عقوبة النفع العام وقيمتها المضافة لسلم العقوبات عقوبة الجزائرى
عقوبة النفع العام وقيمتها المضافة لسلم العقوبات عقوبة النفع العام وقيمتها المضافة لسلم العقوبات..
لقد كانت عقوبة السالبة للحرية محط أنظار واضعي السياسة الجنائية في العصر الحديث،على اعتبار أن هذه الأخيرة قوضت نظام العقوبات البدنية الذي تميز بالقسوة وسلب الحرية من الفرد؛حيث اعتبرت آنذاك أنها نظام الردع والإصلاح،إلا أن التجربة العملية أثبتت عدم جدوى العقوبة السالبة للحرية في تحقيق الردع والتأهيل والإصلاح،هذا المصطلح الجديد الذي شاع في نظام السياسة الجنائية المعاصرة،حيث أن العقوبة السالبة للحرية سواء كانت عقوبة طويلة الأمد أم قصيرة أصبحت عائقا في وجه إصلاح الجناة،إذ تشير الإحصائيات إلى أن جرائم العود في تزايد مستمر،وأن السجون أصبحت لا تحتمل استيعاب العدد الهائل
والمضطرد من المجرمين،وبالتالي فمن الضروري البحث عن آليات جديدة تضمن ردع وتأهيل وإصلاح الجاني وتقلل من اللجوء للعقوبات السالبة للحرية إن لم نقل تعويضها بما يسمى بدائل العقوبة.
وقد انتهج المشرع الجزائري نهج العديد من التشريعات المقارنة في محاولتها قلب نظام العقوبات السالبة للحرية إلى نظام تقليص الحرية؛وذلك بإدراجه عقوبات بديلة للعقوبة السالبة للحرية منها عقوبة العمل النفع العام وفي هذا السياق سعت الحكومة الجزائرية إلى إدخال تعديلات على التشريع العقابي وفقا للسياسة الرشيدة للسيد رئيس الجمهورية بصفته القاضي الأول في البلاد،والذي نادى بضرورة “إدخال عقوبة العمل للنفع العام كعقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية…”.
ونحاول في هذه المداخلة الإجابة على بعض التساؤلات منها:
ماذا نعني ببدائل العقوبة ؟
– ما مفهوم عقوبة العمل النفع العام ؟
– ما هي الآلية الفاعلة في تكريسها؟
– هل تبناها المشرع الجزائري صراحة ؟
– ما هي شروطها ؟
– هل هي كفيلة بتحقيق تأهيل وإصلاح الجناة ؟
المبحث الأول:بدائل العقوبة السالبة للحرية وأنماطها
لقد أثبت الفقه الجنائي وكذا الإحصاء الجنائي الضرورة الملحة لتطوير نظام العقوبات بما يتماشى والحد من ظاهرة الجريمة المستفحلة في المجتمع،من خلال الحد قدر الإمكان من آثار العقوبة السالبة للحرية؛وهذا ما تبنته التشريعات المختلفة والتشريع الجزائري تماشيا والسياسة الجنائية المعاصرة.
المطلب الأول: المقصود ببدائل العقوبة السالبة للحرية
هو نظام يتيح إحلال عقوبة من نوع معين محل عقوبة من نوع آخر قضائيا؛سواء تم الإحلال ضمن حكم الإدانة أو بعده،ويتم ذلك عند تعذر تنفيذ العقوبة الأصلية؛أو قيام احتمال تعذر تنفيذها،أو إذا كانت العقوبة البديلة أكثر ملائمة من حيث التنفيذ بالقياس إلى العقوبة المحكوم بها بداية منظورا في ذلك حالة المتهم.
والسياسة الجنائية الحديثة تهدف إلى مكافحة الجريمة عن طريق إيجاد بدائل للعقوبة السالبة للحرية والتي يمكن تصورها على نطاقين.
أ- على المستوى التشريعي وذلك من خلال الحد من اللجوء إلى السجن كعقوبة في بعض الجرائم.
ب- على مستوى المؤسسات العقابية من خلال خلق فرص لعقوبات بديلة للسجن نظرا لظروف الجاني، ويمنح التقرير فيها قاضي تنفيذ العقوبة.وبالتالي فان النظام الإبدالي يمنح للقاضي نوعا من المرونة في تطبيق الجزاء بما يكفل إصلاح وتأهيل الجاني بحيث تتجلى أهمية بدائل العقوبة السالبة للحرية في تكريس السياسة الجنائية الحقيقية والفاعلة في إصلاح الجاني من خلال تعليمه حرفة يمتهنها في إطار المنفعة العامة؛فيخدم بذلك نفسه والمجتمع في آن واحد.
أما أهمية النظام الإبدالي وتبنيه من قبل التشريعات المختلفة فيغني عن المحاولات المتكررة لملائمة السجن المغلق وتقريبه من الحياة الواقعية ،كي يستطيع المحكوم عليه بعد الإفراج عليه التعايش مع الواقع،فبديل العقوبة السالبة للحرية قد يكون عمل في وسط مفتوح ووفق شروط معقولة بما يسمح بحماية حق المجتمع وحقوق الأفراد.
إضافة إلى أن بدائل العقوبة تمثل اقتصادا في الجهد،والتكاليف بخلاف نظام السجون الذي بات محل سخط وقلق المؤسسات الحقوقية العالمية.
كما أن نظام بدائل العقوبة يتماشى ومبدأ حق الفرد في حريته،حيث أن تطبيقه يتضمن الردع والتأهيل في آن واحد،بحيث يدرك المستفيد من هذا النظام مدى جرمه على اعتبار أن قاضي العقوبة له السلطة التقديرية في تقرير النظام البديل للعقوبة السالبة للحرية.
1 نوفمبر، 2018 at 2:29 ص
أبحت عن محامي مغربي في إسبانيا