الحصانة في مجتمعنا العربي
الحصانة اصبحت اليوم في عصر العولمة (المظلة الأولى للفاسدين) فمن له ظهر لايضرب على بطنه حتى لو كانت البطن منتفخة بكافة أشكال الفساد ، و الفساد ليس حكراً على شخص معين أو أشخاص محددين دون غيرهم ،و الفساد يكمن في المستويات كافة العليا و الدنيا على حد سوأ
على الرغم من أن أصحاب القرار قي الغالب يحاولون التهرب من مواجهة قضية الفساد باعتبارها تكمن في مستوى صغار الموظفين الذين لا تفي أجورهم بمتطلبات المعيشة و تلبية حاجات أسرهم ،ويدّعون عدم اثبات انخراط المسؤولين الكبار في خط انتاج الفساد ،ولا تتم مناقشة واقع هؤلاء الموظفين الصغار الذين يمكن تسميتهم (حصالة مالية للكبار).
و يتجلى الفساد المعاصر في المحسوبية و المحاباة و الواسطة : أي القفز على قواعد السلوك الأجتماعي و الأخلاقي و معايير النزاهة و العدالة و المساواة في اختيار الكفاءات اللازمة لشغل مناصب محددة و بدلاً من ذلك تقوم قوى الفساد بتعيين شخص معين في المواقع الحساسة للدولة لأسباب تتعلق بالمصلحة أو القرابة أو الأنتماء الحزبي أو بهدف تعزيز نفوذهم الشخصي أو لأسباب أخرى قد تكو ن غامظة ،رافعين شعار (الغاية تبرر الوسيلة)و بالتالي عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بهدف إبعاد أصحاب الكفاءات و إقصائهم عن مواقع المسؤولية التي تنسجم مع مؤهلاتهم و تخصصاتهم بهدف إحباطهم و هدر طاقاتهم و تحفيزهم على الأنحراف باتجاة معسكر الفساد أو الهجرة من أوطانهم.
إذاً المشكلة تكمن في قوى الفساد المتنفذة والتي تحاول جاهدة أن تزج ببعض الفاسدين لتولي مسؤوليات مفصلية وفق معاييرها الخاصة و تحميهم و تدافع عنهم.ولا تحاسبهم على أفعالهم .و هؤلاء لا يترددون في المسير بطريق الفساد طالما أن مساءلتهم مستبعدة.
فإذا كانت الدولة ذات طابع حزبي فتقوم قوى الفساد باختيار الأشخاص وفقا لولائاتهم الحزبية و إذا الدولة كانت ذات طابع عشائري فانهم يختارون شخصية هزلية لا تتمتع بأي شعبية و النتيجة الحتمية لهذا الفعل تكون بوضع الرجل الكبير بعلمه و قدرة في كرسي صغير سرعان ما ينفجر من قوة الضغط فينعتوة بالأرهاب أما الرجل الصغير الوضيع فيوضع في كرسي كبير فلا يصدق نفسة و سرعان ما ينفضح أمرة و يعود مسرعاً الى جحره.
وفي الغالب فان قوى الفساد تشكل قوى ضاغطة و حلقة فاصلة بين الجماهير الشعبية و أصحاب القرار و تحاول جاهدة حجب أي معلومة عن أصحاب القرار إذا كانت تمس بمصالحهم و مكتسباتهم حتى لو كانت المعلومة عبارة عن رسالة أو كتاب مقدم الى رأس الدولة و يعالج قضية حيوية أو ملحة تصب في المصلحة العامة!
كل ذلك يؤدي إلى هجرة الكفاءات العلمية نظراً لغياب التقدير و بروز المحسوبية و المحاباة في إشغال المناصب العامة و إلى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الولائات السياسية و يؤدي إلى حالة يتم فيها اتخاذ القرارات حتى المصيرية منها طبقا لمصالح شخصية و دون مراعاة للمصالح العامة مما يقود إلى الصراعات الكبيرة إ ذا ما تعارضت المصالح بين مجموعات الفساد المتصارعة أو بينها و بين قوى الخير مما يسيء الى النظام السياسي من حيث الاستقرار و السمعة.
و على ضوء ما تقدم و بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد فأننا ندعو الى استراتيجية عالمية لمحاربة الفساد ترتكز على عناصر أساسية هي المحاسبة و المساءلة و الشفافية و النزاهة و تثمين الموارد البشرية المؤهلة و إصدار قوانين عصرية لمحاربة الفساد.
اترك تعليقاً