مهام الضابطة القضائية و النيابة العامة في مكافحة المخدرات
المطلب الأول: مهام الضابطة القضائية
على الصعيد الوطني، تقوم الضابطة القضائية ( P.J ) بمكافحة مروجي و مستهلكي المخدرات عبر عدة وسائل أهمها الدوريات التي تقوم بها الشرطة في الأماكن المشتبه فيها أو المعروف بإيواء أصحاب المخدرات وهي عامة المقاهي المنتشرة في الأحياء الشعبية وفي أماكن فقيرة تحيط بالمدن (1) وهده الوسيلة عادية روتينية يصعب معها رصد انتشار المخدرات، حيث لا تتعدى نسبتها في رصد العمليات سوى 30 بالمئة من مجموع ما يتمكن رجال الشرطة من رصد.
وفي حين تبقى الوسيلة المثلى و الأكثر فعالية هي التي توفرها تقنية الوشاية Denonciation و ترفع من طرف آخر غير متضرر مباشرة من الجريمة المقترفة، حيث تختلف الدوافع النفسية و الاجتماعية الكامنة وراء هدا التصرف وتحقق هده الطريقة نتائج جد مهمة حيث تصل نسبتها في رصد عمليات المتجارة و التعاطي إلى 70 بالمئة ولهذا الرقم دلالة كبيرة حول طريقة سير جهاز الضابطة القضائية سنوضحها لاحقا.
فحينما تلقي الشرطة القضائية القبض على أحد المتاجرين أو المستهلكين للمخدرات وهو في حالة تلبس، تقتاده إلى المصلحة قصد البحث تستمع إليه بعد تحديد هويته، ومن خلال مجريات البحث يتضح أن الأمر يتعلق بتاجر أو مجرد مستهلك، حيث تطلب الشرطة من هدا الأخير المصدر الذي اشترى منه البضاعة و بتحديد هوية البائع، فتقوم الشرطة القضائية بالبحث عليه قصد إلقاء القبض، وفي حالة تعذر إلقاء القبض على هدا الأخير فإن ضابط الشرطة القضائية يقوم بشأنه بإنجاز مذكرة بحث على الصعيد الوطني، يرفقها بالمحضر الذي يوجهه إلى وكيل الملك مع التأكيد على تقديمه أمام النيابة العامة طالما تمكنت من إلقاء القبض عليه.
ولكن من السداجة الاعتقاد بالارتباط العضوي بين الاحياء الفقيرة و ترويج المخدرات بل أن حتى الاحياء الراقية تعرف نفس المشكلة، فقط يكمن المشكل في الرقابة.
ومن جهة أخرى يقوم ضابط الشرطة القضائية بتسليم كمية المخدرات المحجوزة لفائدة شركة التبغ بالرباط مقابل وصل على دلك و عرضة تحمل مطالب الشركة على اعتبارها أنها الطرف المتضرر المطالب بالحق المدني.
ومن خلال المحاضر التي تحررها الضابطة القضائية يتضح على أن أغلب المقبوض عليهم هم من المستهلكين العاديين الدين لا يشكلون خطورة على الاقتصاد الوطني و الدين يعتبرون في غالب الأحيان ضحايا وإقرار الواقع السوسيو-اقتصادي المتأزم في حين تبقى العناصر الأصلية المتمثلة في التجار في مأمن لا تطالهم يد الشرطة مما يترتب رد فعل اجتماعي يتسم بالاستياء و التذمر.
بعدما تطرقنا إلى كيفية تعامل الضابطة القضائية مع قضايا المخدرات و المهام التي تقوم بها في هدا الميدان يجدر بنا أن نقف عند المحطة الثانية و التي تشكل أهم مرحلة في مسيرة هده الجريمة ويتعلق الأمر بالنيابة العامة و المهام التي تقوم بها وهو ما يشكل موضوع المطلب الثاني.
