنشاء محكمة جنائية دولية ومحاكمة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

كما تمخضت عن جرائم القتل والإبادة التي شهدتها روندا بين قبائل الهوتو والتوتسي إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لروندا عام 1994 قصد متابعة ومعاقبة مرتكبي جرائم الإبادة وكذا خرق المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع المتعلقة بتأمين المعاملة الإنسانية لغير المقاتلين النظاميين.

وعلى الرغم من إنشاء عدد من المحاكم الجنائية الدولية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلا أنها كانت جميعها مؤقتة، وهذا ما استدعى التفكير في ضرورة إيجاد محكمة جنائية دولية دائمة يكون الغرض منها ضمان استقرار وأمن المجتمع الدولي.

وهكذا، وبمقتضى معاهدة روما في 17 يوليوز 1998، اعتمد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة نظامها الأساسي وذلك بعد خمسة أسابيع من المداولات.

شارك المقالة

1 تعليق

  1. ايه

    10 مارس، 2017 at 5:37 م

    بواسطة باحث قانوني
    تم النشر بواسطة محاماة نت من خلال صفحات فيس بوك .. بحوث و استشارات قانونية

    تم الإجابة و المفهوم و التطور في الموضوع الرئيسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.