المطلب الثاني: جهاز النيابة العامة في مجال المخدرات
النيابة العامة هيئة قضائية من نوع خاص و تتجلى أهميتها أساسا في كونها الجهة الرسمية المخول لها تحريك الدعوة العمومية و متابعتها لأنها تمثل الحق العام، ومهمتها في مجال مكافحة المخدرات، تبدأ عندما يتم إحالة محضر الضابطة القضائية إليها، حيث تقوم ممارسة الاختصاصات المنوطة بها في هدا الإطار، وهو إنجاز محضر الاستنطاق “ Procés-Verbal ” حيث يقوم وكيل الملك باستنطاق المتهم و استقياره عن الأفعال المنسوبة إليه و التي وردت في محضر الضابطة القضائية، ويقوم المتهم بالإجابة عن أسئلة النيابة العامة وسرد وقائع و ملابسة الجريمة المتهم فيها، حينما يتضح للنيابة العامة على أن المتهم متورط في جرائم أخرى غير القضية الأصلية المتابعة بشأنها، كأن يكون المتهم المتابع بجريمة الاتجار و تعاطي المخدرات فيتضح فيما بعد أن نفس الشخص يتاجر مثلا في التبغ المهرب إلى جانب المخدرات، فإن النيابة العامة تقوم بإرفاق ملتمس إلى إجراء متابعة جديدة، وبناء على سرد محتوى المتابعة الجديدة و الأسباب التي دفعتها إلى دلك تلتمس النيابة العامة من المحكمة:
أولا: الاشهاد بوضع الملتمس.
ثانيا: محاكمة الضنين من أجل الجريمة الثانية إضافة إلى الأولى، أي حيازة التبغ المهرب إلى جانب المخدرات كما في المثال السابق.
وبعد قيام وكيل الملك باستنطاق المتهم يحرر محضرا بإيداع المتهم بالسجن بناءا على مقتضيات الفصول 47(2) و 74 (3) من ق.م.ج و الفصل الثاني من ظهير 28 شتنبر 1974 المتعلق بالإجراءات الانتقالية حيث يكلف و كيل الملك جميع أعوان القوة العمومية ويأمرهم بأن يسوقوا المتهم إلى السجن المدني.
ومن خلال نتائج الاستنطاق، و التي غالبا إن لم نقل دائما تطابق ما ذهبت إليه نتائج البحث الذي تقوم به الظابطة القضائية و التي تسير في طريق إدانة المتهم يقرر وكيل الملك إحالة المتهم على جلسة الحكم.
المبحث الثاني: دور القضاء الجالس في مجال المخدرات:
بعد إحالة الملف من النيابة العامة إلى القضاء الجالس تقوم المحكمة باستدعاء المتهم بصفة قانونية لحضور الجلسات و غالبا ما يحضر في حالة اعتقال.
و تطبيقا للقانون يقوم رئيس المحكمة من التحقق من هوية الظنين و يشرع في استنطاقه و الإطلاع على أدوات الإثبات و يسجل كاتب الضبط أجوبة الظنين، في حين يقدر ممثل النيابة ملتمساته الرامية إلى الإدانة و التي تكون أحيانا مقرونة بالعقوبة، وبعد أن يكون الظنين آخر من يتكلم واستماع المحكمة له، يقوم الرئيس بحجز الملف للتأمل لجلسة موالية يقررها مع تمديد الاعتقال.
وبعد التأمل يقوم الرئيس بإصدار الحكم علنيا و ابتدائيا وحضوربا، ويتضمن حيتيات القضية حيث يعرض للوقائع المستفادة من محضر الضابطة القضائية وعدم وجودها يخالف الوقائع ضمن وثائق الملف، واستعراض اقتناع المحكمة بالفعال المنسوبة للظنين أو عدم اقتناعها، الأمر الذي يتعين بموجبه إدارته أو تبرئت المتهم و تنتضمن الحيتيات كذلك تمتع أو عدم تمتع الظنين بظروف التخفيف و دلك تبعا للظروف الاجتماعية و لو توفرتحالة العود أو لا.
وبعد استعراض فصول المتابعة ينطق الرئيس بالحكم و دائما ما بتركب من شقين:
الشق الأول: يتعلق بالدعوى المدنية التابعة حيث تحكم المحكمة بالتعويض المدني لفائدة المطالب بالحق المدني أي شركة التبغ.
الشق الثاني: يتعلق بالدعوى العمومية تحدد فيه العقوبة السالبة للحرية و الغرامة المقررة لفائدة المحكمة .
اترك تعليقاً